|
الجمال الانساني
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 12:02
المحور:
الادب والفن
السعي لنيل الرأفة ...
صففنا زبيباً أسود حول رأس الميت في الليل . غدق كبير من الأمطار أفنى توابلنا وأسلحتنا في مناحتنا علىيه . يتمّم البرق سخطه بين الغيوم ، ويضيء البرك التي نعبرها ونحن ننوء بحمل قرابيننا التي تنقسم في ثغائها الى نصفين . أبخرة تحرث الصخور التي تصلَّي فوقها العصافير ، ومراكب محمَّلة بجزر ينحني فيها الموتى لمرور الأيّام . صلات قربى أصيلة بيننا وبين الذين أسَّسوا الروابط المتماسكة للموت في بدء الخليقة . جريان دموع الانسان في أمومته العظيمة للأشجار في الطبيعة ، صلة حِداد طويل على روابطه التي تتفكَّك في كلّ حين . النفاذ الى الشؤم والصخرة المسنّنة للمخاطرة ، يقرّب أجلنا ونضيِّع ما ادخرناه في ماضينا التوأمي . السعي لنيل الرأفة من إله معيِّن ، بلية خسارة وفراغ تدهمنا فيه مواساة الهاوية .
التفرّق في ليل المناجم ...
أتلفوا العنب في حقولنا وأحرقوا سلال الخبز . إبادتهم للنسيم في كلّ صيف ، تحطّم معنوياتنا ، ويضطرنا عجزنا عن تمويل المرتزقة في إعانتهم لنا ، الى العمل بالسخرة . مراكب كثيرة غرقت وهي محمّلة بالمبشرين ، وخسرنا ما جمعناه السنة الماضية في وهم الاستكشافات . سيول مهلكة يطلقها صوب أكواخنا الخصوم ، وندفع لهم الضرائب لمشاغلتهم عن الشرّ الذي تلقّنوه في تربيتهم الدينية . حاجتنا الى التفرّق في ليل المناجم ، وتلبية نداء الذين انطووا على موتهم ، تحرّرنا من تفكيرنا باضمحلال عصبيتنا . اطعام النسور جثث الدين في المجتمع ، يعذّب الخلايا النائمة للشيوخ الوعّاظ الذين تقدّسهم العامة . يولد الله في داخل كلّ منّا وحده ، ويتشظى في أطوار حياتنا بما نحيا فيه بغبطة . أولوية الإيمان يمكن تعرّضها لمناوشات في الشباب والكهولة ، لكنَّ الشعوب لها مصير واحد طوال التاريخ ، ولا أحد يؤسس قبره بمعزل عن موت الآخرين . سقم طقسي يصاب به الانسان والحيوان والغصن والكمأة والفراشة . الإحجام عن العيش حتى آخر انفجار للثمرة ، يثيب سأمنا وانجراحنا تحت الشمس السوداء للوجود .
الجمال الانساني ...
كلّ حيطة نتخذّها ضد الذين يكمنون لنا بين الجنح التي لا يعاقب عليها القانون ، دخان يغلّف الخِرق التي نعصب فيها رؤوسنا . استبدالنا للبذور التي تركها لنا الآباء ، يكسبنا أجراً كبيراً ويضفي علينا الوجاهة في مصاهرتنا للشرّ . تسلبنا بدائلنا عن التقوى في مصافحتنا لأشباهنا في النهار ، الأشياء المبتذلة التي نحرص على الاطمئنان عليها في سهرنا تحت ظلالها المتقلَّبة ، وهناك عقوبات جديرة بالعطف ، ولا تخلو من الترحاب الجمعي . الأفعال الحمقاء للبشر بمقدورها أن تحفظ لهم كرامتهم في سعيهم للوصول الى الكمال ، وكلّ صلاة إجراميه نوجهها الى الآلهة ، تزيد من رصيدنا في عيشنا المنتظر بالفردوس . يتحالف الأحمق والحكيم في صيدهما التعسفي لموتهما في الشجرة المجروحة ، ويقضيان الطريق الى الهاوية ، يتسامران عن وظيفة الدود في إيذاء الجمال الانساني .
غاراتهم على الطوائف الأخرى ...
أعطيناهم ميراثهم وانخدعوا بإجلالهم لإلهم الذي اختصوه بإيمانهم به وحدههم . اخوة لهم في الجانب الآخر من العالم ، استحوذوا على الأرض واستقاموا فيها بشعائر قطاف الرؤوس . استنفارهم لشبيبتهم في كلّ صيف وطلبهم ما يضفي على البطولة هيبة الأسلاف ، يلزمهم بنقض عهودهم مع مواطنيهم . الركود وشحة السلع في أسواقهم ، تتم معالجتهما في الغزوات المنتظمة لجيرانهم الذين يتفاوتون معهم في كلّ شيء . المغيرون تعرّفوا اليهم ربيع السنة الفائتة ، وتبادلوا معهم العاج والكشمش والصوف والأسلحة ، وأنزلوهم في بيوتهم التي تغنّي فيها اليعاسيب واليراعات . فَلَت الماضي منهم وملأت عرصاتهم الجنازات ، وضيوفهم تبخّروا في طريق العودة . عرّافهم غلبه النوم في مقايضته للنجوم بحياته ، وتكبَّد زمانهم خسائر فظيعة في إلحاحهم على إزاحة مصائبهم فيه . سبائك كثيرة ثبَّتوها في أبنية زعماء طوائفهم من أجل إشباعهم من الحنطة المضادَّة لما خدعوا أنفسهم به . لا إلههم ولا أولئك الذين يسهرون في ضرائحهم العظيمة أعانوهم في تجنّب غاراتهم على الطوائف الأخرى .
25 / 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأغصان المصفوفة للأيّام
-
أسلاف الهاوية
-
الشعوب التي تعيش معنا
-
العوالم الأخرى
-
صلاتنا الصيف كلّه
-
العادي والزائل
-
الجمال النسوي
-
في مسيرنا ونحن نحتشم من أسقامنا
-
الأجل الذي يتوفَّاهم
-
الاحتياط من الطوفان
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
المزيد.....
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
-
«بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي
...
-
إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل
...
-
“قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم
...
-
روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|