أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - ازمة الاسلام















المزيد.....

ازمة الاسلام


احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 11:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان يحتوي دين ما علي مجموعة من الافكار والتعاليم السالبة لا يعتبر امرا غريبا او يمثل ازمة في حد ذاته وخاصة ان الدين فكرة بشرية وليست الهية حسب ما يزعم البعض .ومن طبيعة البشر انهم خطاؤون واشرار وسلبيين لذلك لا يعتبر امرا غريبا اذا ما ضج دين صُنِع من بنات افكارهم بمجموعة افكار وتعاليم سالبة .ولكن اين تكمن الازمة :تكمن في رفض دين ما لفكرة الانتقاد او المحاكمة العقلية بحجة انه يمتلك الحقيقة المطلقة . اذا ما احتوي دين ما علي اشياء سالبة وقبل في ذات الوقت بان يتم محاكمته عقليا فهذا لا يعتبر مشكلة او ازمة وانما تكمن الازمة في احتوائه علي جوانب سالبة مع رفضه التام لفكرة انتقاد واصلاح تلك الجوانب .

يتفق معي اغلب المسلمين بان الاسلام يمتلك مثل تلك الجوانب ،اي بمعني اخر انه يضج بالكثير من الافكار والتعاليم السالبة مثل فكرة ان الارض مركزية الكون او ان هنالك سبعة منها ،وانها ممدة ومسطحة ،وانه يحق للمسلم ان يضاجع زوجات الاخرين عنوة بحجة انهن ملك يمين او ان الغنائم التي يحصل عليها بالاعتداء يمكن الاعتماد عليها كمصدر للرزق او ان خالق الكون مكار كما انه يمتلك كل الصفات الانسانية من حقد وغل وجشع وانتقام وبطش و انه يامر بقتل الاطفال بحجة انهم سيرهقون والديهم طغيانا وكفرا مثلما حدث في قصة النبي موسي والرجل الصالح وان المراة مجرد وعاء للجنس كما انها مثل الكلب والحمار وانها تقطع الصلاه وانه يجب حرمانها من كثير من حقوقها الطبيعة بحجة انها ناقصة عقل ودين وان الله يامر بقتل انسان بحجة انه كافر وملحد وانه يحق لشخص يزعم بانه رسول من ذاك الله ان يتزوج من طلفة لم تبلغ العاشرة بعد او انه يحق للحاكم ان يقطع اعضاء الانسان اذا ما ارتكب جريمة السرقة و انه لا يحق لذات الانسان ان يخرج علي ذاك الحاكم طالما انه يؤمن بفكرة ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله وانه يحق للمسلم ان يقسر الاخر المختلف ليدفع الجزية لو اراد ان يمارس طقوسه وشعائره الدينية التي يفترض انها منزلة من ذات الاله الذي حرضه لفعل ذلك . وان هنالك بحر ينشق الي نصفين وان الله يمكن ان يعاقب مجتمع باكمله بسبب خطيئة ارتكبها بعض افراده وانه يحرض للعنف والاكراه وكافة الاشياء التي ترفضها الاخلاق الانسانية ..وغيرها من الافكار السالبة .

ولكن حسب ما قلت سابقا الازمة ليست في احتواء الاسلام علي افكار وتعاليم سالبة وانما في رفضه المطلق لفكرة انتقاده او محاكمته عقليا بما يؤدي الي معالجة مثل تلك الاشياء . كلنا يتفق بانه لا وجود لفكرة ايجابية دون وجود فكرة سالبة ، فلولا الافكار السالبة لما كن هنالك افكار ايجابية . في اروبا القرون الوسطي جاءت المسيحية بفكرة ان الارض مركزية الكون .بل واقسرت الكنيسة كل المسيحين للايمان بها ،وترتب علي ذلك ان اصبحت تلك الفكرة من الاشياء المسلمة بها ، كما انه حُرم الناس من رفضها او مناهضتها .ولكن رغم مافيها من جوانب سالبة الا انها ساعدت في توصل الاروبين لفكرة ان الشمس هي مركزية الكون ،فلولا تلك الفكرة السالبة لما اضطر جاليلو جاليلي الي اثبات النقيض .ويمكن ان نرجع التطور الكبير الذي شهدته اروبا الي وجود تلك الافكار ،والامر الجيد ان حامليها او قل مبتكريها قبلوا الاعتراف بخطئها في ذات الوقت الذي اعترفوا فيه بصحة الافكار الحديثة .فها هي الكنيسة بعد مئات السنين تعترف بانها اجرمت في حق من تبنوا فكرة ان الشمس مركزية الكون خلافا لما تذهب اليه . كما انها غضت الطرف عن النصوص الدينية التي تتبني مثل هذه الافكار بل وعملت علي الغاء المشروعية عنها .

غير ان مثل هذا الامر لا ينطبق علي الاسلام ؛فرغم احتوائه علي الكثير من الافكار والتعاليم السالبة الا انه يرفض الاعتراف بذلك بل ويؤكد بانه يمتلك الحقيقة المطلقة كما انه لايحق لاي انسان ان ينتقده او يحاكمه عقليا بحجة "ان الله يحزركم نفسه " "ولا تسالوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم". ومن يفعل ذلك سيكون مصيره القتل . ويخبرنا التاريخ الاسلامي بان هنالك مئات المسلمين قد تم قتلهم حينما جاءو او تبنوا اراء مخالفة لما يذهب اليه الاسلام . كما انه قد اتهم الكثير منهم بالردة .ففي عهد الخلفاء الراشدين مثلا امر عليا بن ابي طالب رابع خلفاء المسلمين وابن عم النبي محمد امر بحرق مجموعة من المسلمين بحجة انهم مرتدين او خارجين علي الملة .وذات السيناريو يتكرر في العصر الحديث ،حيت تخبرنا الوسائط الاعلامية من حين لاخر بان شخص ما قتل لانه انتقد الاسلام او جاهر بالحاده او تبني رأيا مخالفا لما يذهب اليه الاسلام .

اكثر ما يضر الاسلام هو الجمود والانغلاق الذي يتميز به ،فهو يمنح اتباعه تفسيرا خاطئا للكثير من القضايا كما انه يضج بالمزيد من الافكار والتعاليم الخاطئة غير انه يرفض الانتقاد والمحاكمة .واذا ما اثبت شخصا ما خطأ ما جاء به فهو يرفض القبول بذلك بل ويامر بقتله ،اي بمعني اخر هو لا يبتكر اي جديد ويرفض في ذات الوقت الاعتراف بذاك الذي جاء به العقل البشري .

نظرية التطور التي منحنا اياها العالم البريطاني شارلز داروين والتي اثبت العلم صحتها اعترفت بها اغلبية المؤسسات التي تتحدث باسم الاديان السماوية الا المؤسسة الاسلامية التي رفضت الاعتراف بذلك بل واصبحت توصمها بالالحاد وتدعو الي استئصالها كما منعت تداولها او حتي الترويج لها. وفي اغلب الدول الاسلامية يعتبر الخوض في تلك النظرية خطا احمر يواجه صاحبه سيف الردة .واذكر ان احد استاذة جامعة الخرطوم تعرض لافظع العقوبات الجسدية علي يد مستشار ريئس الجمهورية السوداني نافع علي نافع حينما وجد وهو يدرس تلك النظرية لطلابه. قد يقول قائل بان الاسلام برئ من ذلك الا ان المنطق يثبت خلاف ذلك .فلولا ان الاسلام ادعي بانه يمتلك الحقيقة المطلقة لما حدث كل ذلك بل واصبحت نظرية التطور من النظريات المعترفة بها في العالم الاسلامي.

تندثر اي فكرة حينما تنغلق حول ذاتها وترفض الاصلاح . وذات الامر ينطبق ايضا علي الاديان التي ترفض التجديد وتنغلق في ذات الوقت حول ذاتها . الاسلام باعتباره جزء من تلك الاديان سيكون مصيره الحتمي الانهيار والسقوط . قد يكون دينا ما سلبيا الا انه قد يصبح ايجابيا اذا ما قبل الاصلاح والتجديد اما حينما يفعل خلاف ذلك فهو بالتاكيد سيكتب نهايته بيديه .

لا شي يميز الاديان الاخري عن الاسلام ،فذات الافكار السالبة التي توجد في الاسلام قد اُخِذت من تلك الاديان ولكنها رغم ذلك نجحت في تطوير ذاتها حينما قبلت الانتقاد والتجديد. واذا ما ارد الاسلام ان يفعل ذلك فالواجب يلزمه بان يقبل فكرة الانتقاد والمحاكمة العقلية ويقبل في ذات الوقت بالاعتراف بكافة الافكار والنظريات التي اثبت العلم صحتها .

كل تلك الاديان تحظي بالاحترام من قبل الكثير من الملحديين واللادينين رغم انهم يؤمنون بفكرة بشريتها الا ان الاسلام لايحظي بذاك الاحترام .بل حتي ان هنالك مسلمين يفضلون المسيحية علي الاسلام لا لسبب سوي تميز الاولي بالمرونة والقابلية للتطور والتجديد بينما تركن الثانية الي الانغلاق ورفض الاصلاح .

اكثر ما يواجه المسلمين في الفترة المقبلة ليس وجود افكار وتعاليم وسالبة بديانتهم وانما جمودها وانغلاقيتها .وحسب ما قلت سابقا ان الازمة لا تكمن في احتواء شيئا ما علي افكار وتعاليم سالبة وانما ركونه للانغلاق ورفضه للتجديد او حتي المحاكمة والانتقاد. ماكان يكتب للبشرية ان تصل الي ماهي عليه الان مالم تعاني من الافكار السالبة .ولا احد يمتلك الحقيقة المطلقة ولكن بمواكبته للجديد وقبوله الاعتراف بكلما هو صائب فقد يتمكن من الوصول لتلك الحقيقة.


وقد قلت في وقت سابق وساقول في مقبل الايام ان الذين يرفضون الاسلام لايفعلون ذلك من منطلق انه بشري وانما بسبب اصراره علي امتلاك الحقيقة المطلقة ،فلا احد يهمه بشرية الاسلام او الهيته بقدر ما يهمه عدم تعرضه للاكراه والقسر بحجة ان ما ورد فيه هو الصواب المطلق وانما غيره فهو بالضرورة خلاف ذلك .

وليس عيبا ان يضج شيئا ما بافكار وتعاليم سالبة ولكن العيب ان يرفض القبول بسلبيتها بل ويقسر الناس للايمان بها . ان يضج الاسلام بافكار سالبة قد يعتبر شيئا ايجابيا لانه لولا وجود السالب لما كان هنلك ايجاب ولكن السئ في الاسلام هو انه يرفض الاعتراف بسلبيته وهذا ما سيضع نهاية سيئة له .



#احمد_داؤود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستغلال السئ للدين ..محمد والمسلمين نموذجا
- هل الاسلام دين شمولي
- هل ساعود الي حظيرة الاسلام مرة اخري
- تبريرات واهية
- السر وراء نجاح الدعوة المحمدية
- ارادة الله هي ارادة الانسان
- ما خفي في الربيع العربي
- حول مشروع السودان الجديد
- الثورة لايمكن ايقافها
- الحرب هي الحرب غض النظر عن مكان اندلاعها
- باي معيار تم تفضيل المسلمين
- لا شي يُميز محمد عن الاخرين
- التجميل وحده لا يكفي
- اما الاسلام او العالم
- نحو تعريف افضل -للخير والشر ..الصواب والخطأ-
- غياب الدليل والراي الاخر يدحض صحة الكثير من القضايا والروايا ...
- نحن -ماضويين- والتقدم لا يكون -بالماضوية -
- تعارض ارادة الله مع ارادة الانسان وابتكار فكرة الشيطان
- الردة العظمي والانهيار الاعظم
- الاصلاح لا يكون بانتقاد حامل الفكرة فقط


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد داؤود - ازمة الاسلام