أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى الجهوري - الحكايه الشحيحة .....هل تكفي اثنين














المزيد.....

الحكايه الشحيحة .....هل تكفي اثنين


هدى الجهوري

الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:37
المحور: الادب والفن
    


الحكاية الشحيحة ....هل تكفي اثنين
قليل من الصدق سيفتح عليها فوهة كارثة لذا كانت كثيرا ما تحاول أن تتخذ الحيطة والحذر لتروج نفسها على أنها كائن لطيف وبرئ كانت تعطل حواسها عن التفكير في وضعها الجديد معه (كونها امرأة تقف على الحافة وبلا ظل ) كما تحاول أن تفكر مليا في وضعها الجديد معهم أولئك الذين يفتشون أوراقها وعينيها وقناني عطرها ويندهشون من اعتنائها الباذخ بتلميع أحذيتها وارتداء الساعات الأنيقة والخواتم الكبير تلك التي تشير إلى فضيحة تركض بقدمين يأكلهم الفضول حول الوقت الذي تهدره أمام المرآة والنوم الذي يضيع منها لصالح ما تسجله من ملاحظات عن مواعيدها والرسائل التي تصلها خلسة .لكنها مؤخرا بدت امرأة مكشوفة تسير في الطرقات وهي تتلفت كي لا يلاحظ أحد أنها امرأة بلا ظل وتفكر كثيرا بابتكار الخدع التي تمسح بها ما يخلفه حبيبها من تفاصيل (عبد الحليم) يغني ( أنا لك على طول ..خليك ليا ) تتماهى معه لتصنع بيتا من ورد وشمع ، وتنفرج ابتسامتها لتزرع حمرة خجلة على خديها لكن إحدى صديقاتها تضحك:
_ أنت دقة قديمة ...
تنتبه إلى ضرورة أن لا تخبر أحدا عن ما نمى في صدرها من مسرات ولوز
_ يا إلهي ...سيقذفني الأصدقاء بحجر الوعظ والنصائح وسيثقلون كاهلي بالأسئلة والغمز ربما قليل من التواطؤ والكذب سيجعلني متوازنة معهم تسألها إحدى الصديقات :
_ إلى أين ؟
_ إلى طبيب الأسنان .
إنها تكذب من جديد ، ولكن هل ثمة علاقة صحية بين مواعيد الحب ومواعيد طبيب الأسنان ...؟ ربما بدا ذلك مناسبا لنزهتها مع حبيبها لأن أحدا لن يسألها عن الوقت الذي ستهدره خارج المنزل فالعيادات عادة ما تكون مزدحمة ، وربما أيضا لأن الجميع سيرفض مرافقتها بحجة أنهم يصابون بالغثيان من هذه الأمكنة المكتظة .الساعة تشير إلى السادسة ولنصف تماما لذا ولكي لا تبدو طارئة وهي تسير بلا ظل كانت تسلك طريقا معتما و تحشي جيبي المعطف الشتوي بيديها ، والدخان الكثيف يتطاير من فمها وكان (هو) هناك واقفا في انتظارها .(هو) الآخر وقف بلا ظل لكنه كان مزهوا بنفسه أمام المارة . جلسا متقابلين والكلام بينهما دائخ ، كانت تعبث بولاعته وهو منشغل عنها بإشعال سيجارة وإطفاء أخرى يأتي النادل :
_ ماذا تشربان
معا يطلبان القهوة ، يغادر (هو) الطاولة بحجة الذهاب إلى التواليت وتنشغل هي بمراقبة العابرين بالقرب من طاولتها و يأكلها الحسد لأن ظلالهم كانت تركض خلفهم ...يصل (هو ) في الوقت الذي يصل فيه النادل مع صينية القهوة تناول كل منهما فنجانه وبدأت (هي ) بارتشاف قهوتها و(هو ) يطفي صوته بنفس المنفضة التي كان يطفئ فيها سيجارته
تفكر:
_ إلى متى سأكذب ..أشعر بالتعب من كذبي ومن وجهي الذي لم أعد أعرف معالمه ...خطوة إلى الأمام ..خطوة إلى الخلف أنا أتأرجح بين طريقين ولا أتوازن لا رغبة لي في أن أنسحب باكرا من طقس الحب الذي علقته في وشوشة الصدف والفراش لا رغبة لي في أن أسكب فصول الحكاية في النسيان .
يدخن وهو يسألها بتعب :
_ ما مبرر حبك لي ..........؟
تفتح فمها بدهشة ، تدير مقلتيها في المكان ثم :
_ هكذا ...كأي شئ يحصل لا ندري تماما لم حصل وجدت نفسي أحبك ...
يعود بظهره إلى الوراء ، وكان بعد ما يزال محتفظا بسيجارته بين سبابته والوسطى :
_ حاولي أن تتوازني ....
كان يفتقر تماما للتوازن ورغم ذلك اعتقد أنها امرأة بحاجة إلى أن تتوازن ،والصديقات ورغم ما يشعرن به من غيره طلبن منها أن تتوازن ، وبائع الخضروات القريب من بيتها حين كادت أن تقع على وجهها والسماء تمطر طلب منها أن تتوازن ...ثقيل الآن رأسها ولا تستطيع أن تفكر بالتوازن أطرافها باردة ، وقدماها لا تحملانها وهو ما يزال جالس أمامها وقد استعاد رونقه وصوته أصبح أكثر دفئا بعد أن تبددت سحابة تعبه. تسرح لتفكر كم من الوقت استغرقته معه ، وكم من الوقت كان ينبغي أن تستهلكه مع طبيب
الأسنان ...؟ لكن ما الذي سيخبرها به هذا الرجل الذي غافل الكون بأكمله ليشرب من قلبها ربما سيبدو ملائما أن يخبرها عن حنينه وغيابها ، وعن نومه الذي سرقته حوريات البحر لتدسه في النجوم.. وهي ما الذي ستشحذ انتباهه به أكثر من ثرثرتها الطويلة عن يومياتها ومذكراتها ،وربما تحليها بالكثير من الحياء حين يغازل كحلها وأحمر الشفاه الذي وضعته بعناية... لكن وليس طويلا ستنتبه إلى ضرورة أن تعود إلى البيت ولن ينسى أن يفتح لها الباب و
(هي ) تغادر كما بدأ مؤخرا يفتح قلبه لها وحين يعود إلى بيته سيخبر أصدقاءه عن فرحه بها وسيشرب ربما كأسا ليرتب الحكاية بينهما وستعود (هي) إلى البيت وستخبر الصديقات كيف أن العيادة كانت مزدحمة وكيف أن الطبيب كان مقرفا لأنه لا يعقم أدواته الطبية ويده كانت ترتجف وهو يمسك الحقنة ولن تنسى أن تضيف بتململ أنه طلب منها معاودته في جلسة أخرى.... سيتجاهلنها الصديقات بكل تأكيد ولا ريب أنهن في المرة القادمة لن يسألنها عن تفاصيل مواعيدها مع طبيب الأسنان ( يبدو ذلك مريحا بعض الشئ )
(هو )مشغول بمكالمتها ليلا ليخدر شوقه بصوتها مشغول برصف الكلام كمظلة لبردها القاسي مشغول بارتباكاته التي يمررها في رجفة يده كلما صافحته وهي تودعه ...(هي ) لا تملك ظلا تقف عليه منذ أن بدأت تغلف الأشياء بوجهه ، وتحزم الأسرار إلى مخدتها وتفكك أزار الذاكرة زرا زرا ولا تنام ......مشغولة بالأكاذيب ، وبدس رائحة حبيبها في ثقوب الأمكنة والشوارع مشغولة أيضا باطلاق الكلام الذي كانت تسرجه طويلا في صدرها



#هدى_الجهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (1)صوت


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى الجهوري - الحكايه الشحيحة .....هل تكفي اثنين