أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الانفصام بين الصورة والأصل ج2














المزيد.....

الانفصام بين الصورة والأصل ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 00:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ج2
المسألة برمتها تعني ارتهان العقل العام والجمعي بالعقل والرأي الفردي بلحاظ أن هذا العقل والرأي مهما أمتلك من مقومات وأحرز من درجات العلم يبقى غير معصوم وغير مؤهل للكمال الذي معه يتولد الاطمئنان والسلامة في التعبد الفرضي, مما يحرم معه الارتهان العقلي والتبعية التي تتناقض مع جوهرة فكر الشيعة المبني على فكرة ثورة الإمام الحسين وتعلقهم بالحرية التي صاغها في مقولته الشهيرة (إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرار بدنياكم) ,الحرية عند الإمام الحسين مستلزم ذاتي للإنسانية ومكون طبيعي لها , ومن هنا الاعتراض يأخذ شكل تناقضي عندما ترفع شعار وتؤمن به في الوقت عينه تدعو عمليا لما يناقضه تحت دعوى القداسة والحفاظ على الذات الشيعية.
هذا التناقض الجوهري بين مكون الفكر الشيعي وما تأسس عليه من ركائز إنسانية تتمثل في الإخلاص والطاعة بحدودهما الربانية مع إيمان الشيعة البالغ بدور العقل وتفهمهم لدور الحرية كفاعل تكويني اخر يصون الإيمان ويحقق كرمة الإنسان , لكن في المقابل نجد أن الميل الشيعي اليوم يتجه نحو عبادة الذات الفردية وتجسيد شخصنة المذهب برجال محددين على أن يكون الانتماء لهم هو انتماء لكل الحقيقية والخلاف معهم خلاف يرجعك للجاهلية والكفر.
لقد شاهدنا انفصام حقيقي بين الصورة المجسدة لمنعكس الاصل التكويني وكيفية تعارض الخطوط في فهم معنى الحرية والعقل ولو بصورة شديدة الاختصار عند الشيعة, هذا التعارض يتجسد أيضا عند الفرقة السلفية الحنبلية المتشددة في الجانب الاخر من الفكر الإسلامي ولذي أعلن منذ بدء تكوينه شعار التوحيد المطلق لله ورفض أي قراءة لهذا التوحيد بأي صورة كانت معتمدا أيضا على الفكر الاسترجاعي وبناءه على ما ثبت صلاحه من العمل والتعبد بعيدا عن عاملي الزمن والمكان.
التوحيد له مدى فردي يتمثل في كيفية تعقل العابد للخالق وفق ما يجده في مقدمات واطر تكوين الرسالة وما ترسخ من فهمه لها ,وهو من أول اركان الايمان عند جميع المسلمين فلا يمكن ان يقبل أي مسلم أن يضع التوحيد في إطارية غير اطارية الثابت الذي لا يزول , وبالتالي فدعوى التوحيد دعوى اصلية ومؤسسة في الفكر الاسلامي ولا يمكن لاحد الادعاء بحصريتها فيه دون سواه , المشكل ليس في الادعاء أذن ,الأشكال متجسد في الصورة التي يفهمها السلفيون وحدودها ومداها , وقدرة العقل في رسم حدودها الحقيقية .
هنا برز منشأ الانفصام وأيضا من المدى الاخر للتوحيد وهو التوحد في الخالق أي أن مجموع العباد لله هم مجتمع واحد متساوي في الصيرورة ولكن مختلف بالعمل وبالتالي فالأمر متروك لله باعتباره هو الحكم فيما يختلف الناس في العبادة وهو الذي يقدر ويعلم ويحاسب , المشكلة عند السلفيون برغم من ايمانهم بهذا المدى وما سبقه إلا أنهم يصرون أيضا على أن الصورة التي يرسمونها هي الاصل وما عدا ذلك كفر والحاد , وبالتالي يستنهض عندهم داع الجهاد لإنقاذ هذه الصورة وكأنهم يرفضون مبد ان الإسلام وحده وليس فرقة{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48.
إن إنكار مبدأ التنوع وأحقية الاختلاف في القراءة سمة أساسية في فكر المذهب الحنبلي وتشدده غير المعتاد مع لحاظ سماحة الاسلام وقبوله في حدود الحرية التي منحها الله في ان يكون الخلاف محكوما بالرد الى لله والى رسوله كما جاء في النص السابق , ومن هنا تتجلى المفارقة بين دعوة التوحيد وبين الشعور بالأنا الذاتية التي تحصر وتختصر الاسلام في هذه المجموعة دون ان تعط للأخرين حق الانتماء والطاعة والاحتكام لمراد الله في نصوص القرآن الكريم , وبالتالي فالصورة المنعكسة سلوكيا وعمليا تختلف هنا عند المتشددة أيضا عن حقيقتها التكوينية الاولى.
إن التمسك بالتوحيد بمورده الاول الذاتي الذي هو علاقة بين العابد والمعبود لا تبيح لأحد أن يتدخل قهريا في رسمها ولكن ينحصر الواجب الكفائي في الدعوى إلى الاحسان {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125, هنا الحسم واضح بالمسئولية عن الحكم وعن نتيجة الاحتكام لأن العقل البشري وإن تمتع بأعلى درجات العلم لا يمكنه ان يدرك العلات والغايات الربانية {هَا أَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }آل عمران66.
شهدنا في هذين النموذجين المختصرين كيف يكون التناقض بين الاصل والصورة جليا ومؤثرا وما ينتج عن هذا التناقض من متعارضات حقيقية للفكرة المؤسسة والسند اليقيني الذي يبتنى عليه بناء علاقة بين الله وبين الناس أساسه إرادة الله أولا والاختيار المشائي الإنساني دون أن تكون للقهرية وجود في موارد وبواطن القصدية من الأمر الرباني إلا فيما يتعلق بنتائج الخيار وما يترتب عليه من استحقاقات ,إن العودة للمقارنة بين الاصل والصورة في كل مرة واكتشاف الفوارق هو من يحمي الإيمان من الضلال ويحمي الإنسان من واقعة الكفر والتكفير.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانفصام بين الصورة والأصل ج1
- خصيصة الأبدية للفكر الرسالي
- آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان
- حوارية الخلق والجعل في النقل المقدس ,دراسة في قصدية النص
- تطور فكر التطرف وعلاقته بتنامي الفكر السياديني الإسلامي
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج2
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج1
- الهروب من الفكر والتفكر تهرب من مواجهة الحقيقة


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الانفصام بين الصورة والأصل ج2