أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - مراهنتان متناقضتان على الانتخابات الفلسطينية















المزيد.....

مراهنتان متناقضتان على الانتخابات الفلسطينية


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم يعد أحد اليوم يحاجج بأهمية الانتخابات كآلية للممارسة الديمقراطية ،وبالتالي بالديمقراطية كونها "أقل الأنظمة سوءا" ،وسنتجاهل حقيقة الاهتمام الأمريكي والأوروبي بالانتخابات وبدمقرطة دول العالم الثالث وهو اهتمام يصب في طاحونة العولمة الثقافية ومقولة"نهاية التاريخ" لصاحبها فرانسييس فوكوياما التي أصبحت الموجه للاستراتيجية الأمريكية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ،وبالمقابل نؤكد على أننا كعرب بحاجة للديمقراطية ليس لأن أمريكا تضغط بهذا الاتجاه وأنظمتنا ونخبنا السياسية لا تستطيع أن تعارض الإرادة الأمريكية ،بل لأننا بالفعل نحتاج للديمقراطية بعد أن ابتلينا بأنظمة دمرت كل شيء - سواء كانت أنظمة رجعية يمينية أو أنظمة مدعية للثورية والتقدمية -وجعلتنا ننتمي بجدارة لركب البلاد المتخلفة.
ولكن الديمقراطية ليست عقيدة جامدة بل هي نظام للحكم يقوم على مبادئ عامة أهمها تجسيد إرادة الأمة والتنافس الحر والنزيه على السلطة بين أحزاب وقوى سياسية ذات برامج مختلفة وخلق دولة المؤسسات والقانون بدلا من دولة الزعيم والحزب الواحد،وهذه المبادئ العامة يتم تبيئتها حسب خصوصيات كل مجتمع ،وبالتالي هناك مداخل متعددة للديمقراطية.إلا أن أهم شرط من شروط الديمقراطية هو شرط الحرية ، حرية الوطن وحرية المواطن ،فلا يمكن لوطن ولمواطن غير حر أي خاضع للاحتلال أن يمارس انتخابات نزيهة أو يؤسس نظاما ديمقراطيا ،فالاستعمار نقيض الحرية وبالتالي نقيض الديمقراطية .وعليه نلاحظ بان مسألة الديمقراطية لم تكن مطروحة عند كل حركات التحرر في العالم سواء تجربة الثورة الفرنسية أو الثورة الأمريكية أو الثورة الجزائرية أو الثورة الفيتنامية،بل إن فرنسا –وبقية الدول الأوربية- التي كانت تعرف نظاما ديمقراطيا قبل الاحتلال النازي ،مع الاحتلال تم تعليق ووقف كل المؤسسات الديمقراطية وتم التعامل مع نظرية "تجاوز الصراعات"التي قال بها هنري لوفيفر ،ومفادها انه عندما يكون الشعب خاضعا للاحتلال تتوقف كل الصراعات الطبقية وكل الصراعات حول السلطة لصالح جبهة وطنية متحدة لمواجهة الاحتلال.بعد القضاء على الاحتلال النازي عادت الديمقراطية لفرنسا وللدول التي كانت محتلة من النازي .
لا نروم من هذا التمهيد التقليل من أهمية الانتخابات الفلسطينية أو الزعم بان الممارسة الديمقراطية تتناقض مع العمل ضد الاحتلال ،ولكن مرامنا التأكيد بان أولوية الشعب الخاضع لاحتلال هي مقاومة الاحتلال وليس الصراع على سلطة وهمية ،حيث لا يمكن تأسيس نظام ديمقراطي في ظل الاحتلال ،ولكن هذا لا ينفي أهمية الممارسة الديمقراطية عند الشعب الخاضع للاحتلال سواء لاختيار قيادته أو توزيع المهام أو تحديد استراتيجيات العمل الوطني.وكما هو الأمر بالنسبة للدول العربية ،فلو أن الأنظمة العربية الثورية والتقدمية والمحافظة وفرت لشعوبها الحياة الكريمة سياسيا واقتصاديا وكانت معبرة عن إرادة الأمة ،ما كانت دعوات الإصلاح الديمقراطي الأمريكية وجدت تجاوبا ،نفس الأمر في الحالة الفلسطينية فلو لم تكن السلطة فاسدة باعتراف الجميع بما فيهم أهلها ،ولو تمكن الفلسطينيون من تشكيل قيادة وحدة وطنية ،ما كان مبرر للحديث عن الإصلاح والديمقراطية بالطريقة التي تحدث اليوم.

الحالة الفلسطينية حالة متميزة وغريبة وفي هذا السياق نطرح المفارقات التالية:-
أولا:يجب الإشارة بداية بأن الانتخابات الفلسطينية وبالطريقة التي تمت بها تؤكد بأن الشعب الفلسطيني ربح رهان التحدي واثبت بأنه شعب كما يجيد القتال دفاعا عن حقه فهو يجيد الممارسة الديمقراطية ،وهو يريد التأكيد بالتالي بأن مشكلته ليس غياب الديمقراطية بل وجود الاحتلال.
ثانيا :لأول مرة تطرح مسألة الديمقراطية والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على شعب يخضع للاحتلال ولم يتجاوز بعد مرحلة التحرر الوطني.
ثالثا: لأول مرة تجري انتخابات رئاسية لجزء من الشعب وعلى جزء من الوطن ليكون الفائز رئيسا على جزء من الشعب .
رابعا: لأول مرة يحدث أن يشارك رئيس شعب في انتخابات فرعية ليكون رئيسا لجزء من الشعب ،فالسيد محمود عباس الفائز في انتخابات رئاسة السلطة هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبالتالي يفترض أنه رئيس الشعب الفلسطيني.
خامسا:الانتخابات أوجدت رئيسا لسلطة الحكم الذاتي وليس رئيسا لدولة مستقلة أو لشعب حر الإرادة.
سادسا: إن كانت الانتخابات مؤشرا على وجود عقلية ديمقراطية وثقافة ديمقراطية عند الفلسطينيين ،إلا أنها لن تؤسس حالة ديمقراطية حقيقية إلا بعد انتخابات تشريعية تشارك فيها قوى المعارضة الإسلامية،وهي لن تؤسس دولة ديمقراطية إلا بعد دحر الاحتلال.
سابعا :بالمقابل بينت الانتخابات بأن المشكلة في النظام السياسي القائم ليس ما بين المعارضة والسلطة بل داخل صفوف المعارضة ،هذه الأخيرة التي لم تتمكن من الاتفاق على مرشح واحد للرئاسة ،بل حتى قوى اليسار فشلت في ترشيح من يمثلها ودخلت في مهاترات أساءت إليها كثيرا.
ثامنا:أفرزت الانتخابات قوة سياسية جديدة وهي المبادرة برئاسة الدكتور مصطفى البرغوثي ،حيث يعتبر الفائز الثاني في الانتخابات بعد أبو مازن ،والمبادرة ليست إضافة عددية للأحزاب والقوى القائمة بل إضافة نوعية ومتميزة ،فهي القوة السياسية الوحيدة التي لا تعتمد على شرعية تاريخية وثورية ،فهي جمع من مواطنين يقودهم مثقفون يحملون برنامجا يتسم بخصائص ديمقراطية براغماتية.
مراهنتان متناقضتان على الانتخابات
مع الأخذ بعين الاعتبار الانتقادات والطعون التي وجهتها لجنة الانتخابات المركزية إلا أنه لا يجوز التشكيك بنتائج الانتخابات من حيث عكسها للحجم الحقيقي للقوى السياسية المشاركة فيها وبالتالي بشرعيتها الإجرائية .المشكلة لا تكمن في شرعية أو عدم شرعية نتائج الانتخابات ولا بالعملية الانتخابية ككل بل بما بعد الانتخابات أو بصيغة أخرى لماذا الانتخابات ؟.
هناك مراهنتان متناقضتان على الانتخابات الفلسطينية ،الأولى هي المراهنة الأمريكية والإسرائيلية والثانية هي المراهنة الوطنية والتي بدورها تتضمن مراهنتان أو تصوران .
أولا: المراهنة الأمريكية الإسرائيلية
سيكون من السذاجة الاعتقاد بان إسرائيل وأمريكا ترغبان تعليم الفلسطينيين أسس الديمقراطية أو مساعدتهم على قيام دولة ديمقراطية،أيضا من الوهم الشديد القول بأن إسرائيل كانت تمانع من تمكيننا من حقوقنا المشروعة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لأننا نريد تحقيق هذه الحقوق بوسائل الكفاح المسلح والجهاد ،وبالتالي ستمنحنا هذه الحقوق إذا ما أصبحنا ديمقراطيين وطالبنا بحقوقنا بالطرق السلمية والديمقراطية .إذن لماذا هذا الاهتمام الأمريكي وعدم الممانعة الإسرائيلية للانتخابات الفلسطينية؟ .
تهدف الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال تشجيع الانتخابات إلهاء الفلسطينيين بالتنافس على السلطة على أمل أن يؤدي التنافس إلى صرع وحرب أهلية،كما تهدفان إلى تصوير الواقع على غير حقيقته ،بالزعم بأنه لا يوجد احتلال وإن وجود فهو احتلال حضاري لا يحول بين الفلسطينيين وممارسة حياهم العادية من انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية ومن فتح علاقات مع العالم الخارجي وتلقي المساعدات الخ ،كما كان هدفهم ضمان استمرارية السلطة وتحديدا بيد حركة فتح حتى لا تأول قيادة الشعب لقوى المعارضة الإسلامية ،والأهم من ذلك يريدون قيادة تسوق كقيادة شرعية للشعب الفلسطيني تقر ما تم توقيعه من اتفاقات ولتوقع بهذه الصفة الشرعية المستمدة من صناديق الانتخابات على الحلول السياسية القادمة سواء كانت خطة خارطة الطريق أو خطة شارون.
إذن أمريكا وإسرائيل غير معنيتين بأن نكون ديمقراطيين أو نؤسس نظاما ديمقراطيا بقدر ما يعنيهم الجانب الشكلي من الديمقراطية أي الصفة التمثيلية لقيادة لا تخرج عن نهج التسوية الذي يخططون له.
ثانيا :المراهنة الوطنية الفلسطينية
هذه المراهنة الأمريكية والإسرائيلية ليس لها كثر حظوظ نجاح لأن غالبية الفلسطينيين واعين لها ومدركين لخطورتها.المراهنة الفلسطينية على الانتخابات تنبع من وعي سياسي بخطورة المرحلة وبضرورة قبول التحدي الديمقراطي وخصوصا انه منصوص عليه في خطة خارطة الطريق ،وهي مراهنة على ان الانتخابات هي الوسيلة المتاحة لإعادة بناء البيت الفلسطيني الداخلي بعد سنوات من تعثر التوصل لقيادة وحدة وطنية ،والأهم من ذلك أن الفلسطينيين لا يرون في الانتخابات وبالديمقراطية هدفا بحد ذاته بل وسيلة لتمتين البيت الفلسطيني ليكون أكثر قدرة على استكمال المشروع التحرري الوطني ،مع إدراكنا لخطورة وصعوبة الأمر حيث أن استحقاقات حركة التحرر تختلف كثيرا عن استحقاقات الممارسة الديمقراطية ،ومن هنا نخشى أن يؤدي انغماس القوى السياسية بالصراع على سلطة وهمية إلى قطع الطريق على نهج التحرر إذا ما فشلت التسوية السياسية.
نخلص للقول ،نعم للانتخابات ونعم للممارسة الديمقراطية ،ولكن على شرط أن لا يغيب عنا حقيقة أننا نعيش تحت الاحتلال ،وان الديمقراطية وحدها لن تحرر أرضا محتلة.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السياسي الفلسطيني :صعوبة الانتقال وخطورة الانتكاس


المزيد.....




- أجبرهم على النزوح.. أندونيسيا تصدر تحذيرا من حدوث تسونامي بع ...
- التغير المناخي وراء -موجة الحر الاستثنائية- التي شهدتها منطق ...
- مصر.. رجل أعمال يلقى حتفه داخل مصعد
- بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين
- أسباب تفوّق دبابة -تي – 90 إم- الروسية على دبابتي -أبرامز- و ...
- اكتشاف -أضخم ثقب أسود نجمي- في مجرتنا
- روسيا تختبر محركا جديدا لصواريخ -Angara-A5M- الثقيلة
- طريقة بسيطة ومثبتة علميا لكشف الكذب
- توجه أوروبي لإقامة علاقات متبادلة المنفعة مع تركيا
- كولومبيا تعرب عن رغبتها في الانضمام إلى -بريكس- في أقرب وقت ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - مراهنتان متناقضتان على الانتخابات الفلسطينية