أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - أدلجة الأجناس وحرية الفكر ، حوار مع الأديب والكاتب سنان أحمد حقّي في بؤرة ضوء.. الجزء الأول















المزيد.....


أدلجة الأجناس وحرية الفكر ، حوار مع الأديب والكاتب سنان أحمد حقّي في بؤرة ضوء.. الجزء الأول


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 15:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


أدلجة الأجناس وحرية الفكر ، حوار مع الأديب والكاتب سنان أحمد حقــّي في بؤرة ضوء.. الجزء الأول

- ومن السياسة ، ما فشل..!

شكلُ الحريّة..لونُ الحرّيّهْ..!*
لا أعرفُ للحرّيّةِ لوناً
أو شكلاً
أو صوتاً
1. لماذا برأيك يجمد ويؤدلج العمل السياسي رقابيا وقمعيا ؟

الجواب:
يشتمل معنى السياسة على معاني إدارة الصراع، والنجاح في هذه المهمة، كما
يرى كثيرون ممن لا يتحلون بالسمات الموضوعيّة ، يرون أنهم قادرين على
مخالفة نواميس الطبيعة وحيث أن هناك واقع موضوعي وأفكار تتحكم فيها
إرادتنا وترتبط بوعينا، نجد من لا يرى أن هناك أسبقية للواقع في معالجة
التناقضات، فيعمد إلى إرغام الواقع ونزوله على إرادته ووعيه ويتعامل معه من
خلال وعيه، ويتم هذا عن طريق القمع.
ولهذه الأفكار نظريات معروفة وتُدعى هذه المناهج بــ"المناهج الوضعيّة"، وهذه هي إحدى سمات الفكر البرجوازي، لاسيما عندما يُمسك بسوط السلطة ، للأسف مازال هناك من يعتقد أنه يستطيع أن يجعل غطاء القِدر الذي يحتوي ماء يغلي في موضعه من القدر بواسطة أثقال يضعها فوق الغطاء!
يقول الشاعر :
ومكلّف الأيام ضدّ طباعها
متلمّسٌ في الماء جذوةَ نارِ
تلكَ هي عقيدة فاسدة ولكنها للأسف ما زالت قائمة ، وهي سبب أغلب مصائب البشر ، فإذا كنا لا نستطيع إبقاء غطاء القدر في أحوال الغليان مكانه، فهل نتمكن من تحقيق ذلك مع بركان؟
ولكم أن تتصوّروا النتائج بدون أن ننحاز لجهة أو طرف، فأنا أتكلم عن قواعد منطقيّة صرفة بشكل عام ، وهي تمثّل وجه الصراع بين الوعي والمنطق العلمي ضد ضحالة الوعي، أي الصراع بين العلم والجهل، وهذه قصّة لا يتحكم فيها وجود الحقائق من عدمها فقط، بل الأطماع والمصالح المختلفة الرغبات ، وسلاح هذه المصالح هو القمع حين لا يكون للعلم والمنطق السليم مكان.
*
*
*
الأخ الأكبر شخصية مستوحاة من أخيلة " جورج أورويل" ، غير منتهية الصلاحية وخصوصاَ أزمنة الحكم في العراق ، تجسد الدكتاتورية في دولة "توتاليتارية الحكم" ، يخضع مواطنوها إلى رقابة مشددة القيود على ممارسة أي حق ينصه الدستور في حق التظاهر أو القيام بأي نشاط فكري ، يتم تجيّره تحت بند الإرهاب .
2. ما حقيقة تطبيقات الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في ظل سحق توليتارية الحاكم للمجتمع العراقي ؟

الجواب:
من النواحي العمليّة، نجد أن هناك مواثيق معلنة، وأخرى غير معلنة، وما دامت هناك أهداف غير معلنة، فإن المواثيق على إختلافها لا قيمة لها . لقد وجدنا هتلر مثلا يرفع شعار ( ألمانيا فوق الجميع) وكان بعضهم يرى أنه يقصد أن المصالح الألمانيّة العليا فوق المصالح الفئويّة أو الشخصيّة، ولكن سرعان ما تبيّن أنه يقصد بها أن ألمانيا فوق الأمم والشعوب الأخرى، وكان ما كان من صراع لم تشهد البشريّة له مثيل ، إذا كان الحكام يتحلون بتوتاليتاريّة العقيدة والسياسة فهناك فرصة لكي نشهد مآسي لا يمكن إصلاحها ، ورأينا صدام يرفع شعار ( البعثي الجيّد هو الموظف الجيّد) وكان بعضهم يظن أنه يقصد أن البعثي الجيد لا يحصل إلاّ إذا كان موظفا جيداً، ولكن الأمر إتضح سريعا، وكان مختلفا، أي أنه قصد أن الموظف الجيد لا يتحقّق إلاّ في بعثي جيّد.
وهكذا نجد أنه إن لم يستقم المنهج الفكري للسياسي ونقصد أي سياسي ويعتمد الموضوعيّة أو على الأقل البراغماتيّة في الإقرار بالأمر الواقع، فإن كثيرا من المشكلات الكبرى لا شك ستتلاحق، لأن العمل السياسي سينتهي بلعبة تشبه لعبة الثلاث ورقات التي يُسميها أبناء شعبنا ( سيه ورق) وسيدفع العراقيون جميعا ثمن ضياع فرص كبيرة ثمينة جداوبما لا يمكن تعويضه.
*
*
*
أزرقٌ مداد نبضه ..
قال :
قمرٌ أزرقْ*
ومراسلنا يقول:
قتلى، جرحى، موتى ، وجياع
في أخبار اليوم وفي كلِّ مكان
والأقمارُ ستُطمس!
وشموسُ الغدِ لن تُشرِقَ لا في الغدِ أو فيما بعده
* * *
ويستدر قلبه ربيع صبيّة :
ذات تنورة نيليّة وسماء زرقاء..!*
والفيلسوف الإشتراكي سلافو جيجيك يقول:
" اُرسِل شاباً من المانيا ليعمل في صربيا. كان يعلم أن بريده يُمكن أن تقرأه الرقابة، لذلك قال لأصدقائه :" فلنغيّر الشيفرة. إن وصلت إليكم رسالة مني مكتوبة بالأزرق، ستكون حقيقة ما أقول. وإن وصلت مكتوبة باللون الأحمر ستكون زائفة."
بعد شهر، تلقّى أصدقاؤه رسالته الأولى. كانت كلها بالأزرق. قال في رسالته:" رائع كل ما هو موجود هنا. المخازن ممتلئة بالأطعمة الجيدة. ومسارح العرض تعرض أفلاماً جيدة من الغرب. الشقق واسعة وفخمة. الشي الوحيد الذي ليس بإمكانك شرائه هو الحبر الأحمر". هكذا نعيش نحن. لدينا كل الحريات التي نريد. ولكن ما نفتقد هو الحبر الأحمر..
3. متى ستكتب حكومات وأحزاب العراق الجديد والصحافة بالحبر الأزرق ؟

الجواب :
أعتقد لو كان هناك كثير من الحبر الأحمر كما تقولين فإنه سيكون للون الأزرق فعاليّة وحضور، ولكن كما ذكرتِ حضرتك، إن كان لا وجود للحبر الأحمر مطلقا، فإنه لا يستطيع الحبر الأزرق أن يُعبّر عن واقعيّة حضوره في ظل عدم وجود مداد أحمر بتاتا فمع من يتحاور ؟ ستكون لعبة عرجاء والإنسان يحتاج إلى قدمين لكي يتمكن من السير وقدم واحدة لا تكفي إن العمليّة الجدليّة هي تبادل التأثير بين المتناقضات وتتوقف حتما إن إفتقدنا أيا منهما أو نفهم أن هناك عملية غش وخداع فأنا لا أتعامل مع الدلالات من منطلق معجمي وليس عندي مفاهيم ثابتة لها فالمهم هي الصورة الإجماليّة، فإن وجدتها تفتقر إلى شئ لا أتردد في إستخدامه بهدف إستكمال الصوة الكليّة وأفهم من البلاغة العربيّة أن هناك تشبيه وهناك تمثيل فالتشبيه أن نقول بشرتها كالثلج مثلا، وهذا تشبيه لبشرتها بالثلج ، ولكن هناك التمثيل وهو تشبيه، ولكن بمجمل حدث أو حكاية كما تقول الآية ( واضرب لهم مثلا رجلين كانت لأحدهما جنتان من أعناب ونخيل ...إلخ الآية) هنا نجد أنه من العبث تشبيه شخص بشخص بل بحالة وصورة متكاملة وسياق متواصل أي عمليّة وهكذا أفعل أحيانا والصورة الكليّة يكون لها في الغالب عناصر متعددة قد ألجأ لمعانيها المتداولة معجميا، إذا كان يخدم التعبير وقد أبتكر شيئا جديدا، وقد ألجأ إلى تركيب صورة واسعة وهذا كله حسب سياق الحال، وليس فيه شروط.
أمّا الحكومات والأحزاب فللأسف هناك رغبة مسبقة في جعل أنفسهم أي الأشخاص فوق طبيعة البشر حيث عندما تسنح الفرصة لأي منهم يستطيع المسارعة لإعلان نفسه إلها أو إبن إله وهذا للأسف حدث مرارا في التاريخ البشري، رغم أن الأنبياء ولهم العصمة لم يدّعوا شيئا من هذا وآخرهم النبي محمد ( ص) يقول : إنما أنا بشر مثلكم ولكنها مرض الحكام الطفولي كالحصبة والجدري والسعال الديكي، لا بدّ أن يُصيب الأطفال، ونحن ممتنين للعلم، حين أوجد لنا لقاحات تقي الأطفال شر هذه الأوبئة، ولكن كثير من الأطفال لا يجدون اللقاحات الموصوفة، فيُصابون ببعضها ومن ينجو يكون أشدّ شكيمة، ولكن لا يُقارن عددهم بعدد من يذهبون ضحايا هذه الأمراض الفتاكة .
أعتقد أن الصورة التي إن تمكنت من بنائها هنا عن مرض الحكام الطفولي يمكن إعتبارها تمثيلا بلاغيا لا يستخدم المعجمَ، هكذا هو الأمر، ليس بالضرورة أن يكون لدينا قاموس ولا أحب أن أستخدم الرموز فهي تخنق الإبداع وتجعل منه عملا ميكانيكيا، أنا مع علم وفن البلاغة العربيّة ولا أعتبر الرمزيّة إلاّ أحد القيود التي تقيّد الإبداع كما قلت .
*
*
*
4. هل مازالت سادرا على اليسار في حضور اجتماعات خلاياه التي وصفها يوما جيل دولوز "إجتماعات حيث لا ننتهي من الكلام" ، أم هناك ردة ؟

الجواب:
إسمحي لي أن أبدأ من آخر ماجاء في السؤال، فالردّة لا وجود لها إلاّ في عقول وسلوك المنافقين أو الإنتهازيين، ولكن هناك شئ آخر هو أشبه بذاك الذي يرى ما في حقيبته بين الفينة والفينة من ملابس، فإن وجد منها باليا رماه، وإن إبتاع جديدا إحتواه فيها ، فنحن لا نعتنق أفكارا جامدة، والكل هذا اليوم يفكّر بهذه الطريقة، وجميع أو أهم ما في معتقداتنا الفكريّة هي طريقة التفكير السليم، والماركسيّة ليست شذوذا عن هذه القاعدة، وجميع معتقداتنا ليست منتجا بل منهجا، فهل نتبنّى فكرة تفصيليّة لبناء الإشتراكيّة أم نتبنى منهجا كبرنامج الكومبيوتر الذي يعمل مهما كانت المعطيات والمتغيرات؟
شراء تلفزيون أمرٌ مفيد جدا ولا شك وكذلك شراء كومبيوتر، ولكن المفكّر لا يبحث عن هذا ولا يروي هذا طموحه ولا ظمأه، بل يبحث عن طريقة صنع التلفزيون أو الكومبيوتر وليس إستعمالهما ، وهو السبيل الوحيد إلى التجديد والتطوير والإبتكار المستمر أو ما يُدعى بالمستدام ، والشبه قريب جدا من المقارنة بين كتيّب إستعمال جهاز جديد وبين تعلّم المعارف الأساسيّة التي تؤدّي إلى صناعته وبالتالي إلى تطويره والتجديد فيه.فليس الوضع عند تعلّم إستخدام برنامج حاسوبي محدد كمن يتعلّم الرياضيات المتقدمة والإلكترونيات الرقميّة وعلم المنطق وعلوم التوبولوجي، وإعداد الخوارزميات المعقّدة، وعلوم البرمجة المهيكلة، ولغات الكومبيوتر، وغيرها بهدف وضع برنامج يوازي البرامج المطروحة بل يفوقها تقدّما .
ومن جانب آخر، إن كان المقصود هو الإشارة إلى بعض مقالاتي، التي رددت بها على بعض الطروحات الدينيّة ، فإنني وجدت أن هناك نفر يستغل علمانيّة الشعار المطروح على صدر وواجهة الحوار المتمدن، من أجل التبشير بأديان أخرى، فعندما يكون محور غالبية مقالات البعض، هو التعريض بالإسلام فقط، وكدين فلا مناص من أن ينتابنا الشك في تلك المقاصد، فلو كان الأمر يتعلق في حريّة المعتقد، فإن هناك فريقان الأول من المؤمنين، والآخر من غير المؤمنين، أو الملحدين إن شاؤوا تسميتهم ولا فرق هنا بين الإسلام أو غيره من الأديان في توجيه النقد النظري من منطلق رفضهم للعقائد الغيبية أو المثاليّة، ولكن صب النقد، والهجوم على الإسلام كدين، لا يمكن أن يفسّر على أنه نقد بنّاء ،كما أنه لا يتوجّه إلى تصرفات الفرق الدينيّة بل إلى العقيدة الإسلاميّة وهذا عمل تبشيري، ولا شك لا يمت بصلة إلى العلمانيّة لأن العلمانيّة تقر بحريّة المعتقد الديني وتحترمه بل حتّى الإشتراكيّة والشيوعيّة تفعل ذلك أيضا .
فاليسار لا علاقة له بالإلحاد مطلقا، فالأمور تم بناؤها على أسس ما توصّل إليه كارل ماركس في العلوم الإقتصاديّة، حيث بحث في هيكل البناء الرأسمالي، ووجد أن هناك شئ إسمه فائض القيمة والتصرف به يعود بالتسبب في الظلم الإجتماعي والظلم والإستغلال ، وككل المخترعات العلميّة كالطائرة والكومبيوتر، فإننا قبلنا جميع تلك المبتكرات، وقبلنا نظريات نيوتن وآينشتاين وماكسويل وفاراداي وهوك وبويل وسواهم وأصبحنا نستخدمها بلا حساسيّة، فلماذا نتوقّف عند فائض القيمة و ملكيّة وسائل الإنتاج ونقول هذا كفر وإلحاد ؟
ألم يكن هناك قطار ورادار وصواريخ ومركبات فضائيّة وإتصالات عابرة للأرض، فلماذا تكون حلالا، وعندما نقول أن فائض القيمة ليس من حق رب العمل بل من حق المنتجين، يُصبح هذا هو عين الحرام والكفر والإلحاد؟
منذ أن تعرّفت على الماركسيّة والإشتراكيّة، وأنا لا أجد ضرورة للشيوعي أو الإشتراكي بأن يكون ملحدا أو منكرا لوجود ظواهر غير معروفة لحد الآن تقف وراء أي من الأحداث أو أن هناك حياةً بعد الموت وإنكار أشياء لم تحصل بهدف إلغاء حدوثها هو أعمال غير موافقة للمنطق العام، إنني أعتقد أن الشيوعيين بالذات دفعوا ثمنا باهضا جدا لقاء ضمّهم لعقائد الإلحاد إلى عقائدهم بينما، ليس هناك في الشيوعيّة سوى مقارعة الإستغلال والظلم الإجتماعي والقهر الذي يُترجمه النشيد الأممي ( ضحايا الجوع باضطرار).
أنا لا أدعو الناس جميعا لإعتناق هذا الرأي، ولكنني لا أستطيع أن أتعسّف بحق أحد في أن يعتقد بهذا، فالتقدم العلمي والتطور العضوي للحياة والفكر، هما الذان سيُجيبان على تلك الأسئلة كما فاجأنا العلم بإظهار الكثير من الحقائق التي كانت خيالاً منكرا محضا فيما مضى .
لقد قلت مراراً، لو أن رجلاً قال في الجاهليّة، أن هناك جراثيم، وهي كائنات لا تُرى بالعين المجرّدة، أو قال بالليزر أو الطاقة الذريّة أو الحواسيب، فإن الناس كانوا سيظنونه مجنونا آنذاك. ولكن كل هذا الآن يُعدّ من الحقائق الراسخة ومن يُنكرها هو من يعُدّ من المجانين ، ألم يكن كافيا لنا ما حدث لغاليلو وسواه ممن قالوا بكرويّة الأرض؟وماذا جنينا من جراء ما فعل الناس بهم؟
والإشتراكيّة إلى جانب الشيوعيّة تعملان من أجل إنسان أكثر وعيا وتطوّرا يستطيع أن يُغني الحياة ويُحقّق تقدما علميا حيويا ونوعيا في الوجود وكذلك هو الأمر فيما تريده الأديان، فهي تبغي إنسانا أكثر رقيّا وتقدّما، ولا يجب أن ننظر إلى الأديان دائما على أنها تريد بنا النظر إلى وراء، فهذا لا أؤيّده إذ أن الدعوة للفضائل والتعلّم والخير ليست دعاوى رجعيّة مطلقا فالأديان أيضا تنظر إلى أمام بالتأكيدوتريد من وجهة نظر محدّدة أن ترتقي بالإنسان وسلوكه وأعماله .
أمّا موضوع الإنتماء فإن مراجعة التطورات السياسيّة طيلة ما يزيد عن خمسين عاما وما جرى من تحولات سياسية محليّة وإقليمية وعالمية تجعلنا نرى أن وجود عناصر مستقلّة تنظيميا أنفع أحيانا ( ولا أقول دائما) أنفع لعموم الفكر والبحث ، أنفع من تعبئة كافة العناصر الإجتماعيّة في بودقة التنظيم الحزبي وهذا ينفع الحزب كما ينفع عموم الشرائح الطليعيّة، لأنهم وأقصد المستقلين تنظيميا، يُشكلون غالبية العناصر الفاعلة في تنشيط التعبئة الشعبيّة، بما يُثيرونه من حوار ونقاش ونقد مستمر ،لا يكون الحزب مسؤولاً عنه بشكل رسمي، ويطرح في ذات الوقت آراء أخرى، قد لا يكون من المتيسّر طرحها داخل التنظيم وهم مصابيح كلما ركدت الحياة الفكريّة أو صدأت يكون لهم بريق وهّاج يحُرّك الحياة السياسيّة والفكريّة فيما يكون إحتواؤهم بشكل متعسّف وبما يجعلهم يُحرمون التنفّس في الهواء الطلق، يجعل الواقع السياسي والفكري ماسخاً ( فهم أي المستقلون تنظيميا هم ملح الطعام) وقد يصح أن نقول هم الذين يعلمون كيف جرت الأمور عند بدء رمي خرسانة الأساسات، عندما يكون الجميع منشغلين بالإجابة على سؤال واحد وهو، ما إذا يمكن أن نضيف طابقاً عاشراً أم لا؟
*
*
*
5. هل هناك من تصحيح لمصطلح ثورات الربيع العربي ؟

الجواب :
منذ الإنطلاقة الأولى وفي مقال سابق قلت إنها عمليّة تعويم للحكام العرب وبعض الحكام الآخرين حسب مقتضيات الإتفاقات التي جرت بين الدول العظمى، أي بما يُشبه عمليّة تعويم الدولار مثلا ، أي بمعنى رفع الغطاء والدعم عنه، وتركه أي الدولار يعمل وفق قواعد السوق كالعرض والطلب وسواها.وهذا هو ما حصل بالضبط عمليا إذ أن الدعم والمساندة التي كان عدد من الحكام يتلقونها من بعض الدول العظمى أو الكبرى قد حصل فيه تصدّع كلّي أو جزئي، وبالتالي نشأت فرصة كبيرة للتخلص من هيمنتهم الثقيلة، ولا ننسى أن غالبية الحكام في المنطقة ممن شملهم هذا التعبير كانوا أشبه بأدوات أو بيادق شطرنجيّة تُحرّكهم القوى الكبرى أو وكلاؤهم في المنطقة، وهذا ليس بجديد وهو أمر معروف، بل للأسف أن كثيرا من الأوساط تعرف هذا جيدا، ولكنها بغية تحقيق أهداف آنيّة تغض النظر عن الحقائق ، بل أن كثير من الأوساط السياسيّة من مختلف الإتجاهات تكاد لا تفارق أروقة الأدوائر الكبرى، سعيا وراء فرصة جديدة في رسوّ مناقصة أخرى ، مبدأ المناقصات ما زال هو السائد في كل شئ ومنها المناقصات السياسيّة ، وليس هذا تماهيا مع حقيقة كوني مهندسا.
*
*
*
بعيدا عما أنجبته ثورات الخراب العربي ..
كل الثورات لم تبق على ماجاءت به ، فسدَت ونالت منها حماقة التحريف.
6. هل فشل الثورات يوقف تحول الشعب الى ثوريين أم سيخلق وضعا جديدا ،يُقيدُ النار في صيرورة ثورية راهنة ، تحدد مستقبل تاريخ أمة ؟

الجواب :
الثورة لها شروط وعوامل تعمل على إنضاجها وقيامها، وليس بوسع أحد أن يصنع ثورة وقتما شاء فهي في صلب الفكر الماركسي، تعني تحولا نوعيا في مسار التاريخ، وهذا لا يمكن أن يحصل إلاّ وفق قوانين الجدل المعروفة، وأن نتابع تراكم الأنشطة الإجتماعية كميّا، وأن نستمر بهذا دون كلل، وأن يكون هناك صراع إجتماعي بين متناقضات تنشأ بينها وحدة وعلاقة جدليّة وثقى، وأن التحولات تستمر بحيويّة وفعاليّة عالية بالإضافة لعدد من الشروط الأخرى وهي كما حدّدها الثوريون الأوائل مثل لينين ، تتطلب تنظيما دقيقا، ولا أقول حديدياً، إنما أقول له إنضباط عالي كما تتطلب وجود قضية واضحة ومفهومة من قبل الجماهير، وبالإضافة لكل هذا تتطلّب الثورة وجود قيادة على قدرة وفعالية وعمق نظري ورؤيا ستراتيجية بعيدة مع قدرة كبيرة على صنع وخلق تكتيكات مرحليّة ضمن السياق الإستراتيجي ، فهل حدث هذا مثلا في ما يُسمّى بثورات الربع العربي؟ طبعا كانت وما زالت تفتقر إلى أهم شرط وهو القيادة الديناميكيّة ذات القدرة التكتيكيّة مما جعل الجماهير المنتفضة تشعر بالخيبة بعد فترة وجيزة من قيام ذلك الربيع .
إن الأحزاب والتنظيمات الثوريّة عموما فقدت القدرة على بناء تنظيمات سياسيّة فعالة وأهم شئ أنها فقدت القدرة على أن تنزل تحت الأرض في أحوال القمع الشديد، فأصبحت بعد فترة قصيرة من الإضطهاد في جملة وعداد أدوات وعيون الأجهزة القمعيّة للأسف، مما جعل العمل السياسي يفتقر، لأي شكل يُقاوم فيه القمع، ويفتقر إلى وسائل صيانة التنظيم، ولم يعد كل القياديين يُفكّرون إلاّ بملاذ آمن، إذ ليس لهم بيئة حاضنة، ولا يمتلكون القدرة على بناء بيئة سياسية حاضنة بديلة .
القادة السابقون نجحوا عندما جعلوا مصيرهم مرتبط بجماهيرهم، وعاشوا وماتوا وهم إلى جانب جماهيرهم وشعبهم، ولم يُغادروا إلاّ في أحوال محدودة جدا، وللقيام بوجائب مطلوبة، ولكن فيما بعد رأينا كثيرا من القيادات، تتشكّل في الخارج وتنشط بين أوساط بعيدة عن هموم جماهير التنظيمات السياسيّة، وبعيدا عن أولويات الهم الوطني ، وأنا لا أتهم أحدا بشئ ولكن كلما أقوله ،أنه كان يجب أن لا يحصل هذا ، لقد كان بمقدور الرفيق فهد أن يهرب إلى الخارج، وكان بمقدور سلام عادل ،أن يفعل هذا أيضا وجميع رفاقهم الأبطال، ولكنهم كانوا إلى جانب شعبهم وقدّموا حياتهم رخيصة في سبيل قضايا شعبهم، كانوا كمن كان لا يجد ما يأكل، فإنه يقوم بزرع ما متوفر من أرض أمامه، ولا يطلبون من أحد شيئا .
كهذا تكون الحركة الثوريّة قويّة وحيّة لا تموت وتتوالد،كما يتوالد الأرانب وطبعا كانت هناك عوامل أخرى كثيرة، ولكن باعتقادي أن ما ذكرته هو واحد من أهم العوامل .


انتظرونا مع الأديب والكاتب "سنان أحمد حقــّي" عند ناصية كل حاكم يمتطي صهوة الحكم ، يصعد نسغ القمع والأعتقالات التعسفية في الجزء الثاني من بؤرة ضوء ..يتبــــعـــــــ

أجرى الحوار فاطمة الفلاحي



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا مليكي
- ميكافيلية استلاب المراة .. الغاية والمآلات ، حوار مع الأديب ...
- ميكافيلية استلاب المراة .. الغاية والمآلات ، حوار مع الأديب ...
- ميكافيلية استلاب المراة .. الغاية والمآلات ، حوار مع الأديب ...
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- أنت الوحيد
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- مراغ أفكار
- إسلاموتوبيا العصر في الدين والسياسة ، حوار مع الدكتور جعفر ا ...
- عبث المرايا
- أخلد إليك
- خلف أسوار الذكريات
- التسول في محرابك
- ذات صحو من - رسائل شوق حبيسة منفى -
- طقوس عاشقة
- بسملة غروب


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - أدلجة الأجناس وحرية الفكر ، حوار مع الأديب والكاتب سنان أحمد حقّي في بؤرة ضوء.. الجزء الأول