أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ














المزيد.....

الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ


أسعد البصري

الحوار المتمدن-العدد: 4100 - 2013 / 5 / 22 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


أحيطوا بي ، و احرسوني لأعرف ما حلّ بي . لقد امتلأتْ معدتي بالليل . وآن لهذه الدّنيا أن تتبدّل . إن الله فينا جميعاً . وقد يُشرق يوماً ، من كُلّ الجهات . كل ما عليك فعله الآن ، أن تمد جذورك في الأرض العراقية ، عميقا حتى المياه الجوفية . عندها ، فقط ، يصبح اقتلاعك ، اقتلاعا للغابة كلها . اللغة إما حية و إما ميّتة . القراءة لا علاقة لها بالكتابة . الكتابة بنت التجربة . أنا لا أكتب ، وإنما أتألّم ، أنتم جميعاً ، جزءٌ من هذا الألم . وما هو الشعر يا حبيبتي ؟ إِنْ لَمْ يكن ذلك الذي يكتبه البصريون المشردون ؟ .

أما آن لك أن تعرف الحقيقة ، نحن جميعا ، أبناء النهر ، وأبناء عمة الريح ، وأبناء بنات الغابات . كائناتٌ منذورةٌ للبكاء ، محكومة بالحنين . إن الله غير منفصل عن شيء من خلقه ، ألا ترى دمه في كلّ مكان . لقد خلق الله الشعراء ، من نفسٍ واحدة ، نفخ فيها من عذابه الشخصي . لهذا ، لا عزاء لنا ، ولا غبطة إلا به . لا أحد يستطيع ، بمفرده ، كتابة قصيدة عظيمة . لا توجد هكذا مصادفات . إنه هو ، يحلّ فيه ، ويخاطب الناس كافة . لهذا يكابد هؤلاء ، صعوبة المشي ، آلاما في فقرات الروح . تثقل موازينهم ، وبعضهم يفقد صوابه أو حياته . أُبَدّلُ جلدي باستمرار . لأنني كاتبٌ حَيّ . لا أختلط بجيراني ، لأن الناس ، تَقَعُ في محبة الجِلْد . الكتابة ، تجعل من الحياة كنزاً . إلى درجة أنك تُلقي بنفسك ، على ساحل الوقت المتبقي ، في هذه الحياة ، غير مُصدّق لهذا الثراء . أكادُ أُقَبّلُ أَقدامي لأَنّها حَمَلَتْني إلى هنا ، ولأنها فقدتْ فجأة ، قُدْرَتَها على السفر . الكاتب الحيّ ، يُشعلُ الرغبة من جديد ، لدى الشباب ليُصبحوا كتابا . فإذا القصائد لا معنى لها ، والمقالات مملة . لماذا يرغب أحد بالكتابة ؟ . هناك كاتب تعيسٌ ، يُلهم الكتاب الآخرين ، يمنحهم الشجاعة . يكشف لهم الطريق ليصبحوا كتابا للشعب . لكنه ، هو نفسه ، لا يستطيع أن يكون كاتبا للشعب . القسوة التي يتطلبها فتح طريق للحقيقة ، حفر نفق في الظلام . تجعل الدم يسيل على وجهه ، وتجعله منقذا غير محبوب على الإطلاق ، لكنه ضروري . لا تُحاول تغيير الواقع ، بل اخلق واقعا جديدا ، واقعا يناسبك ، لك فيه مكان ، و تقدير . " كلما ضاق عنق البوق .. يزداد دويّ الصوت الصادر " / الأب هنري بولاد اليسوعي . ليس عندي أصدقاء أُضيّع وقتي بما يطبعون ، عندي أعداء تفاجئني بعض إبداعاتهم فأقرأها . غيرُ مُضطرٍّ ، بعيون عدوٍّ مخلص ، صادق وأمين . الذين يُعَوّلون ، بأن قمعهم لي . سوف يصيبني في النهاية ، بالتطرف . حيث تقضي العُزلة ، والغضب على الضوء ، والإبداع يحلمون . نعم ، أُصاب بالتطرّف ، كما يُصاب طفلٌ بالرّشح ، و فلّاحةٌ بشوكة ، لكنني أبرأ منه بسرعة . الدود يصعد إلى قلبي من الجوع . فأنت مدين للهوام ، بكلِّ خفقة طائرٍ في أحلامك . بكُلِّ ضوء قمرٍ في قصيدتك . و كلِّ بارق أملٍ في فكرك . فيما مضى ، كنا نتفاخر بقدرتنا على الإلحاد ، و الغرابة ، والتفرد . لكن بتقدم السنين ، تصبح هذه الأمور المفزعة ، هي الواقع . وعليك أن تبحث عن قدرة كافية للإيمان ، والألفة مع العالم بمفردك . الشاعر الموجود في مصح ، أو ملجأ مشردين ، هو راهب علماني . يستطيع تناول اعترافات البشر بسهولة .

ما لا أفهمه ، كيف يكتب شاعرٌ ، كلاما لا معنى له . يجمعه في مُصَنّف لاحقا ، وَيُصَمِّم له غلافا بلا خجل ، ثم تطبعه المطابع . ألا تستحون ؟ . هذه قلة مروءة ثقافية ، وقلة أدب . إذا ليس عندك ما تقول ، لا داعي للثرثرة ، اصمت حتى يأتيك البلاغ .إن روح الأمم أمانة بيد مواهبها الخلاقة . مع عظمة المدينة العمراني والإقتصادي ، لكننا ننسى ذلك كله في النهاية ونقول هذه المدينة أنجبت الشاعر ، أو الرسام ، أو الفيلسوف ، أو المسيقي فلان . بعض الأمم في فترات انحطاطها ، لا تكتفي بالعقم ، بل حتى إذا بالخطأ أنجبت مبدعاً ، تراها تطارده ، و تأكله من الجوع والفراغ . بصحّتِكِ يا حبيبتي الكلمات . الكتاب الصغار يتحولون إلى معلقين رياضيين للسياسيين والقنابل . بينما في الحقيقة ، هناك فرصة كبيرة دائماً ، أمام أي كاتب حقيقي ، أن يكون هو الحدث الأهم . لأن الإنسان لا يهتم بالأحداث ، بقدر اهتمامه بمعناها و رمزياتها .



#أسعد_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصَّلاة
- الإسلام تجربة روحيّة ، و ثقافة
- الشاعر علوان حسين و دموعه
- أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
- عن الشاعر المسلم
- الحرية والإغتراب
- رَحْمَةُ الله
- حلاوَةُ أَقْدامِكُنَّ ، التَّمرُ المچبوس
- الشاعرة العراقية سوسن السوداني
- الشاعر علي محمود خضيّر
- ذاكرةٌ لِشَيْءٍ يَتَكَرَّرُ
- المحاصصة مقترح إيراني في العراق
- حرب القبور و المراقد
- رسالة شخصية إلى هادي المهدي في قبره
- خمسة مايو عيد ميلاد كارل ماركس
- الجمال
- الشيطانة
- الفن / الشعر / الحياة
- ثمن القصيدة
- لا بُدّ من كاتم صوت


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسعد البصري - الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ