أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة















المزيد.....

هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


"ها أنا/أصبحت/مجرد شخص/يأكل/يشرب/ يدخن/ يقرأ/يثرثر/
يغضب / يفرح/ينام/ ينام/ يستيقظ/ لا أثريتركه مروري/منذ أن أصبح شارع بيتي
إسفلتياً"
"أحدهم"
إبراهيم اليوسف
لايزال المثقف-وهوهنا منتج الثقافة بمعناها الواسع- محطَّ الآمال من قبل من حوله، على امتداد قارات العالم، كي تكون له كلمته في كل مايحيط به، صغيراً كان أم كبيراً، وهي مكانة استطاع انتزاعها جيلاً بعد جيل، من خلال أدائه المهمة الكبرى الملقاة على عاتقه، وهي أن يكون ضميرمن حوله، وصوتهم، يقف إلى جانبهم في الأفراح كما الأتراح، في المحن والشدائد، ولحظات التحول الكبرى، لأنه قادرعلى استقراء الواقع، وتحليله، واستشراف الآفاق، من خلال بعد نظره، ودقة حدسه، وعمق تجربته، وإطلاعه ليس على تاريخ شعبه، وتجاربه، فحسب، وإنما إطلاعه حتى تجارب الأمم والشعوب من حوله، من خلال متابعته الدقيقة تاريخهم، في ظل المشترك الإنساني.
لقد استطاع الكتاب والمفكرون والفنانون، في أوربا، أن يكونوا بوصلة أهلهم، رغم اختلافات وجهات نظركثيرين منهم إلى حد التناقض، إلا أنهم-وعلى الدوام- كانوا قادرين على تشخيص الواقع، كما هو، بل ولم يتلكؤوا-البتة- في تقديم تصوراتهم لذويهم، وإن كان التفاعل بين: ما هوراهن وماهومستقبل، كان عبارة عن أخطوطات، أونويات نظريات، أوحتى نظريات، لما يزل الكثيرمنها صالحاً للقراءة، وقد تتم العودة إليها، بين حين وآخر، كي تتم الاستفادة من الكثير من هاتيك الخلاصات والدروس التي تم التوصل إليها، حيث كانت روح المثقف- أياً كان موقعه الفكري- هائمة في حب من حوله، ينصرف إلى خدمة أهله، بل والعالم كله-كما كان طموح كثيرين ممن اشتغلوا في القضايا الكبرى- مركزين على ماهوإنساني، ومنه مالايزال يتمتع بديمومة سطوته، وإمكان خدمة العالم، بل إن بعض النقاط التي قدمها هؤلاء تم التأسيس عليها، والاشتغال عليها، وتطويرها، كي تستطيع أن تتجدَّد، من خلال تناولها من قبل من جاء في مابعد، ليترك أثربصماته عليها.
وإذاكنا نتحدث-هنا- عن أثرالسابق على اللاحق، ضمن دورة تكاملية، هي دورة التاريخ، أو جزء منها، فإنه لحري بنا أن نشير، ولوبعجالة إلى حقيقة أن مسرح هذه التكاملية لم يكن الغرب وحده، وإنما كان الشرق والغرب، في آن معاً، فما أكثرالأخطوطات الأولى التي التقطها الغرب من الشرق، في إطارالتفاعل، الخلاق، كي تكون هناك خدمات حضارية، ثقافية، على نطاق كوني، سواء أكانت أرومة تلك الرؤى، علمية، أم إبداعية، أم فنية، وهوما يؤكد الشراكة العامة، في الكثيرمن الإنجازات التي نشهدها-الآن- على مستوى كوني، كي تكون بذلك: أعطيات الإنسان، بغض النظرعن هويته، لاسيما في هاتيك الإنجازات التي لم يتم التوصل إليها، إلا نتيجة تراكمات وتفاعلات الحضارات في ما بينها، وإن كنا نقرُّ- في هذا المقام- أن مثل هذه الإنجازات التي نشيرإليها، كانت ضمن حدود مراحل زمانية، بلغ الاهتمام بالثقافة في الشرق أوجه، بيد أن حالة الفصام التي تمت في مابعد كانت لها نتائج وخيمة، لأننا بتنا في حضرة منجزيقدم من قبل مجرد طرف واحد، في دورة الحياة.
هذه القطيعة في التفاعل بين الشرق والغرب، باتت تردم هوتها-في عصرالتقانة والثورة المعلوماتية- وإن كنا نجد أن حالة التفاعل تكون عبرنوع من التبعية العليا، التي لم تكن موجودة من قبل بمثل هذا المستوى، ماجعل جمهورالمثقف يفتقد التواصل معه، من خلال غرقه في بعض التقنيات التي قدمها له الآخر، ماجعل مثقفنا يعيش عزلته الجزئية، وباتت دائرة تأثيره المكاني، تكاد تقتصرفي حدود الإنتلجنسيا نفسها، حيث انحسرت بقعة حراكه الثقافي، وباتت أسماء كبيرة مشتغلة في إطارالفكرغيرمعروفة في جغرافيتها الأولى، إلا على مضض، بل إن أية محاولة لتتبع الأثرالذي يتركه مثقفون نخبويون كبار، لابد وأن تصبح دراساتهم وبحوثهم التي أنجزوها مراجع للأجيال القارئة التي ستأتي، لتؤكد أنهم لم يستطيعوا اختراق جدارالتواصل مع القاعدة الاجتماعية الواسعة، بالشكل المتاح، واللائق بسعة فضاء التواصل الافتراضي..
إن مثل هذه القطيعة في تفاعل المثقف مع عصره، ومحيطه، رتب ترك العامة تحت رحمة مصادرالإعلام، المتنوعة، الرسمية منها، وغيرالرسمية، وهوما استفادت منه الأنظمة الاستبدادية منه إلى وقت طويل، قبل اندلاع ثورات الربيع العربي،حيث كانت تستطيع العمل على المستويين المعروفين: الداخل، والخارج، مادامت تقدم صورتها للداخل على أنها الأنموذج المنقذ، الممانع، المقاوم، الذي لاغنى عنه البتة، مع عدم نسيان تبغبغه، ليكون مجرد مردد لإنجازاتها، مسبح بحمدها، في الوقت الذي كانت تجوع فيه شعوبها، وتمتلىء سجونها بأصحاب الرأي، هؤلاء الذين سرعان مايتم تخوينهم أمام الرأي العالمي، والمحلي، في طريق تصفيتهم غيرالمباشرة، أو حتى المباشرة في بعض الأحيان، كما أنها لم تنس أن تقدم نفسها الأنموذج المنقذ عربياً، من خلال استثمارالقضايا الكبرى العالقة، وفي مطلعها قضية فلسطين، من دون أن تكون أكثرمن متطفل عليها، بل إنها أسهمت في ديمومة المحتل، تحت غطاء مقاومته، مشتغلة على المعادلة الدولية، بشكل متقن، من خلال إنتاج كم هائل من الأوراق التي تحقق لها حظوتها على نطاق عالمي، وإن كان العالم كله مطلعاً على مايدورفي داخلها، بيد انه انخرط في لعبة تغاضي النظرعنها، وأن ذلك ماتحول- في مابعد- إلى تواطؤعلني، لاتضله أية قراءة جادة.
من البدهيِّ، أن المثقف ليتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، أمام ماحدث، لاسيما عندما يكون من ذلك النمط الذي لم يقارب ما اعتبرته الأنظمة الاستبدادية" حقول ألغام"، أو ذلك الذي يرافع عن سوءات هاتيك الأنظمة التي باتت الآن تفتقد" ورقة التوت" المصطنعة التي كانت ترتديها، وهوما أزاد من الهوة بينه وجمهرات متلقيه، الافتراضيين، كي يصبح كثيرون من الأسماء الكبيرة، ذات الخبرات العالية، والرؤى الدقيقة، ليبدوا وكأنهم يرسلون إشارات غامضة لا تقرأ، مستعيداً مايشبه دور الطبيب الذي يشخص علة مريضه، الذي لايكترث لابه ولا بالبلسم الذي يقدمه...!؟.
وتبلغ هزيمة المثقف-أوجها- عندما نرى أن تأثيره يكادلايذكرالبتة، أمام نهر الدماء التي تسيل، من أحد عنوانات ثورات المنطقة، حيث نكاد نرى قلة من المفكرين الذين تتم متابعاتهم، وإن كان بعضهم-كما حال المفكرالسوري د. طيب تيزيني- قد شخص الواقع بموضوعية كبرى، من خلال مؤلفه الأكثرأهمية" من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني2001"، بل استشرف الأفق المسدود لأحد هذه الأنظمة، التي لجأت إلى الإفساد، إفساد ما لم يفسد، بعد ضلوعها في الفساد، بيد أننا بتنا نجد ارتفاع أصداء ضجيج طاحونة الإعلام، وماهوخبري، على ماهو رؤيوي، فكري، ثقافي، بل ولم يعد الأمر يقف عند هذه الحدود، لأننا لن نجد ذلك العمل الإبداعي الذي يصل إلى مستوى رصدمايدور، في الأشكال الإبداعية، جميعها، وإن كنا سنجد محاولات انفعالية هنا وهناك، والآلم من كل ذلك، هوأن مثل هذه الأعمال-في ما لوكتبت- فإنها لن تصل إلى متلقيها المعني بخطابه، وهنا-تحديداً- تكمن ذروة تلك الهزيمة.
ومن هنا، فإن الدورالذي أداه عدد من المثقفين،عشية الربيع العربي، كان له أثره، الأكبر، من أثره، الآن، بعد أن سقط جدارالخوف، وبات صوت الشباب الثائر، يرتفع، هادراً، في عدد من البلدان، إمافي إطارصناعة الثورة، أو في إعداد ما يمكن وسمه ب"الثورة على الثورة، التي تستحق وقفة متأنية، منفردة، حيث أصوات هؤلاء، لاتكل ولا تمل من استمرارها، وتواصلها، بيد أن مايمكن الحديث عنه-أيضاً- أن إمكان تأثيرهول المجازر، والمقاصل، والمقاشرالتي تتم في مثل ذلك العنوان-المشارإليه كمثال مشخص- يصطدم بعدم التفاعل معه من قبيل الغرب، في حدود وضع حد نهائي لدراما ابن المكان، الذي يدفع أعظم ضريبة ممكنة، في إطارمناداته بديمقراطيته التي سيكون في تحقيقها إنجازاً على طريق التحرروالسلام في العالم.
وإذا كان المثقف- لمايزل يلعق عصارة حنظل هزيمته، لأنه لم يكن حاضراً في التحولات الجذرية الأخيرة، التي يراد كبحها، أو إلباسها أردية ضيقة أو فضفاضة، لاتناسبها، وهوأمرآخر، فإن مايسجل له هو أنه كان الممهد لها- وهنا أعني الأنموذج اللصيق بهموم إنسانه، المترجم لمثل هذا الهم، عبرالموقف، وإن كان الخلل الذي طرأ على المعادلات العامة، من حوله، لايتوقف في حدود ماهوقطري، أو إقليمي، بل وما هوكوني، كي يحاول التخلص من إعياءات الصدمة والانبهار، عبر اللحاق بالمركبة التي تشق عباب أمواج المحيطات العاتية، في هذه اللحظة التي بات تبادل التأثيرفي إطار الدولة الوطنية، أو الوطنية الكونية، يواجه التحديات الجديدة التي لابد من الإعداد لدخول مغامرتها، ومن جديد، عبرالأدوات التي ترتقي إلى مستوى طبيعة اللحظة، وأسئلتها الحساسة.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثتهم والآخرون..!
- سايكولوجيا الحرب:
- موت الكتابة بين الواقع والوهم
- ساعة دمشق:1
- ساعة دمشق:
- أسئلة اللغة:
- الكتابة في زمن الثورة.1.:*
- الكتابة في زمن الثورة..:
- الثقافي والسياسي: وأسئلة ردم الهوة..!
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ1
- الوطن المعلق إلى جسرديرالزورالشامخ
- مانيفست المدينة مانيفست البطل..!
- هكذا بدأ بشارالأسد يومه هذا**
- هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوارمع إمبراطورة ...
- هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوار حميم مع إمب ...
- الماردالإلكتروني في انتظارقانونه الكوني
- وديعة الأجيال الكبرى
- موعد مع صديقي الكاتب..!؟.
- أبي، والقلم، والبارودة، وعيد الصحافة
- الأصدعاء وسوريا التي تصلب كل يوم


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هزيمة المثقف وأسئلته الجديدة