أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار عبدالله - الاوضاع السياسية في العراق موقف وتحليل اتحاد الشيوعيين















المزيد.....



الاوضاع السياسية في العراق موقف وتحليل اتحاد الشيوعيين


نزار عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 00:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- لقاء فضائية الحزب الشيوعي الايراني مع الرفيق نزار عبدالله
حل الرفيق نزار عبدالله عضو اللجنة المركزية لاتحاد الشيوعيين في العراق ضيفا في برنامج "وجهة نظر" في فضائية الحزب الشيوعي الايراني، التي تبث برامجها باللغة الكردية والفارسية، بغية التطرق الى أهم التطورات السياسية الجارية في العراق بعد أحداث الحويجة.. وقد تطرق الرفيق نزار في رده على الاسئلة المطروحة الى أن العراق يدخل الآن في دوامة سياسية أخرى بسبب هيمنة القوى السياسية والطائفية المقيتة، وان الاحداث التي تشهدها الساحة العراقية ما هي الا مؤشر على عجز حكومة المالكي وعجز البرجوازية العراقية بأسرها وان القوى الارهابية والبعثية السابقة استغلت العجز المذكور وأصبح لها الباع الطولى في رسم الاحداث الراهنة، وان البلد يتجه صوب المجهول بسبب هيمنة هذه القوى.. ولكن وعلى الرغم من ذلك فأن اعداد كبيرة من أبناء شعبنا باتت ترفض سلطة تلك القوى ولعل انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة بينت بجلاء حقيقة صوت الشعب العراقي الرافض لانتخابات أنتجت حتى الان نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية والحزبية، وهو يتطلع الى اقامة نظام سياسي آخر يستجيب لطموحاته وتطلعاته في تأمين الخدمات وتحقيق العدالة والرفاه الاجتماعي، وبناء حكومات محلية في كل محافظة في اطار دولة فيدرالية حقة، وان احتجاجات الطبقة العاملة والموظفين وذوي الدخل المحدود تعم البلد للمطالبة بزيادة الرواتب والاجور والمزايا وأصبحت مؤشرا على تنامي الوعي بضرورة زيادة حصتهم من الثروة المتعاظمة للبلد، ولذا فهو عامل يجب ان نعول عليه في تغيير الوضع السياسي والاجتماعي الراهن..
*** *** ***
اسعد روستمي: اعزائنا المشاهدين نتطرق في برنامج "وجهة نظر" هذه المرة الى اهم الاحداث والمحاور التي تشهده العراق في الآونة الاخيرة مثل اندلاع التظاهرات في المحافظات السنية في العراق، ثم احداث الحويجة، استمرار النزاع بين اقليم كردستان والحكومة المركزية، واقع الهيمنة الامريكية في العراق، نضال الطبقة العاملة العراقية في مختلف ارجاء العراق و...الخ، ان تلك المحاور الرئيسة تشكل هدف برنامجنا اليوم، ولذلك وبغية بحث تلك المواضيع ضيفنا اليوم هو الرفيق نزار عبدالله عضو اللجنة المركزية لاتحاد الشيوعيين في العراق...
والسؤال الاول هو بصدد المظاهرات والعصيان في المحافظات الغربية ومانتجت عنها من احداثا دموية مثل احداث الحويجة، ماهي اهداف تلك التظاهرات ومن الذي يقودها وكيف هو رد فعل السلطة المركزية ازاءها باستثناء القمع؟
نزار عبدالله: المظاهرات والاحتجاجات ظاهرة بارزة تكرر بكثرة في عراق اليوم، ولكن ماتتميز به الاحتجاجات الاخيرة هو استمراريتها لمدة 6 اشهر تقريبا في المناطق التي تسمى بـ"المناطق السنية"، ضد حكومة نوري المالكي ومؤسسات الدولة وسلطات المحافظات والقوات العسكرية المتركزة في الانبار وصلاح الدين والموصل وغيرها.
ان اسباب ودوافع تلك التظاهرات والاحتجاجات من الكثرة بحيث لايمكن بحثها بعجالة، ولعل أبرزها، وجود حالة من الغليان والاحتجاج ضد الاداء السياسي والحكومي والعسكري لحكومة نوري المالكي وكذلك نقد و رفض القوى السياسية المشاركة في حكومة نوري المالكي امثال قائمة العراقية أو جماعة صالح المطلك والحزب الاسلامي وغيرها، الجماعات التي ادعت حتى الآن تمثيلها للمحافظات المسمى بالسنية ولتشكل بمجموعها في" العملية السياسية" هذه الحالة بلغت أوجها وأدت الى انفجار تلك الاحتجاجات، ونذكر المشاهدين بان تلك المناطق بالمقارنة مع سائر المناطق الاخرى تشهد حالة كارثية من حيث قلة الخدمات وارتفاع مضطرد لمعدلات البطالة، كما ان اغلب قاطنيها اعتمدت في السابق في تأمين مورد رزقها على الدولة و وظائفها ومناصبها ونسبة كبيرة منهم كانت تشكل كيان الجيش العراقي والقوات المسلحة والاجهزة الامنية وشغلت بشكل او بآخر في المؤسسات التابعة للدولة او استفادت بشكل رئيسي من وجودها ومن التسهيلات التي كانت الدولة تقدمها لهم.. ألا أن النسبة الكبيرة من سكان هذه المحافظات وعقب سقوط النظام البعثي اصبحت محرومة من مناصبها وامتيازاتها ومن وظائفها وقلة قليلة منهم عادت الى وظائفها القديمة حيث تتقاضى رواتب حكومية بينما الغالبية تم اقصائها وحرمانها من الحياة السياسية والاقتصادية الجديدة ومكاسبها كما تم ابعادها من المشاركة في السلطات المحلية التي تشكلت في تلك المحافظات...
كما ولاننسى بانه في ظل الاحتلال الامريكي المباشر للعراق تحولت تلك المناطق لسنين عديدة الى مسرح لمواجهات عسكرية مباشرة بين القوات الامريكية وبين أبنائها، وقد تعرضت مناطق عديدة فيها الى الدمار، ففي مدينة الفلوجة وحدها تم تدمير حوالي 30 الف بيت جراء القصف والمواجهات العسكرية.. وعقب جلاء القوات ألامريكية لم يحدث أي اعمار يذكر ناهيك عن عدم تعويض تلك المناطق عن الاضرار التي لحقت بها، كما وانها قد تحولت أيضا الى مسرح وبؤرة لنشاط منظمة القاعدة الارهابية وتيارات ارهابية اخرى مثل جيش الدولة الاسلامية وغيرها حيث شكلت تهديدا مباشرا للامن والسلم الاهلي المجتمعي.
فيما لم تقدم حكومة نوري المالكي وفي السنوات المنصرمة على معالجة تلك الملفات بالشكل الذي يعيد الامن والاستقرار للمجتمع العراقي، بل أن كل اجراءاتها المتخذة جاءت بالاعتماد على اقلية سياسية ومذهبية وطائفية من تلك المناطق، فيما قامت بتوجيه ضربة الى مناوئيها وخاصة غرمائها الطائفيين من السنة، كما ومارست القمع المباشر لسكان تلك المناطق وبذريعة مقاومة الارهاب، كما قامت باعتقالات عشوائية كثيرة في الوقت الذي لم يتم فيه توجيه أية تهمة للكثير منهم ولم يتم احالتهم الى المحاكم المختصة ولسنوات متتالية. لقد أدت سنوات الاعتقال الطويلة الى فقدان الكثير من المعتقلين لموارد رزقهم العائلي كما وجرى وفي احايين كثيرة تغييب مصير المعتقلين ومكان اعتقالهم. لذلك كانت هناك على الدوام احتجاج على الاداء القمعي للحكومة وللاجهزة الامنية والمخابراتية المهيمنة.
ان مجمل هذه الاوضاع أدت الى خلق حالة خاصة وكارثية من الناحية السياسية والخدمية والعسكرية، ولم يسلم من تلك الاحتجاج كل من سعى الى تطبيق نفسه في اطار العملية السياسية المذكورة باسم تمثيلهم لـ "السنة"! وخير مثال على ذلك هوماحدث لـ"صالح المطلك" الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة نوري المالكي حيث تعرض الى الضرب المبرح والاهانة من قبل المتظاهرين..
ولعل من الضروري التذكير بأن هذه التظاهرات ومنذ الوهلة الاولى كانت عشوائية وعفوية، الا انها و بعد استمرارها اختلط فيها الحابل بالنابل حيث سعت القوى السياسية والطائفية والعشائرية العديدة ركوب موجاتها للسيطرة عليها وتسييرها لاهداف رجعية بغيضة كما سعت الى ذلك القوى الارهابية المختلفة أمثال ايتام البعث والنقشبندية، بغية تطويق الحريق وعدم وصول شرارته الى المناطق الاخرى ولاسيما المحافظة بغداد، أبدت الحكومة العراقية الاستجابة لتنفيذ بعض المطالب مثل اطلاق سراح الكثير من المعتقلين والمعتقلات واطلاق الوعود بالغاء المادة 4 من قانون مكافحة الارهاب او تعديل الفقرة الخاصة بالمخبر السري.. ويبدوا أن العجز من تنفيذ تلك المطالب كان في النهاية سيد الموقف.. الا ان استمرار العصيان، وانهيار مؤسسات الدولة في تلك المناطق، واتساع الهوة بشكل كبير بين السلطة والجماهير قد أخرجت هذه المحافظات بشكل شبه كامل من سيطرة القوات الحكومية بحيث باتت تشكل خطرا محدقا ومصيريا على حكومة المالكي.
ولم يكن امام هذه الحكومة من بد غير خيار القمع المباشر، ومما سهل تنفيذ هذا الخيار هو ان الاحتجاجات وصلت الى طريق مسدود، بل واتسعت بشكل ملحوظ كما وازداد نشاط القوى الارهابية المتعددة مثل النقشبندية وجماعة القاعدة، فيما كانت الجماعة النقشبندية هي الاكثر خطورة كونها تتكون من بقايا البعثيين السابقين في قيادتها واستطاعوا تجيير ماجرى لصالح نشاطاتها وتعبئة صفوفها، في مقابل ذلك فأن حكومة المالكي وأجهزتة الامنية قد استفاد من هذه الحالة للانقضاض على العملية برمتها وحرق الاخضر واليابس. ان الهجوم على الحويجة كانت الخطوة الاولى، والتي تم اختيارها بدقة كونها منطقة صغيرة ومن السهولة بمكان فض الاعتصام فيها بالمقارنة مع الانبار أو صلاح الدين. ان ماجرى في قضاء الحويجة يعد مذبحة بكل المقاييس فلقد اكد التقرير الاخير الذي صدر قبل ايام من قبل اللجنة البرلمانية المشكلة لغرض التحقيق في احداث الحويجة، انه تم قتل اشخاص كثيرين وبدم بارد والذين لم يتركوا الخيام المنصوبة في الساحة بعد توجيه الانذار لهم.. الرسالة الدموية وصلت الى الاخرين والموقف الامريكي من الحدث كذلك يثبت بان ساعي البريد كان امريكيا..

اسعد روستمي: عقب احداث الحويجة استقرت قسما من قوات البيشمركة في بعض مناطق النزاع، هل كان ذلك بناء على اتفاق مسبق؟ ماذا تتوقعون من خطوة كهذه؟ وهل تحرك حساسيات من نوع آخر اي حساسيات عرقية وبخاصة في ضوء مساعي الحكومة المركزية لاخماد الحريق في عقر دارها واشعال فتيل نزاع بين الكرد والعرب السنة؟
نزار عبدالله: في الحقيقة كانت احدى المطالب الرئيسة التي رفعت في الاونة الاخيرة في تلك المناطق تتعلق بالذات بالقوات العسكرية الموجودة، حيث اعتبرت هذه القوات ولاكثر من مرة بانها قوات خارجية او بالاصح قوات غريبة عن اهل المنطقة، فوقانية او هي ذي تركيبة طائفية، وكان ابعاد تلك القوات وتعطيل آلتها القمعية يشكل احدى المطالب، حيث قامت باعتقالات عديدة في السنوات الماضية لاناس تم زجهم في سجون بعيدة عن المنطقة تماما، حيث اقتيدوا من ألانبار ومن سامراء ومن ديالى الى معسكرات الاعتقال والسجون في بغداد وضواحيها. ولذلك كانت المطالبة بايقاف تلك الممارسات، كما وكانت المطالب بأن يتم اجراء المحاكمة أو ألاعتقال في الحدود الادارية لتلك المناطق.
وبسبب من الممارسات القمعية اصبح ينظر لتلك القوات على انها قوات غريبة واجنبية، فيماجرى نعتها من قبل ايتام البعث بانها قوات "صفوية"! اما من الناحية الواقعية فان تلك القوات لم تنل رضا اهالي المناطق المذكورة، وكذلك فان قوات "السوات" التي نفذت الهجوم على الحويجة كانت غريبة تماما على اهل المنطقة، وكانت قوات طائفية بامتياز، اختيروا بعناية فائقة لتنفيذ المهمة الموكولة اليهم..
عليه وعلى ضوء ماتقدم فان تحريك أي قوات اخرى، من منطقة الى اخرى، تتواجد في مناطق النزاع وبغض النظرعن التسمية التي تحملها قد يسبب حساسيات جديدة، وتتعارض مع تطلعات أبناء تلك المناطق في بناء قوات امنية محلية، وقوات شرطة وعسكرية توكل اليها مهمة الحفاظ على الامن. كما وأن ارسال قوات البيشمركة الى هناك، القوات التي تختلف من حيث العرق عن اغلب القاطنين في تلك المناطق، وبالرغم من انها استقرت في بعض المناطق القريبة من اقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها ولم تتجه الى الانبار مثلا، رغم ذلك اعتبرها خطوة غير صائبة ومصدرا لنشوب نزاع من نوع آخر او خلق توترات جديدة، مما قد تدفع تلك القوات اليوم او غدا الى المواجهة مع الاحتجاجات التي كانت ومازالت جارية.
واذا كانت هناك ضرورة لتحريك قوات البيشمركة للحفاظ على الامن فان هذه القوات تستطيع ان تساهم، في بناء قوات امنية محلية بمشاركة سكانها توكل اليها مهمة الحفاظ على الامن واستقراره، بدلا من أن تسعى في تعزيز تواجدها هناك.
كما أن تحريك قوات البيشمركة الى تلك المناطق لم يجر وفق اتفاقية خاصة بين الاقليم والحكومة المركزية، وللعلم فان الكثير من المشاكل والقضايا مازالت معلقة ولم تحسم ولا توجد بوادر تشير الى امكانية ابرام اتفاق خاص او وجود ستراتيجية سياسية عسكرية خاصة، وحسب معلوماتي كان التحريك الاخير ايضا لم يكن ضمن اتفاق عسكري موقع بين الحكومة المركزية والاقليم، رغم ان ماجرى كان حصيلة لاتفاق سياسي محدد ولكنه بعيد تماما عن اية رؤية ستراتيجية او اتفاق سياسي عسكري طويل الامد..
باختصار شديد ان تحريك قوات البيشمركة وانسحاب قوات الجيش العراقي في بعض المناطق لايشكل حلا للمعضلة بقدر مايساهم في تفاقمها، اذا مااخذنا بنظر الاعتبار ان مشكلة اقليم كردستان مع المركز تتمحور في المناطق المتنازع عليها التي يقطنها العرب السنة بنسبة كبيرة، وهي مناطق ذات تركيبةعرقية وطائفية متنوعة مثل الطوز او سليمان بك او كركوك ذاتها.

اسعد روستمي/ هل يمكن اعتبار تقسيم العراق الى منطقة شيعية والآخر سنية والمنطقة الاخرى كردية بانها تشكل مساعي لحرف النزاع الحقيقي وتقديم تبرير لبقاء و وجود قوى طائفية وعرقية حاكمة؟ من خلال هدم الامن وخلق البعبع الطائفي او القومي؟
نزار عبدالله: تسعى القوى الطائفية والقومية المهيمنة الى تبرير بقاءها في السلطة من خلال البعبع الطائفي والقومي، فحكومة المالكي في مواجهتها للاحتجاجات الشعبية العارمة وكذلك في مواجهة الرفض الشعبي المتعاظم الذي عكسته الانتخابات الاخيرة تسعى الاستفادة من النزاع الطائفي والقومي، وتحذو كل القوى الاخرى ايضا حذوها، وقد استطاعت حكومة المالكي من اللعب بمهارة على الاوتار الطائفية وتمكنت من تعبئة الرأي العام بذريعة خطر الطائفة السنية على الشيعة، وخطر عودة ايتام البعث وتصاعد نشاط المنظمات الارهابية، وفي الجهة المقابلة تمكن البعثيون القدامى وكذلك القوى الارهابية القاعدية من تعبئة الشارع ضد حكومة المالكي بذريعة الطائفية وخطر الغزو الشيعي. وعلى الارض فان المخاطر حقيقية، هناك مذابح ترتكب من كلا الجهتين، الهجمات التي تنفذها حكومة المالكي، او المذابح والتفجيرات الارهابية التي تنفذها القوى البعثية والقاعدة الارهابية في بغداد وفي المناطق الشيعية الاخرى. والنتيجة هي وجود حالة من الاحتقان والفلتان الامني، ان أي شخص أو قوة راغبة في العمل على احداث التغيير عليها ان تراعي هذه الحالة وأن تقدم حلولا واقعية.. ان الطريق الصحيح لحل هذه المعضلة باعتقادي لايكون عبر اللجوء الى بناء قوة مسلحة فوق الجماهير وتدجيجها باحدث الاسلحة المتطورة وتعزيزها بالدبابات والهيلكوبتر، بل إيكال مهمة الحفاظ على الامن الى الجماهير نفسها، وبناء قوات وشبكات منها توكل اليها المهمة الامنية، تنبثق من صفوفها وتحس الجماهير بوجودها كانها جزءا منها.. بالطبع لاتريد القوى الطائفية والقومية ذلك الامر ولاتشكل هذا احدى خياراتها.

اسعد روستمي: توجهت في الاونة الاخيرة وفد من حكومة اقليم كردستان الى بغداد، هل توصلتا الى اتفاق ما؟ والى اي مدى وصلت المشاكل بين الطرفين وهل توجد آفاق انجلاء مشاكل الاقليم مع الحكومة المركزية في الفترة المقبلة؟
نزار عبدالله: العناوين البارزة للاتفاق تحدثت عنها الكثير من وكالات الأنباء، والتي يمكن القول بانها تمحورت حول مشكلة الميزانية المالية بين الطرفين والتي أبدى الجانب الكردي امتعاضه من عدم حسمها، وكذلك قضية النفط والغاز والعقود المبرمة مع الشركات النفطية العالمية وتحديد صلاحيات الحكومة المركزية، وحسب ما تناقلته هذه الوكالات انه لم يتم توقيع الجانبين على أي أتفاق استراتيجي هام يصب في صالح الشعب العراقي بصورة عامة وان ماجرى يشبه ابرام صفقة معينة، حيث أن وفد ألاقليم وبالاصح الجهات الحزبية المسيطرة في حكومة إقليم كردستان حاليأ قد استفادت بشكل مؤقت من الحالة ألاستثنائية الراهنة لغرض جني بعض المكاسب والحصول عليها... و برأي فان الدافع الحقيقي وراء الاتفاق هو الواقع الحالي التي تمر به حكومة المالكي، فحالها حدث ولاحرج، وانعزالها سيد الموقف، ولقد كان الاجدر بها أن تقدم على بعض التنازلات لدرء مخاطر سقوطها في ضوء الاعلان عن بدء العصيان المدني والتمرد من قبل 4 الى 6 محافظات غربية، وللعلم فان المرونة التي ابدتها حكومة المالكي في الظرف الراهن ليست نابعة عن خيار ستراتيجي او قناعة سياسية ما، فهي حركت بالامس قواتها باتجاه الاقليم وحاولت توسيع سيطرة الحكومة المركزية والاجهاض على بعض المكتسبات التي احتفظ بها الاقليم طوال السنين المنصرمة.
يوجد بالتأكيد نزاع كبير بين الجانبين ولكن ماتم التوصل اليه لم يركز على الاولوية، كان يجب التركيز على الصلاحيات والسلطات الراهنة للاقليم وعلاقته بالسلطة المركزية، و تشكيل المجلس الاتحادي او الفيدرالي بحيث تكون حكومة الاقليم جزءا رئيسيا فيه، وتحصل على كيانها الدستوري في الاطار الاتحادي، الاقرار بحق الاقليم في مجال بناء صناعته النفطية ، تبني سياسة نفطية واستراتيجية نفطية مشتركة بين الجانبان تخدم مصالح الشعب الكردي والعراقي على السواء حيث ان الاشكالية الراهنة لاتحل بصرف بعض المليارات من الدولارات للشركات النفطية والجهات الحزبية الكردية التي تقف ورائها.
في النهاية فان الصفقة ابرمت، وحصل كل طرف على مبتغاه، حيث ان الجانب الكردي دفع بالماء مرة اخرى الى طاحونة المالكي، ونفخ الحياة في الجسد المتفسخ لـ مايسمى بالعملية السياسية في العراق بعد عودة الوزراء الكورد الى الحكومة ونواب التحالف الكردستاني الى البرلمان الاتحادي..
اسعد روستمي: ماذا بشأن الدور الامريكي في العراق، والى اي مدى باستطاعة امريكا السيطرة على الاوضاع الراهنة؟
نزار عبدالله: لقد بات واضحا بأن أمريكا اليوم، تساند، كما كانت بالأمس، حكومة نوري المالكي، وقد ابلغت الادارة الامريكية موقفها هذا اكثر من مرة الى الجانب الكردي والى القوى السنية ايضا، كما وكما أكدت مرة تلو المرة بان التفاوض والتوافق والمساومة مع حكومة المالكي والاخير مع الآخرين هو الحل الامثل، خاصة عقب الاحتجاجات التي شهدتها المناطق المسماة بالمثلث السني، رغم امتعاضها من الاعتصامات التي تشهدها تلك المناطق وعن عدم ممانعتها في الاجهاض عليها او قمعها. و ولعل فهم الموقف الامريكي لاينم عن الصعوبة بل انه نابع من ضعف الجانب الامريكي نفسه، ومسرح الاحداث العراقية في السنوات الاخيرة مثل الانسحاب من المأزق العراقي، كان فصلا من فصول ذلك الضعف ، وهي ليست حالة فريدة بل أنها حالة عامة في الشرق الاوسط برمته، فليست امريكا اليوم هي القطب الاوحد الذي باستطاعتها أحكام السيطرة على المنطقة والتحكم بمساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحلحلة اوضاعها وحسم نزاعاتها، ان الملف العراقي وكذلك أحداث الربيع العربي ومنها الملف السوري بينت اكثر من مرة بان أمريكا باتت عاجزة عن إخضاع الاوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة في اطار مصالحها. وهي مضطرة بذلك الى المساومة مع الدول والجهات والاطراف السياسية المسيطرة الاخرى سواء كانت ايران او تركيا او حلفائها مثل قطر والسعودية.
ومن جهة اخرى هنالك قضايا هامة على الصعيد الدولي تركت تأثيرها المباشر على صناعة السياسة الامريكية، ان الظروف العالمية الراهنة وبزوغ قوى واقطاب اقتصادية وسياسية كبرى مثل الصين و روسيا تنافس الدور الامريكي العالمي دفعت امريكا الى إعادة ترتيب اولوياتها، حيث تحول اهتماماتها من الشرق الاوسط الى شبه الجزيرة الكورية والمناطق التي لها أهمية أستراتيجية في تطويق ومحاصرة الصين الكبرى، كما أن اعتماد أمريكا على النفط الخليجي قد بدأ بالتراجع تماما بعد الاكتشافات الحديثة في استخراج النفط من الصخر القاري من أراضيها مما قد يعني اكتفائها من النفط وعدم حاجتها لاستيراد برميل نفط واحد من الشرق الاوسط. وعلى ضوء هذه المعطيات فان امريكا تسعى حاليا الى الحفاظ على مصالحها السابقة فقط، وافساح المجال لغرمائها بدخول مناطق نفوذها بهدوء وحذر.
وفيما يخص الجانب العراقي فان امريكا قد مارست المساومة مع الجانب الايراني. ولايدعو ذلك الى الغرابة، لنتذكر بان القوى الامبريالية القديمة كانت تعتمد في الحفاظ على سلطاتها الكولونيالية على سلطة اقلية، نظرا لان الغالبية كانت ترفض الوجود الاستعماري، في العراق مثلا اخترع ملكا وحاشية ودائرة طائفية ضيقة لتكون في خدمة للسياسة البريطانية. بالامس كانت القوى الامبريالية في اوج قوتها، اما اليوم فان امريكا ذاتها ومن منطلق الضعف تريد الاعتماد على سلطة الاكثرية (وان كانت طائفية) بغية احكام السيطرة.. من هنا جاءت المراهنة على حكومة المالكي لتعبر عن هذه الضرورة، لكونها تستطيع، في النظر الامريكي، وفي اسوء الحالات، تعبئة القوى لبقاء وديمومة ذاتها..
اسعد روستمي:جرت في الاونة الاخيرة انتخاب مجالس المحافظات، ماذا كانت نتائج تلك الانتخابات؟ ولماذا لم تشارك بعض المحافظات فيها؟
نزار عبدالله: ان احدى النتائج الرئيسية للانتخابات الاخيرة هي حقيقة ان غالبية الشعب العراقي صوت بـ "لا" لسيطرة القوى الطائفية الراهنة وعبرت عن رفضها الصريح لما يسمى بالعملية السياسية التوافقية المبنية على المحاصصة الطائفية والحزبية البغيضة وهي تتطلع الى تغيير العملية برمتها.. منذ عام 2003 جرت انتخابات عديدة، وفي كل مرة لم تؤدي تلك الانتخابات الى تغيير واقع حياة الشعب العراقي وتأمين الحد الادنى من تطلعاته، ولم تنجم عنها بناء سلطة سياسية جديدة مقربة للشعب العراقي، اقول "مقربة" لانني اعرف بان كل سلطة سياسية هي سلطة فوقية ولكن ماجرى بناءها في العراق كانت حالة خاصة حيث تشكلت في برج عاجي، والقوى المهيمنة عليها جعلت من حياة ومعاش الجماهير العراقية رهينة لمصالحها ونزاعاتها على الثروة والنفوذ والمال.. والانتخابات كانت وسيلة لاعادة بناءها ونفخ الروح فيها، ومن ثم بدء فصل جديد من الصراع العاجي بين مختلف كياناتها وفصائلها لاقتسام السلطة.. لذلك فان غالبية الشعب العراقي بدأت تدرك بتجربتها الخاصة بان الانتخابات لاتغير من واقع حياتها بشيء وهذا هو سببب مقاطعة الناخبين لها بنسبة 60% الى 70%، ان هذه النسبة تدل على ان الجماهير صوتت بـ "لا" للسلطة السياسية الحاكمة.. اما النسب التي تعلن عنها المفوضية وغيرها فانها نسب ملفقة في ظل عدم وجود اية رقابة على الانتخابات واللجان المشرفة عليها، وفي ظل وجود اختراقات سياسية وطائفية لكيان المفوضية نفسها التي حولتها الى مسخ معرض للسخرية..
وباختصار ان المقاطعة الشعبية للانتخابات التي جرت رغم انها لم تكن مقاطعة ايجابية بمعنى التحرك الشعبي بغية عرض بدائل اخرى للاوضاع الراهنة الا انها عبرت بشكل اساسي عن الرفض ومناهضة الشعب العراقي للعملية السياسية والسلطة المنبثقة عنها برمتها.

اسعد روستمي: في الاونة الاخيرة شهدنا حراكا عماليا نشطا في شركة نفط الجنوب في البصرة، هذا الحراك يمثل وميضا في الظلام الرجعي والطائفي والارهابي الحالك حاليا في العراق، كيف كان الحراك الاخير ومامدى سعته وشموليته، وماذا كانت نتائجه وهل لكم ان تعطوا االمشاهدين معلومات عن ذلك؟
نزار عبدالله: يشهد ارجاء العراق كافة احتجاجات عمالية وشعبية عديدة، وهناك ادراك عام وحقيقة مؤكدة وهي ان الدولة العراقية بحوزتها ثروة مالية واقتصادية كبيرة تتمثل بوجود تدفق عائدات نفطية وميزانية مالية ضخمة جراء اعادة بناء الصناعة النفطية و وزيادة الانتاج الفعلي للنفط والغاز الطبيعي، حيث بلغت تلك الميزانية في السنة الفائتة حوالي مئة وثمانية عشر مليار دولار، ميزانية ضخمة كهذه تكفي الى حد بعيد في تطوير الصناعة النفطية ذاتها او في تامين العيش الكريم للمواطنين في البلد. ان نسبة كبيرة من هذه العائدات تستولي عليها الطبقة السياسية البرجوازية الحاكمة سواء عن طريق المصاريف الرئاسية الضخمة والمناصب الرفيعة أو الرواتب الدسمة، او عن طريق الفساد ونهب الثروات العامة من خلال عمل شركات رأسمالية متعددة تستثمر في مجالات مختلفة، هذه الشركات تابعة بشكل او بآخر للاحزاب والاطراف والجهات البرجوازية الحاكمة مثل حزب الدعوة او جماعة الصدريين والحكيم او الاطراف السنية أوالشركات التابعة للاحزاب القومية الكردية الحاكمة في كردستان العراق.. خلال السنوات المنصرمة تمكنت البرجوازية العراقية واطرافها الرئيسة من ايجاد آليات عدة لاقتسام الثروة والمال وكذلك اشراك اطراف عديدة اخرى في التمتع بها بحيث اخذ كل طرف حصته، البرجوازية الكوردية نالت نصيبها، والبرجوازية السنية والشيعية كذلك.
اماغالبية الشعب العراقي الكادح فانها نالت من الحصص الاقل، ولذلك تظهر هنا وهناك احتجاجات عديدة تطالب بشكل او بآخر بزيادة سهمهم في الثروة المتعاظمة، في وقت هم يشكلون الجزء الاهم في انتاجها كما ويحافظون بعملهم وكدحهم على تراكمها وتدفقها.. ان حراك عمال النفط في العراق يشكل الجزء الحيوي في هذه الظاهرة الشعبية العامة، وبسبب طبيعة موقعهم الانتاجي والطبقي يدركون اكثر من غيرهم بانه ينبغي زيادة سهمهم من الثروة المنتجة، الثروة التي تشكل قوة عملهم المضني في الصناعة النفطية احدى مصادر انتاجها، وان مايتقاضونه لايشكل الا جزءا يسيرا جدا قياسا بحجم الثروة المنتجة. فيما يرون و بأم اعينهم حجم الفساد المستشري، والرواتب الخيالية للمدراء العامين والسادة المسؤوليين، و رواتب المناصب الرئاسية، فبموجب احدث تقرير تناقلته اغلب وسائل الاعلام فان المالكي لوحده يتقاضى سنويا ثلاثة ملايين دولار! في ذات الوقت يتقاضى عامل ماهر مئات الالوف من الدنانير العراقية.
ولذلك وفي ظل تردي الاوضاع المعاشية، برزت في السنوات الماضية حركة عمالية نشطة قوية ومستمرة تطالب بحقوق العمال وبزيادة المكاسب العمالية، حيث دخلت في قلب المواجهة مع السلطات الحاكمة ومع حكومة نوري المالكي ولعل الممارسات القمعية للعمال والاجراءات الادراية التعسفية بحقهم مثل نقل العمال والموظفين وتفريق صفوفهم، وماجرى في الاونة الاخيرة في اعداد قائمة باسماء النشطاء النقابيين بغية معاقبتهم واتخاذ اجراءات رادعة بحقهم، بلغت حد التهديد بمحاكمتهم وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب السييء الصيت، لم تجدي هذه الممارسات نفعا نتيجة لاصرار العمال واتساع رقعة الحركة العمالية هناك وزيادة التعاطف مع المطالب الحقة التي ترفعها العمال المعتصمين والمتظاهرين..ان الاعتصام الاخير امام مبنى الشركة ونصب الخيام ورفع المطالب لمدة عشرة ايام دل على حيوية تلك الحركة وصمودها و وجهت رسالة قوية لكل من يفكر بهضم حقوق الطبقة العاملة العراقية..
من جهة اخرى يجب ذكر الاستغلال المفرط لعمال النفط ضمن الصناعة النفطية العراقية نفسها، ان اعتماد الدولة والبرجوازية العراقية على الصناعة النفطية وحدها جعلتها تمارس ضغطا متزايدا على العمال لزيادة الانتاجية بغية تحقيق الزيادة في تراكم الثروة، وباتت تطلق يوميا وعود مابعدها وعود بان الانتاج النفطي العراقي سيبلغ كذا مليون برميل من النفط بحلول هذا العام لتصل بحلول عام 2020 الى 8 مليون برميل من النفط.. ان هذه الزيادات تأتي على حساب عرق وكدح العمال في تلك الصناعة نفسها، في وقت يواجهون ضغوطا متزايدة لاعادة بناء صناعة نفطية مهترئة لازالت تستخدم آلات وادوات متخلفة مضى على استخدامها عشرات السنوات دون تحديث واستبدال، مما يعرض العمال الى أخطار محدقة، إضافة الى الاخطار الصحية الاخرى التي تواجه العمال في شركة نفط الجنوب..احد المطالب التي رفعها العمال تتمثل بانشاء مراكز صحية متخصصة تراقب الوضع الصحي لهم عن كثب، حيث ان نسبة التلوث باليورانيوم في الجنوب والتعرض الى الاشعاع نسبة كبيرة..
باختصار ان تلك الحركة العمالية النشطة برفعها تلك المطالب تمكنت من فرض تراجعات كبيرة على حكومة المالكي وشكلت نقطة امل بالنسبة لسائر اقسام الطبقة العاملة والحركات الاحتجاجية الاخرى لخوض حركات مشابهة..لقد شهدت النجف وكربلاء والديوانية حركة احتجاجات مشابهة وكذلك في اقليم كردستان حيث شهد حركات احتجاجية في معمل السمنت وفي الدوائر الضريبية مثل ضريبة العقار في مدينة السليمانية بغية زيادة الرواتب والمخصصات وزيادة سهم العمال والموظفين في الثروة الاقتصادية المتراكمة.. ان صعود الخط البياني للاحتجاجات يشكل بداية لانتعاش الحركة العمالية والاحتجاجية في البلد، وأن مصير ومآل تلك الحركة مرهون بعوامل عدة لايتسع وقت المقابلة في الخوض فيها...

اسعد روستمي: بالنسبة لكم كاتحاد الشيوعيين في العراق، ماهي ستراتيجيتكم واولوياتكم؟ وماهو توقعاتكم بالنسبة لانتعاش وتطور الحركة العمالية واليسارية في العراق؟
نزار عبدالله: قبل الحديث عن الستراتيج اود القول بان العراق يقع في الشرق الاوسط والعالم العربي، ان الاحداث التي تشهدها الشرق الاوسط وانتعاش وظهور الحركات السياسية والاحتجاجية والثورات المستمرة في تونس ومصر ادت الى ظهور حركات راديكالية عمالية وشعبية، وظهور قوي للنقابات والمنظمات العمالية والشعبية ومنظمات مدنية اخرى، وكذلك اشهار افلاس الحركات الاسلامية المختلفة مثل الاخوان او السلفيين وعجز البرجوازيات الحاكمة في الاتيان ببديل ينقذ ماء وجه الانظمة الرأسمالية المتفسخة وينتشلها من ازمتها السياسية والاقتصادية المتفاقمة، ان كل تلك التطورات تؤثر حتما على الاوضاع السياسية السائدة في العراق، والبلد لم يخرج بعد من اطار الازمة الرأسمالية العامة الشرق أوسطية، وان اعتماد البرجوازية العراقية على الصناعة النفطية وعوائدها الضخمة وتوسيع تلك الصناعة لتشمل البلد باسره (كردستان، غرب العراق كمثال) وتهيئة أرضية بناء وحدة اقتصادية برجوازية عامة، رغم كل تلك التطورات والمعطيات فان البلد لم يخرج من عنق الزجاجة، والازمة مستمرة في النواحي السياسية والاقتصادية العديدة.
على ارضية كهذه تنطلق وتنشط مرة اخرى حركات احتجاجية جديدة، ولاتستطيع القوى الاسلامية الحاكمة من احكام السيطرة عليها، لان هذه القوى قد اظهرت افلاسها، وذاق الشعب العراقي الامرين بسبب فشل سلطتها في السنوات العشر الاخيرة، فلقد جرب الشعب الاحتلال، كما جرب سلطة الاسلاميين، ولم يبق بديل معتبر تلجأ اليها البرجوازية العراقية لتلافي فشلها، ولعل فشل الانتخابات المتعاقبة خير مثال على ذلك..
من هنا تنطلق الآمال مرة اخرى بانتعاش وتطور الحركة العمالية واليسارية الراديكالية، وبوادر الانتعاش في الظهور، على امل أن لايتم أجهاضه بسبب تفاقم الصراع الطائفي والمذهبي الراهن، حيث ان احتمال نشوب حرب طائفية ومذهبية جديدة في خضم تلك الازمة التي تحدثت عنها، لازال تدق الابواب، وان وعي وادراك الشعب العراقي ضروري لافشالها ونزع فتيلها..
ولابد هنا ان نتطرق الى قضية بناء الدولة العراقية كاحد اركان الستراتيج السياسي، اننا في اتحاد الشيوعيين في العراق عبرنا اكثر من مرة عن نقدنا ورفضنا لاعادة بناء الدولة العراقية الراهنة وفق النسخة القديمة، حيث انها وفي جوهرها مازالت مركزية وشمولية، وان اعادة بناء الدولة العراقية بصيغتها المركزية المفرطة يشكل خطرا محدقا للشعب والمجتمع العراقي برمته، لقد انتهت تلك الحقبة ولايمكن اعادة بناء الدولة وفق النمط القديم وان المحاولات الرامية لذلك تصطدم وبشكل واضح وجلي بصخرة الواقع السياسي العراقي. لذلك فان المطالبة ببناء دولة بصيغة أخرى تستند على الارادة الحرة للشعب العراقي وصوته و رأيه الحر مسألة في غاية الاهمية، كما ان اعطاء اوسع فرصة للجماهير للشروع في بناء السلطات المحلية في المحافظات والمدن والقصبات وانتخاب الممثلين بشكل حر وديمقراطي و العمل على أن تتمتع تلك السلطات بصلاحيات واسعة لتوفير واستتباب الامن، ولتقديم الخدمات وتحقيق الرخاء ولرسم السياسات الاقتصادية و...الخ ان كل تلك الخيارات هي خيارات متاحة وضرورية للمجتمع العراقي حاليا بغية تجاوز المحنات الصعبة وبلوغه طور اعلى يوفر له العيش المناسب والكريم..
ان الظروف الموضوعية مهيأة لانجاز تلك الخطوات، حيث تتزايد المطالبة ببناء سلطات محلية تتمتع بنوع من الاستقلالية، ولعل التمرد والاحتجاج الراهن في المحافظات الغربية الراهنة قد عبر بشكل أو آخر عن تلك الضرورة، لقد دلت التجربة بأن النظام الفيدرالي العراقي بحاجة الى تعديلات اساسية بشكل يوسع كثيرا من نطاق صلاحيات السلطات المحلية والحكومات المحلية في المحافظات ويوسع قاعدة المشاركة الشعبية في بناء هذه المؤسسات..
ان اعادة بناء الدولة وفق هذا النمط الفيدرالي الواسع، وتوسيع نطاق اللامركزية الى مديات واسعة وفق قاعدة ديمقراطية تشاركية، تشكل خطوة سياسية كبيرة في المرحلة الراهنة، وبقدر ماننجز تلك الخطوة ونبني جسورا ديمقراطية جديدة بين الممارسة الشعبية وبين السلطات المحلية نقترب بنفس القدر من تحقيق الحرية والديمقراطية والرخاء، ونتخلص من تركة الانظمة الشمولية والقمعية التي حكمت العراق لعقود.
وهذه القضية اي قضية الدولة وإعادة بناءها تتعلق في جانب آخر بالنقاشات السياسية الراهنة حول طبيعة وطابع حكومة اقليم كردستان ذاتها، حيث بات الشعب الكردي يطالب بحكومة اخرى لاتشبه النسخة المصورة للدولة البعثية القديمة، فحينما نطالب بالفيدرالية وسلطات محلية في العراق علينا ان ندعو الى الشيء نفسه في الاقليم ايضا، يجب ان لاتكون حكومة الاقليم او اية حكومة اقليمية اخرى حكومة لاقلية حزبية أوعشائرية، او محتكرة من قبل عائلة حاكمة وتقبض على مفاصلها الرئيسة، ففي كردستان لاتوجد سلطات تذكر للمحافظات، والسلطات المحلية الحقيقية لاوجود لها، ولايوجد حتى هامش للمشاركة الشعبية في السلطة، وتحسم الامور كلها من العاصمة اربيل، ومنها تتخذ القرارات بشأن اقصى المدن والقصبات.
ونقطة اخرى تتعلق بالاحتجاجات والحراك الشعبي والعمالي ذاته، ان تطوير تلك النضالات والاحتجاجات يشكل بالنسبة لنا كقوة شيوعية يسارية ولغيرنا بالطبع الهاجس والمحور الرئيسي، ان الذود عن حق العمال والكادحين والمحتجين دون قيد او شرط في الاحتجاج والتظاهر والاعتصام والعصيان والتمرد المدني مسألة في غاية الاهمية، ان ماجرى في الحويجة، باية ذريعة ارتكبت، كانت مجزرة ضد هذا الحق قبل شيء، سواء كان المتظاهر او المعتصم على حق أم لا، ولكن من حقه ان يعبر عن نفسه. اننا في جبهة الدفاع عن تلك الحقوق، وفي مقدمة واولويات نضالنا السياسي لغرض نيلها وتثبيتها، ومن هذا المنطلق نناضل بغية لم شمل اليسار والشيوعيين والنقابيين، واحدى ثمار تلك الجهود كانت بالطبع تشكيل لجنة العمل اليساري المشترك في العاصمة بغداد وهي لجنة نضالية تتكون من اطراف سياسية يسارية وشخصيات وجهات نقابية ايضا.
ان التقدم في هذه المحاور والاتجاهات من شأنه احداث تغييرات اكثر جذرية في العراق في المرحلة المقبلة..

اسعد روستمي: بالنسبة لي لم يبقى لدي سؤال وقد انتهى كذلك وقت البرنامج واشكر حضورك معنا..
نزار عبدالله: من جهتى اقدم شكري لكم ولاعطائي الفرصة لبحث الاوضاع السياسية الراهنة في العراق بشكل مستفيض.



#نزار_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستجدات الاخيرة في سوريا ومستقبلها، وتأثيرات الاوضاع السور ...
- العراق ومخاض تشكيل دولة تقدمية حديثة
- آفاق التنسيق و العمل المشترك بين فصائل اليسار العراقي وتأثير ...
- الانسحاب الامريكي من العراق واستمرار لعبة الزومبي!
- الربيع العربي ومهمات القوى اليسارية والاشتراكية في المرحلة ا ...
- عندما تطلق الحرية
- نزار عبدالله سكرتير اللجنة المركزية لاتحاد الشيوعيين في العر ...
- على هامش اعلان تشكيل حكومة المالكي: اين -خارطة الطريق-؟
- مهزلة تشكيل الحكومة ومهزلة الانسحاب الامريكي
- ماركس والماركسية
- حوار مع الرفيق نزار عبدالله بصدد الاوضاع السياسية في الشرق ا ...
- مغزى ومدلولات تراجع مستويات العنف في العراق
- عمال شركة نفط الجنوب –تأريخ كفاحي و تجربة للتعلم *
- في الطائفية
- التحديات والاولويات الاساسية للحركة اليسارية والماركسية في ا ...
- حوار فضائية الحزب الشيوعي الايراني (كومةلة تى في) مع الرفيق ...
- حوار مع الرفيق نزار عبدالله بصدد انتخابات كانون اول 2005 ونت ...
- الركائز الاساسية للحركات الاسلامية
- حركة انبثاق حزب العمال الشيوعيين-العراق: الـضرورة والهدف
- ملاحظات على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 الخاص برفع العقو ...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار عبدالله - الاوضاع السياسية في العراق موقف وتحليل اتحاد الشيوعيين