أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - المسيحية في عالم آخر













المزيد.....

المسيحية في عالم آخر


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 23:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تنظرُ المسيحية إلى الإنسان بصورة فيها كثيرٌ من المبالغة الإيجابية والتي تنعكس بصورة أخرى على تصرفات الإنسان العيسوي الديانة والمذهب, فالمسيحية تجعل من الإنسان ملاكا طاهرا وتحاول تطهيره من صفات البشر العاديين الذين يقتلون وينتقمون من أعدائهم ولكن هنا المسيحية تجعل الإنسان المسيحي إنسانا طيبا جدا لأبعد الحدود غير منتقم ولا يحب استعمال لغة الانتقام من الآخرين وغير جبار, طبعا في هذا المنهج يحضرني الآن تعريف الفيلسوف هيغل الذي يرى في المسيحية أنها جعلت من المواطن العادي مواطنا غريبا عن هذه الحياة ولا ينتمي إليها ولا بأي شكلٍ من الأشكال,إن المسيحية لغة واصطلاحا ليست من عالمنا الحالي الذي ولدنا به ولا تنتم هذه الديانة إلا للطفولة وللبراءة وعاشت 2013 عاما وهي ما زالت في طور الطفولة والبراءة والذي ينتظر من المسيحية أن تكبر قليلا يكون مخطئا جدا فهذه الديانة ديانة أطفال بريئين لا يعرفون لا الغدر ولا الانتقام... حتى أن الديانة المسيحية لا تتشابه لا مع اليهودية ولا مع الإسلامية علما أن اليهود يدعون بأن دينهم قد نزل من السماء إلى الأرض وكذلك يرى المسلمون دينهم بأنه كان في السماء ومن ثم حمله أحد الملائكة ونزل فيه على الأرض, وهنا تكمن الغرابة في الموضوع بحيث أننا نجد الديانة المسيحية ديانة غريبة عن كل الديانات ولا تنتمي لأرض الواقع نهائيا, فالمسيحية لا تنتمي لحياة الناس العاديين مطلقا أولئك الناس الأشرار والدجالين وكلهم لا يستطيعون أن يقتربوا بوجهات نظرهم من المسيحية, تلك الديانة التي سمت بالإنسان سموا كبيرا وعاليا في الآفاق حتى غدت في النهاية كائنا غريبا عن الناس ولا تستطيع الاندماج بالناس العاديين لأنه في تكوينه الفكري اغترب كثيرا عن واقع الحياة المعاش.

أما باقي الديانات والثقافات المتواجدة على الأرض حاليا فهي بكل جرأة تنتمي إلى حياة الناس والبشر العاديين الذين يتشابه منطقهم مع منطق الأشرار والانتهازيين وصيادي الفرص والسماسرة الذين تتشابه تصرفاتهم مع تصرفات الوحوش والقتلة والمجرمين بقلوب سوداء وأيادٍ ملطخة بالدماء, ومعظم الثقافات تنتمي بكل وقاحة إلى أرض الواقع ولا تختلف مع المنطق الأعوج في أي شيء أو أي نقطة ما عدى الديانة المسيحية التي ظلت طيلة 2000عام وهي تسمو بالإنسان وتعلو به علوا كبيرا حتى غدى في النهاية كائنا غريبا لا ينتمي إلى الناس.

ومعظم المؤمنين بالديانة المسيحية نجد تصرفاتهم نقية جدا إلى أبعد الحدود بعكس أصحاب الديانات الأخرى الذين نزلوا بالإنسان إلى أسفل سافلين حتى تحول الإنسان الطيب إلى قاتل وإلى انتحاري وإلى مخرب وإلى معارض لكل شيء حتى للزهور الجميلة ومحاربة الطفولة, إن وجه المسيحي يبقى طفو ليا ووجه غير المسيحي تبقى عليه لطخة من دماء الناس والحروب الصعبة والطويلة التي تُشن ضد الربيع الحقيقي.

إن ظاهرة الاغتراب الفكري والجسدي عن أرض الواقع تكاد أن تنحصر فقط في المثقفين والملهمين ولكنها على صعيد الديانات تنحصر فقط في المسيحيين المخلصين للمسيحية حتى في النهاية نرى الجمعيات والمؤسسات المسيحية يقدمون صدقاتهم لكل الناس بغض النظر عن توجهاتهم العقائدية والفكرية بعكس الإسلام الذي يحرم التعامل مع المسيحيين واليهود ولا يقدمون أموالهم كصدقات وزكواة للمسيحي المحتاج, من هنا تنبع غرابة الإنسان المسيحي, هذا الإنسان الطيب الذي لا يفرق بين أبيض وأسود ولا بين أسمر وكحلي بنفسجي ولا بين شرقي وغربي وكل الناس عندهم يستحقون الحياة الكريمة بعكس المسلم الذي لا يمكن أن يقبل بأن يعم الخير على المسيحي أو اليهودي أو البوذي والذي لا يمكن له أن يقبل بأن يعمل عمل الخير مع المختلفين معه فكريا ولو في وجهات النظر,إن أي ثقافة على وجه الأرض أستطيع أن أصدق عنها بأنها تنتمي إلى لغة وقانون الغاب ما عدى المسيحية التي من المستحيل أن تكون شريعتها مطابقة لأرض الواقع,إنها تحلق عاليا بالإنسان في الوقت الذي تنزل فيه كل الثقافات بالإنسان إلى أسفل الأرض حتى تتكون في وجه الإنسان ملامح شيطانية,وبصراحة الإسلام من هذا المنطلق صورة طبق الأصل عن واقع الإنسان الطبيعي وهو كمسلم لا يشعر بالاغتراب بل يشعر بنفسه أنه إنسان طبيعي جدا جدا ينتمي إلى هذه الوحوش البشرية بعكس المسيحي الذي لا تتناسب أفكاره مع هذه الوحوش,إنني لا أريد أن أقول كلمة أخرى عدى أن ما يشعر به المسيحي هو كونه إنسان غريب جدا عن هذه الوحوش,وقد نزلت باقي الثقافات بالإنسان إلى الدرك الأسفل حتى أصبح الإنسان حيوانا قذرا وبقيت المسيحية ترتفع بالإنسان عاليا حتى أصبح وجهه وقلبه ملائكيان.

يبقى الإنسان المسيحي يرتفع بمعنوياته إلى الأعلى إلى قمة المحبة والتسامح حتى يشعر في النهاية أنه إنسان يختلف عن كل الناس, وتبقى الأديان الأخرى تقتل وتحرق وتحارب بالآخرين حتى يصبح هذا الإنسان وحشا ضاريا فيه كل المواصفات غير الإنسانية ومطابق لمقاييس الشر والرعب والإدمان على القتل وتوجيه الضرر للآخرين ومحاربة كل ما هو جميل,ومن الغريب أن المسيحية ما زالت تثبت لأصحاب القلوب الطيبة أنه ما زال لهم على هذه الأرض مكان يلوذون به..

المسيحية غريبة عن عالم الوحوش والقتل والذبح والانتقام,إنها ديانة غريبة لا تنتمي إلى الثقافات التي غزت الأرض واستعمرتها منذ مئات السنين,إنها عالم آخر بعيد عن كل شيء,فأن تجد ديانة تتسامح مع أعدائها فهذا بحد ذاته غريبٌ جدا, وذاك العالم الذي كله حرب ودمار وانتقام ينتمي إلى هذا العالم الذي لا ينتمي إلى المسيحية بكل مذاهبها الأرثوذكسية والبروتستنتية والكاثوليكية,عالم المسيحية من الداخل والخارج عالم واحد ووجه واحد وضمير واحد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرائب المثقفين1
- هل أمريكيا دولة عظمى؟
- عيد ميلادي 2
- الابيقورية
- إسرائيل ليست مزحة
- الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت
- المشاعر والأحاسيس من وجهة نظر رواقية
- درس من الإنجيل
- الغنوصية
- الاستثمار في الإنسان
- الحلاج الفقير الذي تكرهه الناس
- الحج عن المعضوب
- مبروك...مبروكه ..وطقومة قزاز
- سلمان المُحمدي
- الأفكار الكبيرة تبدأ من بذرة صغيرة
- ما حدى مرتاح
- المرأة مثل البهيمة عند العرب
- مبسوط جدا
- شكل الربيع العربي
- الانبراطورية السنية السلفية السعودية


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - المسيحية في عالم آخر