أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - الحرية والاعتقال والفساد والهجرة، قضايا أساسية أثارتها رواية اللحاف لأيمن ناصر















المزيد.....

الحرية والاعتقال والفساد والهجرة، قضايا أساسية أثارتها رواية اللحاف لأيمن ناصر


نادية حسن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 23:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تلق رواية (اللحاف) لأيمن ناصر التحليل الكافي وخاصة في القضايا الأساسية التي طرحتها، حيث ركز النقاد على اجتزاء بعض المقاطع من الرواية وسلخها عن سياقها، وتأويلها. عدد كبير منهم ركز على قضايا لا تتجاوز الصفحتين من أصل الرواية، وتجاهل معظمهم العديد من القضايا السياسية الهامة والرئيسية التي تناولتها والتي تستحق التعمق بدراستها وتحليلها.

في زمن القمع والاستبداد التي كتبت به الرواية، والذي كان يخيم على كثير من الأمور، تكون حرية الكاتب مقيده وعليه أن يكتب في بيئة خانقة، ويحاول من خلال الكتابة أن يفتح النافذة ولو قليلا ليرى ضوءاً لابد منه للكشف عن جراح وطن يلهث من الألم.

عندما كتب أيمن روايته، في ذاك الزمن المستبد كتب بدون خوف، وحكى قصصا حقيقية جريئة، كتب في زمن كان الشعب السوري يعيش ثقافة الصمت، وثقافة دفن الرؤوس في الرمال، لكن النخبة كما أيمن، ممن يلجؤون للكلام بحرية في زمن الصمت، كتب رواية (اللحاف) لتمثل دعوة مبكرة للحرية، حيث أثار مواضيع مهمة سياسية واجتماعية لم يجرؤ عدد كبير من الكتاب أن يتحدثوا عنها، هو من هؤلاء الأشخاص الذين نسميهم (دعاة الحرية والتغيير) الذي تجرأ على مناقشة أمور تعد (تابو اجتماعي وسياسي) في وطننا.

تحمل الرواية قضايا سياسية متعددة، فالكاتب يثير مسألة الهجرة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية، حيث باتت الهجرة حلما كبيرا يراود الشباب الذي أقفلت بوجهه أبواب العمل في بلده وشدت على خناقه وعائلته الأوضاع الاقتصادية الصعبة. لا يدخل الكاتب في تحليل الأسباب التي أدت الى هجرته للعمل في اليمن بشكل واضح وصريح ولكن المعنى واضح عندما يقول : (نعم هو يغتال فينا الانسان، ويلفظنا كنفايات خارج حدوده)
إن الهجرة هي نتيجة تفاعل عدة عناصر ومسببات وعلى رأسها الأوضاع الأمنية والسياسية. والأسباب التي تدفع شبابنا إلى الهجرة تبدأ من عدم توفر فرص العمل في الوطن لتصل إلى سوء الظروف الأمنية والسياسية وفقدان عوامل الاستقرار بشكل عام.

كلها قضايا يحاول الكاتب إثارتها خلال الحوار، حيث اعتمد الكاتب على جملة من المواقف والأحداث لأشخاص أجبرتهم ظروف الحياة المعيشية على الاغتراب عن أوطانهم، ويطرح قضايا وقصصا ومشاعر وبطريقة واقعية وخيالية بنفس الوقت، علاقة الوطن وأبنائه والغربة وما تتركه في القلوب من جروح (ليقذفوا وراء الشمس بحثاً عن لقمة عيش مغمسة بذل الغربة تاركين وراءهم أكواماً من اللحم تنتظرهم). رغم كل هذا فحبه لوطنه الذي دفعه للغربة وهو صغير، لم يتمكن من دفعه للهجرة مرة اخرى، على العكس فقد ازداد حبه وتمسكه بوطنه حين قال ( جمار القلب يا ولدي ما جئت لأقيم هنا، سفني ما عادت تحملني الى أرض غير أرضي).

ربما لم يتحدث الكاتب بصراحة عن الوضع السياسي في تلك الفترة نتيحة للأوضاع الأمنية ولكننا نقرأ بين السطور عبارات وإيحاءات تركز على الفكر الشمولي وتنتقد النظام القمعي والسياسات الأمنية وسياسات الاعتقال التي تركز على اعتقال المعارضين السياسيين، وتلفيق التهم السياسية لهم، وزجهم في السجون والمعتقلات بتهم كاذبة مفبركة. حيث يذكر بدقة حادثة اعتقال والده من قبل المخابرات (اقتحموا المكان ودخلوا غرفة والدي، قيدوا يديه الى الخلف، منعوه من الكلام ثم اقتادوه الى سيارة لاندروفر ...كانوا أربعة أبقوا أحدهم مع أبي في السيارة وعاد الثلاثة يمزقون الأثاث ويحطمون كل ما يقع تحت أيديهم).

ونجد الكاتب متأثراً بالوضع السياسي في سورية منذ طفولته وخاصة أساليب القمع والاعتقال حيث كان لتأثير حادثة اعتقال والده ابعاد كثيرة تركت تأثيرا في نفسه ( كنت صغيرا أمام الألم العظيم الذي ألحقه أولئك السفلة بعائلتي، خرجوا يضحكون كأنهم أعادوا للوطن أرضا سلبها العدو) (لا كبير عندهم الا البعير). ويتحدث بألم عن والدته وكيف تعامل معها رجال الأمن (وهوى بعقب مسدسه على جبينها فسقطت مغشيا عليها) ولا ينسى كيف ضربوه وهو يحاول الدفاع عنها (ركلت المخبر على ساقه فلطمني بقفا يده على وجهي..... اللطمة شقت لي شفتي العليا وكسرت لي سنا. كان اللهب يتأجج في صدري. وأنا أرى أمي تنهض وقد آذاها الكلب في جبينها. كانت تنزف وعيناها تدمعان) هذا هو حال الاعتقال التعسفي الذي عاشه شعبنا، ولم يكن ما وصفه أيمن سوى نموذج بسيط عن تعرض شبابنا للاعتقال والظلم.

يتحدث عن تجربة والده في العمل السياسي في سورية من خلال حزب من أحزاب الجبهة، هذه الأحزاب التي تحولت الى مؤسسات متخشبة لا تملك إلا عددا محدودا من الكوادر الهرمة، ومفتقدة لأي رصيد في الشارع السياسي، خاصة بعد الحالات المتعددة من الانقسام في صفوفها، والتي لم تأتِ، إلا فيما ندر، استناداً لأسباب فكرية سياسية، بل كانت في غالبيتها وليدة أسباب نفعية وانتهازية، هذا كله أدى لفقدانها معايير الصدقية، وتشويه الممارسة السياسية الحزبية، والإساءة للحركة السياسية الوطنية، مما ساهم في انفضاض الناس عن العمل السياسي (ها هو أبي بعد عشرين عاما من النضال الوهمي والركض المضني يدرك متأخرا أنه كان يركض وراء سراب. بعد ان اعتقل مرات عديدة واكتشف خيانات بعض أصدقائه وتعاملهم مع السلطة كمرشدين ومخبرين).
لقد لمّح المؤلف، في روايته الى ظاهرتي الانتهازية والفساد التين طفتا على سطح الحياة العربية، نقد المسؤولين السلطويين ورجال العشيرة الذين يحتلون المناصب الحساسة والفساد الذي يعيشه هؤلاء من أجل الوصول إلى منصب أو وظيفة .. تحدث عن العصبية القبلية وبعض الظواهر المرتبطة بها، وعن العادات والتقاليد القديمة التي عانت منها المرأة في المجتمع. ووصف الوصوليين والمنبطحين والفاسدين في سورية (كائنات هاربة من قدرها إلى أقدار مرسومة على مقاس حظها العاثر أخذت تدب في المدينة على أربع، تنبطح وتزحف تقدم القاصي والداني من الدم، والنافر والغائر من الجسد كرمال عيون المنصب والهيلمان الكاذب)

يحاول أيمن في روايته اللحاف أن يخرج عن المألوف، و النزوع نحو حياة جديدة في زمن كان المطلوب من الأدباء والشعراء والفنانين تمجيد مغامرة الشمولية والحزب الواحد الذي يمد النظام بمقومات وجوده واستمراريته.

رغم القضايا السياسية التي طرحتها الرواية فهي تسرد قصص حول (المرأة والجنس والموت) حيث طرح أيمن قضايا عديدة تحت رمز (اللحاف) لحاف عقله الباطن، ولحاف العتمة والسكون، وخصوصية اللحاف التي (تتعلق باقترابه الحميم والمباشر من أحلامنا والتصاقه الدائم خلال النوم بأجسادنا) يتحدث عن اللحاف والاختباء تحته خوفا او هربا أو خجلا، وعن الدفء والحب ( يغطي كل النساء اللواتي يختبئن معك ويعبثن بدماغك وأحلامك غير المباحة. هزائمك وانتصاراتك) انه يتحدث عن لحاف سياسي مفقود ..

إنه يرسم بالكلمات في أسلوب روائي تشكيلي.. يرسم صوراً من مجتمعنا حقيقية ولكن عدداً كبيراً منا يرفض الاعتراف بها ويخاف أن يتحدث عنها. ولهذا كانت من أكثر الروايات التي شغلت الأوساط الثقافية، وتناولتها الصحف والمجلات وجلسات المثقفين بالنقد والتحليل ... نعم لقد استطاعت الرواية أن تحدث جدلا ...وهذا ضروري لإثارة الوعي والتفكير .. فالكاتب في الرواية حلق في آفاق واسعة وسماء ممتدة ليس لها حدود.. لقد أثارت الرواية فعلا استفزازيا تحريضيا، وأثارت ضجة في الساحة الأدبية لأن صاحبها حسب بعض النقاد تجاوز قيودا وضعها المجتمع والدولة الأمنية.

ما كتبه أيمن ليس مجرد رواية .. إنها رؤية تشكيلية جديدة تحول السرد المكتوب والمحكي إلي مشاهد لونية متداخلة ... وتبقى اللغة الشعرية سمة مميزة لسرديتها. إن ما كتبه أيمن هو أساساً كتابة باللون والخط ولغة التعبير والموسيقى، وكل ما يثير الفنان في محيطه اليومي يحوله إلى عمل فني إبداعي، إنها عمليه فنية متكاملة تجمع الفن والأدب والتاريخ والنقد والسياسة .. نعم هي عمل إبداعي بامتياز .. إنها مزيج من الابتكار والحقيقة .....



#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئون السوريون ..... معاناة مستمرة وحقوق ضائعة
- اللاجئون السوريون: رحلة معاناة تنتظر النهاية
- هل تسببت التغيرات المناخية والتصحر بالتحريض على الثورة السور ...
- الحقوق لا تتجزأ: لماذا لا نطالب بالحقوق للجميع في سورية (حقو ...
- بداية عام ثالث ثورة ... الحقيقة والخفايا
- الوضع الأنساني في سورية: الجزء الأول - الفئات الاجتماعية الأ ...
- الأسد وإستراتيجية البقاء المذهبية والطائفية والعنصرية
- تحليل سياسي لرواية (بيلان) للدكتور موسى رحوم عباس
- تصاعد العنف في سورية .. الجرائم ضد الإنسانية وسياسة الأرض ال ...
- ما هي البدائل المتاحة لإسقاط النظام الذي يبحثها زعماء العالم ...
- تهريب الأسلحة إلى سورية ؟ كيف ؟ ومن؟ وأين؟ ولماذا؟
- هل تعلمنا الحولة درساً يجب الاستفادة منه؟
- اللاجئؤن السوريون: هل هم لاجئؤن .. نازحون .. طالبو لجوء...أم ...
- الثورة السورية وخطة كوفي عنان: هل هي الأمل الأخير أم هي لعبة ...
- ثاني جلاء بعد الثورة .. شهداؤنا في ازدياد... وحريتنا على الأ ...
- نحو استراتيجية كيف نأكل الفيل؟ من أجل إسقاط النظام
- سرقة الأعضاء البشرية تعد انتهاكا سافرا لحرمة البشر ولقواعد ا ...
- بداية سنة ثانية ثورة
- هل هذا هو سعر صرف الإنسان العربي؟ ترتكب المجازر والجرائم ضد ...
- المواقف العربية والدولية من الثورة السورية - هل هو صراع مصال ...


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - الحرية والاعتقال والفساد والهجرة، قضايا أساسية أثارتها رواية اللحاف لأيمن ناصر