أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون -7














المزيد.....

الدين والجنون -7


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 18:58
المحور: الادب والفن
    



-"أما من خيمةٍ؟
فقد يئسْتُ من قريةٍ أو مدينة."

-"لحظتـُنا جزءٌ يسيرٌ من جنون هذا العصر
بهذا المكان الذي يُسألُ فيه فقط: أين المدينة!
حين لا تعني المدينة ُشيئاً
سوى الرحيل ِمن القـُرى؛
فلمّا يغيبُ نظامُ الحقيقة
يطغى الخيالُ الذي تقمّصها
فيدّعي الحكمة َكاذبون
وما زلنا هنا
فكلما خطونا خطوة ً
نظل بمنتصفِ الطريق
(ومنتصفِ الليل، طبعاً)
كلاهما في أواخر العمر طويلٌ ثقيلْ
حتى إنْ رفعْتـَهُ من وسْطِهِ
أو من نهايته
قـُبَيْلَ المدينة
حتى لو قبيل البيت
حتى لو قبيل الفجر،
إنْ كان حقاً قادماً،
لا يخِفّ ُولا يميل!"

-"أنت بصيرٌ لأنك واقفٌ
وتستطيع السَّيْر،
فلسْتَ مثلي جريحاً
ولم يغزُ الرملُ عينيك بعدُ
كما ترى مدناً
تميّزها عن القـُرى!"

-"ليس من قـُرىً
بل دُرْدُورُ غبار ٍبعد دُردور ِغبار
وليس من مدن ٍ
بل دُوّاماتٌ بلون الليل
تملأ ُالأفقَ ظلاماً
وكوابيساً خطيرة
تقتلُ الناسَ نياماً
أو فورَ صحوتهم
راقصة ًحولَ نفسها
حرائقَ غاباتٍ مدوّرةً تغطي وجوهَ الشمس،
كل هذي المدن
بأعداد ذرات الرمال التي تخشاها العيون
كل هذه الأغلاط المثيرةِ والكثيرة
وما يمتدّ منها حتى نهاية التأريخ المشينة
نهاية التأريخ المشين
هذي المدن الراذلة
من حدود هذه الصحراء اللعينة
إلى عينيك
وما زلتَ تحلم بالمدينة؟"

-"أنتَ ترى الأفقَ أوسع
فأنت على قدميك!"

-"أحتاج إلى جبل ٍ!"

-"صَعَدوا الجبالَ قبلك
ثم عادوا بالقيود!"

-"من أعالي الجبالِ نرى تمايُلَ الأشياء في الزمن ِ
فالقيودُ هجينة
نصفـُها الأولُ من غزاةٍ جاءوا من غرب هذا البحر
وُلِدوا بموج البحر
تتالَوْا في الوصول بعد الوصول
مثلَ ولادةِ الأمواج
حرباً وخوفاً واحتلالاً
توجساً وتشاؤماً وضغينة
فغطى وصولُهم أعمارَ أجيالنا
جاءوا بغيوم ٍتناسلت بسمائنا
تزاوجت بها آلهة ٌ
من نجوم ٍتعفـّرتْ بالغبار
وكان نصفـَها الثاني دهاةُ الأغنياء
فكان الوليدُ المعمّرُ الغامضُ المجهول!
لماذا يغيّر اللهُ لقياه بهم
ويغيّر الأسرار:
من جبل ٍ، لبيداءَ، لِـغار؟
أيخشى الزحامَ ويكرهُ الأمصار؟!"

-"لنـُعنى بلقيانا وسُكنانا هنا
أمن دار ٍتـُضيّفـُنا ولو بقـُرب الأصيل
حتى مسير النهار
أم نحنُ في ضَياع ٍواسع ٍ، حُّرٍّ،
كإحدى نهايات انفجار؟"

-"أجنون ٌ؟
أم ظمأ ٌلخيال ٍسيجري دون ضفتين
برأس درويشٍ
راع ٍتائهٍ
فاقدٍ كلَّ شيءٍ حتى رأسَهُ
سوى العصا
يأتي المكانَ كابوساً على ذاتهِ
جاسوساً على الزمان؟
أم اشباعٌ، مثلكم، للأنا الظمأى: انظروا لي؟!
أم كان جُنوني، مثلكم، طوعاً، لأني خائفٌ ووحيد؟
أم لأني تعلمتُ أن أحيا بلا أمل ٍسواكم فإني بلا ولدٍ أو حفيد؟
ولأني قد أموتُ غداً
وذاهبٌ دون أن أدري إلى أين؟
أم لأني جريحٌ
وجُروحي عيون أجدادي المُسنـّينَ تـُحَمْلقُ بي؟
ألم تقلْ: لا أريد مدينة؟
إبقَ هنا إذاً
نبيّاً لنفسك
مجنوناً!
فأيَّ مدينةٍ نعني
سوى نوافذٍ ومَبانٍ مُغـَلـَّقة؟
هذي مدنٌ يشيّدُها اللئامْ
بخوفٍ يطوّقهم
من محيط قرى الخيام
ودُور ٍلم يكن يكفي بها
كلابَ الحراسةِ من طعام
قرى تصلح للخوف،
هذي المدنُ التي تبقى مثلَ عار ٍحجري
تـُنـْبـِتُ بين أطلال القرى
آلهة ًتـُحيط بها أقزامٌ من الأصنام،
فوضاها التي تـُضيع السائحين
لم تـَهـْدِ سُكـّانـَها،
شوارعُها التي كانت دروباً للخيول
طرقاً للعربات
بين أراضي "المُوسِرين"
تلوّتْ بها ثعابيناً من الأسفـَلـْتْ
فتـُقتـَفى سهولتـُها
كميراث العقول
ووقع أقدام الزمان الحزين على ظلال القرون!
لذا ظلت غيومُ الدخان وإيّانا
سُموماً في القلوبِ وفي العيون
حصاداً راجَ في سوق الغباء
بضاعة ًكاسدة ًوألعاباً خطيرة
فكانت مثل خرائطها
مسروقة ًمن مرسم الأطفال
قصصاً من كتب الأطفال
وكانت مثلَ العقول بها مشوهة ً
كاحترام الكاذبين لكاذبين
مرة ًولادة ً كاذبة ً
وموتاً لم يكن غريباً،
إذ كان قتلاً
ثم نهوضاً مستحيل!
لأنـّا سنقيسُ الجنونَ بعقل ٍيعاصرُهُ
عقل ِالطبيعة والتعلم والسؤال
عقل الرجال والنساء والعناد الشديد
عناد البقاء
فالجنونُ في نفوس الأقوياء
يُعدي الضعفاء
لأنه جنونٌ مصطنع،
فطاعونُ أقاصيص ِالرعاة الأولين
ومن جلب الوصايا على حجر ٍ
تهشَّمَ نصفـُها في النزول
ومَن خافَ من موتٍ بلا وَلـَدٍ
بحديث العاقلين لعاقلين
تأريخاً من هنا وهناك
وما يصدّقه حمقىً
وأطفالٌ مقعَدون!
إذاً ما الجنون؟
إنْ لم يكن معنى وجودي
محمولاً على جناح فكرةٍ: برقاً تكرره الغيوم
وعزفُ الرعد طبلاً
ترقص الأشجارُ له؟
ما الجنون
وما المسافة ُبينه والعدم؟
أأكون
إنْ لم يكن دمي عاصفاً عند رأسي
أو لمْ يقشعرْ بدني
أو لم تهزْ كـَتِفي الظنون؟



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كريم - القرية – 80
- السيد حميد مجيد موسى – عائلة كريم خلف ترفض تقاعدكم وترفض ما ...
- كم من ضَحَاكٍ بكى بنوروز – 2
- في اللغة - 5
- الدين والجنون – 6 - المدينة – 4
- الدين والجنون – 5 – المدينة - 3
- حوارات من سِفْر التحدّي البدائي - 2
- ثلاث
- القرية - 79
- في اللغة – 4 – -المادة- و -المال- وأهون الشرين سياسياً
- في اللغة -3- ملاحظات للكتّاب العرب
- مندائيو المهجر – 2 – المفارقات ال-روحانية-
- مندائيو المهجر -1 - هل هم بحاجة الى مجلس -روحاني-؟
- عصر الرصاص 19-22
- المندائيون وقطيع دراور - 3
- العشب
- القرية – 78
- كبار منسيون -1- عبد وحواح
- القرية 77
- مظفر النواب - 1 - بدايات الفرار الدائم


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون -7