أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مها الجويني - سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى















المزيد.....

سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى


مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 00:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لاتزال ملاحم و مآثر سلطان المدينة محرز إبن خلف تتوارثها العائلات التونسية جيلا بعد الجيل و لايزال مقامه في الأسواق القديمة بتونس العاصمة قبلة الزوار من تونسيين و أجانب فلا مجال لدخول تونس دون الوقوف امام من حاميها و سلطانها محرز ابن خلف ...
هو أبو محمد محرز ابن خلف بن رزين بن يربوع ابن إسماعيل ، و سمي بخلف لأنه ليس من سلالة آل البيت كبقية أولياء تونس . مقامه في المدينة العتيقة و زيارته واجب على كل من يدخلها.فهو سلطان المدينة و حاميها و الغيور عليها من كل المعتدين .
وفي حواري مع إحدى خادمات الزاوية أكدت لي : ان مقامه لا يفرغ من الزائرين و خاصة النساء . فالصبايا يأتين كل يوم أربعاء لتنظيف المقام ، وللاغتسال ،فيه وذلك للحصول على زوج صالح ، أما المتزوجات فهن يأتين لأخذ بركات سيدي محرز ، بتقديم الأكل لمن في لزاوية أو بعض الأموال .
و تضيف إحدى الزائرات أن رؤية المقام كلها بركة و كم هي محظوظة من تنال رضاء الشيخ محرز، لان سلطان المدينة يحمي مرديه من العين ، و المرض الحسد و يقيهم من شر الآخرين . و تقول الأسطورة أن سيدي محرز و سيدي ابن عروس الذي كان يحرك الحجر من موضعه ليبني به مدينة تونس ، التقيا في مقبرة الجلاز ، و تخاصما لان سيدي محرز اتهم سيدي ابن عروس بالسرقة قائلا : أنت تسرق الحجر لتبني به .فرد سيدي بن عروس داعيا على تونس بالخراب وعند تحرك الجبل أوقفه محرز ابن خلف بإشارة بيده ومنذ تلك الحادثة صار الناس يقولون "يحرزلك محرز يا تونس" ، لولا صرامة محرز لدمرت البلاد .
ولد الشيخ محرز في 340 و وتوفي في 413 للهجرة . الموافق ل951 -1022 ميلادي. كان رجل دين وفقيه ، في شبابه كان يعلم الناس القران في مدينة أريانة و سكن بعد ذلك قرطاجنة و كانت تعرف بمرسى الروم و من قرطاجنة انتقل إلى مدينة تونس و اشترى دار بناحية باب سويقة و أسس بجوارها مسجدا له جب و أبواب و دار ثانية لسكنى الطلبة . كان محرز يعلم الفقه و الحديث و يجالسه العلماء و الفقهاء حتى أن الإمام أبي بكر الباقلاني المالكي البغدادي يقول عنه : "لو أدرك محرز ابن خلف رجال السلف لكان خامس الأربعة ."
كان المؤدب محرز ادم اللون ، في عينيه رطوبة ، معتدل اللحية ، في ظهره انحناء يلبس الصوف و يردأ به و يقول : المؤمن يأكل ما حضر و يلبس ما ستر و يأخذ ما صفا و يترك ما كدر. و كان إذا ذكر الصوفي عنده يضحك و يقول: الصوفي من لبس الصوف على الصفا و رم الدنيا خلف القفا. كان مطبوعا على الإعراب و فصيح اللسان .و يقول عنه أبي القاسم النحوي البزار احد معاصريه : " جعلت بالي من المؤدب محرز فما وجدته يلحن في كلامه قط و لا يتكلم إلا كلام العرب" .
كان الشيخ ذائع الصيت و له عديد الكرامات ومن اشهرها انه وجد بنت ابن أبي زيد احد أشراف قومه أن ذاك، في إحدى زياراته لوالدها بالقيروان في حالة لا تستطيع الوقوف بسبب شلل أصابها فتوجه محرز ابن خلف إلى الله و دعا لها فقامت ومشت من ساعتها وتعجب من كان حاضرا .
كان محرز ابن خلف من المؤدبين المالكيين ، وكان يعلم المذهب خفية و في سرية لان أيام دولة ابن باديس منع المذهب السني و صار المذهب الشيعي مفروضا على السكان لأنه مذهب الدولة و وزرائها و عقيدة الأثرياء و أصحاب النفوذ و الجاه .وفي هذه الظروف أعلن محرز ابن خلف ثورته ضد ابن باديس و ضد من دعاهم في رسائلة بالمشارقة و الغزاة رغم أنهم إدعوا أنهم من آل بيت .
و هكذا أعلن محرز بن خلف زعامته لتونس إثر وفاة إبن باديس و مبايعة ابنه المعز سنة 406 هجري الموافق 1015. وكان عمر المعز حين المبايعة يتجاوز ثمانية أعوام و كان محرز ابن خلف في السادسة و الستين من عمره. و بدأت ثورةه بعد شهور من المبايعة في تونس قبل أن يستشهد زعيم القيروان و زعيم أهل السنة أبو علي بن خلدون سنة 407.
و يذكر أن للشيخ لمحرز كرامات داخلة في نطاق الثورة منها : أن رجلا أتاه قبل الشيعة و خبره انه يريد أن يتزوج و ليس لديه شيء . فما زحه الشيخ و قال له خذ الفرق على قمح ابن العظيم و(وكان ابن العظيم من أغنياء الشيعة ) فأخذ من الناس و تزوج . و بعد قليل قتل الشيعة و فتحت مطامير ابن العظيم فكان الرجل ينقل القمح منها و يؤدي الفرق الذي اخذ و خزن عولته. و في ذكر مناقبه إشارة إلى استعمال الحمام الزاجل أيام الثورة فقد كانت المراسلة بين صديقي من أهل السنة جارية بهذا الحمام . و كان أحداهما في القيروان و الأخر بتونس و هو المخبر لمحرز ابن خلف.و في أخر المناقب نص ظهير من المعز بن باديس إلى المؤدب محرز بن خلف فيه تعظيم و تمجيد من الأمير إلى المؤدب و فيه اعتراف بولايته و بركاته و يمنحه به التحرر من دفع الضريبة للسلطان.
و هذه ديباجة الرسالة : " هذا ظهير كريم من القائم الناصر لدين الله المز بن باديس للشيخ الصالح الكبير القدر محرز ابن خلف لطف الله به قصد وجه الله العظيم و رجاء ثوابه الجسيم و ما أمر به من السلف المتقدم من إكرام أهل العلم و الدين . لان في إتباع طريقهم خلص من الشك اقتداء ومن قصد إلى طريقهم اخرج من الضلالة إلى الهدى و أنقذ من الجهالة و الردى ."
توفي محرز ابن خلف رحمه الله في 413 هجري و قد اختلف الرواة في سبب موته فقيل أن احد أتباع الشيعة قد اغتاله و قيل دس عليه من سقاه سما. وقد جاوز عمره السبعين و ترك أربعة أبناء وهم محمد و عبد العليم و عبد القادر و الرابع لم يذكروا اسمه و ترك بنات لم تذكر أسمائهن. و لازم ابنه المسجد من بعده و صلى بنالس بعد والده إلى أن توفي و دفن عند رجلي والده .
لمحرز ابن خلف أدبا و اقعيا و شعرا تاريخيا غرضه الثورة على الدولة الصنهاجية السائرة نحو سياسة الوحدة و التبعية إلى المشرق العربي و التي عرف و ولاتها و قضاتها بالانحلال و التسيب. :
ايأمر المعروف من ليس يفعله و ينهى عن المنكور من لا يزائله
فمحرز ابن الخلف هو الشاعر الوحيد في الأمة العربية الإسلامية الذي خص الحضارة المحلية من قبل الإسلام فذكرها بالتمجيد و قصدها بالقصيد و افردها بلأدب في قصيدته الشهيرة قرطاجنة نورد منها هذه الأبيات :
خليلي مرا بالمدينة و اسمعا ** مدينة قرطاجنة ثم ودعا
طل بها يبكي لفقدان أهلها ** كما ندب الأطلال كسرى و تبعا
فقولا لها مابال رسمك دارسا *** ومابال و فد قد بناك و ودعا
أن هذا الأدب لم يرد لنا منه الا القليل وللأسف خولطت قصائده الوطنية التي تستلهم عزة تونس من الماضي الأمازيغي و البربي المجيد . بأشعار صوفية تخفي الجانب العلمي و الفكري التي فيها . و بالتالي تم تغيير الأبيات و تحريف الكلمات . لتتجانس مع طبيعة التصوف الطرقي الذي حول الزعيم محرز ابن خلف من رجل حرب و فكر إلي رجل صوفي غارق في تأملاته و صاحب كرامات خارقة تأتي الدراويش و المريدين إلى مقامه لشراء البخور و الحلوى أو لاستماع لبعض المدائح الصوفية .



#مها_الجويني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة لأنصار الآب الحنون ..
- مجموع لي
- ذات القلم الوقح
- الإغتصاب واجب أصولي و ذكوري
- صاحبة الصليب و العيد
- فتحي نخليفة .. الفارس المنسي
- إمراة و نصف
- الجالية الإخوانية و قضايا الوطن
- كادحة لا أكثر
- الإعلام و المزز
- آتاي إما
- إلى سجين إرميل
- بين الحب و الجنس
- خطاب تيزرزرت
- لا ترضي دور البديل
- دور البديل
- حروف الوجود
- أنا إمرأة
- بدون برستيج
- في اليوم العالمي للتسامح


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مها الجويني - سلطان المدينة ذكرى لا تنمحى