أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحنفي - أثر اهتمامات الشباب على الأفراد والجماعات















المزيد.....



أثر اهتمامات الشباب على الأفراد والجماعات


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 1176 - 2005 / 4 / 23 - 13:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توطئة :
يعتبر الشباب من أهم الفئات التي تعلق عليها آمال عريضة للارتقاء بمجالات الحياة المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
وهذه الفئة هي التي تراهن عليها جميع مكونات المجتمع وقياداته :
1) تراهن عليها الدولة في إعداد الأطر العليا والمتوسطة والصغرى المكونة لأجهزتها.
2) تراهن عليها الأحزاب السياسية من اجل تغذية منظماتها، وبث إشعاع حزبي في أوساطها، وتعبئتها لمختلف المحطات السياسية.
3) تراهن عليها التنظيمات النقابية لممارسة الضغط على مالكي وسائل الإنتاج وعلى الدولة من اجل انتزاع المكاسب المادية والمعنوية لصالح الجماهير العاملة في مختلف القطاعات العامة والخاصة.
4) تراهن عليها الجمعيات التربوية والثقافية لتصريف التصورات المختلفة في المجالات الثقافية والتربوية.
وهذا الرهان راجع بالأساس إلى كون الشباب يتميز بالحمولات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية ويملك الرغبة الزائدة في التنمية المادية والمعنوية ويتوفر على قدرات عقلية وجسمية متميزة تؤهله للمزيد من الإبداع في جميع المجالات.
وسنتناول بالتحليل مفهوم الشباب واهتماماته والعلاقة بينه وبين مختلف الاهتمامات وأنواعها الإيجابية والسلبية,الذاتية والموضوعية , ومدى انعكاسها على الأفراد والجماعات، سواء كان ذلك الانعكاس سلبيا او إيجابيا وتعاطي الشباب مع ظاهرة العولمة.
وبذلك نصل إلى خلاصات عامة تمكننا من امتلاك تصور عن آفاق التعامل مع الشباب، ووضع المخططات التي تستهدف التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي اعتمادا على القدرات التي يتوفر عليها الشباب، وما يمتلكه من كفاءات علمية وأدبية وصولا إلى بناء مجتمع سليم من الأمراض المختلفة التي تجد لها مرتعا في صفوف الشباب الذي تستغل قدراته ،وكفاءاته،ولا يستطيع الانخراط في مختلف مجالات الحياة.
.مفهوم الشباب :
إن مفهوم الشباب يطرح علينا إشكالية عويصة تقودنا إلى القول بان هذا المفهوم يخضع في تحديده الى مجموعة من المقومات :
1) إلى الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية التي تحكم نشأته. وهل هي شروط تعمل على التسريع بإنضاج الشباب ؟ أم أنها تتسم بالتباطؤ ؟
فعلى المستوى الجغرافي نجد الشباب في المناطق الحارة يختلف عنه في المناطق المعتدلة ، وفي المناطق الباردة من الكرة الأرضية.
وعلى المستوى الاقتصادي فالمجتمعات التي تسود فيها عدالة اقتصادية تساعد الشباب على النمو السليم، والتي لا تسود فيها تلك العدالة ويتحكم فيها الحيف الطبقي نجد أن شبابها يعاني من مختلف المخاطر الاجتماعية.
وعلى المستوى الاجتماعي نجد أن الطبقات المستغلة تعد شبابها لتحمل مسؤولية تكريس الاستغلال على الطبقات الشعبية الكادحة والمقهورة التي لا تتوفر لها إمكانية إعداد شبابها. وتدفع بأبنائها منذ طفولتهم إلى الوقوع بين براثن الاستغلال التي تفتك بهم وتتركهم غير قادرين على تطوير إمكانياتهم المادية والمعنوية واكتساب المؤهلات المادية والمعنوية التي تمكنهم من تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى المستوى الثقافي نجد كذلك أن الطبقات المستغلة تستطيع أن توفر لأبنائها إمكانية الاستفادة من المكونات الثقافية للمجتمع لتسهيل عملية الاندماج . وتملك في نفس الوقت الوسائل المختلفة للتثقيف الذاتي بينما نجد الطبقات المستغلة (بفتح الغين) من المجتمع لا يستطيع أبناؤها التفاعل مع المكونات الثقافية للمجتمع ولا يمكن لها أن تتوفر على وسائل التثقيف الذاتي تبعا لوضعيتها الاقتصادية والاجتماعية.
وعلى المستوى المدني نجد أن الطبقات المستغلة تتميز بالأولوية أمام مختلف المؤسسات بناء على التعليمات. ويصاغ القانون لخدمة مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،ولذلك فأبناؤها الشباب تكون لهم الأولوية في تلقي الامتيازات المختلفة من تلك المؤسسات بينما نجد أن الطبقات المقهورة مهمشة، وتبعا لذلك يزداد تهميش أبنائها.
وعلى المستوى السياسي نجد أن أبناء الطبقة المستغلة تسهل أمامهم فرصة الوصول إلى المسؤوليات السياسية سواء في إطار جهاز الدولة ، أو في الأحزاب السياسية. ومن خلالها يتم الوصول إلى المسؤوليات الجماعية والى البرلمان ، نظرا للموقع الطبقي الذي يحتلونه ، وبسبب غياب وعي طبقي حقيقي لدى الشرائح المقهورة من المجتمع التي تكتفي ببيع ضمائرها أو تنفيذ توجيهات السلطات في التصويت على الجهة التي ترغب فيها ، وبذلك تبقى بعيدة عن تحمل المسؤوليات الجماعية وعن الوصول إلى البرلمان. وحتى إذا كان هناك وعي حقيقي بين صفوف المقهورين ، فان التزوير المكشوف يطال أصواتهم.
وتتدخل كل هذه المستويات المختلفة لرسم السمات العامة للشباب فنجد انه :
1) على المستوى العمري : نجد أن الوصول إلى سن الشباب يختلف من المناطق الحارة إلى المناطق الباردة. فالإنسان الذي يعيش في المناطق الحارة يكون سريع النمو ، بينما نجد أن الإنسان الذي يعيش في المناطق الباردة يتسم نموه بالبطء ، وعلى هذا الأساس تختلف بداية ونهاية الشباب بالنسبة لجميع الطبقات الاجتماعية.
2) وعلى المستوى النفسي والعاطفي , فان اختلاف المؤثرات من وسط إلى آخر تجعل إنضاج الشروط النفسية والعاطفية أيضا مختلفة سواء تعلق الأمر بالطبقة الواحدة أو بمجموع الطبقات الاجتماعية , فالشخص الذي يعيش شروطا نفسية وعاطفية سليمة في الوسط الذي ينشأ فيه تكون بداية مرحلة الشباب عنده طبيعية , وفي وقتها الاعتيادي , والذي يعيش شروطا قاسية , قد تتقدم عنده مرحلة الشباب كما هو الشأن بالنسبة لمراهقي الطبقات المسحوقة من المجتمع الذين يضطرون إلى العمل في مرحلة الطفولة , أو تتخلف كما يحصل في الكثير من الأحيان للعديد من الشباب .
3) وعلى المستوي العقلي نجد أن الشروط التعليمية والتثقيفية تساهم إلى حد كبير في إبراز الفروق العقلية و القدرات المختلفة , فيكون العمر العقلي اكبر من العمر الحقيقي فتتقدم بداية مرحلة الشباب . أو يكون العمر العقلي مساويا للعمر الحقيقي , فتكون بداية مرحلة الشباب في وقتها العادي أو تكون متأخرة عن العمر الحقيقي فتتأخر مرحلة الشباب عن بدايتها العادية .
وبذلك نتبين أن تحديد المفهوم تتحكم فيه مجموعة من العوامل المشار إليها , وعلى أساسها يمكن القول بان الشباب مرحلة عمرية , ونفسية , وعاطفية , و عقلية تؤهل الإنسان ليتحمل مسؤولية المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية . وحتى تكون تلك المساهمة فعالة يسعى إلى اكتساب المؤهلات العلمية والمعرفية والتقنية . كما يسعى إلى امتلاك المزيد من الخبرات التي تساعد على الرفع من مستوى الإنتاج المادي والمعنوي .
وهذا المفهوم يتحول بتحول الشروط الذاتية والموضوعية مما يترتب عنه كون الشباب في مستوى المرحلة أو دونها , وهو ما يخلق اهتمامات مختلفة عند الشباب . فما مفهوم الاهتمامات التي تحضر في مرحلة الشباب؟
مفهوم الاهتمامات :
وان العوامل المساهمة في تحديد مفهوم الشباب هي نفسها التي تتدخل في تحديد الاهتمامات . فالوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي لفئات شرائح الشباب هو الذي يحدد نوع اهتمامات كل شريحة من الشباب .
فالشباب المنحدر من الطبقات المستغلة تحضر عنده اهتمامات محددة تتعلق بطبيعة الطبقة التي ينتمون إليها والتي تختلف باختلاف طبيعة تلك الطبقة . هل هي إقطاعية ؟ هل هي بورجوازية وطنية ؟ هل هي بورجوازية تابعة ؟ هل هي متعددة التشكيلات ؟ هل هي استعمارية ؟
أما الشباب المنتمي إلى الطبقات المقهورة فان اهتماماتهم تختلف حسب طبيعة الشريحة التي ينتمون إليها . هل هي الطبقة العاملة ؟ هل هي طبقة الفلاحين الصغار والمعدمين ؟ هل هي طبقة التجار الصغار والحرفيين ؟ هل هي شريحة العاطلين ؟ لان كل تحديد لانتماءات الشباب إلى فئات وشرائح الطبقات المقهورة يساعد على تبني طبيعة الاهتمامات التي تحضر عند كل فئة من الفئات .
وتحديد الاهتمامات على أساس الانتماء الطبقي لا يلغي إمكانية حضور اهتمامات مشتركة بين جميع الشباب كالاهتمامات الوطنية , والإنسانية , والقومية , وهي اهتمامات تحضر عند الشباب على أساس :
1) نوع التربية التي تلقاها الشباب في طفولتهم .
2) القيم السائدة في المجتمع .
3) نوعية الثقافة السائدة .
وإذا كانت الاهتمامات العامة والخاصة تحصل بناء على الشروط التي ذكرنا فما هو المفهوم الذي تأخذه ؟
إن الاهتمامات على المستوى العام هي كل ما ينشغل به الشباب عقليا . ووجدانيا مما له علاقة بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي في أبعاده التاريخية والمستقبلية من اجل توظيف هذا الواقع لتامين مستقبل الشباب وحمايته من كافة الأخطار المادية والمعنوية حتى تتسنى له المساهمة في عملية التنمية الشاملة التي تنتظر منه .
وهذا المفهوم يتحدد من خلال المستويات الآتية :
1) المستوى العمري حيث نجدان اهتمامات الشباب سرعان ما تعرف تحولا من عمر لاخر , فهي بعد سن المراهقة مباشرة تحمل معها مؤثرات تلك المرحلة , وتسعى إلى ترجمتها على ارض الواقع, وبعد ذلك تتحول في اتجاه الرغبة في تحقيق الاندماج في المجتمع كالاهتمام بالحصول على الرتب العلمية العالية .
والحصول على عمل مشرف, والبحث عن زوجة أو زوج لبناء بيت , والعمل على تحسين الوضعية الاقتصادية باعتبارها وسيلة للرقي الاجتماعي . وخلال كل ذلك قد يحصل الاهتمام بالعمل السياسي الذي يعتبر دافعا للاهتمام بالعمل والتسلق الطبقي ،أو السعي إلى تحقيق مكاسب عامة يستفيد منها الشعب ككل كما هو الشان بالنسبة لمن يختار النضال الديموقراطي السليم .
وهذه الأشكال من الاهتمامات تخضع كل فئة منها لمرحلة عمرية معينة , أو تنسحب على مجموع مرحلة الشباب التي يختلف الدارسون حول بدايتها ونهايتها .
2) المستوى العاطفي والنفسي , وفيه نجد التفاعلات النفسية والعاطفية مع مؤثرات الواقع انطلاقا من الشروط الذاتية والموضوعية التي يعيشها الشباب , ولذلك فالاهتمامات الفردية والفئوية تكون رهينة بالوضعية العاطفية والنفسية للشباب . فبقدر ما يكون الشباب متوفرا على توازن نفسي أو عاطفي , بقدر ما تكون اهتماماته متناسبة مع تلك الظروف وقابلة للترجمة إلى ممارسة مؤثرة , ومحولة للواقع ومطورة له وترجمة لطموحات الشباب وتطلعاته , وبقدر ما يفتقد الشباب توازنه النفسي والعاطفي بقدر ما يفقد القدرة على التركيز على اهتمامات معينة, فينعكس ذلك على مساره العام ويصاب بمجموعة من الإحباطات التي تؤدي في نهاية المطاف إلى اليأس من إمكانية الاندماج في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , ويحرم المجتمع من مساهمة الشباب على جميع المستويات التي ذكرنا, وتصبح الحالة التي يوجد عليها الشباب دليلا على التخلف الذي يعاني منه المجتمع .
فالظروف العاطفية والنفسية الناتجة عن المؤثرات الذاتية والموضوعية تلعب دورا كبيرا في تحديد الاهتمامات التي ينشغل بها الشباب سواء كانت تلك الاهتمامات سلبية أو إيجابية , أو حتى حرمان الشباب من الانشغال بها .
3) المستوى العقلي الذي يتحكم في قيمة الاهتمامات التي تحصل عند الشباب , فإذا كانت القدرات العقلية عند الشباب مرتفعة , فان الاهتمامات التي تحصل عنده تكون عظيمة : لان الشباب حينها سينظر بعيدا , وسيحلم بتحقيق التطلعات التي لا وجود لها , والتي قد تفيد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج وقد تضرها وقد تفيد الطبقات المقهورة من المجتمع وقد تضرها .
أما إذا كانت القدرات متوسطة فان اهتمامات الشباب تكون من نوع اهتمامات الحياة اليومية لا تتجاوزها إلى شيء آخر , وبالتالي فان الشباب باهتماماته العادية لا يسعى إلى تحقيق تطلعات معينة , بل يكتفي بمجرد ضمان العيش بأي وسيلة كانت حتى ولو كانت على حساب كرامة الإنسان . وفي حالة تدني القدرات العقلية فان اهتمامات هذا النوع من الشباب تكون متدنية أو بدون اهتمامات .
وتلعب القدرات الذهنية دورا كبيرا في الاستفادة من الخبرات, واكتساب المزيد من المعارف التي ترفع مستوى الاهتمامات لدى الشباب , إلا أن توظيف ذلك لصالح الجهات المستغلة أو العكس , فان الاختيارات السياسية – أنى كانت – هي التي توجه اهتمامات الشباب إلى تحقيق أهداف متوسطة أو دنيا , أو عدم تحقيق أي أهداف تذكر .
ولهذا فالاهتمام برفع مستوى القدرات العقلية للشباب يعتبر أساسيا وضروريا , والتأكيد على الاختيارات الشعبية والديموقراطية يفسح المجال أمام إيجابية اهتمامات الشباب .
علاقة الشباب بالاهتمامات :
وبتحديدنا لمفهوم الشباب ، والاهتمامات يتبين لنا أن العلاقة بينهما قائمة ، وان الشباب موجود باهتماماته في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كما أن الحديث عن الاهتمامات لا يحضر بكثافة إلا مع الشباب وعنده. والعلاقة بينهما علاقة تلازم ، بخلاف الأطفال الذين تفرض عليهم اهتمامات معينة ، والكهول ، والشيوخ الذين يجدون أنفسهم محاصرين باهتمامات محددة.
وتتنوع علاقة الشباب بالاهتمامات باعتبارها :
1) علاقة تطلع وتحقيق الذات ، لان الشباب عندما يهتم بشيء معين يحلم بتحقيقه ، وهذا الحلم هو الذي يدفعه إلى العمل على تحقيق ما يهتم به سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا أو علميا أو سياسيا. وفي الحلم يكمن التطلع الذي له علاقة وطيدة بالرغبة في تحقيق الذات.
وطبيعة التطلع الذي يرغب الشباب في تحقيقه يختلف بحسب الانتماء الطبقي ، والمستوى التعليمي والثقافي لفئات الشباب المختلفة، كما تختلف بحسب الانتماء الحزبي والقناعات الإيديولوجية : والانتماء النقابي والحقوقي والجمعوي. فتحقيق الذات لابد أن يمر عبر هذه الأطر،وتلك المستويات الطبقية والتعليمية والثقافية ،وإلا فان الفئات التي تعيش بدون تطلع يقذف بها إلى الخلف وتبقى بدون هوية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية.وتعيش عالة على المجتمع ، وضحية للاختيارات السائدة.
2) علاقة اندماج وذوبان ، لان كل الشباب مهما كان مستواهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وكيفما كانت الطبقة التي ينتمون إليها، والحزب السياسي الذي يقتنعون بإيديولوجيته وبرنامجه السياسي ومواقفه، نجده يحرص على الاندماج في المجتمع ، والذوبان فيه انطلاقا من اندماجه في الطبقة التي هو منها والتي يحرص على الاندماج فيها والذوبان في جسدها ، وبذلك يشعر انه من هذا المجتمع واليه.
وعملية الاندماج والذوبان في المجتمع تتم بسرعة إذا :
أ - كان الشباب يتمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
ب – امتلك المؤهلات العلمية والمهنية
ج – استوعب العادات والتقاليد والأعراف
د – انتمى إلى الطبقة السائدة
ع – امتلك مؤهلات أعلى تجعله اكثر إفادة للمجتمع من غيره في مجال معين.
وتحقق الاندماج والذوبان يمكن الشباب من المساهمة الفعالة في بناء المجتمع وتطوره وتطويره، وإكسابه هوية الجيل الذي ينتمي إليه الشباب وجعله متميزا عما سبق وعما سيأتي.
وبدون هذا الاندماج والذوبان يبقى الشباب غريبا عن الواقع ،وعن الوطن، وعن المجتمع ، ومحروما من تحقيق تطلعاته المختلفة، وهو ما يؤهله لكي يصبح مجالا لانتشار مختلف الأمراض الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولا يؤهله مستواه العلمي والثقافي والسياسي لتجنب تلك الأمراض.
ومن واجب المسؤولين العمل على إنضاج الشروط المناسبة لاعداد الشباب لتحمل المسؤوليات المختلفة سواء على المستوى العام أو الخاص ، وهو ما يسهل عملية اندماجه.
3)علاقة رغبة في التغيير ، لان الشباب عندما يعيش مرحلة يعيشها بإرادته هو ورغبته ، وتصوره للاقتصاد والاجتماع والثقافة والسياسة، وهي أمور غالبا ما تفرض على الشباب من قبل الأنظمة السائدة التي غالبا ما تكون استبدادية. وطبيعة الشباب تجنح إلى التجديد في جميع المجالات.و أهمها المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي. ولذلك فهو يجنح إلى التغيير ذاته برفض ما هو قائم ، والرغبة في تغييره بما هو افضل واحسن للشباب.
وجميع الثروات التي عرفها تاريخ العالم كان وراءها الشباب. فحركات التحرر الوطني التي قاومت الاستعمار شكلها وقادها الشباب ، والثورة البيولوجية نظر لها وشكل أحزابها وقادها الشباب، ومقاومة عولمة اقتصاد السوق يقودها الشباب والتنظيمات الثورية الحقيقية يقودها الشباب ، وكل ذلك من اجل تغيير اقتصادي يكون طريقا لتغيير اجتماعي يستهدف إعادة النظر في التشكيل الطبقي وفي العادات والتقاليد والأعراف عبر إعادة النظر في البرامج التعليمية والثقافية والتشريعات القائمة في البلاد ، ولذلك نجد أن الشباب يسعى باستمرار حسب الإمكانيات المتوفرة لديه إلى بناء تنظيمات تساعده على تحقيق التغيير المنشود وعل جميع المستويات ، لضمان مستقبل آمن ، ومتطور ومتجدد باستمرار يصب في اتجاه تحقيق البرنامج الاستراتيجي.
فالبرنامج المرحلي يركز على الاهتمامات التي يمكن تحقيقها على المديين القريب والمتوسط.أما البرنامج الاستراتيجي فيسعى إلى تحقيق التغيير الشامل على جميع المستويات.
والنضال من اجل تحقيق البرنامج المرحلي يقتضي ان يكون ديمقراطيا، والنضال الديمقراطي لا يتم إلا عبر السعي وبطرق مشروعة إلى تمتع كل الجماهير الشعبية الكادحة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية , ومن خلال التنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية والحقوقية حتى تتحسن أوضاع الشباب العامة والخاصة , ويدرك الشباب مدى أهمية الانخراط في الأحزاب والنقابات , والجمعيات والمنظمات الحقوقية حتى تكون حركته في اتجاه التغيير السليم نحو الأحسن , وصولا إلى تحقيق التغيير الجذري , وبالطرق الديموقراطية الواضحة المقاصد والأهداف .
أنواع اهتمامات الشباب :
وتحضر عند الشباب مجموعة من الاهتمامات العامة والخاصة و الجماعية والتي تتحكم في حضورها الشروط الذاتية والموضوعية للأفراد والجماعات , ويمكن تقسيم هذه الاهتمامات بصفة عامة إلى :
1) اهتمامات إيجابية . والذي يحدد إيجابيتها هو :
أ- كونها مفيدة للشباب وللمجتمع في حالة تحقيقها .
ب – الأعراف والتقاليد التي تجعل الشباب يهتمون بأشياء معينة دون سواها , وجعلها حاضرة في ممارستهم اليومية .
ج – مناسبتها للعقيدة والشريعة السائدتين في مجتمع معين .
د- عدم مخالفتها للقوانين السائدة في مجتمع معين .
ه- عدم تناقضها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان .
وما دامت تتوفر على هذه المعايير , فان إيجابيتها تكون مؤكدة , إلا أن كونها مفيدة قد يتم الاختلاف فيه بين عقيدة وأخرى , أو بين عادات وتقاليد و أعراف مختلفة . كما أن ما يمكن أن يكون إيجابيا على أساس العادات والتقاليد والأعراف قد يكون مضرا للشباب , ومخالفا للعقيدة السائدة في المجتمع , أو متناقضا مع المواثيق الدولية , وقد يعتبر ما هو متلائم مع المواثيق الدولية غير مقبول على مستوى العادات والتقاليد والأعراف , وعلى مستوى العقيدة السائدة في المجتمع .
وبناء على ذلك , فان الاهتمامات الإيجابية هي كل الاهتمامات المتعارف عليها بشرط أن لا تتناقض مع ما جاءت به العقيدة السائدة ومع المواثيق الدولية ومع القوانين المعمول بها , والمتلائمة مع تلك المواثيق .
2) الاهتمامات السلبية التي تتحدد سلبيتها في :
أ - كونها مضرة للشباب وللمجتمع في حالة تحققها .
ب - عدم ملاءمتها للعادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع .
ج - عدم مناسبتها للعقيدة والشريعة السائدتين في المجتمع .
دـ مخالفتها للقوانين المعمول بها .
هـ- تناقضها مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
ويمكن أن تعتبر بعض الاهتمامات سلبية بحكم العادات والتقاليد والأعراف مع أنها تعتبر إيجابية على مستوى العقيدة والشريعة السائدتين , وعلى مستوى القوانين المعمول بها , وعلى مستوى المواثيق الدولية.
كما يمكن أن نجد اهتمامات سلبية على مستوى العقيدة والشريعة السائدتين, أو على مستوى القوانين المعمول بها أو على مستوى المواثيق الدولية , ومع ذلك نجد أنها تعتبر إيجابية على مستوى العادات والتقاليد والأعراف .
وحتى نتجنب هذه التناقضات التي تحصل على مستوى اهتمامات الشباب , نجد انه من الضروري أن نعمل على حصول الانسجام بين العادات والتقاليد والأعراف ومختلف القيم السائدة في المجتمع وبين العقيدة والشريعة السائدتين فيه , والقوانين المعمول بها , والمواثيق الدولية عن طريق نظام تربوي جديد يستهدف تكريس التربية على حقوق الإنسان , وكما هي في القوانين والتشريعات والمواثيق الدولية سواء كانت هذه الحقوق عامة أو خاصة , وسواء كانت ذات بعد اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو مدني أو سياسي , لأنه بتلك التربية نجعل الاهتمامات لا تتناقض مع العقيدة والشريعة والقوانين والمواثيق الدولية .
ويلعب المجتمع دورا كبيرا في تحديد الاهتمامات التي تحضر في وجدان الشباب فهو الذي يحدد نوع الاقتصاد السائد هل هو إقطاعي , أو شبه إقطاعي أو رأسمالي , أو رأسمالي تبعي أو اشتراكي .. الخ , و ذلك تبعا للاختيارات السائدة في المجتمع , وسعيا إلى جعلها تتجدد عن طريق اهتمام الشباب بها وهو الذي يحدد نوع العادات والتقاليد و الأعراف التي تكون لها علاقة بتلك الاختيارات السائدة, كما يفرض على الشباب الاهتمام بعقيدة معينة , وبما يترتب عن تلك العقيدة ويحرص على إعطائه الخضوع لقوانين معينة كيفما كانت تلك القوانين , وبواسطة المؤسسات الاجتماعية المعنية .
ودور المجتمع لا يأتي هكذا بطريقة مباشرة إلا عبر العادات والتقاليد و الأعراف , و ما سواها يمر بطريقة غير مباشرة عبر مؤسسات الدولة التي تحكم المجتمع , والتي تدعي تمثيله كمؤسسات التعليم و الصحة , والثقافة , ودور الشباب ..... الخ .
ولذلك نجد أن التحكم في اهتمامات الشباب يأتي عبر مؤسسات الدولة الموجهة لممارسات المجتمع على جميع المستويات . وتغيير تلك الاهتمامات لا يأتي إلا عبر التغيير الذي اصبح يحمل بحكم وعيه اهتمامات نقيضة للاهتمامات السائدة .
الاهتمامات الإيجابية :
وكما أوضحنا ذلك أعلاه , فان الاهتمامات الإيجابية هي كل ما يفيد المجتمع وخاصة الشباب, و بالأخص عندما لا تتناقض مع العقيدة والشريعة . والقوانين المعمول بها والمواثيق الدولية , وهي تنقسم إلى :
1) اهتمامات ذاتية تتلخص في انشغال الشباب بالأمور التي تتناسب مع عمره .
2) اهتمامات موضوعية تجعل الشباب ينشغل بالقضايا التي تهم المجتمع سواء كانت اقتصادية او اجتماعية أو ثقافية .
أولا : الاهتمامات الذاتية : وهذه الاهتمامات التي يجب أن يستحضرها عبر كل الأمور التي تخص الشباب كفرد في حياته الخاصة . واهم هذه الأمور :
1) الحرص على أن يتمثل الشباب عمره , لان الشباب يسعى إلى تحقيق ذاته على مجموعة من المستويات حتى يثبت جدارته بالاندماج في المجتمع الذي ينتمي إليه , واهم هذه المستويات :
أ- الاهتمام بالجسد فالشاب في نهاية مرحلة المراهقة يسعى إلى إبراز جسده عن طريق ممارسة الرياضة, واكل ما هو مفيد , والظهور بالشكل الجميل حتى يكون مرغوبا فيه من الآخرين .
ب- الاهتمام بما هو وجداني عبر حب أشياء وكراهية أشياء أخرى , واختيار من يراها مناسبة له , آو من تراه مناسبا لها وقراءة كل ماله علاقة بالجوانب الذاتية كالقصة والرواية والشعر الوجداني بالخصوص لعلاقته بالتعبير عن العواطف النبيلة عند الشباب . كل ذلك وغيره من اجل إغناء فكره وعواطفه وممارسته بما هو جميل تمهيدا للاندماج في الواقع الاجتماعي .
ج-ومما يهتم به الشباب : قراءة وتتبع الإبداعات الفكرية في جميع مجالات الفكر والإيديولوجية بحثا عما يغني أفكاره . وعما يعبر عن ذاته من الأفكار و الإيديولوجيات من جهة , وحتى يظهر أمام الشباب بالقدرة على الإحاطة بالفكر والإيديولوجية من جهة أخرى .
د: ومن أهم ما يطبع ممارسة الشباب هو الظهور بالقدرة على تمثيل الواقع الاجتماعي بمختلف مظاهره , و الواقع الثقافي بمختلف توجهاته , وقدرته على التمييز بين ما يجب أن يستمر وما يجب تجاوزه , وما يمكن أن يكونه المجتمع , وان تصير عليه الثقافة .
وعلى المستوى السياسي نجد أن الشباب ميال إلى التعاطي مع التيارات السياسية المعارضة و خاصة تلك التي تدعي الجذرية , أو الجذرية فعلا نظرا لان الشباب اكثر معاناة من غيره واكثر رغبة في التغيير , و الانخراط في التنظيمات السياسية وتحمل المسؤولية فيها , والعمل على قيادتها .
2) الحرص على تحقيق الطموحات , والتطلعات الفردية كتعبير عن الذات من خلال الاهتمام بوضعية الجسد الصحية , والمظهرية والوجدانية و الاهتمام بالفكر والإيديولوجية والاهتمام بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وهذه الطموحات تزداد رجاحة تحققها عبر :
أ – حرص الشباب على التكوين النظري والعلمي، وذلك عن طريق الحرص على الحصول على أعلى الدرجات العلمية واستثمار أوقات الفراغ في تحصيل عدد اكبر من المعلومات التي تمكن الشباب من توسيع مداركه التي ترفع إمكانية استيعاب اكثر للممارسة العلمية التي تمكنه من تحقيق طموحاته القريبة والبعيدة المدى.
ب – حرصه على استيعاب المدارس الفكرية، ومواكبة تطورها حتى يستطيع اختيار الأفكار المناسبة من اجل التعامل معها،واختيار الإيديولوجية المعبرة عن مصالح الشباب ، سواء كان هذا الشباب منتميا إلى الطبقات السائدة ، أو الطبقات المقهورة فاستيعاب الممارسة الفكرية والتوجهات الإيديولوجية يمكن اعتباره ممارسة شبابية هادفة إلى إثبات الذات في عمق اهتماماتها.
ج – والغاية من التشبع بأفكار معينة ، والاقتناع بإحدى الإيديولوجيات هي تحقيق القدرة على الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ذلك الاستقلال التي تحضر فيه مكانة الشباب هو الذي له علاقة بالاقتصاد الذي يعتبر أساسا ماديا للاستقلال الاجتماعي، والمكانة الاجتماعية التي يترتب عنها اهتمام بثقافة معينة ترفع وعي الشباب بأوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، وبطبيعة الصراع الدائر في المجتمع ، وهل هو صراع ديمقراطي أم صراع تناحري ، وكيف يتم توجيه الشباب لممارسة الصراع الحقيقي من خلال أدوات حقيقية لممارسة ذلك الصراع.
وكما يحرص الشباب على الاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، فان جنوحه إلى استقلال موقفه السياسي يعتبر أساسيا بالنسبة للشباب ، لأنه هو التعبير المباشر عن الاختيار الذي قد يكون سائدا ، وقد يكون نقيضا للاختيارات السائدة على جميع المستويات ، والذي يهم بالأساس هو تعبيره عن استقلال الشباب فيما يختارونه.
3) الحرص على الانخراط في المنظمات الشبابية باعتبار ذلك الانخراط هو التعبير النوعي عن الاندماج في المجتمع من جهة ، وعن رغبته في تحمل المسؤولية لتدبير شؤون المجتمع من جهة أخرى والمنظمات التي يساهم في إنشائها تتمثل في :
أ – المنظمات التربوية باعتبارها إطارات لتصريف تصور آخر للممارسة التربوية الذي يعبر عن القناعات الإيديولوجية والسياسية من جهة ، ويعبر عن تناقضه مع التصور السائد على المستوى الرسمي والشعبي. فالتربية هي ممارسة تستهدف :
أولا : إما إعادة إنتاج نفس القناعات الإيديولوجية والسياسية المعبرة عن الحرص على إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية حتى يتم تأييد سيطرة طبقة معينة على وسائل الإنتاج و على المجتمع عن طريق استمرار امتلاك السلطة.
ثانيا: وإما ترسيخ قناعات إيديولوجية وسياسية جديدة تعبر عن الرغبة في تقويض الهياكل القائمة وتعويضها بهياكل جديدة معبرة عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ب – المنظمات الثقافية التي تجعل الشباب يسعى باستمرار إلى :
أولا : التمرس على التعبير عن الرأي في مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما يشجع المجال أمام عملية إثراء الأفكار، وإغنائها بالتمحيص والتدقيق.
ثانيا : تعميق البحث في مكونات الثقافة السائدة لتحقيق المعرفة الشاملة بها.
ثالثا : التمييز بين الثقافات المتناقضة والمتصارعة في المجتمع.
رابعا : العمل على ترسيخ ثقافة نقيضة للثقافة السائدة عن طريق توظيف مختلف الأدوات الثقافية المختلفة من اجل ترسيخ قيم جديدة تلبي طموحات الشباب وتطلعاتهم.
ولذلك فالمنظمات الثقافية تعتبر أهم وسيلة للتغيير على مستوى القيم الذي يسهل الإعداد والاستعداد للتغيير على باقي المستويات حتى يستجيب الواقع لما يتناسب مع متطلبات الشباب في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والسياسة.
فالمنظمات الشبابية هي الإطارات المناسبة التي تصلح للتفاعل الثقافي بين فئات الشباب ، وبين الشباب وباقي الفئات الاجتماعية الأخرى لصياغة وجهة جماعية تستجيب لحاجيات الشباب في مجموع مجالات الحياة ، وحول مختلف القضايا التي تشغل أفراد المجتمع.
ج – المنظمات الاقتصادية التي تهتم بالتنمية الاقتصادية لمجموع أفراد المجتمع عبر إنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة وكبرى تؤدي إلى إحداث مناصب شغل جديدة يستفيد منها الشباب بالخصوص.
والانخراط في المنظمات الاقتصادية يجعل الشباب على بينة من :
أولا : طبيعة الاقتصاد الوطني والقومي والعالمي وهل يستجيب لمتطلبات الشباب التنموية؟ أم انه مجرد اقتصاد لتعميق الاستغلال على الشباب.
ثانيا : طبيعة الاختيارات الاقتصادية القائمة. وهل هي اختيارات ديمقراطية وشعبية؟ أم أنها لا ديمقراطية ولا شعبية ؟ حتى يستطيع تحديد موقفه منها.
ثالثا : طبيعة الاختيارات المتناقضة مع الاختيارات القائمة وهل هي في مستوى التطلعات الشعبية ؟ وماذا يجب عمله لتحقيقها ؟ وكيف نجعلها تستجيب لطموحات الشباب مستقبلا ؟ وكيف يتم تطويرها للاستمرار في ذلك ؟
رابعا : التمرس على وضع مشاريع اقتصادية تتناسب مع النظام الاقتصادي القائم من جهة ، وتستجيب لحاجيات الشباب على المستوى التنموي من جهة أخرى ، وتساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.
فالمنظمات الاقتصادية تجذب اهتمامات الشباب اكثر من غيرها عندما تتخلى الدولة عن دورها في إيجاد مناصب الشغل القارة ، وعندما يتخلى القطاع الخاص عن كثافة اليد العاملة ، ويعوضها بالاعتماد على التكنولوجيات المتطورة في عملية الإنتاج.
د – المنظمات الاجتماعية ، وهي إطارات يسعى الشباب من خلالها الى التعود على تقديم الخدمات الاجتماعية ، وخلق علاقات اجتماعية بين الشباب. والعمل على تطوير العلاقات القائمة أو تغييرها إن أمكن بعلاقات أخرى ، وتنظيم الملتقيات بين الجهات المختلفة، أو بين المنظمات الوطنية والدولية من اجل تبادل الخبرات ، والأفكار والتصورات. والمنظمات الاجتماعية لا يمكن أن تقوم بدورها الريادي إلا ب :
أولا : تلقي الدعم اللازم من الجهات المسؤولة محليا وجهويا ووطنيا .
ثانيا : استقلاليتها عن المنظمات ذات الطبيعة السياسية وخاصة تلك التي تستغل الأعمال الاجتماعية لصالح أغراض آنية ضيقة .
ثالثا : ديموقراطية تنظيماتها حتى تضمن الاستمرار في الساحة سواء على مستوى الهيكلة او على مستوى اتخاذ القرارات .
رابعا : جماهيريتها التي تعطي الحق لكل شاب في الانخراط فيها دون آية عراقيل تذكر .
خامسا : سعيها إلى التجديد في نوعية الخدمات التي تقدمها , والعلاقات التي تبدعها من اجل بناء مجتمع جديد خال من الأمراض الاجتماعية المخربة .
وبذلك يمكنها أن تكون في مستوى متطلبات العصر الذي يعيشه الشباب . وفي مستوى تحقيق طموحاته وتطلعاته .
هـ – المنظمات السياسية وهي الإطارات المعبرة عن نضج الشباب , وانخراطه الفعلي في الحياة العامة . وسعيه إلى ممارسة المسؤوليات السياسية المختلفة سواء داخل الأحزاب أو في المنظمات الجماهيرية . أو في المؤسسات الجماعية أو في أجهزة الدولة المختلفة .
ونظرا لكون الأحزاب السياسية هي الأطر التي يمارس الشباب من خلالها السياسة، فان انتماء الشباب إليها يقتضي :
أولا : ترسيخ القناعات الإيديولوجية باعتبارها تعبيرا عن الانتماء الطبقي ، فلا بد لفئة معينة من الشباب أن تقتنع بإيديولوجية معينة من اجل الانتماء إلى حزب معين.
فالقناعة الإيديولوجية تختلف من طبقة إلى أخرى ومن حزب إلى آخر ، وبحكم احتكاك الشباب بمختلف المؤثرات فانه يجد نفسه مقتنعا بإيديولوجية معينة ، ومنخرطا في حزب معين تبعا لتلك القناعة.
ثانيا : و كل إيديولوجية لا بد أن تنسجم مع تصور حزبي معين . فالشباب المقتنع بالإيديولوجية الإقطاعية ينخرط في حزب إقطاعي، والمقتنع بالإيديولوجية البورجوازية ينخرط في الأحزاب البورجوازية ، والمقتنع بإيديولوجية الطبقة العاملة ينخرط في حزب الطبقة العاملة، إلا أن ما يجب الوقوف عليه هو أن رغبة الشباب في التغيير تجره إلى القناعات المتطرفة اليمينية ، أو اليسارية ، وهي قناعات تلفيقية تسعى إلى بناء تنظيمات متطرفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. ولذلك لا نستغرب تطرف الشباب الذي يجعله في مرحلة معينة يقبل ممارسة الإرهاب المادي والمعنوي وعلى كل من خالفه الرأي بدافع الرغبة في المصادرة.
ثالثا : وتبعا للانتماء الحزبي / السياسي الذي يختاره الشباب تتحدد طبيعة الموقف السياسي. هل هو موقف مساند للحكم ؟ أو موقف معارض له ؟ أو موقف متذبذب أو بدون موقف تبعا لتوجه هذا الحزب أو ذاك ؟
وغالبا ما نجد أن الشباب وبحكم الإيحاء يتبنى موقفا متطرفا تبعا لتطرف التنظيمات اليمينية أو اليسارية التي ينتمي إليها.
4) الحرص على الاستفادة من مختلف الخبرات التي تتناسب مع مختلف الاهتمامات التي تحضر في وجدان الشباب. واهم هذه الخبرات :
أ – الخبرة الإعلامية التي تكتسب عن طريق تتبع ما ينشر عبر وسائل الإعلام السمعية/البصرية والوسائل المكتوبة / المقروءة، وكل ما يمكن أن يقود إلى اكتساب المزيد من الاطلاع على ما يجري في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
ب – وتبعا لذلك ، فالشباب يكتسب خبرة ثقافية على مستوى التتبع ، وعلى مستوى الانخراط في الإنتاج الثقافي-الأدبي ، والفني ،والمسرحي، من اجل إثراء القيم السائدة. وخاصة تلك التي لها بعد وطني، أو قومي أو إنساني ،وهي أبعاد تعتبر ضرورية للمحافظة على هوية الشباب.
ج – ومن نتائج التفاعل الثقافي بين الشباب والواقع قبول الشباب بتنشيط الحركة الاقتصادية عن طريق مغربة نمط الإنتاج السائد، وقبوله بالمساهمة فيه ،واكتساب المؤهلات التي تمكنه من ذلك ،وانخراطه في مختلف التنظيمات التي لها علاقة بتحسين الأوضاع الاقتصادية للشباب.
د – إلا أن الخبرة الاقتصادية تكون متلازمة مع اكتساب الخبرات الاجتماعية،كالخبرة بميادين التعليم والصحة والسكن والتشغيل ، والنقل وكل ماله علاقة بالتفاعلات الاجتماعية المختلفة لجعل الشباب يساهم في تطور المجتمع ، وتطويره إلى الأحسن ،وجعل العادات والتقاليد والأعراف تستجيب لحاجيات ذلك التطور.
وحتى يتقرر نوع الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية لا بد من اكتساب الشباب للخبرة السياسية عبر الانخراط في الأحزاب ،ومعرفة برامجها الاقتصادية والاجتماعية من اجل تحديد الاختيارات التي يجب أن يسعى إليها الشباب. واكتساب الخبرة السياسية من قبل الشباب يعتبر أساسيا, ولكن الشباب لا يتمكن من ذلك إلا ب :
أولا : توفير مناخ الحريات العامة والخاصة ،السياسية والنقابية.
ثانيا: تمتع جميع أفراد المجتمع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ثالثا : ضمان ممارسة الديمقراطية الداخلية بداخل الأحزاب والمنظمات الجماهيرية.
ولذلك فالنضال من اجل اختيارات سياسية تتناسب مع طموحات وتطلعات الشباب لابد أن يكون نضالا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا في نفس الوقت، حتى يكون النضال ديمقراطيا في مصلحة الشباب الحريص على الديموقراطية.
وبذلك تكون الخبرات المختلفة أساسية وضرورية للشباب للتعبير عن حضور الذوات الفردية والمساهمة في بناء الذات الجماعية.
الاهتمامات الموضوعية :
والى جانب الاهتمامات الذاتية هناك اهتمامات موضوعية تعكس سعي الشباب إلى تمثل الواقع على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
وتتجلى هذه الاهتمامات في :
1) اعتبار الشباب نفسه جزءا من الواقع الموضوعي وعلى أساس هذا الاعتبار فالأشخاص الذين يتحملون المسؤولية في جميع القطاعات يكونون ملزمين باستحضار القضايا التي تهم الشباب ، والمشاكل التي يعاني منها ، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها ، والتفكير في إيجاد مشاريع تهم الشباب من اجل استيعابه.
وبالإضافة إلى ذلك، فالشباب يعتبر نفسه معنيا بتحولات الواقع ، وبالدور الذي يجب أن يلعبه لجعل الواقع في مصلحة الجماهير المعنية بالتغيير، فهو يسعى انطلاقا من شعوره بالمسؤولية الموضوعية، إلى تطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، كما يسعى إلى إشراك كل الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية في تلك المسؤولية الموضوعية.
ولذلك فالواقع الموضوعي هو نفسه واقع الشباب. كما أن واقع الشباب لا يختلف عن الواقع الموضوعي،.فهو يعمل في إطار الهياكل الاقتصادية رغما عنه، ونظرا لتناقضها مع مصالحه الطبقية ، فانه يجد نفسه مرغما على جعلها في خدمة تلك المصلحة.
فادا كانت الهياكل الاقتصادية القائمة رأسمالية، فان الشباب يعمل رغما عنه على تقويضها وبناء هياكل اشتراكية في خدمة جميع أفراد المجتمع التماسا للعدالة الاقتصادية التي تكون مفتقدة في إطار النظام الرأسمالي.
أما إذا كانت اشتراكية فإنها تجد مقاومة من قبل البيروقراطيين الذين يستغلون أجهزة الحزب و أجهزة الدولة للحصول على المزيد من الامتيازات، وتوفير المزيد من التراكمات مما يجعل قيام الهياكل الاشتراكية تتناقض مع مصالحهم الطبقية، فيعملون على تقويضها واستعادة الهياكل الرأسمالية كما حصل في الاتحاد السوفياتي السابق.
فالتعامل مع الواقع الاقتصادي القائم يكون بدافع المصلحة الطبقية، وخارجا عن إرادة الأفراد التي تتحول بدورها إلى واقع موضوعي.
وكما يجد الشباب نفسه مرغما على التدخل في القضايا الاقتصادية ومنخرطا فيها يجد نفسه معنيا بالمساهمة في معالجة القضايا الاجتماعية وخاصة منها تلك التي تهمه مباشرة كقضايا التعليم والصحة والسكن والشغل. فالشباب يساهم رغما عنه،ومن موقع المسؤولية في إيجاد حلول للمشاكل التعليمية والصحية ومشكل السكن والشغل وغيرها من خلال المؤسسات والجمعيات والنقابات والأحزاب المعنية بذلك.
ونفس ما يرغم عليه الشباب في المجالات الاقتصادية والاجتماعية يجد نفسه كذلك مرغما على المساهمة في التنشيط الثقافي تتبعا وإبداعا وإضافة وتوجيها من خلال المؤسسات الثقافية الرسمية و المنظمات الجماهيرية والتنظيمات الحزبية من اجل تكريس الثقافة القائمة، ومن اجل إيجاد ثقافة بديل حاملة للوعي بضرورة تغيير الواقع حتى يكون من مصلحة الشباب، وسائر الجماهير المعنية بالتغيير.
ويرغم الشباب تحت تأثير ضرورة التغيير على إعادة النظر في الهياكل الحزبية القائمة حتى تتحول الأحزاب إلى أدوات للعمل على إعادة صياغة الواقع السياسي من اجل إعادة النظر في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لخدمة التوجهات التي تخدم مصلحة الشباب،ومصالح الجماهير المعنية بإيجاد اختيارات بديلة على جميع المستويات.
وبذلك تكون المساهمة الموضوعية للشباب حاضرة في صيرورة التاريخ البشري ونظرا للحدة التي يتميز بها وللطموحات والتطلعات التي تطبع ممارسته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
3) مساهمته في تغيير الواقع بناء على ما امتلكه من تصور، وما يتمتع به من خبرات. فالشباب عندما يجد نفسه متصديا للتغيير في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية فهو ينطلق مما اكتسبه من خيرات جديدة تساعده على ذلك. واكتساب الخبرة لا يأتي إلا من التجربة التي تدفع الشباب إلى المغامرة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والشباب الذي يجد نفسه مرغما على المساهمة في التغيير يضطر إلى اكتساب المعارف الضرورية النظرية والعملية ، الأدبية والمادية ،التنظيمية والجماهيرية بالإضافة إلى معرفة الواقع، والتمكن من القوانين، والآليات المتحكمة فيه، سواء تعلق الأمر بأنماط الإنتاج السائدة فيه، أو تشكيلته الاقتصادية والاجتماعية، أو تعلق الأمر بالأحزاب السياسية والتنظيمات الجماهيرية، لان المعرفة المكتسبة في المجالات المذكورة تعتبر ضرورية أثناء قيادة الشباب لعملية التغيير الذي يتناسب مع طموحاته وتطلعاته، وإلا فان قيادة التغيير دون توفر الأدوات المساعدة على ذلك سيؤدي إلى الإجهاض، وهو ما يتناقض مع ضرورة المساهمة في التغيير.
4)حرصه على محاربة الظواهر المتعارضة مع الرغبة في تغيير الواقع، وهذه الظواهر تتجسد بالخصوص في:
أ – الفساد الإداري الذي يعم مختلف المصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي الإطارات الحزبية والنقابية والجمعوية سيؤدي إلى سيادة شريحة اجتماعية معينة تكرس سيطرتها على جميع المصالح ، وتطلق يد المسؤولين عنها لتكريس كل أشكال الفساد، فيعم الإرشاء والارتشاء، والمحسوبية والزبونية وغيرها مما يجعل تلك الشريحة اكثر تمسكا باستمرار الفساد في النسيج الإداري.
ب – تكريس مبدأ الامتيازات المقدمة إلى عملاء الإدارة من مختلف الشرائح الاجتماعية رغبة في نمو طبقة اجتماعية معينة تكون في خدمة الإدارة ،وتعمل على تدجين البشر ، وخالق الاتباع وقتل روح الرفض المنهجي في المجتمع , ومقاومة الحركة المتنورة , والتقدمية , لمنع قيام حركة شعبية شاملة للتعبير عن الفساد المستشري .
ح- تزوير إرادة المواطنين في المحطات الانتخابية المختلفة وذلك لأجل التحكم في النتائج , وتوجيهها لخدمة مصالح الإدارة الفاسدة , و أصحاب الامتيازات المستفيدين من التزوير. فيتحملون المسؤوليات الجماعية , والبرلمانية لحماية امتيازاتهم .
ومن خاصيات الشباب رفضه لكل مظاهر المناهضة للتغيير , وعمله على مناهضتها بكافة الوسائل بما فيها الفضح والتعرية من اجل توعية جميع الشرائح الاجتماعية حتى تعمل على مقاومتها بمختلف الوسائل المادية والمعنوية .
5) سعيه إلى رفع مستوى واقعه إلى ما عليه الأمم والشعوب المتقدمة وذلك عن طريق :
أ- المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى يكون الاقتصاد متطورا , ومتقدما , ومستوعبا لأحدث أساليب الإنتاج , ويرتفع مستوى التعليم أفقيا وعموديا , ويتمتع جميع المواطنين بالحماية الصحية , وبالسكن وبالشغل .
ب- النضال من اجل ديموقراطية حقيقية من الشعب والى الشعب تضمن في إطارها جميع الحقوق لجميع المواطنين بما فيها حق تقرير المصير .
وفي إطار هذه الديموقراطية يحق لكل مواطن الاستفادة من دخل اقتصادي محترم , ومن الخدمات الاجتماعية المختلفة , والمساهمة في وضع دستور مناسب عن طريق مؤسسة منتجة لهذا الغرض والمساهمة في انتخابات حرة و نزيهة لمختلف المؤسسات المحلية والجهوية والوطنية تنبثق عنها حكومة مسؤولة أمام البرلمان الذي يراقبها ويحاسبها , وهي ذات بعد اقتصادي وثقافي , وما سوى ذلك ليس إلا نزيفا للديموقراطية , و لا يمكن أن يخدم مصلحة الشباب .
ح – اكتساب المؤهلات العلمية والأدبية والفكرية والثقافية والتقنية حتى يستطيع مواكبة التطور الذي يحصل في جميع مجالات الحياة .
ولحفز الشباب على اكتساب المؤهلات , لا بد من توفير الشروط التي من بينها إيجاد البنيات التحية اللازمة , و تشجيع المبادرات , والاهتمام بالقضايا الاجتماعية , وضمان الحريات العامة والخاصة والعمل على الاستفادة من الخيرات الوطنية والأجنبية حتى يتمكن الشباب من التكوين اللازم للمساهمة الفعالة و المنتجة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة . وبذلك يكون الشباب مؤهلا للعب دوره كاملا في رفع مستوى واقعه إلى ما عليه الشعوب المتقدمة .
الاهتمامات السلبية :
وتبعا للتناقض الذي يسود الواقع فإننا نجد انه كما توجد اهتمامات إيجابية عند الشباب توجد أيضا اهتمامات سلبية كنتيجة للاختيارات السائدة التي لا تتلاءم مع تطلعات الشباب :
1) و دواعي الاهتمامات السلبية كثيرة ومتعددة يمكن اختصارها في :
أ- الداعي الاقتصادي المتمثل في حرمان فئة عريضة من المجتمع من دخل اقتصادي محترم وحرمان معظم الشباب ذكورا وإناثا من العمل أو من المؤهلات التي تمكنه من إيجاد شغل معين يمكنه من دخل اقتصادي في مستوى مواجهة متطلبات الحياة الاجتماعية . وحرمان من هذا النوع لا يمكن أن يؤدي إلا إلى اللجوء إلى ممارسات اقتصادية مريبة لا تتناسب مع العادات والتقاليد و الأعراف و القوانين والتشريعات .
ب- والداعي الاجتماعي الناتج عن حرمان فئات من المجتمع من الخدمات الاجتماعية كالتعليم , والحماية الصحية , والسكن , والمؤسسات الثقافية والرياضية وغير ذلك مما يشعر معظم الناس , وفي مقدمتهم الشباب بعدم انتمائهم إلى المجتمع فيضطرون إلى القيام بممارسات يترتب عنها إلحاق أضرار كبيرة بالمجتمع , وبمستقبل الشباب مما لا يستفيد منه إلا المستغلون للواقع الذين يقفون باختياراتهم اللاديموقراطية و اللاشعبية وراء ذلك الحرمان .
ج- والداعي الثقافي المتمثل في إشاعة ثقافة الخنوع والتضليل والميوعة والظلامية وكل الثقافات المغيبة للوعي الحقيقي التي يمكن اختصارها في ثقافة الاستلاب .
د- والداعي السياسي الذي يتجسد في الاختيارات القائمة المكرسة لمصالح الطبقة الحاكمة ضدا على مصالح المحكومين , تلك الاختيارات التي تكون مبنية على الأوهام الإيديولوجية التي تجعل المقهورين من الشباب وغيره يعتقدون أن الاختيارات السياسية القائمة تخدم مصالحهم الطبقية .
فالاهتمامات السلبية لا تأتي هكذا برغبة من الشباب بقد رما هي نتيجة للواقع الموضوعي بتفاعلاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية ليجد نفسه ضحية لذلك الواقع.
2) واهم الاهتمامات السلبية التي ينشغل بها الشباب في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها :
أ- المساهمة في تكوين الجماعات المنحرفة , لان الشباب عندما يعيش الفراغ القاتل يحاول أن يملأ وقته بأي شيء حتى وان كان ذلك في غير مصلحته . فتكوين الجماعات المنحرفة يعتبر من الظواهر المرضية في صفوف الشباب . هذه الجماعات التي يمكن أن تشتغل بأي شيء مهما كان مضرا بالمجتمع و يمكن أن تسحر لأي شيء من قبل أشخاص منحرفين أو من قبل عصابات , وبالتالي فان الغاية منها هو التمرد السلبي على الواقع الذي يهمش الشباب , ولا يوليه العناية اللازمة .
ب- الاهتمام باستهلاك ا لمخدرات , لان الشباب الذي يهتم بمستقبله , و لا يجد الحلول اللازمة لمشاكله بسبب انسداد الآفاق يلجا إلى استهلاك المخدرات , ليتخلص من الهموم التي تسيطر عليه , و لا يولي أية عناية للضرر الذي يلحقه بسبب ذلك , وقد يتحول إلى عنصر مخرب للواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , ويساهم بسبب جريه وراء المخدرات يرهن مستقبل بلاده , وقد يتحول إلى مروج لها في صفوف الناشئة .
ج- تقمص الممارسات الشادة المخالفة للأعراف والقوانين , سواء تلك الممارسات ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي . فتنتشر السرقة والدعارة وبيع الضمائر والتجارة في الممنوعات و التهريب وكل ما يمكن أن يعتبر وسيلة غير مشروعة للحصول على المال .
د- ممارسة اللعب المهمش الذي لا يخضع لا للقانون ولا للتنظيم . وبعيدا عن الإطارات المعنية بمختلف أنوع اللعب. فالاهتمام بتكوين الفرق الرياضية في مختلف الأحياء الشعبية خارج إطارات الجمعيات الرياضية ولعب الورق وغيرها هي مجرد وسائل للتغلب على عامل الوقت , وقد يصبح اللعب المهمش وسيلة للحصول على المال بطرق غير مشروعة وقد يصبح مجالا لترويج المخدرات و أشياء أخرى .
وهكذا نجد أن اهتمامات الشباب السلبية قد تجره إلى أمور تغرقه في المزيد من المشاكل المعقدة , ولذلك يجب أن يحضر عمل الجمعيات والنقابات و الأحزاب من اجل تحفيز الشباب, وجعله ينشغل بالاهتمامات الإيجابية حتى يبتعد عن الانشغال بما هو سلبي .
انعكاس الاهتمامات على الأفراد وعلى المجتمع :
والاهتمامات المختلفة التي ينشغل بها الشباب تكون لها انعكاسات مختلفة على مستقبل الشباب . فهي يمكن أن تكون سببا في رفع مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية , ويمكن كذلك أن تكون وراء ذلك المستوى , ولذلك فانعكاس الاهتمامات على الأفراد قد يكون إيجابيا وقد يكون سلبيا :
1) فالانعكاس الإيجابي هو الذي يقف وراء تحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للأفراد من الشباب وتتجلى تلك الإيجابية في :
أ- سلامة الجسد من مختلف الأمراض الجسدية التي قد تعوق الفرد , وتحول دون قيامه بالتزاماته المختلفة . ومعلوم انه إذا كان الشباب إيجابيا تجاه نفسه يتجنب إلحاق الضرر بها , فانه سيجنب نفسه كل ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجسد , باعتبار سلامته هي المبتدأ والمنتهى قبل التفكير في الإيجابيات الأخرى .
ب- وكنتيجة لذلك فان العقل سيكون أيضا سليما مما يمكنه من استخدامه في الأمور التي تعود على صاحبه وعلى الناس جميعا بما فيه فائدة له ولهم. فسلامة العقل بعد الجسد تعتبر شرطا لقيام الفرد بدوره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , لأنه به يكتسب الفرد إنسانيته ,ويمر إلى عملية الاندماج والذوبان في المجتمع .
ح- واهم ما يمكن أن ينظمه الفرد بسلامة الجسد والعقل هو حياة الفرد الاقتصادية التي تعتبر جزءا من اقتصاد المجتمع . فالشاب السليم جسدا أو عقلا يسعى إلى اكتساب المؤهلات التي تمكنه من الحصول على عمل معين يكون مصدر دخله الاقتصادي , كما يعمل على تنمية دخله بالوسائل المشروعة التي تمكنه من تلبية متطلبات التطور على جميع المستويات .
د- ونتيجة لازدهار الحركة الاقتصادية لدى الأفراد نجد انهم يسعون إلى الانخراط في الحياة الاجتماعية من بابها الواسع , فيستفيدون من توسع التعليم وتطوره , و من الحماية الصحية والشغل والسكن , ويساهم في تنشيط المنظمات الاجتماعية ويسعى إلى الاستفادة مما تحققه من نتائج لصالح الشباب .
هـ- وعلى المستوى الثقافي نجد أن الشباب يندمج في الحياة الثقافية التي يعمل على تغييرها وتطويرها , وجعلها فاعلة في اتجاه تقويم الاعوجاجات الاجتماعية , وتهيئ المجتمع للتفاعل مع المكونات الثقافية المحلية والوطنية , والقومية والعالمية , ويلعب الأفراد دورا كبيرا في عملية تهيئ المجتمع بتنشيط الإطارات الثقافية , وترويج الإبداعات المختلفة .
و- و يبرز الانعكاس الإيجابي في المجال السياسي حيث تزداد مساهمة الشباب في تنشيط الحركة السياسية, والوصول إلى المجالس المحلية والوطنية , والمساهمة في التشريع والتنفيذ وإيجاد المؤسسات التنموية والدور الذي يلعبه الأفراد من الشباب في تنشيط الحركة الحزبية بالخصوص يكون ملموسا .
2) الانعكاس السلبي وهو الذي يقف وراء التردي الاقتصادي والاجتماعي , والثقافي للأفراد , إذ يجد كل واحد نفسه بممارسته وراء التردي الذي يعرفه الواقع نظرا لدوره السلبي الذي لا يجني الأفراد من ورائه إلا ما هو سلبي :
أ- على المستوى الجسدي نجد أن الأفراد يعانون من مختلف الأمراض الجسدية التي تنعكس على مسارهم , فلا يستطيعون إنجاز المهام المطلوبة منهم لغياب الحماية الصحية لهم , ولعدم وجود وعي صحي لدى الأفراد .
ب - وعلى المستوى العقلي نجد أن الشباب لا يقوى أبدا على استخدام العقل نظرا للقصور الصحي . لان سلامة العقل رهينة بسلامة الجسد , والعديد من الأفراد الذين يقعون ضحايا الواقع المتردي لا يقوون على استخدام عقولهم في الأمور التي يعج بها الواقع , و لا يستطيعون إثراء الواقع بأفكار جديدة , ولا يعملون على تطوير الواقع و لا ينخرطون في الحركة الاجتماعية والسياسية , انهم مجرد كائنات عالة على الواقع الذي لا يقوى على التخلص منها .
ج - وهذا النوع من الأفراد بقدر ما يستهلك على حساب غيره بقدر ما يفتقد القدرة على المساهمة في عملية الإنتاج الاقتصادي , لانه لا يعمل , ولا يملك , مؤهلات تمكنه من إنجاز عمل معين أو حرفة معينة , أو اكثر من هذا , فان ضحايا الواقع قد يلجأون إلى ممارسات اقتصادية منحرفة تؤدي بهم إلى متاهات غير معروفة المصير.
د-وبسبب التردي الاقتصادي نجد أن ضحايا الواقع المتردي لا يندمجون في المجتمع , ويعيشون على هامشه و لا يستفيدون من الخدمات الاجتماعية , و لا يتوفرون على الحماية الصحية . بل أن المجتمع لا يعترف بوجودهم , ولا يعمل على إنقاذهم فبقدر ما هم ضحايا الواقع الاقتصادي , فهم أيضا ضحايا الواقع الاجتماعي المتردي .
وعندما يتعلق الأمر بالثقافة , فان الانعكاس السلبي على الأفراد يبدو واضحا , فالأفراد المهمشون اجتماعيا لا يتفاعلون مع المكونات, و لا يستطيعون المساهمة في إثراء الثقافة الوطنية والقومية , بل إن تهميشهم سيكون وراء إنتاج ثقافة المهمشين التي تجعلهم يتقربون من بعضهم البعض . و لا يتعاطون أبدا لا مع الثقافة السائدة ولا مع الثقافة المضادة . وقد عرفت ثقافة المهمشين مند القدم , إلا أنها تشكل أساسا لقيام ثقافة مضادة للثقافة السائدة خلال العصور القديمة كما هو الشان بالنسبة لثقافة الصعاليك في العصر الجاهلي , والعصر الأموي والعصر العباسي , وهناك كتب يمكن أن نستأنس بها في هذا الاتجاه .
هـ – ومجمل الانعكاسات السلبية على الأفراد تتجلى اكثر في البنية السياسية. فالشباب كأفراد مصابون باليأس من الأحزاب التي تمارس العمالة للحاكمين , وتقبل بممارسة التضليل على الجماهير الشعبية الكادحة . وتعمل على جعل الشباب مدجنا قابلا بالاختيارات القائمة . وما يصاب به الأفراد من الشباب من يأس يجعلهم لا يهتمون بالأحزاب و لا يسعون إلى الانخراط فيها و لا يساهمون في تغيير الأوضاع السياسية في البلاد , وفي حالة التعامل مع محطات سياسية معينة , فان الشباب يتعامل معها نفعيا , فيلجأ إلى ممارسة المتاجرة في الضمائر مع مختلف الأحزاب, وهو ما يؤدي إلى الفساد السياسي الذي اصبح مشهورا .
ولتجاوز الانعكاسات السلبية على الشباب لا بد من إعادة النظر في الاختيارات القائمة , ووضع خطة للشباب من اجل استيعابه , وايجاد حلول لمشاكله المختلفة وتنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بوعي حقيقي لمناهضة الوعي الزائف الذي يطال الأجيال الشابة , فيغرقها في الوهم , ويوصلها إلى اليأس من القدرة على المساهمة في التغيير . وما رأيناه من انعكاس الاهتمامات على الأفراد إيجابا وسلبا يحصل لجميع أفراد المجتمع ككل .
فتوزيع الدخل بشكل عادل على أفراد المجتمع يخلق حركة اقتصادية رائدة يساهم مجموع الشباب في ريادتها.
وتعميم الخدمات الاجتماعية على مجموع أفراد المجتمع سيجعل التعليم , والحماية الصحية والشغل والسكن .... الخ حقا للجميع .
أما إذا كان توزيع الدخل غير عادل , والخدمات غير معممة , فان المجتمع ككل يتضرر .
وإذا أعيد النظر في الاختيارات القائمة , فان ذلك سيكون من مصلحة الجميع , لان الاختيارات السياسية البديلة سوف تغير كل شيء .
تعاطي الشباب مع ظاهرة العولمة :
وتعتبر القضايا الراهنة من أهم اهتمامات الشباب. واهم ما انشغل به في السنوات الأخيرة العولمة التي تشغل الدول , والمنظمات الدولية , والجمعيات المختصة كما تشغل الأحزاب , والنقابات والجمعيات والأفراد .
والشباب عندما يهتم بظاهرة العولمة , فانه يجد نفسه يتعاطى معها سلبا أو إيجابا , وهذا التعاطي المزدوج يأتي نتيجة إما للوعي الحقيقي الذي يستحضر خطورة عولمة اقتصاد السوق , و إما للوعي الزائف الذي يقتضي القبول باستحضار اقتصاد السوق كمناسبة لاستهلاك بضائع الرأسمالية .
فالتعاطي الإيجابي يقتضي السعي إلى :
1) استحضار خطورة إلغاء الحدود الجمركية أمام البضائع الأجنبية نظرا لما يشكله ذلك من خطورة على الاقتصاد الوطني والتكتلات القومية .
2) العمل على بناء عولمة أخرى يمكن تسميتها بعولمة مقاومة اقتصاد السوق عن طريق :
أ- عولمة النضال الحقوقي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و المدني والسياسي انطلاقا من التصور الحقوقي الوارد في المواثيق الدولية , والعمل على ملاءمة التشريعات المحلية مع تلك المواثيق والمطالبة المستدامة بحمايتها .
ب- عولمة النظام النقابي الساعي إلى تحسين أوضاع الشغيلة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعمل على إيجاد قوانين الشغل المتلائمة مع المواثيق الدولية الصادرة عن المنظمات الدولية وباقي المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان .
ح- النضال من اجل ديموقراطية حقيقية من الشعب والى الشعب على مستوى كل دولة على حدة حتى تعكس المؤسسات القائمة حق الشعوب في تقرير مصيرها .
د- فرض احترام إرادة الشعوب في بناء اقتصادياتها الوطنية من اجل حماية نفسها من الانهيار أمام همجية اقتصاد السوق الذي تسيطر عليه الشركات العابرة للقارات , و تأخذ به الدول التابعة خدمة لتلك الشركات .
هـ- إيجاد إعلام وطني متطور ومواجه لظاهرة عولمة اقتصاد السوق , وملب لحاجيات المواطنين في الأخبار والثقافة والفنون , إعلام مستوعب لاخر المستجدات, ومبادر, وساع إلى خلق الاهتمامات بالقضايا الوطنية والقومية , وخاصة تلك التي لها علاقة بالطبقات , وبالصراع الطبقي من اجل المحافظة على حرارة مقاومة عولمة اقتصاد السوق .
و- عولمة محاربة أمراض النظام الرأسمالي العالمي بتفرعاته المركزية والإقليمية والقطرية وبإمداداته الهمجية المتمثلة في الشركات العابرة للقارات .
ز- إعادة الاعتبار لشعار ًًًٌٌٍََُِ( يا عمال العالم اتحدواٌٌٌ) , الذي أصبحت ضرورته واردة اكثر من أي وقت مضى عبر واجهتين :
الواجهة الأولى : إعادة الاعتبار للنضال النقابي الصحيح عبر بناء منظمة نقابية مبدئية : تقدمية وديموقراطية وجماهيرية ومستقلة, وحدودية , ونضال نقابي لا يستحضر إلا مصالح الطبقة العاملة وحلفائها .
الوجهة الثانية : بناء أحزاب الطبقة العاملة بإيديولوجيتها العلمية وبرامجها المرحلية , الاستراتيجية , و بقيادتها للجبهات الوطنية والقومية والعالمية , وبامتداداتها الجماهيرية عبر تنظيمات مختلفة , ومتعددة .
3) أما التعاطي السلبي مع العولمة فيمكن تجسيده في :
أ- تكريس الاستلاب الإيديولوجي الذي يكون مصاحبا للبضائع الرأسمالية التي تغزو مختلف الأسواق بعد سقوط الحدود الجمركية . ذلك الاستلاب الذي يجعل الشباب بالخصوص يحلم بالانتقال إلى الدول الرأسمالية باعتبارها ملاذا ينجي من الهمجية التي تصيب البلدان ذات الأنظمة التابعة .
ب- الجري وراء استهلاك البضائع الوافدة من الدول الرأسمالية باعتبارها ذات جودة " عالية " وباثمنة " مناسبة " وبإهمال البضائع الوطنية التي تفتقد الجودة , وباثمنة " مرتفعة " ومعلوم ما يترتب عن ذلك من إصابة الاقتصاد الوطني بالبوار .
ج - الابتلاء بتتبع الإعلام السمعي / البصري المبثوت عبر القنوات الفضائية باعتبار ما تبثه يدخل في إطار الحداثة . بينما نجد أن اغلب ما يتلقاه الشباب عبر تلك القنوات يزيد من استلابه ويعميه من واقعه . ويجعله يلهت وراء بضائع المراكز الرأسمالية , والشركات العابرة للقارت وهو ما ينتج عنه ازدياد تعميق الأزمة الأخلاقية والاقتصادية والمعرفية و العلمية .
د- اقتحام شبكة الانترنيت, لا للبحث وتنمية المعارف بل لقتل الوقت , والاشتغال بالتوافه , ومشاهدة أمور تفسد الذوق وتخرب الأخلاق و تعمل على إبعاد الشباب عن واقعه المتردي بالاعتقاد بأنه اصبح متقدما فعلا , وهو ما لا تستفيد منه إلا الشركات العابرة للقارات , والبورجوازية التابعة في البلدان المتخلفة.
هـ- الاهتمام بترسيخ العادات والتقاليد والأعراف الجديدة المعبرة عن سيادة العولمة , باعتبارها بديلا للعادات والتقاليد والأعراف القديمة التي لم تعد تساير مستجدات العصر الذي يسير في اتجاه كل شيء في إطار اقتصاد السوق بما في ذلك القيم .
و – والاستهانة بالمثل الوطنية والقومية والدينية المعبرة عن هوية شعب من الشعوب من اجل إحداث قطيعة بين أجيال الشباب وبين تلك المثل حتى يصبح بدون مناعة تدفعه إلى العمل على المحافظة على هويته.
وبذلك يكون الاهتمام بظاهرة العولمة من قبل الشباب عاملا من عوامل الارتباط بما هو سلبي يقود مستقبل الشباب إلى الخراب.
الخلاصة :
وما يمكن أن نخلص إليه من خلال هذه المعالجة المتأنية لاهتمامات الشباب هو :
1) أن الشباب في حالة الاهتمام الإيجابي بإعداده يصبح قوام الشعوب ومبعث تقدمها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي وفي حالة عدم الاهتمام بإعداده سيتحول إلى عامل رئيسي من عوامل التخلف في جميع المجالات المذكورة.
2) إن توفير آليات تطوير الشباب المعرفية والعلمية وإيجاد مؤسسات التكوين واكتساب الخبرات العلمية ، سيساعد على استيعاب الشباب في عملية الإنتاج الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، وسيعتبر مساهمة فعالة في حماية مستقبل الشعوب.
3) إن الإهمال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يتعرض له الشباب ستترتب عنه أمراض لا حدود لها ، ستكلف الشعوب مستقبلها وستحول دون اندماج الشباب في عملية الإنتاج التي ستبقى مرتبطة بالمركز الرأسمالية وبالشركات العابر للقارات.
4) إن طبيعة الشباب لا تتعارض مع إرادة التقدم على جميع المستويات.غير أن الاختيارات اللاديمقراطية واللاشعبية هي التي تحول دون قيام الشباب بدوره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.


فالاختيارات الرأسمالية والرأسمالية التابعة لا تخطط إلا لرفع مستوى الأرباح التي تأتي على حساب تقديم خدمات للمجتمع يستفيد منها الشباب وتساعد على إدماجه.
5) إن معظم الإبداعات التي تفتخر بها الشعوب وتشكل معالم تاريخه هي من إبداعات الشباب، وهو ما يعكس رغبة الشباب في التطوير والتطور والإسهام في العطاء الحضاري الذي يبقى شاهدا على العصر.
6) إن الأجيال الشائخة من المجتمع تحد من قدرة الشباب على العطاء الاجتماعي الامتناهي نظرا للتناقض الطبقي القائم بين الشيوخ الذين ينزعون إلى المحافظة ، والشباب الذين ينزعون إلى التجديد على جميع المستويات.
7) إن أمل الشعوب التي تنزع إلى تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في شبابها الذي يسعى إلى تحقيق ذلك، وليس في شيوخها الذي يحرصون على الاستفادة من الوضع المتردي.
8) ان مرحلة الشباب تبقى إطارا للذكريات الجميلة لدى الشيوخ الذين يحنون إلى استعادتها لاستدراك ما فاتهم تحقيقه كما قال الشاعر زهير بن أبى سلمى الذي يعرف جيدا إمكانية الشباب :
ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
ولذلك فالاهتمام بالشباب في المجالات السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية يعتبر ضروريا لتوفير إمكانية الاستفادة منه لصالح الشعوب التي تراهن على شبابها بالخصوص، وهو ما يجب ان يسعى اليه ، وان نناضل من اجله.


ابن جرير في : 18/08/2001
محمد الحنفي



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب ....... الأسباب ........ المظاهر .......... سبل التج ...
- الاحزاب السياسية و المنظمات الجماهيرية أي واقع ؟ .. واية آفا ...
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ...
- الإسلام / الماركسية علاقة الالتقاء و الاختلاف
- القول المصحوب بالفعل عمق الإيمان الإسلامي إلى حكيمة الشاوي ا ...
- الوصاية على الدين الإسلامي و احتكار الحقيقة ...
- عمال بلدية ابن جرير بين دعم نضالهم النقابي أو إعلان العمالة ...
- نقطة نظام : آفاق مبدئية النقابة بين قيادة الطبقة العاملة و ق ...
- التوظيف الأيديولوجي للدعوة إلى تطبيق -الشريعة الإسلامية- ينا ...
- قضية المرأة / قضية الإنسان
- الحزب الثوري أسسه – مبادئه - سمات برنامجه - حزب الطليعة الدي ...
- النظام العربي ومعاناة الشعب الفلسطيني والعراقي
- الإسلام و التعبير عن الاصطفاف الطبقي
- القيادة الفردية للنقابة و مخاطر التبقرط
- اليسار – الديمقراطية – العلمانية أو التلازم المستحيل في العا ...
- في أفق تجاوز التعدد النقابي :
- عندما يتحول الظلام إلى وسيلة لتعبئة العمال نحو المجهول ...! ...
- حول الإسلام والسياسة .....وأشياء أخرى ......
- الإسلام / النقابة ... و تكريس المغالطة
- الاجتهاد ... الديمقراطية ... أية علاقة ؟


المزيد.....




- أندر إوز بالعالم وُجد بفناء منزل في كاليفورنيا.. كم عددها وك ...
- بعدما وضعتها تايلور سويفت في كوتشيلا.. شاهد الإقبال الكبير ع ...
- طائرتان كادتا تصطدمان في حادث وشيك أثناء الإقلاع.. شاهد رد ف ...
- بعد استخدامها -الفيتو-.. محمود عباس: سنعيد النظر في العلاقات ...
- لبنان.. القبض على رجل قتل زوجته وقطع جسدها بمنشار كهربائي ود ...
- هل ستجر إسرائيل الولايات المتحدة إلى حرب مدمرة في الشرق الأو ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 10 فلسطنيين في مخيم نور شمس شمالي ...
- الصين.. عودة كاسحتي الجليد إلى شنغهاي بعد انتهاء بعثة استكشا ...
- احباط عملية تهريب مخدرات بقيمة 8.5 مليون دولار متوجهة من إير ...
- -كتائب القسام- تعرض مشاهد من استهدافها جرافة عسكرية إسرائيلي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحنفي - أثر اهتمامات الشباب على الأفراد والجماعات