أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل














المزيد.....

محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 21:41
المحور: الادب والفن
    


غزة مدينة حزينة، لا يختلف إثنان على ذلك، وحزينة كلمة لها معنى محدد، ليس من ضمن هذا المعنى أنها مدينة ضعيفة أو ذات اتجاه واحد في الحياة، هي ابنة الحياة بكل معانيها، وحزنها هو ذلك الشعور المؤقت الذي تمر به المدن عادة حين تصيبها الجراح وتكشط جلدها الحرب فتدفن أبناءها الجميلين وتصلي عليهم في الفجر كل يوم.

دائماً أحببت أن يعرف العالم الوجهَ الآخر لغزة الحزينة، أردت دائماً أن أقول إن سكان هذه المدينة ليسوا جميعاً حاملي سلاح ويمشون على الحدود لكي يطلقوا النار أو ليستشهدوا، غزة تعيش، تصطاد السمك وتقيم الأفراح وتستحم في البحر وتزرع الورود والقمح والبرتقال، غزة أيضاً تغني، وتستطيع أن تجعل العالم كله يركع على ركبتيه طرباً إذا أرادت ذلك.

عرفت محمد عساف منذ كان في الثامنة، في برنامج للمواهب كان يقدمه تلفزيون فلسطين، وساهم فنانون فلسطينيون مثل وائل اليازجي وجمال النجار وياسر عمر في صقله وتنمية موهبته، بالطبع عدا عن أبيه الذي لم يستطع الغناء في بيروت بسبب الحرب الأهلية في السبعينيات، فوضع حلمه على أكتاف محمد، فذهب به إلى أبعد ما يكون.

تمنيت منذ اللحظة الأولى التي قفز فيها محمد عساف من فوق جدار الأراب أيدول، أن يفوز باللقب، ليس لأنني فلسطيني يشجع ابن بلاده، فقد شارك فنانون فلسطينيون قبل ذلك في برامج مشابهة، لكني لم أشعر تجاههم بالفخر كما أشعر تجاه صوت محمد عساف، ببساطة لأنه صوت الحياة التي تحمل غزة من أنقاض موتها المؤقت إلى سماء الفن العالية، محمد ينقذ غزة من نشرة الأخبار، ويذهب بها إلى مكان يليق بها، محمد عساف يثبت ما قلته قديماً، أن الأغنية رفيقة الرصاصة، تلزمنا تماماً كما يلزمنا السلاح، فالروح المعبأة بالأغاني أكثر قدرة على الصمود من تلك التي لا تشم رائحة الموسيقى في الموسيقى.

محمد عساف بهذا الصوت الذي يلملم العائلة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، وحتى في أمريكا اللاتينية التي يحصل منها محمد على أكبر نسبة تصويت، جعل الفلسطينيين فخورين بواحد من أبنائهم، جعلني شخصياً أحس أن غزة ما زالت بخير، وأن جميع الأشياء التي تبدو صعبة ومستحيلة باتت ممكنة.

غزة تبنت محمد، فتبناها بصوته القوي الجميل الذي لا يخطئ لا حين يغني عن رأس جبل أو حين يغني في وادٍ ذي زرع، أو حتى على ظهر سفينة على البحر الغزي المحاصر والمنكوب، محاصرٌ من أعدائه، ومنكوب من أصدقائه حين يضعونه في نشرة الأخبار، فالبحر في نشرات الأخبار هو مكان يطلق منه الأعداء النار على الساحل، أما أغنيات البحر والصيادين فلا أحد يذكرها، وجاء محمد عساف ليجعلنا نتذكر، نحن من نسينا، أو ليجعلنا نعرف، نحن من جهلنا، أن الحياة في غزة ما زالت ممكنة، وأن الأصوات التي تملأ الفضاء العربي بالأغنيات ليست قادمة من أماكن من الخيال، فغزة ليست خيالاً ومحمد عساف ابن غزة فهو بالتالي ليس خيالاً.

بهذا الصوت، سوف يصعد محمد ويحمل فلسطين معه، يحملها كما حملها الشهداء من قبله إلى الخلود، فليس من المفروض على كل فلسطيني أن يموت لكي يصنع تاريخاً أو نصراً صغيراً هنا أو هناك، محمد عساف، هذا الولد الطيب الخجول، يقول لنا ذلك، ويقول أيضاً إنه قادر بصوته أن يخرج فلسطين من حصارها إلى رحابة الفضاء.

للصدق، على من يقرأ ما أكتب أن يفرق بين كوني أرى ما سيصل إليه محمد عساف بجمال صوته، وبين كوني أحمّله ما لا يطيق، فأنا لا أحمّل محمد مسؤولية شيء، ولا أطالبه بشيء، فكل ما قلته عنه سيحدث تلقائياً، لسبب بسيط، أن محمد من بسطاء غزة الذين عاشوا حروبها وحصارها وأصيافها وشتاءاتها، عاشوا بحرها ورملها وصبايا مدارسها، عاشوا أشجار برتقالها وأسواقها القديمة، منها وفيها ولها غنى، ومنها وفيها ولها انتمى، ومنها وفيها ولها سيبقى، فمن يستطيع أن يفصل الصوت عن الحنجرة؟ ومن يستطيع أن يفصل محمد عن غزته؟ عن فلسطينه؟ ومن يجرؤ أن يقول إن مشروع محمد عساف هو مشروع مناقض لأي مشروع آخر مثل سامر العيساوي مثلاً، ففي اعتقادي أن سامر العيساوي نفسه حين يستمع إلى محمد عساف فسوف يرتفع رأسه أيضاً ويزداد قدرة على قدرته ونبلاً على نبله، فسامر العيساوي ومحمد عساف في صف واحد ولا حق لأحد أن يجبرنا على المقارنة بين اثنين كل منهما يعزز الآخر.

عزيزي محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل، وليس النسر، أريد أن أرى بلبلاً يطير ويغرد حراً ومعافى، واضحاً وبسيطاً وكبيراً في الوقت ذاته، دعنا نستمع إلى فلسطين في صوتك، ودعنا نرى صوتك في فلسطين، ليس هذا فقط، دعنا نرى حبيباتنا وأمهاتنا وورداتنا وشهداءنا أيضاً، فمن يجرؤ أن يفصل الوردة عن البندقية عن الأغنية عن الشهيد، هو بالتأكيد ما زال يحتاج إلى دروس تعلمه كيف يعيش.

الثاني عشر من آيار 2013



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد يطلق العصافير قصة للأطفال
- مثل كركزانٍ حزين
- غْزِيْزْلِة وخْنِيْنِص قصة للأطفال
- أنا من سرقتُ الخيلَ
- سامر العيساوي، لم أرَ من قبلُ جيشاً في نظرةِ عين...
- استشهد ميسرة أبو حمدية، ماذا عن الآخرين؟
- أنا مَنْ قالوا لكِ عنْهُ
- أجل، ستناغيك الوردة
- فيما كنتُ بذرة موسيقى
- تدمر دمشق تدمر
- يا صاحب المقام
- وليد يريد أن يكون قائد سفينة قصة للأطفال
- كيف حالُكَ؟
- الرصاص المكتوب
- لم يأتِ أحد
- هذا الفراغ، هذا الامتلاء
- أريد أن أكون حراً وجائعاً...
- ذاكرة رجل آخر قصة قصيرة
- يا الدمشقيُّ!!!
- كسيّدٍ غيرِ مهذَّبٍ هو الحنين


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - محمد عساف: أذهب بعيداً حيث يحلق البلبل