أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟















المزيد.....

ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 20:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أظنّ أننا متخلفون إلى درجة السماح لأنفسنا بأن نتصارع مع بعضنا البعض على غرار ما يحدث منذ مدة في الشعانبي، وما يجري على هامش الحدث في مناطق مختلفة من البلاد. فالحذر واجب مقدس في هذا الوقت الذي تحاول فيها قوى الهيمنة العالمية عرقلة المسار الديمقراطي في تونس وفي كل بلدان "الربيع العربي" وذلك بتلوينه بلون مصالحهم التي لا يساومون بها أبدا.

أما الدليل أنّ ما نقدمه ليس من قبيل التفكير التآمري، كما قد يحلو للبعض أن يعتقد به، هو اتساق هذا الصنف من التدخل الأجنبي غير المباشر (ويسمونه بـ"الناعم" أيضا) مع عقيدة "صدام الحضارات" التي نظر لها الأمريكي صامويل هنتغتون والتي مفادها أنّ الغرب المسيحي الديمقراطي سيكون في حالة تصادم دائم مع الشرق الإسلامي. فالغرب المتهافت على ضمان مصالحه بصدد سلك نهج حتمي يتمثل في تكريس عقيدة، لا سلك نهج تحرري. وبالتالي فإنهم يشجعون على حصول المكروه كأثرٍ لتلك العقيدة ولا يمنعون حصوله.

إذن أصبح التحرر بالنسبة للبلاد المهيمنة عالميا يعني تحررا من حريتنا نحن الصاعدة. كيف لا وقد فقدوا معنى التحرر والحرية في الآن ذاته والدليل أنهم باتوا يتغذون من دمنا (أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا) لكي يوهموا أنفسهم أنهم أحرار. فهل هذه هي الحرية، وهل هي التي نريدها لتونس وللعرب وللمسلمين وللعالم بأسره؟

لئن يتبع الغرب المسيطر سياسيا واقتصاديا وعسكريا هذه الحتمية الجبانة فنحن، على العكس من ذلك، نتوق إلى الحرية الحق وهي، مثاليا، أساس الديمقراطية مع أنها، واقعيا، أضحت نقيضا لهذه الأخيرة. وإلا فأية ديمقراطية هذه التي رفعت الصدام إلى قمة جبل الشعانبي؟ وهل أصبح الإرهاب مكوّنا من مكوناتها؟

إذن هذه الازدواجية في السلوك ليست وليدة مواقفنا نحن بقدر ما هي وليدة تناقض الغرب مع نفسه أي تناقض الدولة بالمفهوم الغربي. وهذا مما يجعل الأنظمة الديمقراطية الغربية العريقة تترجم هذه الازدواجية في سوء استعمالها الفادح للعلوم والمعارف (إثارة الرجات الأرضية والتسونامي بدعوى التقدم العلمي والتكنولوجي). فمن أجل أن لا تتمادى هذه الأنظمة في إسقاط مشكلتها الوجودية علينا، من الضروري أن تنكبّ مجتمعاتنا على تطوير الديمقراطية وذلك بأن تنتج تأليفا بين الديمقراطية والخلافة بالمعنى الاستخلافي الذي يكون محوره الفرد والمجتمع لا الدولة.

لكن من الصعب جدا أن يستسيغ المجتمع فكرة الخلافة الديمقراطية إلا في حال يتم إصلاح يهدف أولا وبالذات إلى توجيه الساهرين على الإعلام والتعليم والجهاز الديني نحو تحمل مسؤوليات لم يتحملوها أبدا: تدريب الشباب والناشئة على التفكير كفرد ومنه كمجتمع والكف عن التفكير في مكان الحاكم والدولة. وهذا مما يستحيل تحقيقه من دون اعتبار الإسلام ، فضلا عن كونه نصا مقدسا ولوحا محفوظا، فضلا عن كونه وحيا يعيش معنا الآن وهنا، اعتباره معطى ماديا نتلمسه في الواقع المعيش ونحلله ونطوره.

فمن هذه دون النظرة اليسارية التقدمية الميدانية إلى الإسلام لا يمكن تجنب صعود التيارات المتعصبة الدينية بين الفينة والأخرى، وبين الحقبة والأخرى. في هذا السياق لا يصح القول إنّ تونس اليوم مهددة بما جرى في الجزائر في التسعينات ("العشرية السوداء")، وإنما الأصح أن نقول إنّ ما جرى في هذا البلد المجاور والذي هو امتداد جغرافي وتاريخي وثقافي لتونس، كان دلالة على جمود الفكر السياسي في المغرب العربي (وفي الوطن العربي كله)، وإنّ هذا لم يسمح إلى الآن، وبعد مرور ما يناهز 15 سنة، بالوعي بضرورة تثوير العلاقة بين الدين والسياسة ابتغاء تصحيحها وتطويرها، بل إنه سمح بالانزلاق الإرهابي من جديد.

إذن فالمشهد يشتمل من جهة على غربٍ بصدد فقدان ثقته بنفسه ولجوئه إلى الحرب المخابراتية نتيجة الضعف العقدي، ومن جهة ثانية على مجتمع عربي إسلامي لم يعرف من أين تؤكل الكتف؛ لم يعرف أنّ قوته تكمن في لزوم تفطنه للفراغ الذي تركه الغرب وأيضا لطبيعة ردة الفعل الماكرة لهذا الغرب. والتفطن يتطلب تبديل العقائد التي نقلناها عن هذا الغرب بموجب تفوقه علينا. فهي عقائد أضحت بالية لأنها مُوَلدة للضعف وسقط حقنا في الاقتداء بها بسبب لاأخلاقية مؤلفيها.

ومن بين هذه العقائد نذكر عقيدة الدولة المنافسة للرب. فالغرب بنَى حضارته على ما يسمى بـ"العلمانية" وأيضا "اللائيكية" وهي وضعية تضع الدولة في مكانة أعلى من مكانة الرب، لا وضعية تتسم بمجرد التمييز بين الدين والسياسة كما تعتقد نخبنا الحداثوية. ولَما أصرت هذه النخب على ترسيخ هذا المفهوم في المجتمع المسلم لو علمت أنّ الإسلام "علماني" بطبعه. ومن جهة أخرى لَما اشمأزت الفئات الشعبية المسلمة من هذا المفهوم لو لم تشعر أنّه لا يتحدى "قيصر" فحسب ليرضَى هذا الأخير بما له ويترك ما لله لله وإنما هو يتحدى الرب بعينه. ولن يرضى مسلم واحد في قرارة نفسه بمثل هذا التجاوز.

على العكس من الدولة النافية لله، بإمكاننا أن نؤسس الدولة المتجنبة للخوض في مسائل الربوبية لكنّ هذه الدولة ملزمة بالاعتراف بالله. وهو اعتراف يقضي بقبول الدولة لمبدأ "الله عند الفرد وعند المجتمع" وأن لا دخل لها في إرادتهما ولا وصاية لها على سلوكهما. وهذا هو الاستخلاف حيث إنّ الله تعالى لم يستخلف الدولة وإنما استخلف آدم. وآدم ليس دولة وإنما آدم هو" أنا" المسلم وأيضا "هو" المسيحي و"هو" اليهودي وكل البشر مستخلفون في الأرض.

إذن فالفرد والمجتمع هما اللذان ينبغي أن يؤثرا في الدولة بموجب قاعدة الاستخلاف. والعكس ليس صحيحا. وإن حصل أن صح العكس كما يجري الآن في ظل الدولة الغربية المنتهية صلاحيتها الحضارية، فذلك لأن الفرد والمجتمع في البلاد المتقدمة توقفا عن رؤية الحق حقا والباطل باطلا. فلم تعد خلافتهم ديمقراطية إن جاز التعبير بل أضحت ديمقراطية إرهابية. ولمّا تعنّتت مجتمعاتنا في إتباع عقيدتهم الدَّولية بالرغم من فسادها، هاهي تتسلق الجبال عساها تقترب من الله فتنال من الحكمة ما يكفيها للنزول عن طواعية لترى الحق حقا والباطل باطلا في ظل دولة الخلافة الديمقراطية.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع العربي التونسي: -مدرسة ومجتمع الغد-
- تونس بين الإبهام والإرهاب
- ما -الإسلاميات اللغوية التطبيقية- وما -اليسار المؤمن-؟
- الجدلية المادية وتوحيد المسلمين
- فكرٌ بديل بلا بُدلاء، ومدرسة بلا علماء؟
- تونس: طبيعة الإصلاح التربوي وأجزاؤه
- إلى وزير التربية في تونس: كلا، يتوجب البدء في الإصلاح من الآ ...
- هل باستطاعتنا إنجاز الاختراق الحضاري؟
- تونس:اللغة الفرنسية تستبيح .. ثم تستغيث
- تونس: حتى لا يكون الإصلاح التربوي استمرارا للتجهيل
- تونس: السياسيون لا يفقهون في خطاب التحرر
- تونس: هل النهضة ستبقى النهضة؟
- تونس: حكومة بلا فكرة محركة؟
- تونس: أية حكومة جديدة في ظل فكر سياسي جامد؟
- هل عادت تونس إلى المربع الثوري الأول؟
- رحيل بلعيد والحاجة لحكومة تصلح الدولة قبل المجتمع
- استشهاد شكري بلعيد أو المنعرج نحو بناء الدولة التعددية
- المبادئ الأساسية لتعريب الحداثة
- الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة
- تونس: برنامجنا للإصلاح التربوي والعام


المزيد.....




- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟