|
السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 19:52
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
السلطة الرابعة... السلطة الأولى -1- ************************** حين نتعامل مع المفاهيم كمعطيات جاهزة فاننا نكون بمثابة اناء مُلئ بمادة ما ، قد تأسن اذا كانت سائلة ، وقد يصيبها التلف بفعل عوامل متعددة او لها الرطوبة . ومن أبرز هذه المفاهيم مفهوم الاعلام كسلطة رابعة . ان البحث في وظيفة الاعلام اليوم ، لم يعد ينفع معه اعطاء خلاصات تقليدية او تفسيرات مدرسية تعتمد مقررات ما أنتجه بعض الدارسين قبل ثلاثين سنة على الأقل ، نظرا للثورات الهائلة التي مست جوهر وبنية المنظومة الاعلامية . فنحن اليوم نتحدث عن ثقافة العولمة وايديلوجيا العولمة ، وهو فكر كلياني بالأساس ، وليس كوني كما اثبت ذلك الفيلسوف الفرنسي جان بورديار . فعالم الاعلام اليوم يخضع لتنافسية دولية شرسة لا تعتمد تمرير أو التركيز على الخطابات الايديولوجية الفارغة لقصف العقول * ، بل تعتمد على خلق معطيات طازجة وحقائق آنية ، وافتراض حروب ، بل صناعة حروب بالوكالة أو ما يسمى اليوم بالجيل الرابع للحروب غير المتماثلة . أو الاستعمار الرابع الذي يعتمد في الأساس على تكنولوجيا المعلوماتيات وأهمها تكنولوجيا الاعلام . فلم تعد القنوات التقليدية لاستعمار شعوب ما تعتمد على الوسائل القديمة كتنجنيد الحكام وكبار الموظفين بالدرجة الأولى ؛ أو ارسال الجواسيس الى منطقة ما ،بقدر ما اصبحت تعتمد على جيل من المتخصصين في ميدان الاعلام المعاصر . كما أن الاستعمار عن طريق الاليات العسكرية الضخمة وما يقتضيه من عدة وعتاد وجيوش أصبحت ترهق ميزانية الدول المستعمرة في عالم بدأ يشهد تطورات دقيقة على مستوى تصريف راس المال . نحن اذن أمام مظهر جديد من مظاهر التحول الانساني في بعده السلطوي ، الذي يعتمد على الاعلام في صورته الرقمية المعاصرة ، وتأثيره الواضح على هرمية المؤسسات التقليدية ، أو السلط التقليدية الأولى ، كالتشريعية والقضائية والتنفيذية . فسلطة الاعلام أصبحت تختزل هذه السلط وتتجاوزها بتأثيرها على مفاعيلها ، الى درجة أن تلك السلط التقليدية بدأت تحس بهيمنة سلطة الاعلام عليها وتوجيهها لها ، والحد من سيطرتها القديمة . الاعلام اليوم يفرض على السلط التقليدية مراعاة الحد الأدنى من الموضوعية والعدالة في اصدار الأحكام ، وتنفيذ المشاريع او القرارات ، وسن القوانين واعتمادها . فلم يعد بالامكان اقرار قوانين مزاجية دون ان يصاحبها صخب اعلامي يعري تهافتها ودونيتها ، كما لم يعد اليوم مسموحا باصدر أحكام قضائية جزافية وعشوائية دون أن يتعرض القاضي لتسفيه اعلامي ، أو تنفيذ قرارات سلطوية تعتمد الهوى وتستند الى الطغيان . فهذه الممارسات أصبحت تشهد احتجاجات وتتعرض للتشهير المباشر على صعيد كوني وليس محلي فقط ، مما بدأ يقلب كثيرا من المعادلات التي كانت تعتمد على السلطة التقليدية باعتبارها الآمر والناهي في تصريف شؤون الأمة أو الجماعة . ان الحديث اليوم عن نقل الخبر أو الصورة ، لم يعد يعتمد على القنوات التقليدية التي تديرها الرقابة القبلية كما هو الشان قبل عقد فقط ، فالقنوات التلفزيونية أصبحت تتهارش في نقل الخبر الشفاف ، وكبريات القنوات العالمية تجاوزت ذلك الى صناعة الحدث ، وخاصة تلك المرتبطة بأجندات سياسية مع دولتها او مع جهاز ما من هذه الدولة . لم يعد من الممكن اذن اليوم تجاهل دور الاعلام ، كما لم يكن من قبل ، لكننا اليوم نعيش عصر سيطرة الاعلام كسلطة أولى وليست رابعة . فحتى على مستوى الدخل الفردي هناك اعلاميون يتقاضون أجورا اكبر مما يتقاضاه رئيس أعظم دولة . وهناك مؤسسات اعلامية تتجاوز ميزانيتها ومداخيلها ميزانيات الكثير من الدول . وهناك برامج تلفزيونية تحشد من المتتيعين والمتفرجين ما لايحشده أعظم زعيم سياسي . وفي ظل هذه الحقائق الواضحة لا يمكن الحديث اليوم عن الاعلام كسلطة رابعة ، بل اصبح يشكل قلب السلطة ، وهو الجالس فوق عرش مملكة السلط . . * هو عنوان لأحد الكتب عن دور الاعلام وخطورته ..تأليف فيليب تايلور ..ت: سامي خشبة
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التفكير بالدين والتفكير في الدين
-
روسيا تنتصر
-
البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
-
أنت الصباح
-
فنجان قهوة مر
-
فلسفة حق تقرير المصير-1-
-
رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
-
البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
-
لن يحترموننا
-
التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
-
البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
-
مملكة المعنى الغامضة
-
حاولت مرارا أن أصيح
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
-
تأويل الأولين
-
للغياب رائحة الموت
-
القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
-
البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية
-
لعنة البترول
المزيد.....
-
روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال
...
-
وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض
...
-
الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
-
-ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
-
-عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق
...
-
قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ
...
-
تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
-
أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا
...
-
شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|