أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر














المزيد.....

رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر


خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 7104 - 2021 / 12 / 12 - 08:58
المحور: الادب والفن
    


رسالة إلى تيريزه برايتباخ(1)
قصة: روبرت ڤالزر
Robert Walser
ترجمها عن الإنجليزية: خليل كلفت

بيرن، شارع تون 20/3
(منتصف أكتوبر 1925)
روزى برايتباخ، مع أجلّ تقديرى أيتها السيدة الشابة! راجيًا أن تعرضى رسائلى - إذا رأيت ذلك - على والديْكِ، بكل بساطة، وكرم، ومحبّة، أودّ أن أخبرك أننى منذ فترة لم أجد هنا أىّ شيء أكتب عنه، لأننى كتبتُ بالفعل أشياء كثيرة جدا. ثم حدث أنْ قرأتُ كتابًا صغيرًا من نوع سخيف، من ذلك النوع الذى تنشترينه من أحد الأكشاك مقابل سنتات قليلة، وكانت قراءته ممتعة للغاية. لقد قرأت ما فيه الكفاية من الكتب الجيدة. هل يمكن تصوُّر أنك ستفهمين ما أعنى؟ وإذا كان الأمر كذلك، فسوف يكون ذلك كرمًا منك. وكل الفتيات هنا يجدننى مملًا للغاية، فقد أفسدهنّ جميعًا الشبّان المتأنقون الفاتنون. والواقع أن عالمنا الذكورىّ يمكن أن يكون بالغ الثقة بالنفس فى سلوكه. وذات مرّة سمحتُ لنفسى، مثلًا، بأن أُرسل، إلى مُغَنٍّ فى مسرحنا المحلّىّ الجدير بالتقدير، كدليل على إعجابى، نسخة من كتابى Aufsätze [أوراق]، طبعة كورت ڤولف Kurt Wolff. وقد أُعيد الكتاب إلىّ، مع ملاحظة تقول إننى لم أتعلّم بعد كيف أكتب الألمانية. والناس هنا يعتبروننى، بصفة عامة، شخصًا غير ناضج، من كل النواحى. حتى توماس مان Thomas Mann، ذلك العملاق فى عالم الرواية، كما تعرفين، ينظر إلىّ على أننى طفل، وإنْ كان يعدُّنى طفلًا ذكيًّا جدًّا دون شك. وذات مرة كان من المفترض أن أقرأ جانبًا من أعمالى فى زيورخ، غير أن رئيس الحلقة الأدبية التى دعتْنى قال إننى لم أتعلّم بعدُ كيف أتكلّم الألمانية. ولبعض الوقت، اعتقد الناس هنا أننى مجنون، وكان بوسعهم أن يقولوا بصوت مرتفع، فى الممرّات، بينما أمُرّ: "يجب أن يكون فى مستشفى الأمراض العقلية". وقد قضى كاتبنا السويسرىّ العظيم كونراد فرديناند ماير Conrad Ferdinand Meyer - الذى تعرفينه بالتأكيد - بعض الوقت، أيضًا، فى مصحة عقليّة للأشخاص الذين لم يكونوا فى أفضل أحوالهم عقليًّا بكل معنى الكلمة. والآن يحتفل الناس بالذكرى المئوىّة لميلاد هذا الرجل المسكين، بالخُطب والقصائد الحماسية الكورالية. ومع ذلك فإنه فى وقت من الأوقات لم يكن يجرؤ بعدُ على أن يمسك بقلمه، خشية أن يُفسد كل شيء كتبه. ثم إننى ذهبتُ ذات يوم إلى أحد المقاهى وَوَقَعْتُ فى حب فتاة كانت تبدو شاعرية للغاية. وكان ذلك أمرًا بالغ الحماقة منى بطبيعة الحال، فقد قفز علىّ كلّ النفعيِّين وذكَّرُونى بالواجبات القاسية لمهنتى المحبوبة والمكلّفة للغاية - والتى تتميز بطبيعة أنها لا تُدرّ مالًا. أحببتُ هذه الفتاة الشابة الجميلة، التى بدا فى الواقع أنها تميل إلى البدانة، وكان كلّ ذلك بسبب الموسيقى التى كنت أسمعها كلّ يوم فى ذلك المقهى. حقا إن قوة الموسيقى عظيمة، وأحيانًا هائلة. وفجأة تغيَّر كلّ شيء. فقد تعرّفت بفتاة تعمل نادلة، ومنذ تلك اللحظة أصبحت الفتاة السابقة بالنسبة لى إلى حدّ ما نصف حقيقية فحسب، وإلى حدّ ما غير حقيقية على الإطلاق. إن الحبّ وما يسمّونه التَّوْق شيئان مختلفان تمامًا تمامًا، عالمان مختلفان. بعد ذلك اعتدتُ الذهاب، كثيرًا جدًا، إلى الطبيعة، أىْ التجوّل فى أنحاء البلاد، وقد خطرتْ لى أفكار كثيرة، وهى الأفكار التى عالجتُها. وبقيامى بذلك غادرتُ المكان الذى عملتْ فيه النادلة، ولم أرها منذ ذلك الحين؛ وفى وقت لاحق كتبتُ لها قصائد، والواقع أن هناك أناسًا كثيرين هنا وهناك، وفى بلادك أيضًا، فيما أظن، يعتقدون أن القصائد ليست عملًا أدبيًّا، بل أنها بالأحرى شيء هزلىّ، لا يستحق الاحترام. هكذا كان الحال دائمًا، وسيظلّ كذلك دائمًا، فى ألمانيا، بلد الشعراء والمفكِّرين. ومدينتنا جميلة جدا. وقد ذهبتُ اليوم لأسبح فى الماء البارد اللذيذ، تحت أشعّة الشمس الناعمة اللذيذة، فى النهر الذى يجرى وامضا قرب مدينتنا مثل ثعبان. ولا حاجة بى إلى القول إنه لا أحد يعرف شيئا عن الفتاة التى هزأتُ بها بصورة مفزعة، إلى حدّ ما فى النثر، والتى بَجَّلْتُها، من ناحية أخرى، إلى حدّ ما فى القصائد. وقد عشتُ فى غرف لم يكن بوسعى فيها طوال الليل أن أغلق عينىّ خوفًا. وقد أصبح الأمر الآن كما يلى: لم أعد أعرف على وجه اليقين ما إذا كنتُ أحبّها. والواقع، يا آنستى العزيزة، أن المرء يُمكنه أن يحتفظ بمشاعره حيةً وقتًا طويلًا جدًا، أو يدعها تفتر، يُهملها. والواقع أننى مهتمّ بأشياء أخرى كثيرة إلى جانب ذلك. وراجيًا أن تكونى سعيدة، وأن تمضى أيامُك بسرور، وأن تسعدى قليلا، وربما أيضًا أن تستائى قليلًا، بهذه الرسالة، أبعث إليك بتحياتى الحارّة والمفعمة بالاحترام، طبعا، إنْ جاز القول.
*****
إشارة
(1) تيريزه برايتباخ Therese Breitbach التى تبادل ڤالزر معها الرسائل بين 1925 و1932، كانت فى السابعة عشرة من عمرها وكانت تعيش فى ألمانيا عندما كتبتْ لأوّل مرة إلى ڤالزر؛ ولم يلتقيا مطلقًا.



#خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيناشت قصة: روبرت ڤالزر
- ڤلاديمير قصة: روبرت ڤالزر
- شهر العسل قصة: روبرت ڤالزر
- أسطورة روح الثمانية عشرا يوما المجيدة
- حكاية قروية قصة: روبرت ڤالزر
- البرلينية الصغيرة قصة: روبرت ڤالزر
- السلطة التنفيذية هى السلطة الحقيقية الوحيدة فى مصر
- توبة قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- قصة قاسية قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جميل جميل قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- طائر السنونو قصيدة للشاعر البرازيلى: مانويل بانديرا
- جَذَرَ جَذْرا وجذَّر تجذيرا وتجذَّر تجذُّرا (مناقشة على هامش ...
- نجمة الصباح
- النجمة
- الحيوان
- عريان
- السندباد (من أحلام النوم واليقظة)
- تعويذة
- تخفيف الحكم
- هل التظاهر أمام مكتب الإرشاد فى المقطم كُفْر؟!


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خليل كلفت - رسالة إلى تيريزه برايتباخ قصة: روبرت ڤالزر