أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - عذراً أنتم لستم مؤمنين-خربشة عقل على جدران الخرافة.















المزيد.....


عذراً أنتم لستم مؤمنين-خربشة عقل على جدران الخرافة.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 11:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خربشة عقل على جدران الخرافة (28) .

الإيمان بفكرة الله جاءت لإيفاء حاجات نفسية إنسانية فى الأساس تناولنا الكثير من ملامحها فى سلسلة "لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون" لتأتى إشكالية إستيعاب لغز الوجود فى المرتبة التالية وليس كما يعتقد البعض انها السبيل للبحث عن آلهة لذا أرى أن تعاطى الإنسان مع فكرة الإلة جاءت من منظور نفعى برجماتى يطلب أمان لإحتياجات سيكولوجية داخلية لا تعتنى بجوهر وعمق فكرة الإيمان كعلاقة بين الإنسان والإله فى حد ذاتها ولعل هذا يرجع لطبيعة الإنسان ليس كونه ذو نهج نفعى فقط بقدر أن العلاقات الحقيقية الفاعلة تتطلب تواجد حسى ملموس كضرورة لحضورها .
لو حاولنا أن ندقق فى النهج الإيمانى للإنسان سنجد أنه عبر كل الأجيال لم يكن مؤمناً إيماناً عميقاً بفكرة الإله وفقاً لمعطياتها وشطحات مبدعيها – قد يكون المؤمنين الأوائل لديهم بعض من مفهوم الإيمان بالله أنتجته الحاجة والرغبة فى تبديد حالة من الألم والتيه والقلق والغموض إعترى المشهد الوجودى , ولكن لن نجد المؤمنين المعاصرين يتعاملون مع فكرة الله بتعايش وإيمان حقيقى بل ككلمة إعتادوها وميراث ميثولوجى مهيمن ألفوه , لنقول بأن المؤمنين ليسوا بمؤمنين بل يُخيل لهم أنهم كذلك , فهم لا يؤمنون بالله إيمان قوى مستوعب كامل ألوهيته عن قناعة ويقين بفعله وحضوره فكل ما يتفوهون به ما هو إلا لغو وسفسطة لا يوجد لها أى وقع فى داخلهم ليكون إيمانهم زيف وبرمجة لسان .!!

دعونا ننظر إلى خواء الإيمان بالله الماثل فى كل مشهد حياتى للمؤمنين لنصل إلى نتيجة أن المؤمنين ليسوا مؤمنين بالرغم من صراخهم وتشنجهم ومظاهر ورعهم وتقواهم ولغوهم الكثير .
- يتيقن المؤمن أن المادة لا تُستحدث ولا تُخلق من عدم ولا تُفنى إلى عدم ويتأكد من هذه النظرية الماثلة أمامه فى أى مشهد وجودى ليُعلمها لإبنه متأكداً من صحتها ولكن يقينه بقانون حفظ وبقاء المادة هذا يخرجه من دائرة الإيمان بالله إلى الكفر, فالله خلق الوجود من العدم .!

- يتيقن المؤمن أن الأرض كروية تدور حول الشمس دورة كاملة كل سنه ويعلم أن دوران الأرض حول محورها يعطى ظاهرة الشروق والغروب كما يعلم أيضا سبب الرعد والبرق والأمطار ليُدرس هذه المعلومات لطلابه فى المدارس والجامعات ... ولكن يقينه بهذه المعلومات المادية العلمية ستجعله غير مؤمن بالله فهو هنا جعل الله كاذباً لا يُدلى بعلم صحيح فى كتبه عندما ذكر أن الأرض مسطحة والسماء سقف مرفوعة على أعمدة أو بدون , والنجوم مصابيح فى سقف السماء , والشمس تدور حول الأرض لتغرب فى عين حمئة , والرعد ملك يلهب ظهر السحاب والكثير مما يقال فى هذا الشان , وهنا إنصراف المؤمن عن علم الله المذكور ليتبنى العلوم الحديثة فهو هنا يُكذب الله ويخرج من الإيمان ليدخل دوائر الكفر والعياذ بالله .!

- أعبر الشارع وتوكل على الله .!
عندما تعبر الشارع لتتلفت يميناً ويساراً حذراُ من السيارات المندفعة فأنت هنا غير مؤمن بالله لأنك لم تعتمد على الله فى أن يحافظ عليك ويحميك وقد يعنى أيضا أنك تتحايل وتتهرب من قدرك .. قد يكون قولى هذا داعياً للإستغراب والدهشة لا يقوله عاقل فإحتمالية أن يلقى المؤمن حتفه كبيرة عندما ينطلق بلا حرص فالله يحذرنا من هذا الطيش بقوله " لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة "
أن تعبرالشارع لتتلفت يميناً ويساراً محترصاً من السيارات المندفعة فهذا يعنى أنك تتهرب من قدر الله ولكن فلتتذكر "لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" و"لكل أجل كتاب", لذا فحرصك هذا يعنى أنك تتحايل وتتهرب من قدر الله ولتتذكر ثانية أنه لا سبيل للإفلات مما قدره الله ..لذا فلتعبر الطريق دون أى إعتناء بالسيارات لتكون مؤمناً حقاً بقدر الله وعنايته وحفظه والإتكال عليه فإذا عبرت الطريق ونجوت من أى حادث فهذا يعنى أن الله هو الحافظ والمعتنى ومازال لك عمر وكتاب , وإذا أصابك مكروه فإعلم أن هذا قدره ومشيئته فلن تستطيع الإفلات مما قدره ورتبه حتى ولو كنت تُقيم فى بروج مشيدة .. لذا أُعبر الطريق دون أن تنظر يميناً أو يساراً حتى تثبت إيمانك الحقيقى بالله .!

" لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة " آية جاءت فى حالة خاصة شأنها شأن كل آيات القرآن ولكننا سنعتبرها ذات شمولية لنقول بالرغم انها منطقية بمفهومنا إلا أنها تناقض الإيمان بالله ولا تستوى معه وحرى أن تأتى على لسان ملحد .. فالإيمان بالله يعنى الإعتماد والإتكال عليه وأن أى حدث يواجه الإنسان هو من تدبير الله وتقديره ومشيئته فلا هروب من قدر الله .. مقولة " لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة " ليس لها مكان من الإعراب بل تم حشرها وسط المقدس حتى تُخفف من تناقض الصفات الالهية لأن التهلكة هنا إما تكون خارج نطاق سيطرته ومشيئته أو من خلق وفعل الله فإذا كانت خارج إرادته فهذا يفقده ألوهيته فتوجد اشياء خارج سيطرته لا يستطيع أن يفعل أمامها شيئاً سوى التحذير منها فقط وهذا لا يجوز , أما إذا كانت التهلكة فعل الله وتدبيره فهذا يعنى أن الله له إرادة وخطة وتدبير معين ولديه سيناريوهات ومشاهد يريد أن يحققها ليكون عبور الشارع بلا حرص هو رغبته فى أن يحميك أو ينهى حياتك فكونك تحترص من العبور فيعنى هذا تحديك لقدر وإرادة إلهية وإفساداً لخططه وترتيباته أوتشكيكاً فى أنه الحامى والمعتنى .
المؤمن ينصرف عن الإيمان بالله عندما يعبر الشارع حذراً , فلتتوكل على الله فى عبورك فلا تنظر لليمين واليسار فهو المنجى والحامى ولا تتشكك فى قدراته على حمايتك وحفظك وإذا أصابك مكروه فإعلم أنه مكتوب فى اللوح المحفوظ قبل أن تولد فلا تكفر بقدر الله .. اعبر وتوكل على الله .!

- انهم يعاندون إرادة الله .!
شاهدت فى أمى نموذج للإيمان كما يجب أن يكون الإيمان عندما أصيبت بمرض عضال ورفضت بعناد شديد أن تعالج إيماناً منها بأن الله الشافى وأنه سيشفيها عن طريق قديسيه لتقول : " أنا واثقة أن الرب سيشفينى وعليه إتكالى فملعون من يتكل على ذراع بشر, فالله هو الذى خلق المرض وهو القادر على الشفاء إذا أراد وإذا لم يُرد فتلك إرادته فهل أعاند الله فيما يريده ".. ليجن جنونى من هذا الإيمان وتنتابنى ثورة وغضب محاولاً ثنيها عن هذا الفكر الصلد لتذهب كل محاولاتى سدى فالإيمان أخطر من أى فيروس لتحتفظ هى بإيمانها ولتفعل الطبيعة فعلها ... من هذا المشهد أرى أن امى كانت مؤمنة إيمان قوى بالرب وعلى يقين بقدره ومشيئته وترتيباته لأقول أن أى مؤمن يخرج عن هذا النهج فليس لديه إيمان حقيقى بالله .. فكل من يهرول للطبيب بحثاً عن علاج هو غير مؤمن بفعل الله و كل من يستنجد بالإسعاف لإنقاذ جريح أو مصاب هو غير مؤمن بقدرة الله .
سيأتى الإندهاش من المؤمنين ليقولون هل تريد أن لا يذهب المريض للعلاج أو لا نسعف جريح بإنقاذ حياته أليس الله خالق الداء والدواء .
حديث أن الله خلق الداء والدواء حديث منطقى ينسجم مع طبيعة الإنسان الراغبة فى تجاوز المرض والموت والألم ويحاول ان يسعف صفات الله المتناقضة ولكنه لا يستقيم مع جوهر الإيمان الحقيقى بالله , فإذا كان الله قدر المرض والألم والشقاء فهو يعنى هذا ولديه إرادة وترتيب فكون الإنسان يبحث عن علاج ويتشبث به فهذا يعنى أنه يفسد مخططات الله ويرفض مشيئته ولو تصورنا أن الله لا يمانع فى العلاج سنقول هنا ان الله بات فى صورة عبثية فما معنى ان يصيب الإنسان بالمرض ليتعافى بعد ذلك ويفسد خطته .
مفارقة منطقية أخرى عن معنى أن الله خلق الداء و لم نجد الدواء إما لجهلنا أو قصور معارفنا أو لقصر ذات اليد فهذا يعنى هذا ان قصة الدواء هنا مرهونة بقدرات الإنسان وليس للإله فيها أى فضل فأقداره هنا تتوقف أمام قدرتنا على التداوى بدليل ان قدر الله تحقق بالموت من المرض فى الأزمنة القديمة عندما إنعدمت قدرة الإنسان على التداوى وهذا يعنى ويؤكد أننا عندما نعالج أنفسنا ونقاوم المرض فأننا ندحر مشيئة الله وقدره ... تأكيد آخر أن المؤمن عندما يهرول لتطعيم طفله بأمصال للوقاية من الأمراض مستقبلاً فألا يعتبر هذا تحدى لمشيئة الله لأفساد كل أقداره وترتيباته حتى لا يستطيع أن ينال من الطفل .
عندما نتصل بالإسعاف لإنقاذ جريح فهذا يعنى إعتراض على قدر الله وتخصصه فى الحفظ والإعتناء وإبتعاد عن مشيئته باللجوء الى العقل البشري المحدود الباحث عن علاج و تجاهل قدرة الإله على الشفاء والنجاة والحفظ .
المرض هو إبتلاء واختبار الله للمؤمن وفقاً لمفهوم الإيمان لذا يكون سعى الإنسان للتشافى فى أفضل المصحات هو إبطال مفعول الإبتلاء ليخرج لسانه للرب فهاقد قد ابطلت مفعول إبتلاءك ويبقى علامة تعجب أخرى على من لم يسعفه ظرفه الموضوعى فى النجاة من الإبتلاء أما لضيق ذات اليد أو جهله لنقول ان الإبتلاء هنا أصبح قدراً متحققاً.!
من المُفترض أن الله عندما يبتلى فهو لا يهزر ولا يلاعبنا , فالإبتلاء قدر فلا تقل لى أن سعيك للخلاص من المرض بأيد بشرية لا يتعارض مع إيمانك بالله فأنت إتكأت على ذراع وجهد بشر وانصرفت عن الدعاء لله, وكما يقولون ملعون من إتكأ على ذراع بشر .
ألا نلاحظ أن تدافعنا للعلاج والبحث عن الدواء والتداوى هو عدم الإيمان بصفة الله الشافى وعدم اليقين والثقة فى قدرة الله على الشفاء لنبحث عن ذراع وكفاءة بشر فنحن هكذا لا نؤمن به ... من الطبيعى ان يهرول المؤمنين للعلاج والتداوى ولكن مسعاهم وتكالبهم على العلاج يجعلهم يفقدون إيمانهم بالله على أعتاب المشافى .. لقد ربحوا صحتهم وخسروا إيمانهم .!

- إياك أن تقول أنه إفساد البشر .!
عندما يرى المؤمن المشوهين خلقياً والمتخلفين عقلياً يبرر هذا بأن الإنسان هو الذى أفسد خلقة الله وذلك بتعرض الجينات للخلل من تأثر الجنين بأشعة وأدوية تعرضت لها الأم اثناء الحمل .. هذا الكلام صحيح وعلمى تماماً ولكنه ينزع عنه الإيمان بالله .فالله هو الخالق والمُريد والمُرتب ولا يشاركه أحد فى الخلق ولا يسمح لإنسان أن ينال من خلقته بالعبث بها سواء بعلم أو جهل فهو الخالق المتفرد بلا منازع , فالتشوهات الخلقية هى من إنتاجه وتأتى بإرادته وترتيبه وحكمته وسماحه ,لذا كل المؤمنين الذين يعلقون على التشوهات الخلقية نتيجة سبب مادى إعترى الأم خارج عن إرادة لله هم مؤمنون مزيفون خارج الإيمان بالله .
-فيديو للمشوهين خلقيا لا أنصح بمشاهدته لمن لا يطيقون ذلك وسبحان الله الخالق المبدع .
http://www.youtube.com/watch?v=CIOeeaZxvKs

- عدالة السماء هبطت على إستاد باليرمو .
للمعلق الرياضى محمود بكر عبارة شهيرة رددها فى مباراة مصر وهولندا 1990 حينما احتسب حكم المباراة ضربة جزاء لصالح مصر ليردد فرحاً "عدالة السماء هبطت على إستاد باليرمو" لتنطلق فرحة المصريين بضربة الجزاء التى جاء منها هدف مصر اليتيم – الكل يتذكر هذه العبارة ويراها طريفة وبعض الجادين يرونها غير لائقة فالله جل جلاله لن يحضر مباراة ويُمارس فيها عدله .
فى الحقيقة من لم يؤمن بأن عدالة السماء هبطت فى إستاد باليرمو فهو خارج الإيمان بالله وأخشى أن يُشهر الأخوة السلفيين سيوفهم على هذا الكافر الذى لا يؤمن بعدالة السماء فى إستاد باليرمو.. الإيمان الحقيقي أن تؤمن بأن الله حاضر فى إستاد باليرمو ويمارس عدله أو ظلمه فهو لابد أن يكون حاضراً , فالله متواجد فى كل مكان وكل الأحداث فى أرشيفه . لذا لن تتوقف الأمور على إلهامه للحكم أن يحتسب ضربة جزاء فله إرادة ومشيئة أن يكسب هذا الفريق ويخسر ذاك ويعلم من سيحرز الأهداف ومن سيبدد الفرص فكل هذا مدون فى السجلات , لذا لا يجب ان يلعن أحد هذا اللاعب الذى أخفق فى التسديد وهو على بعد خطوات من المرمى أو يُدين الحارس فى إخفاقه وسوء تقديره كما لا يمدح لاعب احرز هدفا رائعاً.. فهؤلاء اللاعبين ماهم إلا أسباب ليحرز الله الأهداف ويحقق النتيجة التى يريدها .. فالله يعلم ويريد أن يسجل أبو تريكه هدفاً ليحقق الله هذا بأن يمنحه توافق وتركيز عصبى عضلى بدنى لينجز هذا أما المدافع والحارس اللذان أخفقا فى إفساد الهدف فقد نزع الله حينها عنهما التركيز فهكذا إرادة الله .
حضور الله الطاغى فى الملعب لا جدال فيه فلن تمر كرة وتمريرة وتصويبة بدون علمه وترتيبه ومشيئته وليفرح هذا ويحزن ذاك وليكن أيضا إختبار للمؤمنين على الصبر والجلد .. لذا إياك الظن ان الله لا يحضر مباريات الكرة وإلا خرجت من الإيمان بل يشارك فيها ويحرز الأهداف بأقدام اللاعبين كما يهدى الحكم ويضله لذا فلتلتزم بالروح الرياضية ولا تلعن هذا اللاعب ولا تمجد ذاك فالله فى كل أرجاء الملعب فاعلاً.

- إجرى جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش .
يقول الكتاب المقدس "فإن كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدًا في التنور، يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟!"- ويقول القرآن " وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" – "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًاقَدِيرًا .إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَاد" - ومن الأمثال الشعبية " إجرى با بنى آدم جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش " و "لن ينال المرء غير رزقه ونصيبه" هذه الأقوال تعبر عن نزعة إيمانية بحتة بالله فالأرزاق مقسمة منذ البدء وكل إنسان مُقدر له حجم رزقه ونوعيته قبل أن يخلق الله البشر ولكن الواقع يثبت أن المؤمنين غير مؤمنين بهذا النصيب الإلهى فيجرون جرى الوحوش ويلهثون نحو المزيد من الرزق وبذا يكونوا غير مؤمنين بالله وقدره ورزقه وقسمته

بالطبع سيقفز من يقول لنا أن الله يطلب من المؤمنين السعى ولكل مجتهد نصيب وهذا كلام منطقى بالفعل يحاول ان يُعالج الخلل فى عدم حضور الله فاعلاً فى تقسيم الأرزاق ولكنه ينفى فى الوقت ذاته أن الله مقسم الارزاق فالمعيار الحقيقى لرزق الانسان أصبح هو السعى والإجتهاد فكلما إجتهد المرء نال المزيد من الأرزاق والخيرات فأين هذا من إعداد الله وترتيباته للأرزاق قبل الخلق فالإنسان بكده وتعبه وإجتهاده فقط ينال الأرزاق .
المؤمنون يجتهدون ويتصارعون ويتوحشون فى سبيل الرزق ولا يؤمنون بالله رازق الدود فى الحجر فيهملون أن أرزاقهم مُقدرة ومُقسمة لن يزيدوا عليها خردلة مهما إجتهدوا فلما العمل والسعى .
إرادة وناموس الحياة تدفع أى إنسان بسيط لإدراك ان الرزق يأتى بالسعى والعمل والإجتهاد حتى لو شاهد قسمة رزقه على طاولة الله .. ولكن هذا النهج يخرج الإنسان من إيمانه الحقيقى ويقينه بالله , فالمؤمن الحق يثق فى أن الله سيرزقه بدون سبب فهو الرازق الذى لا ينتظر سعى وإجتهاد .. الله لا ينتظر مشيئة وسبب وفعل البشر ليُقيم عليها فعله .

- الدعاء
يقول الكتاب المقدس"وَسَأَفعَلُ لَكُمْ كُلَّ مَا تَطلُبُونَهُ بِاسْمِي، لِكَي يَتَمَجَّدَ الآبُ بِالابْنِ. 14 إنْ طَلَبتُمْ مِنِّي شَيئَاً بِاسْمِي، فَإنِّي سَأَفعَلُهُ " -وفى القرآن "وإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فَإَنِّي قَريبٌ أُجَيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبوا لِي وَلْيُؤْمِنوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشَدونَ "
,ويقول نبى الإسلام "إِنَّ رَبَّكُمْ تَبارك وتَعالى حَيِيُّ كَريمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذا رَفَعَ يَديهِ إليهِ أََنْ يَرُدّهُما صِفراً
آيات واضحة المعانى والدلالات ولا تقبل أى جدل بأن الله مجُيب الدعاء ورغماً عن ذلك فالمؤمنين ينصرفون عن الدعاء لله ليس شبعاً وترفاً بل يأساً فالله لا يستجيب للدعاء وقد جربوا هذا عشرات المرات ورغماً عن ذلك يرددون أن الله مجيب الدعوات زلفى ونفاقاً بدون أن يتلمسوا هذا ويتحققوا منه بالرغم أن الله المُجيب للدعوات هى الصفة الوحيدة التى يمكن تلمسها .
المؤمنين غير مؤمنين فى داخلهم بأن الله مُجيب الدعاء بالرغم أنهم يرددون هذا كثيراً.

- فلنغزو السويد
لو سألت أى مسلم وقلت له ماذا لو إمتلك المسلمون القوة والعتاد ليغزو السويد لينشروا دين الإسلام ويعيدوا هذا البلد الكافر إلى الإيمان بالله ليقتلوا الملحدين واللادينين مالم يؤمنوا بالإسلام فلا خيار آخر لديهم ,ويُخيروا المسيحيين السويدين ما بين الإسلام أو الجزية أو القتل مع حقهم فى الغنائم وسبى نساء السويد الفاتنات .
ستجد أغلب المسلمين موضع هذا الإستطلاع سيضحكون على هذا الطرح العبيط ويسخرون من صاحبه كونه يَهذى ويُخرف.. المسلمون المستنكرون والساخرون من غزو السويد هم غير مؤمنين بالله ودخلوا أبواب الكفر فالله فى كتابه العزيز دعى وحث على الجهاد لتكون كلمة الله هى العليا " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون "
هل كلام الله أيها المؤمن خاص بزمان ما أم صالح لكل الأزمنة .. هل الجهاد لنصرة الدين وإعلاء كلمة الله خاص بزمن الرسول والصحابة .. إذا قلت أنه كذلك فتكون قد خرجت من الإيمان لتتمرغ فى الكفر لأنك جعلت كلام الله لحدث وزمان وليس دستور ونهج ومنهج حياة .. إذن فلتكن مؤمنأ ولتشد الرحال إلى السويد حيث الفاتنات الشقراوات .!

- المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين .
مشهد مألوف وشائع فى عالمنا العربى عندما نجد المرأة تنال قسط كبير من الإهانة والقسوة والإذلال على يد زوجها ليكون لسان حالها هى وأقرانها " المكتوب على الجبين لازم تشوفوه العين "و"الزواج قسمة ونصيب فهكذا نصيبنا ".
هاتى الزوجات التى يعانين من المعاملة القاسية الفظة من أزواجهن والتى تجعل حياتهن جحيماً هن فى المنظور الإيمانى مؤمنات عن جداراة بالرغم من إذلالهن فهن يرتضين بما قسم الله وكتب لهن فهكذا قدر الله ومشيئته وترتيباته لذا أى إمرأة تناهض هذه المشيئة وتطلب الطلاق هى خارجة عن الإيمان بالله كونها متمردة رافضة لما قدره لها من نصيب ومكتوب .. تكون الأمور اكثر صعوبة وفجاجة فى المسيحية فالقانون الإلهى لا يقبل أى خروج عما كتبه الرب وقدره فلا طلاق إلا لعلة الزنا وما جمعه الرب لا يفرقه إنسان ولتتحملى أيتها المرأة وأيها الرجل نصيبكما الأسود المكتوب منذ الدهر رغماً عن أنفكما ولتتجرعا الألم والمرارة لتكونا مؤمنين بالله وترتيباته .
كل من يناهض نصيبه الأسود سواء أكانت مسلمة أو مسيحية فهى خارجة عن الإيمان بالله , فالله لا يهرج فهو رسم هكذا نصيب وكتبه على الجبين.!

-الله مُسبب الأسباب
الله مُسبب الأسباب مقولة تريد تخفيف التناقض فى فكرة القدر والقضاء والمشيئة الإلهية ولكنها ليست ذات معنى أصيل , بمعنى ان الله يسبب الرزق لفلان عن طريق علان أو يضر إنسان بالمرض عن طريق فيروس أو يقطف عمر إنسان أثر إرتطامه بسيارة مسرعة وهكذا تتم كل الأمور وفق سبب لتكون القصة أشبه بسيناريو فيلم يقوم فيه الإنسان بدور الممثل بدون أن يقرأ السيناريو وعليه أن يترك نفسه بدون أن يتمعن فى المشهد ويدرسه ويتفاداه ليحقق الإيمان بالله أما إذا حاول أن يُدقق فى المشهد و يضع عليه رؤيته وإرادته فقد خرج من الإيمان إلى الكفر فالله دفع الفيروس ليقتحم جسم الإنسان فى توقيت معين ودفع السيارة بسرعة فى الطريق فى لحظة معينة وأحضر فلان ليرسل من خلاله الرزق فإذا فكر المؤمن أن يحترص ويحترز ويدرس المواقف فهنا هو يتدخل فى الترتيبات القادمة التى رتبها الله .!
"الأخذ بالأسباب " سيحرج فكرة الله ليضعه أمام إشكالية عن إحتياج الله الى التدخل البشري لتنفيذ مشيئته ولنضيف إشكالية أخرى هل يتحكم الإله بمشيئة البشر أم يتحكم البشر بمشيئة الإله ؟ فلو رأيت شخصاً مُلقى بالشارع ومٌصاب بنزيف شديد وسيموت ذلك الشخص بعد ساعة اذا لم تُسرع به الى المستشفى , ولن يموت اذا تم علاجه .. أي ان المفارقة هنا أن الله قد شفى ذلك الجريح عندما تدخل البشر وعالجوه, ولم يشفي الله هذا الجريح عندما لم يتدخل البشر لعلاجه.. ألا يعني هذا أننا نتحكم بمشيئة الله وليس العكس .!

بالطبع هناك أسباب لإنصراف المؤمنين عن الإيمان بقدرات الله ويرجع هذا لأسباب عديدة ..أن الواقع المادى قد تم إدراكه لتتضائل مربعات الفراغ الذى كان يحتلها الإله من خلال العلم والمعرفة وإدراك أسباب الظرف الموضوعى المادى لتستمر فكرة الإله كموروث فلكلورى مازال حاضراً فى اللغة فلم يعد الله هو الرازق الشافى المُنجى المُعتنى المُقدر المُتكبر الواهب المُنتقم الضار المفيد الخ ..لتؤول كل الأمور إلى وجود مادى يمكن تلمسه والتعاطى معه وحل إشكالياته فالمرض لفيروس أو خلل فى كيمياء الجسد فلا نحتاج إلا التعاطى مع مواد كيميائية لإصلاح هذا الخلل الكيميائى لذا لن يصل الإنسان لمرحلة الغباء التى تصرفه عن العلاج ليصلى لله أن يشفيه بإعتباره الشافى كما لن يترك جريح ينزف دون إسعافه بإعتبار الله المُنجى وسيحتاط المؤمن عندما يعبر الشارع مهما قالوا له أن الله فى منتصف الطريق يزيح عنه السيارات .. سيطيح المؤمن بكل ما يقال عن قدر الله ومشيئته وترتيبه إذا إمتلك القدرة على فهم الألم والمصائب والرغبة فى تجاوزها .

الإنسان آمن بفكرة الله لتفى حاجاته النفسية وتغطى جهله المعرفى , فالله هو الذى يسقط الأمطار من السماء وهو من ينتج الزرع والضرع وهو من يدك الأرض بالزلازل ليجد المؤمن المعاصر أن الأمطار لاتحتاج لإله والزرع يحتاج للماء والأسمدة , والمرض يحتاج الدواء لذا يتلاشى الإعتماد على فكرة الله كحل لمشاكله ولكن لا مانع من ترديدها كعادة فى لغة إعتاد ان يقولها بشكل أوتوماتيكى مثل مقولة " إن شاء الله".
الإنسان منذ البدء تعاطى مع فكرة الله برؤية نفعية برجماتية طالباً خيرها ودعمها متجنباً شرها وجبروتها فلم يكن معنى الله عن قناعة وإحساس وتشبع بالفكرة لينصرف الإنسان المعاصر عن هذه النظرية فى داخله بعد قدرته على تحليل وحل مشاكله ليبقى الله كفكرة تمثل آثار وحفريات وتاريخ تجد بعض الحضور بحكم العادة والإعتياد وإيفاء رؤية نفعية نرجسية فى كسر فوبيا الموت ونيل البقاء والحياة .

من هذه المشاهد التى تجد حضور فى العمق المؤمن عن التواكل والإعتماد والتسليم بالأقدار والمشيئة والأنصبة ندرك سر تخلفنا وهواننا ,فحياتنا وأمورنا لا يعتريها التحليل والتغيير والتطوير فهناك أقدار ومشيئة وأرزاق مرتبة ولنتجرع التخلف والجمود فهكذا رسم الإله اللوحات بريشته ولا معقب على إرادة الله , ويبقى المؤمنون غير مؤمنين .

دمتم بخير .
" لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش" .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلهة فاسدة أخلاقيا– نحن نخلق آلهتنا.
- الإسلام السياسى والغرب-مناطحة أم حب وغرام.
- فكرة تدمر شعوبنا-لماذا نحن متخلفون.
- صور ومعانى- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- فيروس الإسلام السياسى المُدمر-مصر تحترق.
- شعوب لا تعرف معنى الحرية– لماذا نحن متخلفون.
- لا يجرؤون !–الأديان بشرية الهوى والهوية.
- هكذا يسألون وهكذا يجيبون وهكذا هم متخلفون-لماذا يعترينا التخ ...
- لا يفل الفنتازيا إلا الفنتازيا-خربشة عقل على جدران الخرافة و ...
- لماذا يعادون كل ماهو جميل وودود – الدين عندما ينتهك إنسانيتن ...
- تناقضات فى الكتابات المقدسة– تناقضات قرآنية–الأديان بشرية ال ...
- أفكار مدببة – خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .
- يؤمنون ليحققون ألوهية الإنسان-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- وهم المطلق والكمال واللامحدود-خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- قضيتان للمناقشة مع القراء حول مساوئ الديمقراطية .!!
- سحل حماده يُعرى ثقافتنا المستبدة –لماذ نحن متخلفون.
- إنهم يركلون الكرسى– لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- ثقافة الكذب المقدس-لماذا نحن متخلفون .
- ثقافة القبيلة والقطيع-مُستبدون ومَقهورون– لماذا نحن متخلفون ...
- الله القوى- نحن نخلق آلهتنا.


المزيد.....




- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - عذراً أنتم لستم مؤمنين-خربشة عقل على جدران الخرافة.