أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - فقوس الحزام الأمني في غزة














المزيد.....

فقوس الحزام الأمني في غزة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 18:12
المحور: حقوق الانسان
    


أولا أنا أحب الفواكه والخضروات التي تنبت في الهواء الطلق، حتى ولو كانت أشكالها لا تشبه أشكال الفواكه المعدلة جينيا، أو الفواكه والخضروات (الصناعية)!!
فالفواكه الطبيعية لا تتميز فقط بأنها صحية وتحافظ على نكهتها الأصلية فقط، ولكنها تنبت في مواسمها السنوية المعتادة ولا تُرغم على النمو والإزهار في كل أوقات السنة، مما يفقدها نكهتها ورائحتها، وأهم الفواكه التي أنتظرها بشغف كل عام هي فاكهة القثَّاء أو الفقوس بلغتنا الدارجة!
بحثتُ عن فاكهتي في أكبر أسواق غزة يوم الجمعة، فوجدتُها فوق إحدى العربات التي يجرها حمار، وكان الفقوس كبير الحجم، ولم أتوقع القصة التي سردتها عليَّ عجوز تقف إلى جوار العربة وإلى جوارها صبي صغير لا يتجاوز العاشرة من عمره يقف منكمشا خائفا!
ولم أستطع الربط بين الفقوس والعجوز والصبي الصغير الخائف، إلا عندما بدأتْ تقصُّ علي قصة فقوس غزة:
" هل تظن بأن صاحب الفقوس يود أن يبيعه وهو في مثل هذه الأحجام؟
فهو خسارة لنا ولموسمنا، لأننا نبيعه بأسعار زهيدة، إن المشكلة يا بُنيَّ هي أنه من إنتاج أرضنا المجاورة للسياج الأمني في غزة، ونحن نمارس أبشع المهن في العالم، وهي التسلل إلى أرضنا لنزرعها حتى نأكل من ثمارها، وفي كل مرة نحتسب حياتنا عند الله، عندما نغامر بالذهاب إلى أرضنا!
فالفقوس يا بني تأكلونه بشهية ولذة، ولكننا نحن نزرعه بدمنا ودم أبنائنا، انظر إلى حفيدي إنه منذ ساعات وهو يرتجف من الخوف، لأنه تسلل إلى بستاننا، ونجح في جني هذه الكمية الصغيرة!
قالت للصبي:
احكِ للحاج قصتك:
فقال:
ذهبت بعد صلاة الصبح لجني الفقوس ، وكان الضبابُ شديدا فخفتُ لأنني سأكون هدفا للجنود الإسرائيليين المتربصين بكل ما يتحرك في المكان، فهم في أيام الضباب يطلقون النار في كل مكان، زحفت على بطني بين (لبش) الفقوس أبحث عن ثمارالفقوس، فكنت أسحبه سحبا وأسحب معه جذوره خوفا، وما إن ملأتُ كرتونة، حتى وقفتُ لحملها ووضعها فوق عربة الكارو البعيدة، حينئذٍ انطلقت عدة رصاصات من قوات الجيش الإسرائيلي التي ترابط غير بعيد عني، وكانت الرصاصاتُ هذا اليوم أقربَ الرصاصات إلى جسمي، حتى أنني ما أزال أشم رائحة البارود في ثيابي حتى الآن، فألقيت نفسي بين شجيرات الفقوس مرة أحرى وانتظرتُ حتى تماسكتُ من جديد، كنتُ أودُّ أن أرجع إلى بيتي وألف نفسي في فراشي من شدة الرعب، لكنني لم أستطع خشية اتهامي بأنني مقصرٌ وجبان، أهربُ عندما أسمعُ أصوات الرصاص كما يردد والدي، فهو لا يصدقني، حتى عندما هربت ذات يوم بعد أن سقطت قذيفة صاروخية في بستاننا إلا عندما رأى الشظايا والحفرة، فيحجب عني مصروفي عندما أذهب للمدرسة في صباح اليوم التالي!!
عدتُ من جديد إلى عملي وتمكنتُ بعد وقت طويل من جمع هذه الكمية!!
وتدخلتْ العجوز قائلة:
فقوسة واحدة من هذا أحسن من كل الفقوس الذي ينمو مرغما في الحمامات ويُرشُّ بالمبيدات السامة، فهو بعليٌ يخلو من المبيدات، حتى أنه لم يُسقَ بالماء !!
أما أنا فعدتُ إلى البيت مسكونا بقصة فقوس الحزام الأمني، أو فقوس خط النار، وكلما امتدتْ يدي إلى ثمرة من الفقوس أتذكر الطفل والعجوز، فأعيدُ الفقوس الغزي إلى مكانه، حتى يظل ذكرى لإحدى مآسينا الفلسطينية، التي يُقصِّر إعلامنا في إبرازها، وينشغل بألعاب السياسة المشهورة،ويرسل الطواقم الإعلامية والمصورين، وسيارات النقل المباشر فقط، لبثِّ أخبار وتحليلات وتعليقات واستنتاجات وتنبؤات المتنبئين السياسيين، ونقل وقائع الندوات المخملية، والخطابات الرنانة للزعماء والمسؤولين وقادة الأحزاب والفصائل والتيارات والجمعيات والمؤسسات والوزارات، وتصوير المؤتمرات الصحفية ، ونقل مهرجانات الانطلاقات، ومسيرات الاحتجاجات وما في حكمها!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسم الإرهاب السنوي
- نظارات العفة بدلا من النقاب
- فيلم تحريضي على مدارس غزة
- يا مقهوري عمال فلسطين
- صناعة ألقاب الفخامة العربية
- ازدهار الخرافات في عصر التكنلوجيات
- هل نحن أعشاب بشرية؟
- مستقبل الشعب اليهودي
- ربيع رجال القانون في مصر
- اعترافات شاليت الأبله معشوق إسرائيل
- من يزرع عنصرية يجن كرها
- أقلام الجنك مايند
- أوباما وحجارة سجيل إسرائيل
- طوبى للجراد والمكرونة والفول
- صراع حزبي على وزارة التعليم
- مبروك حكومة المستوطنين الجديدة
- كمبيوتر الضحية صار ملكا لك
- عصر المعلومات لا الطائرات والغواصات
- قصص نساء نجسات
- شعوب التربل إكس لارج


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - فقوس الحزام الأمني في غزة