|
الاحتياط من الطوفان
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4089 - 2013 / 5 / 11 - 23:28
المحور:
الادب والفن
اقتلاع الميت من أرضه المترصّدة ... روافد جرداء نعبرها في رحلاتنا ونبتعد عن الطغمة التي ورثت النفاية المنفجرة لشعراء التقاليد . شعورهم بالعجز عن اللحاق بنا ، ومصاعب ركضهم بين الروث في نسيم الأعوام ، خرابات فادحة ينشغلون فيها بإخفاء مشط فجرهم ، ويبرّرون اطلاقهم للسهام على الشُعل العذراء لصداقتنا لهم . تقريظهم لذكرى الميت الذي نسوه في تفكّكه بينهم ، وتغطّى من دون أن يطلب منهم إسناده على جدائل بنات الموت اللاتي يرقبنه ، اغتيال جديد لمآثره المجروحة ومتاجرة جنائزية يخدع فيها اللصوص أنفسهم في أكاذيبهم الضالّة والمعمَّرة . أبواب متحيِّرة تتوقف فوقها النجوم في ملامستنا لها ، لكنّها تتكلَّس حين يمرّ منها رفاق الصبا الذين هرموا بين تكاثف وشاياتهم ضد الكلمة . لا شجرة تغرز ورمها في خمولهم الموافق لانحلال زمنهم ، ولا الثمرة تتفتَّح في ميادين نفاقهم الاجتماعي . استدعاء البهرجة واقتلاع الميت من أرضه المترصّدة ، والسهر عليه من قبل الدائنين اللصوص ، حدث لا يطاق ويخضّب رؤوسهم بإشارات مشدودة الى ماضيهم الذي أضرموا فيه ضفائر الأغنية .
المغول ...
ينتحلون عجائب العرَّاف وينسبونها الى مؤسسي سلالتهم . أفعال سامّة ومؤذية تظهر في إنقاصهم لشمائل من يتفوّق عليهم باصطحابه للضيوف الى كنزه المليء بالعسل والنجوم وضروع الذهب التي تقترن بها الشمس . حثالة مقرونة بما ينكتم في مروره بلحظة الاختراع ، تحمي نفسها في بئر الاقتصاديين الحمقى ولا تجرؤ على الرحلة الى البراري والتمرَّي في مرايا البطولة . الوطن مرحاض كبير تغوَّط وبال فيه المغول الجدّد على مرأى منهم ، وهم يغطّون على جبنهم المترادف مع خَورهم ، في اعاقتهم لشغب الجرحى والشهداء الذين يشيرون الى الخراب والدمار الذي أحدثته الشعوب الغازية . تنظّم الأحداث الفظيعة للتاريخ نفسها في انتقام طويل ، وتعود مع الخونة من جديد في إنباتهم للقتل والتعدّي وسطوهم على إرث الآخرين . في بربريتهم التي تسابق للهيمنة على صوامع الغلال والأبدية المرصوفة للمراكب ، يقدّمون حججهم الضئيلة في استحواذهم على القسمة العظمى للخيانة . ظلم مزعوم تعرّضوا له في الماضي ، يضخّمونه في محافظتهم على العهود مع المغول في كلّ عصر .
دفع الجزية ...
دفعنا لهم جزية كبيرة من محصولنا للعام الماضي ، وأعطيناهم أسلحة وأدوات صيد ، لكنّهم لم يكتفوا بما أخذوه منّا . يريدون مشاركتنا حياتنا المشاعية وهم شعب غريب يتقرَّب في صلواته الى آلهته من أجل تطويبها لحياته في الشتات . كهنتنهم الذين أصيبوا بالجدري وهم يسرقون القرابين ، تعساء ويقاسمونهم المعيشة في المنفى بلا تحفّظ للمقام . نتخلَّى عن التزاماتنا لهم في الهدنة ، ونغدر بزمرهم التي تحجم عن حملها للسلاح ، ومجدنا الحربي يتلقَّى امدادات عظيمة من تنشئتنا لجيلنا الجديد على جزّ صوف الأشجار التي ينام عندها الغرباء . خمور عتيقة نزوّد بها ملائكتنا التي تطير فوق أكواخنا في الصيف ، وفي الأعراس ندعو الطيور وجيراننا عمال المياومة لمشاركتنا اطلاق البهائم في البرّية . مهن كثيرة نعرضها على المجرمين ومرضى العبادة والذين يقارعون شرائعنا ، وفي إعالتنا لمن لا بيت له ، نُطلّقه من زوجته ونطلقه يغرّد في نومه على فراء الحرّية . بامكان الشعوب الرحّالة تغذية نفسها من الفائض في مخازن آلهتها ، والأسلحة اذا صدأت ، تتحوّل الى محاريث في الزراعة وجني الثمار من الشهب .
الاحتياط من الطوفان ...
عهود ومواثيق كثيرة أُعطيت لنا في أرضنا المغتاظة والمصعوقة بعد الهدنة . وديانهم المقفلة التي يتدّربون فيها بلا شمس ، ويقرضون ما اصطلحنا عليه مجبرين ، وإتاحتهم الفرصة للأقوام الأخرى في الثأر منّا ، واعتمادهم على الغدر ، يشجّعنا على إعادة تنظيم صفوفنا وتمكين فتياتنا الحوامل من الولادة قبل مجيء الربيع . الاحتياط من الطوفان واجب ، والسهر التعاوني واجب أيضاً . تعاطف شديد تبديه لنا آلهتنا ونحن نتلف الوسائل التي تساعد المغيرين في تحطيمهم لتماثيلها المنتصبة في طرق الغلال . ما يجيز لنفسه الاستيلاء على خشب منازلنا ، أو يفرض علينا تعويضاً فادحاً في إمالته للكارثة على حياتنا ، نكمن له في الندوب المنغلقة لجروحنا ، وفي الهضاب التي تتيه فيها الطرائد . خصومات طويلة تماثلنا فيها مع الأعداء وتركناهم ولائم للضواري ، وأيّامنا على الأرض ، كلّها إرهاق في تنسّمنا للهلاك المُصان عن مصالحة الغزاة .
11 / 5 / 2011
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما يطمح اليه الغريب في بابل
-
في اخوّتنا للأشياء المفزعة
-
احتياجنا للكتَّان في يوم العيد
-
العصي التي يضربنا بها الكهنة
-
حبور عظيم للعرس
-
نثرنا لرماد الموتى
-
الأبواب العتيقة للربيع
-
ما يلزمهم مع الزائل
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
-
تماثل طقسي
-
قبل الطوفان وبعده
-
فتائل الهاوية
المزيد.....
-
1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا
...
-
ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
-صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو
...
-
في عيون النهر
-
مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة
...
-
”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا
...
-
غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم
...
-
-كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|