أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الابيقورية














المزيد.....

الابيقورية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 18:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ابيقور341-270.ق.م.

لولا المسيحية التي قطعت الطريق على الأبيقورية ووصفتها بالوثنية وتصدت لها لكانت الأبيقورية قد سبقت جميع المذاهب الإنسانية وأنسنة الثقافة قبل أن يظهر ديكارت وفلاسفة عصر النهضة في أوروبا شرقها وغربها ولكن حظها العاثر أن المسيحية في القرن الخامس الميلادي قد اشتد عودها وحاربت الأبيقورية التي كانت تعلن عن إلحادها جهرا بين الناس وتدعو إلى عدم التسليم لله أو للرب, لقد كان شعارها أي الأبيقورية الأول والأخير هو:لا تخف من الله نهائيا ولا تخف من الموت وابحث عن الحكمة وعش حياتك بكل بساطة ومارس المتعة والسعادة بالحكمة وبالعقل ولا تخف من الألم وليس هنالك حياة أخرى يعيشها الإنسان فإن مات الإنسان سيفنى جسدا وروحا.

وقاوم بولس الرسول الفلسفة الأبيقورية التي تهتم باليوم الذي تعيشه وترفض الحياة الأبدية, وحتى اليوم ما زالت الأديان تلاحق كل من يتجرأ على الله بهذا الكلام ولا أحد يقبل بالمقولة التي تدعو الناس إلى عدم الاكتراث بالإله ويعتبر ذلك تجديفا ومحاولة للإساءة لله وللرسل إنها في ذلك تستسلم للامبالاة فلا تبالي بحوادث الزمان ولا بتقلباتها ولا يوجد إله متفرغ ليعاقب الناس على إساءتهم لبعضهم البعض ولا يوجد إله يكافئ الناس على الأعمال الطيبة التي يعملونها وربما أن الأبيقورية مثلها في ذلك مثل نقيضها السفسطائية التي ترى أن كل شيء في هذه الحياة نسبي جدا فالخير الذي يصيبك قد يكون انعكاسه على غيرك شرا والعكس صحيح ,وهي الفلسفة التي لا تعرف ما هو العمل الخيّر أو الشرير فبعض الأعمال التي نصفها بأنها شريرة يكون مردها على غيرنا خيرا كثيرا لذلك ومن هذا المنطلق لا يوجد إله يحاسب الناس على أعمالهم أو يكافئهم عليها لأنه لا يوجد تحديد دقيق لماهية عمل الخير ولا أحد يملك تعريفا وافيا للأخلاق أو للشر أو للخير فكل الأعمال لها انعكاسات خيرية وشريرة ولهذا السبب لا يعاقب الله الناس ولا يكافئهم.

وتدعو إلى الانغماس بالسعادة كأسلوب تطنيش للدنيا وما فيها ..ووجهت نظر الأبيقوريين هو أن الغد أو في الغد مآسي وأحزان لذلك حثت على الانبساط وممارسة السرور والسعادة في هذى اليوم الذي تعيش فيه وأهملت المستقبل ولم تدعو للتخطيط للمستقبل وهي بذلك تشبه الإنسان اليائس في حياته من كل شيء,وهي كالإنسان العادي الذي لا يلقي بالا أو اهتماما بالحياة الأخرى وهمه أن يعيش يومه وأن يكون مسرورا بيومه قبل أن يأتي عليه الغد الذي يكدر صفوة حياته وهي على النقيض من الفلسفة الرواقية التي تُهمل المشاعر والأحاسيس فإن الفلسفة الأبيقورية ترى بأن اللذة هي مبتغى الإنسان ولكن بالحد من كثرتها على الرغم من أن اللذة هي الحياة وهي السعادة الحقيقية,وترى بأن المعرفة لا تتحقق إلا عن طريق الحواس والارتقاء بالحس وبالمشاعر إلى درجة بلوغ الكرامات كما هي بالدين ولكن هذه المرة بالفلسفة,وترى بأن هدوء البال والطمأنينة يأتي عن طريق عدم الانغماس بالشهوات بطريقة شهوانية مغالٍ فيها بل عن طريق ممارسة الشهوة بطريقة معتدلة ومقبولة.

والأبيقورية تختلف مع المسيحية في كثيرٍ من النقاط أهمها أن الفلسفة الأبيقورية ترى بأن الآلهة أو الإله لا يعاقب البشر على أعمالهم ولا يكافئهم ولا توجد حياة أخرى أبدية فالجسد سيموت ويفنى وأيضا الروح ستموت وتفنى,والله في نظرها لا يتدخل بحياة الناس ولا يحاسبهم على أعمالهم ولا يقدم أي هدية للأخيار ولا يقدم أي شيء للأشرار إنها أحيانا تكون وكأنها تقول(لا إله والحياة مادة) ومن هذا المنطلق نستطيع القول عنها بأنها أول من قام بأنسنة العلوم والحياة المدنية والفكرية ودعت الإنسان للرقي بإنسانيته عن طريق تحفيز المشاعر والأحاسيس وإهمال الإله وعدم تقديم العبادة له لأنه لا يملك للإنسان نفعا ولا ضرا والإنسان هو وحده الذي يملك النفع لنفسه وليس الله أو الإله وهذا الذي دع ببولس الرسول للتصدي للأبيقورية ومدارسها في شتى أنحاء الشرق الأقصى وشرقي أوروبا.

واستمرت الفلسفة الإبيقورية في نشاطها زهاء خمسة قرون ولم يقضِ عليها إلا الدين المسيحي الذي حل مكان الوثنية بشكل كبير فانهزمت الفلسفة والفلاسفة على يد الدين المسيحي وحلت المسيحية محل كل أكاديمية دينية وحل رجل الدين محل كل فيلسوف,وفوق كل ذلك احتقرت الأبيقورية السياسة والعمل فيها ودعت الإنسان بأن لا يكون طموحا جدا وأن يكتفي بالقليل أو بأن لا يتمتع بالطموح السياسي الكبير,وأكدت الأبيقورية على مبدأ أن كل شيء في هذه الحياة من الممكن توضيحه وإصلاحه دون أي محاولة لإقحام الآلهة فيه,فإقحام الآلهة بنظرها موضوع سخيف جدا وإن بعض المشاكل أو أكبر المشاكل يستطيع أن يحلها أي إنسان عادي لديه الحد الأدنى من المهارة والخبرة أو غير عادي لديه مهارة وخبرة في الحياة تفوق بعض التصورات,ومن هذا المنطلق تعارضت الأبيقورية مع المسيحية وهذا ما أدى إلى انقراضها بعد أن استوطنت في عقول الناس خمسة قرون على أقل تقدير ولم تقم لفلسفة أنسنة الوجود الإنساني أي قائمة بعد أن انتصرت المسيحية على الوثنية إلا في وقتٍ متأخر بعد ظهور ديكارت,إذ عاد الفلاسفة من جديد واحتلوا مكانة رجل الدين واحتلت أكاديمياتهم التعليمية مكان كل كنيسة كرد اعتبار لفلاسفة الوجود جميعهم,وبالتالي نحن أمام ظاهرة كسب المعركة بين الدين والعقل مرة لصالح الفلسفة ومرة لصالح العقل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل ليست مزحة
- الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت
- المشاعر والأحاسيس من وجهة نظر رواقية
- درس من الإنجيل
- الغنوصية
- الاستثمار في الإنسان
- الحلاج الفقير الذي تكرهه الناس
- الحج عن المعضوب
- مبروك...مبروكه ..وطقومة قزاز
- سلمان المُحمدي
- الأفكار الكبيرة تبدأ من بذرة صغيرة
- ما حدى مرتاح
- المرأة مثل البهيمة عند العرب
- مبسوط جدا
- شكل الربيع العربي
- الانبراطورية السنية السلفية السعودية
- العقلية اليهودية صالحة لكل زمان ومكان
- اليهودية الإصلاحية
- أبحثُ عن ولدٍ ضائع
- أحذية المصلين في المساجد


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الابيقورية