أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - انجي وحيد فخري - احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران















المزيد.....



احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران


انجي وحيد فخري

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة:
الأزمة الدائرة بين ايران واسرائيل هي أزمة تتجسد في خوف اسرائيل والولايات المتحدة من البرنامج النووي الايراني حيث تدعي اسرائيل بأن ايران تتجه الى امتلاك السلاح النووي وعليه فهي تقدم خيار استخدام القوة العسكرية تجاه ايران للمجموعة الدولية وخاصة العواصم الغربية بوصفه الأنجع لتحقيق الأمن النووي في المنطقة، بينما تنفي ايران الاتهامات الأمريكية والإسرائيلية بأنها تسعى لامتلاك تكنولوجيا نووية عسكرية، وتؤكد أن برنامجها النووي لأغراض سلمية.
ويرى المحللين أن حرب بين اسرائيل وايران لن تكون بالسهلة وستكون عواقبها وخيمة على المنطقة وحتى على إسرائيل نفسها، ومن ثم ذهب البعض إلى الجزم بأن ما يحدث مجرد حرب إعلامية لتخويف إيران لا أكثـر. خاصة وأن إسرائيل لا زالت تعيش على وقع خسارتها في حرب جويلية 2006 أمام حزب الله والتي سقطت فيها أسطورة الجيش الذي لا يهزم ودحرت فيها مركبات الميركافا التي كانت تعد فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية(1). ومن ثم فهذا المبحث سيتطرق الي الموقف الداخلي لإسرائيل من توجيه ضربة عسكرية لإيران ورؤية الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من ذلك الخيار، ومدى امكانية تنفيذ التهديدات الاسرائيلية العسكرية تجاه ايران.
وينقسم المبحث الي الاقسام التالية:
القسم الاول: الموقف الداخلي لاسرائيل من البرنامج النووي الايراني.
القسم الثاني: الموقف الدولي من استخدام اسرائيل للخيار العسكري تجاه ايران.
القسم الثالث: الامكانية العسكرية لتوجيه ضربة اسرائيلية لايران.





القسم الاول:
الموقف الداخلي لاسرائيل من البرنامج النووي الايراني:

وفي هذا القسم سيتم التعرف على الموقف الداخلي لاسرائيل من خلال تصريحات الساسة وقادة اسرائيل في الآونة الاخيرة حول مدى امكانية اقدام اسرائيل على توجيه ضربة عسكرية لايران.
بداية تجدر الاشارة الي أن هناك اجماع داخلي في اسرائيل على أن وصول ايران للعتبة النووية يمثل تهديدا مباشرا للامن القومي الاسرائيلي، وترى اجهزة المعلومات الاسرائيلية أن مجرد نجاح ايران كدولة وكنظام في تخصيب اليورانيوم يشكل تهديدا حقيقيا للدولة العبرية ويضرب بعمق في صلب الايديولوجية العسكرية الاسرائيلية ويكسر حاجز الاحتكار النووي ، بل ويفرض مشاهد أخرى لتسويات ومقايضات سواء في عملية الشرق الاوسط كالقضية الفلسطينية أو تطورات الاوضاع في العراق وامن الخليج.
وبالرغم من ذلك الاجماع حول خطورة امتلاك ايران للسلاح النووي على اسرائيل الا ان اراء قادة وساسة اسرائيل تباينت تجاه كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني.
فنجد أن رئيس الوزراء الاسرائيلي "بنيامين نتياهو" يصر في كافة تصريحاته على ضرورة وحيوية استخدام الخيار العسكري في مواجهة ايران لوقف برنامجها النووي، وليس أدل على ذلك من تصريحات نتنياهو أمام المنظمة اليهودية العالمية إيباك في مارس الماضي حين أكد بأنه لا بد من القضاء على البرنامج النووي الإيراني لتفادي حدوث هولوكوست آخر، مع الإشارة إلى أن مخاوف إسرائيل من القدرات النووية الإيرانية ظهرت للعلن عقب صدور تقرير منظمة الطاقة الدولية المشير إلى امتلاك إيران برنامجا نوويا عسكريا (2).
كما أكد نتانياهو أثناء لقائه بالرئيس الأمريكى باراك أوباما فى واشنطن في مطلع العام أنه لا يؤمن بأن العقوبات الدولية أو الحوار مع السلطات الإيرانية ستمنعها من امتلاك قنبلة نووية، مضيفاً "إن الأضرار والضحايا التى ستحصل نتيجة إطلاق صورايخ على تل أبيب رداً على هجوم إسرائيلى على المفاعل النووية الإيرانية هى عديمة القيمة مقابل تداعيات قنبلة نووية بأيدى النظام الإيرانى(3)، ومن ثم فان التفاوض وتشديد العقوبات على إيران لم يرض نتنياهو.
كما أن غالبية أعضاء المجلس الوزارى المصغر للشئون الأمنية والسياسية "الكابنيت" يؤيدون موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه إيهود باراك الداعم لمهاجمة إيران، حتى بدون إذن أمريكا، حيث ذكرت "صحيفة معاريف" بأنه يعتقد بأن ثمانية من أعضاء المجلس الـ 14 يميلون إلى تأييد موقفى نتانياهو وباراك بينما يعارضه الستة الآخرون بمن فيهم الوزراء يعالون ومريدور وبيجين ويشاى(4).
وبينما هدد ليبرمان خلال حديثه لـ"يديعوت أحرونوت" بأن "دولة إسرائيل تحتفظ بجميع الخيارات على الطاولة" في إشارة إلى الخيار العسكري ضد إيران الا أنه رأى أنه من خلال القيام بجهد صحيح ومن خلال جبهة موحدة للأسرة الدولية سيكون بالإمكان إقناع الإيرانيين بالتنازل عن طموحاتهم النووية(5).
أما عن مواقف الساسة والقادة غير المؤيدة للضربة العسكرية لايران فنجد أن رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلى "شؤول موفاز" اصدر تصريحا يعرب فيه عن اعتقاده بأن الوقت لم يحن بعد لمهاجمة إيران، ويجب على إسرائيل أن تعمل فى هذا الموضوع من خلال التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة(6).
كما حذر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "امان" أفيف كوخافي من أن ضربة عسكرية قد تؤدي الي تعرض اسرائيل لخطر هجوم صاروخي ساحق على مدنها وبلداتها(7).
وجاءت كلمة الرئيس الإسرائيلي، "شيمون بيريز"، أمام مؤتمر إيباك هذا العام مُخالفة لموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي. ففي الوقت الذي دافع فيه الثاني في كلمته عن الخيار العسكري ضد إيران؛ فإن الأول أيد أسلوب العقوبات لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ويليه طرح الخيار العسكرى، متفقاً في موقفه هذا مع الرئيس الأمريكي أوباما بإعطاء الفرصة للعقوبات الاقتصادية، حتى تؤتى ثمارها(8).
وبالرغم من الاختلاف الداخلي بين الساسة والقادة الاسرائيليين حول الطريقة المثلى لمنع ايران من استكمال برنامجها النووي ، فان اسرائيل تزيد من حدة خطابها ويرى بعض المراقبين ان الاتهامات الموجهة لايران بالقيام بهجمات ارهابية استهدفت موظفي سفارات اسرائيل في الهند وجورجيا وتايلاند تأتي لغرض تحشيد الرأي العام العالمي ضد ايران لثنيها عن الاستمرار ببرنامجها مثار الجدل، وفي هذا الصدد قال نتانياهو ان "ايران هي اكبر مصدر للإرهاب في العالم "، متهما الجمهورية الاسلامية بانها "تزعزع الاستقرار في العالم وتضرب دبلوماسيين أبرياء في كل أنحائه".
ويرى ميكي سيغال وهو المسؤول السابق عن ملف ايران في جهاز الموساد الاسرائيلي ان الهجمات التي وقعت في الايام الاخيرة تقوي موقف اسرائيل على الساحة الدبلوماسية في حربها على ايران. وقال سيغال "كل هذا يساعد على اخراج بيئة استراتيجية يتم اعتبار ايران فيها كدولة داعمة للارهاب"(9).
إلا أن ليبرمان شدد على أن الطريق الصحيحة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي لا يتم إلا بجبهة موحدة من جانب الأسرة الدولية".(10)

القسم الثاني:
الموقف الدولي من استخدام اسرائيل للخيار العسكري تجاه ايران

تزداد الضغوط الأوروبية على إيران بهدف إجبارها على العودة إلى التفاوض حول برنامجها النووي، وتشهد المنطقة حراكاً غير مسبوق على عدة مستويات منها ثني إسرائيل عن توجيه ضربة عسكرية، والتحذير من عواقب تنفيذ طهران لتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز في حال فرض حظر أوروبي على صادراتها النفطية، فضلاً عن سعي المستوردين الأساسيين للنفط الإيراني لتغطية احتياجاتهم في حال تطور غير متوقع للأزمة المتصاعدة(11).
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل قد تلقت تحذيرات من دول عدة، من بينها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، بعدم توجيه ضربة إلى إيران؛ ومن ثم فإن الولايات المتحدة تقوم الآن بكبح جماح إسرائيل وليس إيران(12)، وفيما يلي عرض لمواقف عدد من الدول فيما يلي:

أولا: موقف الولايات المتحدة الأمريكية:
إن الادعاء بخصوص سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية ودعم إيران للإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان في إيران ومعارضة إيران لعملية التواطؤ " الاستسلام" يمثل المحاور الأربعة الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية حيال إيران، وتسعى واشنطن عن طريق شن حرب سياسية ودعائية واسعة النطاق واستغلال الموضوعات المثارة للوصول إلى أهدافها في مواجهة إيران؛ بحيث تضع إيران في عزلة عالمية.
ومن الإجراءات الأخرى التي أقدمت عليها الولايات المتحدة في موضوع الملف النووي الإيراني ممارسة الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران بهدف تأمين المحطات النووية الإيرانية تزايده الضغوط الأمريكية على هذه الوكالة ، وعملت الولايات المتحدة من خلال الدعاية على إظهار أن تفتيش الوكالة على المنشآت الإيرانية ليس كافيًا ومن الدلائل الأخرى على انحياز الولايات المتحدة ضد البرنامج النووي الإيراني هو التضاد مع تقاليد الوكالة فدائمًا واشنطن تطلب بأن تكون تقارير الوكالة متوافقة مع أهدافها ومطالبها ، وأن تهيئ الفرصة بأن يشارك الخبراء الأمريكيون في وفود التفتيش(13).
إلا انه وبالرغم هذا الموقف الواضح من إيران إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تولي اولوية لتوجيه ضربة عسكرية لايران، وترى أن هناك كخاطر أخرى في الشرق الاوسط لا تقل خطورة عن مسألة النوي الايرني وينبغي التعامل معها وعد اغفالها(14).
حذرت إسرائيل عدة مرات عدم شن هجوم على ايران معلنة أنه ليس هناك أي ضمانات بأن هذا الهجوم من شأنه أن يدمر المنشآت النووية الايرانية الا أنه يمكنه في اقصى تقدير عرقلة المشروع النووي الايراني لمدة سنة أو سنتين ، كما صرح مع مطلع العام الحالي وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا أن ليس لبلاده أي نية لمهاجمة ايران وأوضح أن واشنطن تفضل اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية من أجل ايقاف المشروع النووي الايراني ، وعلى حد قوله، فان الولايات المتحدة تخشى من أن يضر الهجوم على ايران الاقتصاد العالمي بشكل كبير(15).
أي أنه في الوقت الذي أراد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نيتنياهو" الضغط على الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لمساندة إسرائيل في توجيه ضربة عسكرية لإيران؛ باءت محاولته بالفشل، حيث إن أوباما يستند في قراراته على تقييم الاستخبارات الأمريكية، والتي أكدت أن إيران لا تزال بعيدة ببضع سنوات عن اكتساب السلاح النووي؛ وأنها لم تتخذ بعد قرار الانتقال من ( القدرة النووية) إلى (تصنيع القنبلة)، وبالتالي فلن يتخذ قراراً قد يؤثر فى أسهمه في الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وبالرغم من أن "أوباما" في كلمته في مؤتمر ايباك لهذا العام أكد عن " أن كل الخيارات مطروحة، وأن بلاده لن تتردد فى مهاجمة إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي"؛ فإنه حذر في الوقت نفسه من أن الإكثار من الحديث عن الحرب لن يجدي نفعاً سوى مساعدة إيران، ورفع أسعار النفط؛ مؤكداً أنه من أجل أمن إسرائيل والولايات المتحدة وأمن وسلام العالم، فإنه ليس من المناسب انتهاج لغة التهديد؛ مناشداً إسرائيل التريث، حتى تبدأ العقوبات المفروضة على طهران أن تؤتى نتائجها المرجوة مع التحالف الدولي". هذا، ويسعى أوباما لوقف إسرائيل عن اتخاذ قرار أحادى بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.(16)
وكانت زيارة رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمسبي إلي إسرائيل في مطلع العام الحالي تهدف إلي الضغط مرة أخرى على المسئولين السياسيين والعسكريين في إسرائيل من أجل عدم مهاجمة إيران، بالإضافة إلي توضيح معارضة الولايات المتحدة لهذا الأمر(17).
ولعل أحد أهم الأسباب التي تدعو الإدارة الأمريكية إلى ثَنْيِ إسرائيل عن شنّ عملية عسكرية ضد إيران هو حقيقة مخاوف أوباما من أن يقوم الإيرانيون بتوجيه ضربات موجِعة للوجود الأمريكي في كلٍّ من العراق وإيران والخليج، بشكل يمثل تهديدًا هائلًا للمصالح الأمريكية، وقد يضطر واشنطن للتدخل في الحرب ضد إيران، وهو سيناريو الرعب الذي تتجنبه إدارة أوباما التي تدرك أنها لم تنتخب من أجل شنّ مزيد من الحروب، بل لتدارك الأخطاء الإدارة السابقة التي أدّت الحروب التي شنتها فقط إلى تدهور مكانة واشنطن(18).
وإذاء محاولات الولايات المتحدة إقناع تل أبيب بالتخلي عن خيار التعامل العسكري مع الملف النووي الايراني، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حديث مع وكالة CNN الإخبارية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "مناحم بيغن" لم يحصل على إذن من واشنطن عندما قصف المفاعل النووي العراقي العام 1981، وعزت دوائر أميركية تصريحات نتنياهو إلى عزم أجهزته العسكرية ضرب المنشآت النووية الإيرانية من دون التشاور على أقل تقدير مع الإدارة الأميركية(19).
واذاء موقف أمريكا أصدرت إسرائيل في أوائل عام 2012 بيان تؤكد فيه على أنها مازالت تصر على رفضها اعطاء الولايات المتحدة الامريكية تحذيرا مسبقا قبل أن تبدأ الهجوم على ايران، وقد افادت صحيفة "التايمز" البريطانية بتاريخ 22 يناير2012 أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يصر على التكتم عن نية اسرائيل المحتملة لشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الايرانية وأن نتنياهو مستعد على اقصى تقدير ابلاغ واشنطن قبل اقلاع الطائرات الاسرائيلية المتوجهة الي هدفها بـ 12 ساعة فقط (20) .
اي أن إسرائيل تفتقد الدعم السياسي والدولي ناهيك عن الدعم العسكري من الولايات المتحدة الامريكية، بل وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في مايو الجاري أن الولايات المتحدة قد تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم جزئيا، في مقابل إجراءات صارمة للحد من قدرتها على صنع قنبلة نووية، الأمر الذي يفسر على أنه تنازل كبير من قبل واشنطن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن قد تسمح لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 5%، إذا ما وافقت طهران على عمليات تفتيش غير مقيدة لمواقعها النووية، إضافة إلى شروط أخرى(21).

ثانيا: موقف روسيا:
أكدت روسيا موقفها المعارض لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي، وقالت روسيا إن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على شراء النفط الإيراني سيؤدي إلى الإضرار بالاتحاد نفسه.وأوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقابلة تلفزيونية أن "الاتحاد الأوروبي يرفض شراء النفط الإيراني، على الرغم من أن عديدا من الدول الأوروبية تعتمد على هذا النفط".لكن لافروف أكد على معارضة موسكو لفرض مزيد من العقوبات على طهران، بما في ذلك الحظر على شراء النفط الذي قرره الاتحاد الأوروبي والذي يدخل حيز التنفيذ في يوليو المقبل(22).
ثالثا: موقف الصين:
تعتبر الصين هي المنفذ الحقيقي لايران من سطوة العقوبات الدولية وتؤمن الصين نحو ثلث وارادات ايران من البنزين ، وقد اعلنت بكين في موقف رسمي أنها لن تنضم العقوبات الامريكية والاوروبية الجديدة(23) ، واكدت قائلة: إن واشنطن لا يحق لها معاقبة دول أخرى من جانب واحد.
وترى الصين أن لها الحق أن تحتفظ لنفسها باتخاذ القرار بشأن استيراد النفط من إيران أو من أي بلد آخر، رافضة بذلك رغبة واشنطن بخفض استيرادها من النفط الإيراني الخام(24).
رابعا: موقف الهند:
تعد ايران ثاني اكبر مصدر للنفط الي الهند بعد المملكة العربية السعودية وتشكل صادرات النفط الايراني الي الهند نحو 12% من مجمل وارادات الهند النفطية بقيمة 11 مليار دولار سنويا تذهب الي طهران مقابل هذا الكمية ، وفيما يتعلق بالعقوبات الامريكية والاوروبية الاخيرة فقد انضمت الهند الي الصين في رفضها تطبيق هذا العقوبات خاصة أنها غير صادرة عن الامم المتحدة وبالتالي فهي غير معنية بها(25).
ومن خلال ما سبق يتضح أنه لا يوجد اجماع بين الدول الكبرى المستوردة للنفط من ايران حول الرغبة ليس فقط في تشجيع الخيار العسكري الارائيلي بل وحتى في فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على ايران مما يضعف من موقف اسرائيل ويقوي الموقف الايراني ، ناهيك عن عدم موافقة اولايات المتحدة الامريكية على تلك الحرب في تلك الفترة.

القسم الثالث:
الامكانية العسكرية لتوجيه ضربة اسرائيلية لايران

من القسمين السابقين ظهر جليا انه لا يوجد اتفاق سياسي داخل اسرائيل او بين المجتمع الدولي تجاه استخدام الخيار العسكري تجاه ايران ، وفي حال افترضنا أن اسرائيل ستتجه وحدها لضرب ايران دون مساعدة خارجية ودون اجماع داخلي فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما مدى امكانية اسرائيل في توجيه ضربة عسكرية لايران؟.
يرى رئيس هيئة أركان سلاح الجوّ الإسرائيلي السابق "رؤوفين بديهتسور" أن أي ضربة إسرائيلية مهما كانت ناجحة ستسفر عن تأجيل المشروع النووي الإيراني لعدة سنوات وليس إلى القضاء عليه، مشيرًا إلى أن الإيرانيين سيستغلون الضربة في تكثيف أنشطتهم من أجل إنجاز المشروع النووي(26).
وقال الباحث الإسرائيلي موشيه فيريد في دراسة صادرة عن مركز بيجن السادات للدراسات الاستراتيجية منذ أيام، ان الحرب اذا اندلعت بين طهران وتل أبيب فانها ستكون طويلة الأمد، مضيفا ان العقيدة الشيعية التي تقوم علي القتال والتضحية من أجل العدل واصلاح الأخطاء التي ارتكبت في حق الاسلام والمسلمين وهو ما يعني أن هدف القضاء علي اسرائيل سيندرج تحت هذه المعتقدات مهما كان الثمن فادحا(27).
وأعلن الجنرال دان حالوتس رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق والذي تولى في السابق منصب قائد سلاح الجو في أكثر من مقابلة صحفية أنه وفق المعلومات المتوفِّرة لديه فإنّه ليس بوسع إسرائيل توجيه ضربة لإيران، مشددًا على أنه يقول ذلك من منطلق معرفته بقدرات الجيش الإسرائيلي وطبيعة الأهداف الإيرانية المرشحة للقصف. ويُرجِع حالوتس عدم قدرة إسرائيل على توجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني إلى حقيقة انتشار المنشآت النووية الإيرانية على مساحة شاسعة، بحيث تم توزيعها في مختلف أرجاء إيران، بالإضافة إلى حرص الإيرانيين على إقامة منشآتهم النووية في عمق الأرض، الأمر الذي يقلص من قدرة سلاح الجو الإسرائيلي على قصف هذه المنشآت بنجاعة كبيرة، بالإضافة إلى حاجة إسرائيل إلى إمكانيات لوجستية هائلة من أجل تحقيق إصابات كبيرة في المشروع النووي الإيراني.
ويرى جنرال الاحتياط الإسرائيلي المتقاعد "يغال شاؤولي" أن نجاح إسرائيل في ضرب المنشآت النووية الإيرانية لن يكون ممكنا إلا في حال تعاونت دول الجوار العربي وتغاضت عن استخدام مجالها الجوي من قبل سلاح الجو الإسرائيلي. ويرى شاؤولي أنّه حتى لو تجاوزت إسرائيل كل هذه المخاطر فإنّه لا يوجد هناك ضمانة بألا تنجح القوات الإيرانية في مفاجأة الطيران الإسرائيلي وإسقاط عدد كبير من الطائرات، مما يعني عمليًا تحويل العملية إلى عملية فاشلة حتى لو أدّت إلى تدمير عدد من المنشآت(28).
اذن فالقائلون باستحالة شن ضربة عسكرية على إيران يستشهدون بمواقع المنشآت النووية الإيرانية المنتشرة عبر كامل التراب الإيراني، مما يحتّم على من يُنفّذ الضربة حشد قواته العسكرية واللوجيستية المتطورة وعدم الاكتفاء بضربات سريعة، وبالتالي ضرورة استعانة إسرائيل بدول أخرى، مما يرفع حدة الصراع ليجعل منه إقليميا ويؤجج الوضع في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأن إيران أكدت من جهتها أنها لن تدخر جهدا للرد عسكريا وعبر حلفائها، هي الأخرى في المنطقة.واتفق وزير الحرب الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز مع ليبرمان في أنه من الخطأ أن تقوم إسرائيل بشن ضربة بمفردها على إيران، ولا بد من تدويل الهجوم على اعتبار أن البرنامج النووي الإيراني خطر يهدد العالم.
وأكد مصعب النعيمي رئيس تحرير صحيفة الوفاق الإيرانية أن أي مراقب سياسي يلاحظ أن مساحة الكيان الإسرائيلي المقتطعة من أرض فلسطين لا تتجاوز 20 ألف كيلومتر مربع، و هذه القطعة الصغيرة مكتظة بالجنود والأسلحة فهي أشبه بالمعسكر الذي أينما ضربته أصبته، أما إيران فمساحتها 6,1 مليون كيلومتر مربع، فهي أشبه بقارة وعندما تقرر إيران ضرب هذا الكيان فلن يكون هناك بعدها شيء اسمه إسرائيل(29).
ويشير الخبراء إلى أن عملية قصف المنشآت النووية الإيرانية ستكون أكثر تعقيداً من العمليات العسكرية، التي قصفت إسرائيل خلالها المفاعل النووي العراقي العام 1981ونظيره السوري في منطقة دير الزور، إذ من اللازم أن تشارك ما لا يقل عن 100 طائرة في الحرب الوشيكة، بداية من الطائرات المقاتلة وحتى طائرات الإمداد بالوقود، حيث ستضطر تلك الطائرات للتحليق مئات الكيلومترات لقصف ثمانية أهداف في مختلف الأراضي الإيرانية، وذلك على عكس ما حدث في العراق وسوريا، حيث كان سلاح الجو الإسرائيلي قصف هدفاً منعزلاً، أما المنشآت النووية الإيرانية فتنتشر على مساحات شاسعة ومتفرقة من الاراضي الإيرانية، كما تقوم قوات الدفاع الجوي الإيرانية بالدفاع عنها، خاصة مفاعل بوردو المتاخم لمدينة قُم، فسيكون من الصعب جداً المساس بهذا المفاعل على وجه التحديد، بحسب تقديرات خبراء الولايات المتحدة.
وحول كيفية وصول إسرائيل إلى إيران، رأت مجلة جينس البريطانية أن هناك ثلاثة مسارات هجومية لوصول المقاتلات الاسرائيلية الى ايران، الاول شمالي ويمر بالأراضي التركية، وجنوبي عبر الاراضي السعودية، ووسط (اقصر المسارات) عبر الأراضي العراقية والأردنية، الا أن أياً من هذه المسارات له بعض القيود المفروضة عليه امام إسرائيل، فالعلاقات السياسية والديبلوماسية متوترة جداً بين تل ابيب وأنقرة، كما أن السعودية لا تقيم اية علاقة ديبلوماسية مع إسرائيل، فضلاً عن أنه ليس من المؤكد سماح الأردنيين بمرور المقاتلات الإسرائيلية عبر اراضيهم لضرب ايران، بالاضافة الى ذلك لن يستطيع سلاح الجو العراقي منع خرق أجواء بلاده، لذلك يرى الخبير في موسوعة جينس "شارلز هالوسي" أن إسرائيل ستستخدم مسار الوسط، في حال تبنيها للخيار العسكري في التعامل مع الملف النووي الإيراني(30).
وتشير الدراسات إلى إمكانية أن تقوم إيران بتعزيز ميزان القوى لصالحها بإرسال تعزيزات عسكرية هائلة لسوريا ولبنان للمشاركة بالقتال، مستغلة انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة نهاية العام. ولم يستبعد نجاح إيران في استغلال المتغيرات الإقليمية لإرسال عتاد وسلاح ومتطوعين إلى سوريا مباشرة عن طريق العراق أو تركيا، منبهًا إلى أن ذلك سيصعب جدًّا على إسرائيل حسم معركة برية ويورِّطها في حرب طويلة. كما أن إيران بإمكانها باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وشنّ حملات مكثفة تستهدف الخطوط الجوية الإسرائيلية والمصالح الإسرائيلية في العالم(31).
ويعتقد مسئولون أمريكيون ومحللون الآن بأن احتمالات الحرب ضد إيران فى المستقبل القريب قد انخفضت بشكل ملحوظ، وأشار الخبراء الأمريكيون إلى أن ذلك يعود لعدة عوامل أولها التهديد بفرض العقوبات اقتصادية أكثر صرامة على إيران وهو أسلوب تكتيكى أكثر مرونة من جانب الولايات المتحدة، وثانياً تزايد الانقسام بين القادة العسكريين والسياسيين ومسئولى الاستخبارات فى إسرائيل حول ضرب إيران، وثالثاً يبدو أن البيت الأبيض مصمم على منع أية مواجهات يمكن أن تعطل أسواق النفط العالمية خلال عام الانتخابات.
وكان قد كشف دينيس روس مسئول الملف الإيرانى فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما مع بداية شهر مايو الجاري: "أنا أعتقد بأن درجة الحرارة قد انخفضت، وفى الوقت نفسه لا أحد يستبعد إمكانية أن التفاؤل يمكن أن يتلاشى على الرغم من عدم وجود اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل على مدى الزمن".
وأضاف المسئول الأمريكى: "أن هناك اتفاقا على أن هناك بعض الوقت للدبلوماسية لذلك أعتقد بأن يتم التركيز الآن على المفاوضات وهذا لا يعنى أن التهديد باستخدام القوة يذهب بعيداً ولكنه يمكن وراء الدبلوماسية، والمفاوضين الإيرانيين بدأوا يظهرون مرونة أكثر على حل الأزمة مما كان متوقعاً".
ويعتقد المسئولون الأمريكيون بأن التهديد الذى يلوح فى الأفق من تشديد العقوبات الاقتصادية حتى تصبح نافذة المفعول فى 1 يوليو، سوف يدفع الإيرانيين لتتخذ المزيد من المفاوضات على محمل الجد وهذا بدوره قلل من خطر الحرب والوقت لضرب إيران قد استنفد".(32)

خاتمة المبحث:
وختاما تجدر الإشارة إلى أن بعض مستويات صنع القرار في تل أبيب ترفض تقديم تعهد لواشنطن بعدم توجيه ضربة عسكرية لإيران من أجل ابتزاز واشنطن ودفعها للموافقة على قيادة جهود دولية غير مسبوقة من أجل تجنيد المزيد من الدول للموافقة على فرض عقوبات غير مسبوقة على إيران، على اعتبار أنّ إسرائيل تدرك حجم "مخاوف إدارة أوباما من تداعيات توجيه ضربة إسرائيلية لإيران على المصالح الأمريكية(33).
ويمكن إيجاز المعوقات أمام إسرائيل لتنفيذ تهديدها بمهاجمة إيران فيما يلي:
1- عدم مباركة الولايات المتحدة الأمريكية للضربة الإسرائيلية المحتملة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الديمقراطي "بارك أوباما".
2- عدم وجود اتفاق داخل إسرائيل حول مدى نجاح الضربة العسكرية وتوقيتها.
3- صعوبة العملية العسكرية على المستويين العسكري والسياسي بسبب إستراتيجية موقع إيران.
4- التكلفة الباهظة التي سوف تتكلفها إسرائيل في حال عزمها توجيه الضربة، علمًا أن تلك الضربة لن تدمر البرنامج النووي بأكمله وإنما ثلاث مواقع فقط، وبالتالي فإن التكلفة لن تساوي بأي حال من الأحوال المخاطرة.



#انجي_وحيد_فخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل مقولة -الاسلام دين ودولة-
- قراءة نقدية في كتاب -عن الحرية- للمفكر جون ستيوارت ميل
- العلاقة بين الدين والدولة في فكر جماعة الاخوان المسلمين
- السياسة الخارجية في الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية محمد مرسي


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - انجي وحيد فخري - احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران