أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - رواية -ساق البامبو- وأشكالية الهوية والأغتراب















المزيد.....

رواية -ساق البامبو- وأشكالية الهوية والأغتراب


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


لعل من حق القاريء العربي أن يبحث عن ما يهمه من شؤون الحياة المعاصرة في رواية قد تثير عنده أسئلة أكثر مما تجيب حلولا لمشاكل الواقع وما أكثرها. وحسب الروائي أن يثير أدبه وسرده وفنه رغبة القاريء في التواصل مع موضوعه الذي يعيش زمنه ويتفاعل مع شخصياته واقعا وحقيقة.
وعليه فان موضوعة العاملين من دول جنوب شرق آسيا في دول الخليج العربي قد اشبعت بحثا ودراسات، وعبّر عنها المبدعون أدبا وفنا رصدا لمشكلة أجتماعية سياسية ديمغرافية ليست هينة. وقد علمت أن رواية الصحفي والكاتب الكويتي سعود السنعوسي تدور حول موضوعة بهذا الخصوص، كما اني لم أقرأ من قبل لهذا الكاتب الشاب فازددت شغفا لقراءة رواية "ساق البامبو" الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون والتي فازت مؤخرا بجائزة الرواية العربية لعام 2013.
وقد تصدّرت الرواية كلمة الروائي الكويتي اسماعيل فهد أسماعيل وهو يقول " علاقتك بالأشياء مرهونة بمدى فهمك لها". ولعل غلاف الرواية يساعد القاريء على الفهم حيث راحت أعواد القصب المتينة الخضراء اللون تزيّنه ومقطع قصير من الرواية يذكر في الغلاف الأخير ان البامبو هو عود الخيزران نفسه في الكويت او الكاويان في الفلبين. وهي الدلالة هنا عن عدم الأنتماء حيث يزرع الخيزران أو البامبو وينمو في أي ارض وفي باطن أية تربة. ثم انك لتجد المؤلف السنعوسي ينسب الرواية لهوزير ميندوزا مؤلفا في الغلاف الداخلي وهو الشخصية الرئيسة فيها والذي أسماه المؤلف عيسى الراشد حيث تبدأ الأزدواجية التي يريد أن يذكّر بها السنعوسي قارئه ومنذ الصفحة الأولى.
على هامش وطن!
وقد قسّمت الرواية عبر صفحاتها ال 396 صفحة من القطع المتوسط الى خمسة أجزاء جاءت شخصيتها المحورية عيسى أو هوزير والذي ولد من أم فلبينية كانت تعمل خادمة في بيت في الكويت ولأب يدعى راشد هو الأبن الأكبر في عائلة الطاروف الكويتية. فكان الجزء الأول يدور حول عيسى قبل الميلاد ثم عيسى بعد ميلاده وعيسى في تيهه الأول ثم الجزء الرابع عن عيسى في تيهه الثاني لتنتهي الرواية في جزئها الأخير عن عيسى وهو على هامش الوطن.
وهكذا راح الراوي العليم وبضمير المتكلم القوي الواثق من معلوماته وأحداث زمنه يفصّل في ظرف عيسى حتى قبل ميلاده ليهيء القارئء لتوقّع حدث يتمثل بأن تلك المرأة الفلبينية (أم عيسى بعد ذلك) وهي تحت ضغط الظرف الصعب القاهر تطلب السفر للبحث عن عمل كخادمة في الكويت. وهنا تسنح الفرصة للراوي بأن يفصّل في الجزء الثاني في الحال الأجتماعي الفقير من جانب والمظلم من جانب لآخر مما تعيشه عوائل فلبينية يضطرها ظرفها للبحث عن العمل خارج وطن ليس فيه ما يقيم الأود ويحفظ كرامة الأنسان. ولكن لن يكون ذلك دون ثمن.
ان عيسى الراشد الذي ولد لأب كويتي من هذه الأم الفلبينية بعد زواج عرفي لم يدم طويلا تاه في المكان الأول الفلبين بين ظهراني أمه وجده المريض وخالته المدمنة ليكون غريب اللغة واللسان والدين بالمفهوم العربي. حتى أذا عاد الى الكويت بعد وفاة أبيه راشد وحسب وصية لصديقه الصدوق غسان والذي هو نفسه من "البدون" في الكويت تاه تيها ثانيا فوجد أن أسرته لأبيه تتنكر له وهو بقسمات وجهه الفلبيني رغم أحتفاظه بما يتطابق وصوت أبيه راشد ونبراته الحادة. ذاك الراشد المثقف وكاتب الروايات الصعبة على الفهم. ولكنها الشخصية الثانية في الرواية، تلك الشخصية القوية المراس الصعبة أم راشد أو الجدة غنيمة والتي تقرر أن لا مكان لحفيدها عيسى بينهم في الكويت خاصة بعد أن كُشف ما كان يجب أن يظلّ مستورا من ولادة عيسى من زواج عرفي لراشد الطاروف من خادمة فلبينية.
وقد مهّد كل ذلك للحل المنطقي والذي ليس بعده حل وعيسى على هامش الوطن بأن يرحل عنه الى الفلبين أرض أمه وخالته وأبنتها التي تزوجها دون أن يلتفت الى الوراء حيث سيترك الورقة الأخيرة من الرواية "ساق البامبو" ليتفرغ لمشاهدة وجه صغيره المطمئن في نومه بين ذراعي أمه.
تدوير الزمن الروائي
ومما يحسب للرواية بناءا هذا التقسيم والتجزيء والتدوير في الزمن مع الأنتباه الى أن الشخصية المحورية هي التي تكتب الرواية وانها لا تعرف العربية فلابد أن الرواية قد ترجمت ليستمر التعاطي في الأزدواجية التي مثلّها عيسى/هوزير ومثلّتها قيم يدينها الراوي في مجتمع يحاول أن يمتلك كل شيء مادي في الحياة دون أن يغيّر ذلك في سلوكيات غير حضارية وصلت نتائجها برفض الأبناء اعتمادا على صفاتهم المورفولوجية المظهرية. فماذا سيكون رد الجدة غنيمة أم راشد في حالة أن عيسى قد حمل صفات وجه أبيه الكويتي وليس امه الفلبينية؟. وهل سيقوم الشرطي بتوقيفه في الكويت لأنه لم يبرز هويته؟ وهل سيعامل معاملة الخدم في بيت أبيه؟!. وهل سيتبعه ذاك المثلي بغية النيل منه؟.
ويبقى ان نشير الى أن التنوع في الفضاء الروائي بما يخص مكان السرد ومجريات أحداثه قد أعطى تميزا للرواية "ساق البامبو" حيث زاوج المؤلف بين عادات وتقاليد وديانات لبشر تختلف لكناتهم وسحناتهم ولكنهم بشر في العُرف الأنساني. كما أن محدودية شخصيات الرواية وظهورها السريع وأختفاءها يجعل القارئ مشدودا ومتابعا غير منفصل عن مجريات الأحداث داخل المتن السردي، ولو أن الحدث يبقى متوقعا غير مفاجئ للقاريء مما يغيّب عنصر الدهشة عن فعل الراوي. وعلى ذكر الزمن الروائي فقد أمتدت معاناة الراوي ( احداث الرواية) على مدى يزيد عن عشرين عاما أمتدت بين التسعينيات من قرننا الماضي وحتى العشر الأوائل من قرننا الحالي.
الرواية: الشخصية الرئيسة واللغة
لقد حمّل المؤلف راوي "ساق البامبو" الشخصية الرئيسة عيسى أكثر مما يتحمله البشر احيانا ومنذ نعومة أظفاره، فيا ترى هل أنتبه السنعوسي الى ذلك؟ وهل أنتبه الى أن ذكاء المتلقي ينبّهه الى موضوعة الميراث ووراثة الأب في القانون الكويتي مما لم تتطرق له الرواية لا من قريب ولا من بعيد، فظهرت شخصية عيسى أحيانا باهتة ساذجة مستسلمة وتارة أخرى ذكية متوقدة حاسمة. ولعمري فأن هذا التذبذب في الشخصية الرئيسة في الرواية لم يخدمها كثيرا وهو مما يؤخذ على السنعوسي خاصة وهو في بداية مسيرته الروائية.
وتجدر الأشارة الى أن لغة الرواية الصحفية السهلة السلسة والتي تصل الى التقريرية احيانا قد يسّرت على المتلقي فهم القصد وغيّرت عنده كما يبغي الكاتب بعض المفاهيم عن شأن اجتماعي أنساني تعاني منه دول الخليج العربي، وهذا مما يحسب ابداعا للرواية والراوي.
ان اثارة رواية "ساق البامبو" لموضوعة الهوية والأغتراب عند الأنسان يعتبر من أيجابيات فعل السرد العربي في زمنه الجديد. ذلك الفعل الذي يعد بالكثير خاصة وأن جيل الرواة الشباب لا زال مواظبا بجدية واضحة على أن ينهل من تاريخ هذا السرد بوفاء يعبر عنه عطاءا ابداعيا بعد عطاء. وأذكر هنا ما قاله مؤخرا الكاتب الأكاديمي المصري الدكتور جابر عصفور عن أن " زمن الرواية هو زمن المقاومة والأحتجاج والمواجهة. وهو يظهر ويعاود الظهور في اللحظات المفصلية للطبقة الوسطى التي أنشأته وجعلته صوتها المديني الذي يصوغ موقفها المقاوم للقيود القامعة لحركتها".



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرد عندما يكون عشقا سريا.. مي مظفر نموذجا
- المرحوم الدكتور يوسف عزالدين العلاّمة-الأنسان
- المفكر العراقي يوسف عز الدين السامرائي في ذمة الخلود
- سيرة الناقد الأستاذ في كتابين
- أوراق وأقلام
- شجون في حديثٍ عن عيد المرأة العالمي
- صعوبة: قصة قصيرة جدا مترجمة للكاتبة الأميركية ليديا ديفز
- قراءة في كتاب -جرّاح عراقي..خواطر وذكريات-
- قراءة في كتاب - كلية طب بغداد في ثمانية عقود-
- لذة العبور نحو الشرق قراءة في مجموعة -رقصة التنين - (1) للقا ...
- يوم في لندن
- الأستاذ الطبيب محمد علي خليل المدامغة في ذمة الخلود
- أمراض المبدعين: الفنان العبقري ليوناردو دافنشي
- قالوا وقلت: حول التعليم المستمر للطبيب العراقي
- عام 2012 طبيا: فئران من خلايا الجلد وعلاجات للشلل
- ويني و ويلي: قصة قصيرة جدا
- الفضاء القصصي في مجموعة القص -رقصة التنين-
- السيدة أولوين: قصة قصيرة جدا
- يوميات طبيب: فقدان وعي!
- يوميات طبيب: قصتان قصيرتان جدا 1: أزرقاق 2: ضمور دماغ


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - رواية -ساق البامبو- وأشكالية الهوية والأغتراب