أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حكاية الحوار العربي- الكردي















المزيد.....

حكاية الحوار العربي- الكردي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4085 - 2013 / 5 / 7 - 22:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ــــــــــــ
• أكاديمي ومفكر، له ما يزيد عن 50 كتاباً في قضايا الفكر والقانون والسياسة والثقافة.
للمكان والذاكرة وقع خاص، فالنجف السعيد أو ما تكنّى بـ "خدّ العذراء"، أو الغري أو المشهد، التي نتحدث من عندها وإليها وفيها، وكأنها سفرٌ مستديم، هي أشبه بملحمة درامية يجتمع فيها الأبطال والضحايا، المرئي واللامرئي، المنظور والمتخيّل. وهذه النجف التي توشوشني كتبنا فيها أولى قصائد الحب ورسائل الغزل، وهي التي علّمتنا أبجديات الحرف الثوري الأول، وفيها ومنها عرفنا كيف تكون الفلسفة ممتزجة بالشعر وحب الناس، وهو الدرس التمهيدي في علم السياسة والثقافة والأدب، الذي قرأناه في المناشير ذات الرائحة الخاصة، والكتب المغلّفة بورق الصحف.
الثقافة عنوان هذا الملتقى، وهي شأن راق في عقول النجفيين ونخبهم، ولهذا يكتسب هذا اللقاء أكثر من دلالة:
فالنجف حين تحتضن الثقافة الكردية، إنما تعبّر عن رحابة صدرها وإيمانها بالتعددية والتنوّع.
والنجف حين تنظّم مثل هذا اللقاء، إنما تريد تأكيد دورها الحضاري والثقافي كحاضرة مستمرة للثقافة.
والنجف حين تنفتح على الآخر، تريد أن تقول أنها مدينة "مدنية" بكل معنى الكلمة، عربية اللسان، مفتوحة لاستقبال الوافدين، وهي جامعة كونية وسوق تجاري عالمي. وهي مدينة تتجاور فيها المدارس الدينية والحوزة العلمية لدرجة التماهي أحياناً، مع الفكر المدني الحر في هارموني عجيب، حتى وإن كان من باب جوار الأضداد، وتاريخياً وعلى الرغم من طابعها المحافظ فقد كان الفكر المنفتح يجد طريقه مبكراً إلى هذه المدينة، وهو ما لفت إليه السيد مصطفى جمال الدين في كتابه "الديوان".
ولأن النجف حاضرة لا يمكنها أن تعيش دون الآخر، فهي تجد تكاملها معه، هي أقرب إلى ملتقى أممي لا يعرف التعصّب، تتعايش فيها الأقوام واللغات والسلالات من أصقاع شتى، يدرسون في جامعتها التي مضى عليها أكثر من ألف عام، منذ أن جاءها الإمام الطوسي سنة 448 هجرية، لهذا فإن انعقاد ملتقى الثقافة العربية- الكردية في النجف حدث مهم.
لقد اخترت لهذه المناسبة الكلام عن حكاية الحوار العربي- الكردي، لما له من علاقة بثقافة التواصل والتفاعل والمشترك الإنساني، منطلقاً من موقف متميّز لليسار العراقي الذي كان قد بلور فكرة حق تقرير المصير للكرد منذ العام 1935 واتّخذ قراراً في الكونفرنس الثاني العام 1956 بالانطلاق من الفكرة الأولى إلى بلورة "الاستقلال الذاتي"، في إطار بحث مشروع عن الهوّية والوحدة القومية، وصولاً إلى الحكم الذاتي منذ مطلع الستينيات، فالفيدرالية منذ مطلع التسعينيات، وقد استند في ذلك إلى قراءة فكرية للتنوّع الثقافي وللأبعاد والقيم الإنسانية المتعلقة بالحقوق السياسية بالدرجة الأولى وتساوقاً مع التطور الدولي. ولعلّ ذلك ما تشرّبنا به، وشكّل أحد هواجسنا المستمرة.
أعادت مشاهد الهجرة الجماعية للكرد، طرح المسألة الكردية على بساط البحث مجدداً على المستوى الدولي، لا سيما بعد غزو الكويت في العام 1990 وبشكل خاص بعد انسحاب الجيش العراقي منها وصدور القرار 688 في 5 نيسان (ابريل) 1991 من مجلس الأمن الدولي. وكانت قضية الكرد قد اختفت من الأروقة الدولية، منذ الالتفاف على معاهدة سيفر الصادرة في العام 1920 والتي اعترفت بجزء من حقوق الشعب الكردي، بإبرام اتفاقية لوزان للعام 1923، لكن العودة الثانية، كما يؤرّخ لها كانت بصدور القرار 688، الخاص بكفالة احترام حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين، وهو القرار الوحيد الذي لم يصدر ضمن الفصل السابع و كنت قد أطلقت عليه في حينها وصف "القرار اليتيم" والتائه والمنسي.
وقد بادرتُ في إطار المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي كنت أرأسها في لندن إلى تبنّي فكرة حوار عربي- كردي، العام 1992 ليظهر إلى العلن لأول مرّة، وأشركتُ طرفاً كردياً وهو المركز الثقافي الكردي في لندن. ومن الشخصيات العراقية العربية التي شاركت فيه أذكر:
السيد محمد بحر العلوم، عامر عبدالله، الدكتور حسن الجلبي، هاني الفكيكي، محمد عبد الجبار وآخرين، إضافة إلى نحو 20 مثقفاً عربياً من السودان وسوريا ومصر ولبنان والسعودية وفلسطين وليبيا وتونس والبحرين. أما من الكرد، فقد شارك محسن دزئي وابراهيم أحمد ولطيف رشيد ومحمود عثمان وهوشيار زيباري وعمر شيخ موس ومحمد هماوندي ومحمد قرداغي وسامي شورش وآخرين.
وحضر اللقاء عدد من وسائل الاعلام، وكُتب عنه الكثير، بينها مقالتين لشخصيتين عربيتين هما عبد الوهاب بدرخان وحازم صاغية وشخصية كردية هو كاميران قرداغي.
كانت المبادرة شخصية، ثقافية، فكرية وشعور انساني بالحاجة للاجابة على أسئلة تاريخية، إضافة إلى مشكلات "راهنة" آنذاك. وكان الفريقان الكرديان قد رحّبا بالمبادرة ووعدا بعقد دورة ثانية للحوار العربي- الكردي الذي يتم لأول مرّة حينها، لكن الأمر لم يحصل بسبب القتال الكردي- الكردي الذي استمرّ نحو 4 سنوات (1994-1998) وراح ضحيته مئات من الأبرياء، إضافة، إلى خسائر مادية ومعنوية كبيرة.
في أواخر العام 1998 نضجت فكرة حوار عربي- كردي، وتم الحصول على موافقة القاهرة لانعقادها، وتوّلى الحزبان التحضير لها، وحضر جلال الطالباني ومحسن دزئي وهوشيار زيباري ومحمود عثمان وعدنان المفتي وعادل مراد وعمر بوتاني وعزيز محمد وبهاء الدين نوري وعبد الخالق زنكنة ولطيف رشيد وسامي عبد الرحمن وآخرين.
كما حضرت شخصيات مصرية مرموقة مثل أحمد حمروش ومحمد فايق وسعد الدين ابراهيم وحلمي شعراوي ومحمد السيد سعيد وآخرين، لكن الحضور العربي العراقي كان ضعيفاً ولم يحضر سوى عدد محدود، وهو أقرب إلى الحضور البروتوكولي وقد أبديت مثل هذه الملاحظة عند حضوري لمؤتمر القاهرة للجهات المنظّمة. ولم يشارك في المؤتمر كرد تركيا وكرد إيران وكرد سوريا، كما لم تكن هناك مشاركة عربية "أخرى".
وكان من المفترض انعقاد دورة ثالثة للحوار العربي- الكردي في العام 2001 بحضور نحو 80 شخصية عربية ويوازيها نحو 80 شخصية كردية تمثّل فاعليات وأنشطة فكرية وثقافية وحقوقية وسياسية مختلفة، بما فيها من المنفى، وجرت الاستعدادات اللازمة لذلك وبُذلت جهود مضنية ربما ستسنح الفرصة للحديث عنها، لا سيما وكان المفكر الكردي السوري صلاح بدر الدين قد اشتغل على تأسيس جمعيات للصداقات العربية- الكردية وحضر عدداً من المؤتمرات دعا فيها إلى ذلك، كما كان عدد من المنظمات الدولية والحقوقية بشكل خاص قد اتّخذ قرارات بتأييد حقوق الشعب الكردي بما فيها حقه في تقرير المصير، لكن الخلافات بين الحزبين حالت دون ذلك، وانحلّت اللجنة التحضيرية التي كان لي شرف عضويتها كمبادر للفكرة.
وبعد الاطاحة بالنظام السابق، جرت محاولات في كل من إربيل والسليمانية لعقد عدد من المنتديات والملتقيات السياسية تحت عناوين الحوار العربي – الكردي بعضها لم يخلُ من طموحات شخصية ومهرجانات عامة، لكنني أعتقد أن مؤتمراً مثل مؤتمر النجف له أهمية خاصة لتأسيس كيانية ثقافية جديدة للحوار، خصوصاً في الوسط الثقافي للتواصل الإنساني بين المثقفين العرب والمثقفين الكرد، وحبذا لو تبنّى المؤتمر فكرة عقد ملتقى للحوار بين مثقفي الأمم الأربعة الترك والفرس والعرب والكرد، بما يساعد على التفاعل والتلاقح الثقافي، وسيكون مفيداً إيجاد مرجعيات للحوار ومأسسته.
وكنتُ قد دعوت منذ أكثر من عقد من الزمان إلى تأسيس معهد عربي- كردي ويمكن توسيعه إلى معهد للثقافات الشرقية، لا سيما للشعوب المتجاورة، وذلك بهدف تنشيط حركة التواصل والنشر والترجمة والاطلاع على آداب وفنون وثقافات كل طرف بما لدى الطرف الآخر، إضافة إلى التحدّيات والمخاوف التي تواجه الهوّية المشتركة للعرب والكرد والهوّية الخاصة لكل منهما على انفراد ومنها:
• محاولة عزل الكرد عن المحيط العربي، وإضعاف ما هو مشترك وإيجابي في العلاقات وتقديم ما هو خلافي وإشكالي.
• اعتبار العرب والعروبة مسؤولان عمّا حدث للكرد من اضطهاد وعسف شوفيني، وتحميل العرب والعروبة ارتكابات النظام السابق وآثامه.
• اتهام الكرد بالانفصالية والعداء للعرب لمطالبتهم بحق تقرير المصير وإقامة كيانية خاصة مستقلة، وتحميلهم مسؤولية ما حدث وما يحدث بعد الاحتلال. ومثلما ينبغي التمييز بين عروبة الحكّام المستبدين وعروبة العرب، فإن ضيق أفق بعض النخب الكردية الانعزالية لا ينبغي أن يتحمّله المثقفون الكرد، تمثيلاً لإرادة العيش المشترك من الطرفين.
• تقديم ما هو طارئ ومؤقت وآني من قضايا شائكة ومعقدة، على حساب ما هو استراتيجي وثابت وبعيد المدى.
• عدم اكتراث بعض عرب العراق بمسألة كرد إيران وكرد تركيا وكرد سوريا وحقوقهم المشروعة، مثلما يتم اظهار عدم اكتراث بعض كرد العراق أو غيرهم من الكرد بالعلاقات مع "إسرائيل" وبحقوق الشعب العربي الفلسطيني.
في الختام أقول أنه يمكن للمثقفين العرب تبديد مخاوف الكرد وذلك من خلال تعزيز وتوطيد العلاقة والتفاهم والمشترك الانساني، مثلما يمكن للمثقفين الكرد تبديد مخاوف العرب بتأكيد اعتبارهم جزءًا من العراق في إطار حق تقرير المصير الذي اختاروه عبر النظام الفيدرالي. ولعلّ الاعتراف بالحقوق ليس منّة أو هبة أو هديّة، بقدر كونه اقراراً بواقع أليم، فضلاً عن مبادئ المساواة والشراكة والمواطنة، الأساس الذي ينبغي عليه بناء الدولة مثلما ينبغي أن تقوم عليه العلاقات بين الشركاء!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف ونقد الثورة
- -إبادة- التعليم!
- بول وولفويتز ورسائله المثيرة
- حقوق الإنسان: سلاح ذو حدين
- بغداد عاصمة الثقافة العربية!!
- الثورة ومبادرة حكم القانون
- حلبجة ورائحة التفاح
- التغيير والتنوير
- 10 سنوات على احتلال للعراق العملية السياسية على الحافة
- سلاح أميركا ضدها!
- تديين الدولة أم - دولنة- الدين!؟
- هوبسباوم وتغيير العالم
- تشيلي في الزمن العربي
- العولمة والإعلام .. أثمة مبالغات؟
- هل دستور مصر منزلة بين المنزلتين؟
- الماركسية والدين: التباسات العلاقة وأسس المصالحة
- المشهد السياسي العراقي: 4 تحدّيات في الأفق
- عملية إيمرلي!
- التغيير والمأزق الحضاري
- سايكس بيكو -الثانية- أو ما بعد الكولونيالية !


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - حكاية الحوار العربي- الكردي