أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزمل الباقر - صاحبة المسبحة














المزيد.....

صاحبة المسبحة


مزمل الباقر

الحوار المتمدن-العدد: 4085 - 2013 / 5 / 7 - 20:31
المحور: الادب والفن
    


صاحبة المسبحة



مساحة من الترقب تفصلني عنها، تنزلق حبات مسبحتها الخشبية في سهولة ويسر من بين اصابعها الطويلة النحيلة. محدثة صوت رتيب.. طق طق .. رفعت عيناها عن مسبحتها بوقار. وباشرتني بالنظر إلى عينيّ فأحستتها تخترقني اختراقاً بعينيها.

- ( انت بتقرأ؟!)
- ( لا .. خلص القراية!)
- ( ......... طيب قرايتك دي، كنت داير تخليها، لكن واصلتها !!).
-
فجأتني بحديثها بعد طول صمتها، وشعرت بأن احدهم قد دلق جردل ماء بارد على أم رأسي.. كيف عرفت بذلك؟ لم اسألها. غير أني كنت على مبعدة منها، فتحركت ناحيتها وجلست بجانبها .. بينها وبين أمي .. كانت العرافة تعاني من ضعف في حاسة السمع لديها. نظرت إلي ملياً وقال:

- ( محسوووود من صغرك .. والعين عليك طوالي. .. مرضك .. بجيك مرة .. بعد مرة، تقرب تنساهو .. وتاني بجيك ... مرضتا قبل فترة ورقدتا مستشفى .. لاكين ما طولتا فيها ... يعني رقدت فد يوم .... مرضك ...)

قاطعتها مؤكداً حديثها: ( ايوه.. كلامك صاح عملت عملية في المستشفى الصيني!!). واصلت حديثها دون أن تعقب علي افادتي الاخيرة لها:

- ( مرضك .. سببو العين .. .... حليمة .. في واحدة قريبتك اسمها حليمة .. حليمة دي منو؟)
- ( آأي .. حليمة خالتي!!).

قرصتني أمي في فخذي الايسر والتفت ناحيتي هامسة بحزم : (ما تقول ليها دي خالتي، اسكت واسمع سااااي)
- ( أبوك مسافر ..ما قاعد هنا) . اعادتني صاحبة المسبحة إليها بهذه العبارة التي تفوهت بها بعد صمت متأمل في تساقط حبات المسبحة.

- ( أيوه .. فعلاً) اجبتها بصوت متحشرج وانتظرت بشعف بالغ ان تكمل. ولما طال صمتها حسبتها لم تسمعني فأعدت عليها ما قلت علني استحثها على مواصلة الحديث. ولكنها نظرت لي وصمتت وعيناها على حبات مسبحتها المتساقطة.


- ( أبوك برسل ليكم دولارات كتييييييرة) قالت لي بعد ان رفعت بصرها من المسبحة الخشبية واحترقتني بنظراتها .. سألتها بتلعثم
- ( الكلام .. دا قريب ولا بعيد) توارت اجابتها بشأن زمن وصول هذه الدولارات الكثيرة وأصلحت من وضع ثوبها على رأسها

- ( ح تجيب شهايدك من بره ,,, وشغلك برضو من بره).


- ( يعني بره السودان .. ولا بره الخرطوم؟!) سألتها مستفسراً

- ( لا ... بره السودان!)


- ( أها ؟!) سألتها حاثاً اياها على مواصلة حديثها الذي ينساب في بطء، إنسياب حبات مسبحتها الخشبية.. واصلت اخيراً حديثها بعد تأمل

- ( شهايدك .. ح تفرح ناس كتييييييييييييييير وتبسطهم).


- ( طيب .. العروس كيف ؟!.. قريبة ولا غريبة) آثرت تغيير مجرى الحديث فسألتها عن اسرتي المستقبلية

ضحكت أمي فخالتي فزوجة خالي وجدتي .. وأتاني ضحك اختي الصغيرة التي كانت منكبة على أوراق لها تعالج فيها رسومات باهتة اللون.
- ( العروس تصد منها مسااااااااااااااافة .. وتاني ترجع ليها .. هي يعني ... )

- ( قريبة ولا .. غريبة . يا خالة؟!) قاطتها في اهتمام واضح


- ( قريبة!)

- ( قرابة شدييييدة ؟!.. طيب يعني من بنات خالتي ولا خالي.. ولا من بنات عمي أوعمتي، تكون؟!)


- ( غايتو .. هي البت التالتة بين اخواتا ) لم تجبني بإجابة واضحة بل ذكرت لي ترتيب العروس في الاسرة، ليتها تعرف ان هذا الترتيب قد حدث كثيراً في اسرتنا الممتدة ، وقد انعم الله علينا بثلاثة او اربعة بنات في كل اسرة من اسر عائلتنا الممتدة.. لكنني لن انهزم في هذا اللعبة، لاجرب حظي مرة اخرى في هذا الروليت. فسألتها:
- ( العرس قريب ولاّ . بعيد .. يعني بعد كم سنة كدا؟)

- ( ح تكون الشيلة والعرس بعد ما تاخد شهايدك!) هكذا اجابتني ولم تحدد لي الزمن الذي يفصلني عن عرسي وعن العروس التي هي ثالثة اخواتها. وجاء دوري في أن الوذ بالصمت المتأمل وانا اتابع انسياب حباب المسبحة الخشبية في اتجاة الجاذبية. افقت على صوتها الكسول


- ( قلت ليك .. انت رأسك قوي وما بتسمع غير رأيك؟!)
ضحكت ضحكة مكتومة وأومأت بأن نعم
- ( مجلس الشورى ما بخيب) تعقيب من زوجة خالي. ووافقتها الرأي بشأن الشوري وأن أوميء برأسي

- ( في صنعة عندك .. لاكنك ما .. شغال بيها) واصلت العرافة تصريحاتها المقتضبة


- ( دي شنو؟!) سألتني العرافة قبل أن أسالها

- ( والله .. ما عارفا ) اجبتها مغمغماً


- ( تلقاها قاصدة .. الرسم) اتتني الاجابة من جدتي هذه المرة

- ( أيوا .. أيوا .. والله كلامك صاح يا خالة) وجهت حديثي صاحبة المسبحة


صمت العجوز متأملة في حبات مسبحتها الخشبية التي تنساب في اتجاه الجاذبية وانتقلت عدوى صمتها إلينا فتسيدنا الصمت ولكنه صمت مرتقب وإن كان جميع من في الصالة يشاركها تأمل حبات المسبحة الخشبية التي انسابت في سهولة ويسر من بين اصابعها الطويلة النحيلة محدثةً صوتاً رتيب الايقاع

طق
طق
طق
ط



مزمل الباقر
امدرمان في 10 اغسطس 2001م



#مزمل_الباقر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقت .. شتاء
- نبوءة
- آمال
- جيّتا
- زمن الدبرسة الخبيثة
- ضايرت الشوق
- تغريدات على جناح المساء
- وكيف حالي بعدك؟
- بحر الحاصل
- دمعتين
- زئبق
- سؤالين .. ليها
- الرواية عند أحلام مستغانمي .. ذاكرة الجسد وفوضى الحواس نموذج ...
- رحيل
- قصص قصيرة جداً
- عشاء
- كابتشينو
- قطارك فات
- مانفستو
- ايديولوجيا


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مزمل الباقر - صاحبة المسبحة