في عراق ما بعد الانتخابات، النساء يكبحن آمالهن

سيريل كارتيير

الحوار المتمدن-العدد: 1173 - 2005 / 4 / 20 - 10:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

لا يعني وجود السياسيات العراقيات ورئيس كردي علماني انتقالي بالضرورة المزيد من حقوق المرأة في العراق. ففي أحد ملاذات المرأة في مدينة إربيل، لا تتوقع المقيمات حماية إضافية من العنف المنزلي.

إربيل، العراق فيما تجلس في غرفة مظلمة دون كهرباء أو تدفئة، تلوم فاطمة الزوّار الذين ليس لديهم ما يقدمونه سوى الشفقة.

وتتساءل: " إذن، ما الذي ستفعلونه من أجلنا؟"

جاءت المنظمات غير الحكومية والكثير من الصحافيين لزيارة منزل خانزاد، وهو الملاذ الوحيد للنساء في إربيل. بيد أن الموارد هنا قليلة ولا تكفي لتحسين حياة النساء المقيمات به.

فاطمة-- وحماية لها نستخدم اسمها الأول فحسب-- لم ترى أطفالها السبعة لأكثر من سنة. وفي كل مرة تتجرأ وتتصل بهم هاتفيا، يهدد زوجها وأخوه بقتلها.

وهي واحدة من الكثيرات اللائى سعين إلى هذا الملاذ لحمايتهن من سوء المعاملة أو الموت أو التهديدات.

وتمثل النساء في بيت خانزاد عينة مصغّرة للمجتمع العراقي، فهناك نساء كرديات وعربيات، مسيحيات ومسلمات، سنيات أو شيعيات. فالعنف ضد النساء لا يعرف حدودا طائفية أو عرقية.

بيد أن الكثير من النساء هنا لديهن شكوك في ما إذا كانت الجمعية الوطنية الجديدة رغم نسبة التمثيل النسائي المرتفعة فيها، ستركز على توفير الملجأ والمزيد من الحماية من العنف المنزلي. بدلا من ذلك، تتوقع النساء أن تركز الحكومة جهودها على السياسات العرقية والدينية في السنة القادمة.


انتخابات عرقية ودينية

فازت النساء بحوالي 33 في المائة من مقاعد الجمعية الوطنية الانتقالية التي جرت في 30 يناير، وهو ما فاق الحصة المحدّدة أصلا للنساء وهي 25 في المائة.

غير أن هناء إدوار المقيمة في بغداد، وهي رائدة في مجال قضايا المرأة ورئيسة حزب مستقل للنساء ومديرة شبكة تتكون من 80 مجموعة نسائية عراقية، غير متفائلة بالضرورة.

وتقول: " الكثير من النساء المنتخبات... ليس لديهن أي اهتمام بحقوق المرأة." وتركز إدوار جهودها على زيادة الوعي لدى المسؤولين المنتخبين.

وكان قد طُلب من بعض المرشحات النساء خوض الانتخابات لملأ الحصة المخصصة للمرأة، دون أن تكون لديهن الخبرة الكافية كسياسيات.

والعديد منهن، مثل الكثير من نظرائهن الذكور، هن مجرد أبواق عالية للأحزاب السياسية التي يمثلنها، كما اشتكت العديد من القيادات النسائية.

تقول علا طالباني التي تدير منظمة غير حكومية لتمكين النساء في السليمانية في كردستان العراق: " أريد امرأة تؤمن بحقوق النساء."

وتقول طالباني إن نتائج الانتخابات لم تٌحسم على أساس القضايا أو السياسة بل على أساس العرق والدين والقومية " فالأكراد صوتوا للأكراد، والشيعة صوتوا للشيعة والسنيون للسنة والتركمان للتركمانيين."


الطريق الكردي

وقد أكدت علا نوري وهي كردية تم انتخابها إلى الجمعية الوطنية على الانطباع بأن بعض السياسيات النساء سيمثلن أقاليمهن أكثر من تمثيلهن للنساء.

و كانت نوري تقيم أصلا في كركوك قبل أن يتم ترحيل عائلتها من المدينة على يد نظام صدام حسين في منتصف السبعينات. وهي ترى أن الهوة الموجودة بين الأكراد والعرب ستتبعها إلى بغداد.

تقول: " سأكافح بوصفي كردية أولا قبل أن أكافح بوصفي امرأة."

وكان الأكراد قد فازوا بثاني أكبر مجموعة من المقاعد في الجمعية الوطنية ما يعطيهم صوتا قويا في تحديد مستقبل العراق. فجلال طالباني أحد أبرز قيادييْن كردييْن ومعارض قديم لنظام صدام حسين تم انتخابه رئيسا انتقاليا للعراق.

وقد ناضل الأكراد ضد الاحتلال العربي والفارسي والعثماني. وللأكراد في شمال العراق البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة لغة وثقافة وتاريخ مختلف عن بقية البلاد.

ومقارنة بالنساء العراقيات، تتباهى النساء الكرديات بأنهن يتمتعن بمساواة أكثر مع الرجال. فقد حاربن جنبا إلى جنب الرجال أثناء الصراع الطويل الممتد ضد صدام حسين، سواء على الخطوط الأمامية للجبهة أو بإعالة الأسرة حينما اختفى الرجال.

وفي نهاية حرب الخليج الأولى، وبعد القمع الدموي للانتفاضة في كردستان العراق، أنشأت الأمم المتحدة منطقة " حظر طيران" بالنسبة للطائرات العراقية. وفي ظل وضع شبيه بالاستقلال الذاتي، ازدهرت المنظمات النسائية السياسية وغير الحكومية وأصبحت النساء أكثر انخراطا في السياسة والقوة العاملة.


تعزيز الدين

في الوقت ذاته، بدأ الدين يتعزّز في شمال العراق ما أوجد توجهات سياسية معقدة تجاه الهوية العرقية وحقوق النساء والشريعة والعلمانية، وهي كلها عوامل يُتوقع لها أن تعيق الإجماع على الدستور ودور المرأة في المجتمع.

شيرين عمادي الأمينة العامة للاتحاد النسائي الكردي وصاحبة أعلى منصب في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحد الحزبين الكردييْن الرئيسييْن، قالت إنها عايشت تحول الإقليم نحو الدين، منذ طفولتها إلى أن أنجبت هي أطفالها.

وتقول: " حينما كنت شابة، قرأت الكتب الماركسية ولم أصم ولم ألزم أولادي بالصوم. أظن أن إيران والعراق أثرا فينا جميعا، وكذلك الفقر." ومنذ بدء الحكم الذاتي عام 1991، طرأ تغيران قانونيان مهمان بالنسبة للنساء الكرديات، كما يقول الرئيس العراقي المؤقت طالباني. الأول ويُلزم الرجل بالحصول على موافقة زوجته الأولى ليتزوج مرة ثانية، والثاني وينص على معاملة جرائم الشرف بوصفها جرائم قتل من الدرجة الأولى.

ليلى ميراول مهندسة كهربائية وزوجة وأم لطفلين وعضو ناشط في الاتحاد الإسلامي الكردستاني.

ففي الـ32 من عمرها، خاضت الانتخابات لمجلس محافظة إربيل بوصفها عضوا في الاتحاد الإسلامي الكردستاني، غير أن حزبها لم يحصل على الأصوات الكافية لفوزها. وهي تقوم بتنظيم الأنشطة وتدرّب طالبات المدارس الثانوية في مجالات تتراوح من الكمبيوتر إلى الأخلاق.

كما أنها تقوم بتدريس الشريعة التي تنص، من بين أشياء أخرى، على أن يكون نصيب المرأة من الميراث نصف نصيب الرجل.

وتفضل ميراول قراءة سور القرآن الكريم التي تتحدث عن معاناة مريم أم يسوع، المسيح.

وتقول ميراول: " أؤمن بأن الشريعة تمنح أقصى حقوق للمرأة وحقوق إنسان شاملة." وتضيف أن المرأة في العراق تنتقل من بيت أبيها إلي بيت زوجها، والرجال مسؤولون عنها وهي لا تحتاج من ثمّ إلى نفس القدر من الإرث.

أما في ما يتعلق بسماح الشريعة بتعدد الزوجات، تقول ميراول إنه من الأفضل السماح للرجل بالزواج من أربعة نساء، وإلا فإن الكثير من النساء سيفوتهن قطار الزواج.

تقول ميراول: " إذا ما تمّ تطبيق العلمانية كاملة فإن النساء سيخسرن دورهن في الأسرة والمجتمع، وسنواجه أزمة أخلاقية."

أما بالنسبة لفاطمة المقيمة في الملاذ، فإنها نادرا ما تخرج منه. وإذا ما حدث وأن خرجت، فإنها تكون خائفة وتغطي نفسها تماما.

وتتمنى فاطمة أن تعود لزوجها من أجل أطفالها، لكن حتى الشرطة لا تنصحها بذلك.

وبدون صوت سياسي موّحد يعبر عن قضايا النساء مثلها سواء في المستوى المحلي أو الوطني، فإن كل ما تفعله هو الانتظار.

عمل سيريل كارتير في وكالة رويترز في واشنطن العاصمة قبل العمل الصحافي المستقل في العراق.

للمزيد من المعلومات:

الانتخابات تقرّر مستقبل المساواة للمرأة العراقية http://awomensenews.org/article.cfm?aid=1664 (عربي)

النساء في العراق يغتنمن الفرص السياسية http://awomensenews.org/article.cfm?aid=1461 (عربي)

النساء العراقيات يحصلن على حقوق جديدة وسط المخاوف الأمنية http://awomensenews.org/article.cfm?aid=1409 (عربي)


--------------------------------------------------------------------------------
سيريل كارتيير مراسلة وُمينز إي نيوز

#سيريل_كارتيير (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات