أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - الوطن أولاً















المزيد.....

الوطن أولاً


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 16:14
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لم تكن الأوضاع القائمة في سوريا قبل 2011 ، تحتاج إلى نقاش وجدل ، حول ضرورة وضع حد لها ، من خلال إجراء تغيير وطني ديمقراطي .. سلمي .. تدرجي .. يؤدي إلى تحقيق نهضة سياسية ديمقراطية ، تبنى عليها تنمية اجتماعية اقتصادية هادفة ، تقضي على الغلاء والفقر ، وترفع من مستوى معيشة الطبقات الشعبية ، وتعزز من قدرة الدولة ، في التعاطي مع المتغيرات الإقليمية والدولية بكفاءة ، تبرز الاهتمام الإيجابي في الشؤون الدولية ، لاسيما ، في قضايا التحرر من هيمنة الاستقطاب الدولي الأمريكي ، من أجل عالم خال من حروب العدوان ، والتدخل في شؤون البلدان المستضعفة الداخلية ، والنهب الإمبريالي لثروات الشعوب .

ولم تكن برامج قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية ، طوال عقود " تخرج عن هذه الغاية من معارضة النظام القائم .. بل وتكرر طرحها هذا ، بأشكال متعددة في الداخل والخارج .
لم تكن مسألة السلطة .. وخلق مناخ ديمقراطي لتداول السلطة ، وفق نتائج انتخابات شفافة ، إلاّ من أجل توفير أوسع المشاركات السياسية .. وافضل الآليات المؤسساتية ، لتحقيق ما يمكن تسميته بالرؤية السياسية المشتركة لمختلف القوى والفصائل السياسية ، التي كادت أن تحظى بإجماع واسع داخل الحكم وخارجه ، يشمل كل الحريصين على إعادة بناء البلاد والدولة ، على أسس تواكب متغيرات العصر .. وعلى تأمين الحياة الكريمة للمواطن في مجالات الحريات العامة ، والمساواة في الحقوق والواجبات .. وعلى الحفاظ على وحدة الوطن أرضاً وشعباً .

في أواسط آذار 2011 كانت هذه الرؤية حاضرة في عتبة الأيام الأولى في شارع الحراك الشعبي . وإلى هذا الحد أيضاً ظلت الأوضاع في موقع شبه الإجماع ، لملاقاة الاستحقاقات السياسية والمطلبية المشروعة المطروحة .
لكن لما فتح المشهد على الساحة الإقليمية والدولية .. سياسياً .. وإعلامياً .. وتقدمت دول عربية مغرقة في الرجعية ومعاداة الديمقراطية في بلدانها .. كقيادة مباشرة لما سمي لاحقاً " بالثورة السورية " ملوحة بالسيناريو الليبي للتغيير ، تفككت أطر التحالفات الأ[ولى .. وتعددت الرؤى السياسية وتصارعت فيما بينها ، وحلت مخططات الخارج الإقليمية والدولية ، المتعلقة بسوريا والشرق الأوسط ، محل البرنامج الوطني الديمقراطي ، وتنطعت شخصيات وتجمعات معظمها يحاصرها السؤال حول تاريخها وارتباطاتها ، لقيادة " الثورة " متخذة من استانبول وباريس وبروكسل مراكز لأنشطتها ، ومن وزراء خارجية قطر تركيا والمملكة السعودية وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة قيادة آمرة لها . وأصبح أول أولوياتها .. الوصول إلى السلطة بأي ثمن أولاً .

وكان أسوا تحول في الأنشطة المذكورة هو " عسكرة المعارضة " بأمرة دول حلف الناتو وعملائه الإقليميين . وقد جلبت هذه العسكرة المزيد من التدخل الخارجي في الشؤون السورية . فقد شكل الحلف الدولي المعادي لسوريا جيشاً يضم عشرات آلاف المسلحين المحترفين ، والجهاديين ، والمرتزقة .. كما حدث في أفغانستان والعراق ويوغسلافيا ونيكاراغوا والكونغو ، ليقاتل بالنيابة عن تدخله العسكري المباشر .. وانضم " أيمن الظواهري " علناً ، في حالة انسجام درامية ، إلى هذا التحالف داعياً " جهادييه " المؤمنين لمشاركة من كان يسميهم بالشياطين والكفرة لتدمير سوريا وبناء " الدولة الإسلامية " على أنقاضها . وهذا ما أخرج عملياً من كانت تسمى معارضة الخارج من دائرة التأثير والقرار ، ولو في الشكل ، وحل حمد آل ثاني ، وسعود الفيصل وداود اوغلو وجون كيري وفابيوس وأيمن الظواهري ، محل أحمد معاذ الخطيب وبرهان غليون وجورج صبرا ورياض الأسعد .. وحل محل المطالبة بالسلطة بأي ثمن ، المطالبة بالتخل العسكري الأجنبي المباشر .. من اي جهة كانت .. وبأي شكل كان .. ومهما كان الثمن ..

وقامت " إسرائيل بتلبية طلبات المعارضة الملحة بالتدخل ، ووجهت ضربات صاروخية ، مستخدمة طائرات تقصف أهدافها عن بعد يصل إلى مئة كيلو متر ، ضربت في الثاني من أيار الجاري مستودعات وقود في مطار دمشق الدولي ، ثم ضربت في الخامس منه مواقع عسكرية قر بدمشق . وقد قوبلت هذه الضربات من قبل " المعارضة المعسكرة " وحلفائها بالترحيب وبالتهليل " ألله أكبر " ، ولاسيما الناطق الإعلامي " للجيش الحر " الذي أعلن عبر التلفزيون الإسرائيلي فرحة المسلحين السوريين بهذه الضربات لأنهم كانوا في حالة يائسة .. معتبرة تلك الضربات دعماً مباشراً لها . لكنها من طرف آخر كشفت وبتصميم ، عن التنسيق القائم بينها وبين التحالف الدولي المعادي لسوريا الذي تعتبر " إسرائيل عضو موضوعي فيه . وانزلقت بذلك إلى أعماق الانحدار السياسي والأخلاقي ، وزاد في عزلتها الشعبية .

بيد أن هذه المعارضة .. قد حققت بغباء سياسي لافت فرزاً سياسياً ووطنياً في البلاد معادياً لها وللمشروع الخارجي الذي تشتغل عليه ، بدد كل كل ما كانت تتوهمه .. من التدخل العسكري الخارجي الإسرائيلي أو غيره .. من إضافة نسبة من القوة لصالحها ، بل زاد من ضعفها ميدانياً ، لأن هذه الاعتداءات عززت الروح الوطنية الميدانية ، وأغضبت قطاعات شعبية واسعة ودفعتها لقول كلمتها فيما يجري في البلاد .

إن التداعيات الأخيرة في المشهد السوري تبين بوضوح ، أن هناك ترابطاً وثيقاً بين خيارات اقتصاد السوق الحر ، والعلاقة التكاملية مع الغرب - الأمريكي الأوربي - والتصالح .. والتعايش .. والتحالف مع إسرائيل .. ضمن منظومة شرق أوسطية ، تستثمر جيو سياسية المنطقة ، ومصادر الطاقة ( بترول .. غاز ) فيها ، في بناء قطبية دولية تهيمن على العالم كله .
من هنا ، فإن خيار اقتصاد السوق الحر المرتبط بالتجارة الدولية الحرة عند المعارضة ، حلل لها ، التحالف مع الدول الغربية ومع إسرائيل ، وزين لها الانخراط في منظومة الشرق الأوسط ، وعدل عندها ، مفهوم الخيانة .. ومفهوم الوطن .. ومفهوم السلطة والسيادة . وذلك دون أي اهتمام بمشاعر وقيم الشعب الوطنية .. ومن هنا أيضاً ، تم استبدال صناديق الاقتراع بصناديق المتفجرات .

إن دروب التغيير السياسي نحو الأفضل مفتوحة دائماً ، بمختلف الوسائل السلمية المبدعة . وإذا كان الخوف من آلام المعارضة السلمية دفع إلى عسكرة المعارضة وانزلاقاتها الأجنبية والتكفيرية ، فهل آلام المعارضة المعسكرة هي أقل .. ؟ .. بالتأكيد .. حسب الوقائع والأرقام الموثقة .. لا .. بل إنها تفوقها بمئات المرات ، إضافة إلى الخسائر المادية ، التي تحتاج إلى عقود طويلة من السنين لتعويضها .

إن خيارات " المعارضة المعسكرة " هي أكثر من انحراف .. وأكثر من مغامرة .. وأكثر من غباء سياسي . فمن ركب هذا الدرب ، وضع مصالحه الشخصية .. وثأره الحزبي .. والطائفي البشع .. قبل وفوق الوطن .. ووضع الشعب ورأي الشعب خلف ظهره . فأي رابط يجمع بين التهليل للعدوان الإسرائيلي بالوطن .. وأي ضمير يضع مصالح الغرب المعادي للوطن الاستراتيجية والاقتصادية قبل مصالح الشعب .

دلالات الواقع السوري الراهن تقول ، أن الخيارات الأولى للتغيير الوطني الديمقراطي ، قد سحبها السلاح من سلم الأولويات ، وتموضع في مقدمة كل الخيارات .. خيار واحد هو .. هل يبقى الوطن .. أم يدمر ويتمزق ويتلاشى .
اللظة التاريخية الآن ، تضع الوطن ، في موقع أولى الأولويات السياسية والأخلاقية والعقلانية .

وحسب مقتضيات هذه اللحظة .. ينبغي أن تكون الاصطفافات السياسية . كل تلك المفاهيم المنافقة المحدثة ، عن الغرب الديمقراطي ، وجنة العولمة الاقتصادية والثقافية ما فوق الوطنية ، وعن اقتصاد السوق الحر المدمر ، المبررة للخيارات الخطأ .. وللخيانات .. هي مفاهيم متهافتة فاشلة .

إن المفاهيم الخالدة .. المشرفة .. البناءة .. هي مفاهيم الديمقراطية المرتبطة بالعلمانية والعدالة الاجتماعية ، والوطنية المرتبطة بحق السيادة وتقرير المصير .. والحلم المستمر بالنهوض والارتقاء الحضاري .. والتعايش السلمي الإنساني المتكامل اقتصادياً على أسس المنفعة الندية والاحترام المتبادل ..

منذ عام 1948 حتى الآن .. خاضت سوريا مواجهات .. وحروباً عديدة .. مع إسرائيل .. وخرجت منها رغم جراحها شامخة مفعمة بالتحدي . وستواجه سوريا الاعتداءات الاسرائيلية اليوم وغداً .. وستخرج منها .. رغم جرتحها .. أكثر شموخاً .. وعنفواناً .. وتحدياً ..

الوطن أولاً .. الوطن أولاً .. الوطن أولاً ...



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول أيار والبطالة .. والأفق الاشتراكي
- لو لم تقسم سوريا ..
- - هنانو مر من هنا - إلى عشاق الوطن -
- ماذا بعد - المعارضة والثورة - .. ؟ ..
- بقعة الدم
- صانعو السياسة .. والحرية .. والتاريخ الجدد
- القصف الكيميائي جريمة بحق الحرية والإنسانية
- المرأة السورية في يوم المرأة العالمي
- السلطة كسلعة في سوق السياسة
- الإعلام الاحتكاري والديمقراطية
- المهم في هذا الزمان
- الديمقراطية والحرب
- المنشار والشجرة
- نوافذ حلبية
- أتصبح حلب إمارة إسلامية ؟ ..
- - جنة - الشعب المفقودة
- يوم تركنا البلد
- مقومات - الربيع العربي - ومعوقاته 2 / 2
- مقومات - الربيع العربي - ومعوقاته 1 / 2
- اليتيم - إلى رمضان حسين -


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - الوطن أولاً