أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثالث















المزيد.....



البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثالث


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 09:03
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


• التصنيع وثورة 14 تموز
• الصناعة في العراق 1963 – 2003
• الصناعة بعد عام 2003
• القطاعان الصناعيان الخاص والمختلط
• القطاع التعاوني
• الفساد في القطاع الصناعي
• الصناعات الاستخراجية
• الصناعات التكريرية اساس الصناعات التحويلية
• الصناعات البتروكيمياوية والكيمياوية والبلاستيكية
• الصناعات العسكرية
• الصناعات الانشائية والاسمنت والزجاج والسيراميك
• الصناعات الغذائية والزراعية
• الصناعات الورقية
• صناعات الغزل والنسيج والالبسة والجلود والسكائر والشخاط
• الصناعات المعدنية (الهندسية والميكانيكية)
• الصناعات الكهربائية
• صناعات الاتصالات والبرامجيات
• الصناعات الدوائية
• المشاريع الصغيرة في العراق
• تطور الطبقة العاملة العراقية
• التلوث البيئي في القطاع الصناعي
• ملاحظات تقييمية
• المصادر



• الصناعات الاستخراجية

يعتمد الاقتصاد العراقي اساسا على النفط ،واقتصاده نفطي في المقام الاول يتميز بوجود احتياطات مثبتة ضخمة من النفط الخام تضع العراق بالمرتبة الثالثة عالميا،واحتياطات كبيرة من الغاز،ومييزة تنافسية متمثلة بانخفاض كلف الاستخراج مقارنة بالدول الأخرى المنتجة للنفط،وحاجة كبيرة غير مغطاة الى المنتجات النفطية محليا،وخبرة تمتد لحوالي 80 عاما في العمليات النفطية،وبنى ارتكازية اساسية وامكانيات لتطويرها وخاصة في مجال الموانئ المتخصصة بنقل النفط الخام.
والعراق من الدول المؤسسة لأوبك بدأت صناعته منذ عام 1925.وقد بدأ الانتاج في حقل كركوك بعد عامين من ذلك التاريخ وتوالي في الحقول الاخرى.وقبل التأميم عام 1972 اتبعت شركات الامتياز النفطي العاملة سياسة معاقبة العراق بالحد من انتاجه والتقليل من حصته في الاسواق العالمية.وبالرغم من الحظر الذي تعرض له العراق عام 1990،الا ان العائدات الاجمالية للصادرات النفطية العراقية قدرت عام 2000 بأكثر من 20 مليار دولار،وانتج العراق حتى قبل الغزو ما لا يقل عن مليوني برميل يوميا وطاقته التكريرية فاقت 500 الف برميل/اليوم عن طريق 12 مصفاة.
وعليه،النفط هو المصدر الرئيسي للطاقة في العراق،وقد امتلكت عائدات النفط التأثير المباشر على ديناميكية الاقتصاد العراقي منذ خمسينيات القرن المنصرم،وهي اساس التمويل الاستثماري والصرفيات الحكومية،وتوفر العملة الصعبة اللازمة للايرادات والبرامج الانمائية والنقد الضروري لحيوية الاقتصاد الوطني،في الوقت الذي يحتل فيه العراق المركز الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي،وحتى الاول بفضل الاكتشافات النفطية الجديدة(يقدر الاحتياطي العراقي المؤكد بحوالي 120 مليار برميل،ممثلا 10% من الاحتياطي العالمي،ويأتي ثانيا بعد المملكة العربية السعودية التي تستحوذ على ما لا يقل عن 25% من الاحتياطي العالمي قبل الاكتشافات الاخيرة).
ومثلما ان امن الطاقة بالنسبة لغالبية الدول الصناعية،مرادفاً لتأمين الوصول الى امدادات الوقود الخارجية بأسعار معقولة فان امن الطاقة للدول المنتجة للنفط ومنها العراق يظل الحماية الطبيعية ونقل النفط الى السوق بأسعار معقولة.ويهتم الجانبان،المستهلكون والموردون بالأحداث التي يمكن ان تعرض امن النفط الطبيعي للخطر وامكانية توصيله للاسواق وتسعيره.وعموما ستستمر الهيدروكربونات في تلبية الجزء الاكبر من الطلب العالمي في العقود المقبلة وان كان هناك تحول كبير يأخذ مجراه مع تزايد نسبة الغاز في اجمالي انواع الطاقة.
تحسن نسب استخراج النفط في المكامن المكتشفة حديثا مع التقدم التكنولوجي تجعل كميات النفط التي يمكن استخراجها في المستقبل تقدر بأكثر من 360 مليار برميل،وهذا يكفي للاستمرار بمعدل الانتاج بالطاقة المتاحة حاليا لمدة ثلاث قرون ونصف.ويتمتع العراق بطاقات نفطية هائلة،فمن اصل حقوله النفطية الاربعة والسبعين المكتشفة والقائمة عام 2006 لم يتم استغلال الا 15 حقلاً بحسب خبراء قطاع النفط .ويساهم القطاع النفطي بشقيه الاستخراجي والتحويلي التكريري بتمويل 95% من الموازنة الاتحادية للبلد،وساهم بنسبة 27% من اجمالي تكوين رأس المال الثابت لعام 2007 بالاسعار الثابتة لسنة اساس 1988،و خلق 55.5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2008 بالاسعار الجارية،وتوليد اكثر من 95% من اجمالي القيمة المضافة بالاسعار الجارية في القطاع الصناعي لعام 2008،وانتاج 76% من اجمالي حاجة العراق الى المشتقات النفطية(البنزين،زيت الغاز،النفط الابيض) والبالغة 40467 متر مكعب/اليوم و 68% من الحاجة الى مادة الغاز السائل!ويعمل فيه اكثر من 100000 منتسب!
ان عدم تأمين الحاجة الكلية من المنتجات اعلاه يعزى الى عدم انشاء مصافى لتكرير النفط ذات طاقة كبيرة منذ اعوام غير قليلة وحتى الان،وان جميع مصافي النفط القائمة في البلد تتميز بقدمها،مما اثر على طاقاتها الانتاجية.
تقدر منافذ التصدير الحالية(الميناءان البحريان والأنبوب المار بالسعودية والأنبوب السوري والأنابيب المارة بتركيا)على تصدير حوالي ستة ملايين برميل /يوم،ولن يكون هذا دون الحاجة الى الاستثمارات في الصيانة وتوسيع طاقات الخزن الحالية.الا ان منشآت النفط العراقي التي يعمل فيها 70 الف فرد عانت من الدمار خلال الحروب الصدامية والقصف الجوي للمصافي ومحطات الضخ والتجميع،والانقطاعات المستمرة للصادرات اثناء برنامج النفط مقابل الغذاء وتفجير انابيب النفط فترة الاحتلال الاميركي.وتكلفة اعادة بناء البنية التحتية لصناعة النفط العراقي تتراوح بين 30 - 40 مليار دولار،ومستشارو الحكومة العراقية قدروا هذه التكاليف عام 2007 ب 75 مليار دولار!
لا يخفى على احد ان مسيرة العراق للسيطرة على موارده النفطية تقدمت في سياق سلسلة طويلة من الجهود الوطنية: القانون رقم 80/1961،إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية (1964)،وتأميم شركة نفط العراق (1972) وتصفية الامتيازات النفطية الأجنبية..ان النجاح الذي حققته شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في ادارة قطاع النفط العراقي قدم مثالاً رائداً على قدرة الشعوب في السيطرة على مواردها الوطنية واستغلالها بنجاح وانهاء دور الشركات الاحتكارية.وهذا يمكن أن يفسر لماذا اقدمت سلطة الاحتلال كخطوة اولى في توجهها نحو اعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية تصفية ممتلكات شركة النفط الوطنية العراقية المنحلة - رمز الاستقلال الوطني العراقي..
النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه وشم بالإهدار وسوء ادارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية الصدامية ومشاريع التنمية الكبرى ومشاريع الأبهة والتسلح والكوارث،وضعت بلادنا في صدارة البلدان النامية مديونية واشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية والاحتلال،ووجهت اقتصادياتها وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الأسعار والأجور والرواتب لاعادة إنتاج أوضاع التخلف والتبعية من خلال عمليات السوق الاعتيادية وخلقت عماء السوق.هل تجاوز الحكام الجدد هذه الاوضاع المأساوية!؟ النفط العراقي اليوم من الناحية الفعلية هو تحت سيطرة الشركات الاحتكارية!
تعاني صناعة النفط اليوم من مشكلات فنية في مكامن وحقول نفط الرميلة والزبير في البصرة،وفي كركوك،ومنها ارتفاع نسبة الماء في النفط المنتج بسبب تدهور منشآت خفض الماء وعدم اصلاح الآبار او حفر آبار جديدة،ومن فقدان اساليب القياس والضبط للكم والنوع اي عدم وجود العدادات الضرورية في كثير من المواقع التي ينتقل بها المنتج سواء داخل المواقع النفطية او في مواقع الاستلام والتصدير.وتعاني معظم العدادات من الاعطال لقدمها ومن سهولة التلاعب بها(لا توجد منظومة تحكم متكاملة للقياس على مستوى القطاع النفطي)،كما لا تتوافر في كثير من المواقع اجهزة الفحص المختبرية للتأكد من المنتوج من حيث النوعية واكتشاف التلاعب وتغيير المواصفات بالخلط وغيره.ولا يوجد نظام مطابقة فعال ودقيق وسريع بين شركات القطاع النفطي المستلمة والمرسلة،وحتى بين مواقع الشركة الواحدة.كما يعاني القطاع النفطي من قدم التكنولوجيا المستخدمة في بعض المنشآت النفطية وبالأخص تكنولوجيا استخراج وعزل الغاز المصاحب!
ويعاني القطاع النفطي من تقادم شبكات انابيب النقل وبالأخص الخط الاستراتيجي،عدم كفاية منصات التصدير في الموانئ العراقية لمواجهة اية تطورات في الانتاج والتصدير.ويعاني من محدودية السعة التخزينية وطاقات النقل وانسيابيته عبر منظومة شبكة خطوط الانابيب،وهما ركيزتان مهمتان لعمليات الانتاج والتوزيع والتصدير!وادى تضرر كثير من الخزانات والمستودعات وخطوط الانابيب خلال الحروب وما تلاها واستيراد كميات هائلة من المنتجات الى ظهور مشكلة في التخزين اربكت خطط الانتاج والتوزيع والتصدير!
شكل تخريب انابيب النفط ما نسبته 55% من مجمل عمليات تخريب القطاع النفطي(قدر عدد الهجمات على مواقع وانابيب النفط والغاز العراقي بـ (391) في الفترة بين نيسان 2003 الى كانون الثاني 2007.وبسبب مهاجمة انابيب النفط توقف التصدير من كردستان العراق مدة 651 يوماً اي 72% من مجموع الفترة منذ 2004 حتى النصف الاول من 2006).كما فشلت برامج الصيانة والتصليح التي اطلق عليها R10II, R10I من جانب الجهات الاميركية - وبتمويل منها- في تحقيق النتائج المرجوة.
شملت عمليات تخريب القطاع النفطي الاعتداء المباشر على منظومة رأس البئر (WELL HEAD) ووضع متفجرات في مواقع الآبار كما حدث بحقل خباز التابع لشركة نفط الشمال،وتخريب الانابيب الناقلة للنفط ومنظومة الماء الصناعي المنتشرة بالحقول المنتجة او المراد تطويرها مما ادى الى تأخر عمليات الحفر والصيانة!
ومن المعوقات الاخرى النقص في اعداد العمالة الماهرة المختصة ذات الخبرة،قلة التخصيصات الاستثمارية المالية التي لم تتجاوز اعوام 2007 – 2009 عن 35% من الاحتياجات المقدرة في الاستراتيجية الوطنية للسنوات 2007 – 2010،عدم امكانية تلبية المتطلبات البيئية بالنسبة للمصافي القديمة واستمرار حرق الغاز بنسب مرتفعة مما يؤثر سلبا على البيئة،استمرار تقديم دعم كبير للمنتجات النفطية رغم تخفيضها في السنوات الاخيرة مما يؤثر على كفاءة اداء نشاط التصفية والتكرير.
معامل استهلاك الطاقة في العراق(حصيلة تناسب معدل النمو في استهلاك الطاقة ومعدل عموم النمو الاقتصادي في فترة زمنية قصيرة) مرتفع دون انصاف"يين 1 و 2"!وبينما يعكس هذا المعامل(Factor)انسجام الطلب الاستهلاكي للطاقة مع نمو الدخل القومي فأن ارتفاع هذا المعامل يترك الآثار الضارة على التنمية الاقتصادية!وتتجه مؤشرات التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثورة المعلوماتية عادة نحو تحسين معدلات الاكتفاء الطاقي وتطوير اعمال استخراج النفط والغاز الطبيعي والتصفية الوقودية ومعالجة تحويل المصادر الوطنية للطاقة الى اشكال وقودية جديدة مفيدة وتطوير مصادر الوقود غير الناضب وتحسين ميزان المدفوعات والتبادل التجاري الخارجي.
الى ذلك، بلغت احتياطيات الغاز العراقي المؤكدة نحو 112 تريليون قدم مكعب،وهو بهذا يمتلك 8.1% من الاحتياطي العالمي المؤكد للغاز الطبيعي.وتراجع انتاجه واستهلاكه من 865 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الجاف عام 2002 الى ما يقرب من 480 مليون قدم مكعب يومياً عام 2008،ولا زال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب (500 مليون قدم مكعب/يوم) من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير!
ان كلفة الوقود لانتاج كيلوواط - ساعة واحدة في محطة حرارية بالعراق تستعمل النفط كوقود تعادل 5 مرات كلفة انتاج نفس الكمية من الطاقة الكهربائية باستعمال الغاز الطبيعي مع توربين ذو دورة مركبة في محطة غازية،ومع ذلك تصر خطط وزارات الكهرباء المتعاقبة على استعمال النفط والتوسع باستخدامه!وتغض النظر على المطلب الملح في تحوير المحطات الحرارية الحالية كي تشتغل على الغاز الطبيعي وبطريقة الدورة المركبة،والتركيز على تصدير النفط لكون ريعه هو الاعلى قياسا بريع الغاز،وبما يعادل 159%!ويمكن توفير 16000 دينار عراقي للخزينة مقابل كل برميل نفط يجري تصديره نتيجة استبداله بالغاز الطبيعي في محطات الكهرباء بالعراق!ويزداد التوفير مع ازدياد الاسعار!
في حالة العودة الى الحالة الصواب واقدمت الحكومة العراقية على نبذ النفط الخام ومشتقاته في تشغيل المحطات الكهربائية،ولجأت الى استعمال الغاز الطبيعي،فأنها بحاجة الى 310 مقمق(مليون قدم مكعب قياسي)يوميا من الغاز المعالج(Processed Gas)فقط او نحو 400 مقمق من الغاز الخام(Raw)،وستحتاج الصناعة النفطية الى نحو 500 مقمق يوميا من الغاز الطبيعي بحلول سنة 2015،وحصة الصناعات العراقية وخاصة التحويلية(الاسمدة،البتروكيمياويات،الالومنيوم،..)ستكون 1900 مقمق يوميا.الاجمالي سيكون 2.8 مليار قدم مكعب قياسي يوميا هو ما يحتاجه الاقتصاد العراقي من الغاز الطبيعي للاستهلاك المحلي،بينما سينتج 3.6 مليار قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز المصاحب لانتاج 6 ملايين برميل يوميا من النفط فقط .بعبارة اخرى فأن نسبة المستهلك الى المنتج من الغاز الطبيعي عام 2015 سيكون 78%،وستبلغ كميات الفائض عن حاجة الطلب المحلي 800 مقمق يوميا!
الى ذلك بلغ انتاج الغاز السائل عام 2002 اربعة آلاف طن يومياً من مجمعي الشمال والجنوب و الف طن يومياً من المصافي كان يصدر الفائض منه الى الدول المجاورة.وانخفضت هذه الكميات عام 2008 الى الفي طن يومياً من مجمعي الغاز و 600 طن يومياً من المصافي،ويستمر الاستيراد للتعويض ولو جزئياً عن النقص في حاجة المواطنين.
القطاع النفطي،بسبب السياسات النفعية للنظام الدكتاتوري والاوضاع والتعقيدات الامنية وتفاقم الارهاب،والصراع الدائر حول شكل ومضمون الدولة العراقية الجديدة،يعاني جملة مشكلات وصعوبات حالت دون احداث نقلة نوعية في نشاطه،تسهم في بناء شبكة من الصناعات الامامية والخلفية.ولم يكن خافيا على احد ان النفط شكل اهم ركائز ودوافع العمل العسكري الذي تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق والذي انتهى باحتلال العراق كليا الى جانب العنوان العريض لنشر الديمقراطية.ومن الطبيعي ان ينصب جهدها الرئيسي على ترتيب مقدمات الغاء كل القوانين السابقة في مجال السيطرة الوطنية على قطاع النفط باعتباره المصدر الأساس للدخل القومي في العراق،ابتداء من تعويم آلية الأسعار مرورا باهمال عملية تحديث البنية التحتية لقطاع النفط.
بعد عام 2003 استمرت خطط احالة عقود حقول النفط والغاز الى الشركات الاجنبية بوتيرة متسارعة مع غياب اي حديث عن تشريع قانون جديد للنفط والغاز!وتنفيذ خطط الحكومة العراقية من اجل التعاقد مع الشركات الاجنبية لا يقتصر فقط على الحقول المكتشفة وغير المطورة بل انها وضعت في اولوياتها حقول النفط المنتجة العملاقة التى بقيت مستمرة بالانتاج على مدى عشرات السنين ولا زالت تحتوي على الجزء الاعظم من الاحتياطيات النفطية.وتتسابق الشركات الاجنبية وعلى رأسها كبرى الشركات العالمية التي تم تأميم عملياتها في العراق خلال الفترة 1972 – 1975 من اجل اعادة سيطرتها على الجزء الاكبر منها،وهذا ما شهدناه في عقد التنازل عن نصف الغاز في الجنوب الى شركة شل البريطانية الهولندية!ولا زالت الحكومة العراقية تتعامى عن عدم اعادة تأهيل وتصليح او استبدال كابسات الغاز المهملة التي تضررت خلال حروب 1991 و2003 وما بينهما من حصار!وفي دورات التراخيص الاجنبية فان حوالي 90% من الاحتياطي المثبت تولت ادارته شركات اجنبية بعقود الشراكة الذكية التي اطلق عليها عقود خدمة تمويها وتضليلا للرأي العام!
لقد شجع الدستور الدائم وتخبط البرنامج الحكومي والخطط الدورية للقطاعات الاقتصادية على اعداد القوانين التي تغيب بشكل مرسوم ومتعمد،كل مصطلحات "التنمية" و"التحرر الاقتصادي" و"التقدم الاجتماعي" و"العدالة الاجتماعية"فجاءت القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها.
1. قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية
2. قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006
3. مشروع قانون النفط والغاز الجديد
4. مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام
عقود الخدمة التي درج عليها الحكام الجدد في بغداد هي اتفاقيات شراكة ذكية في الانتاج النفطي وتعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم الشركات المتعددة الجنسية باستخراجه بموجب عقود وتبقى نشاطات الدولة عمليا مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.وتعتبر عقود الخدمة او مشاركة الانتاج التي نص عليها مشروع قانون النفط والغاز الجديد اعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية،تنقلها من الملكية العامة الى الخاصة،والدافع الاستراتيجي هو سعي الغرب لتحقيق "امن الطاقة" في سوق مضطرب،وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية "لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل.ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد،فقد جرى فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة،ولا حتى عرضها للاستفتاء الشعبي العام.وتعتبر نظم المشاركة الجديدة انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة!

من جهتها تعتبر حقول كبريت المشراق في محافظة نينوى الاكبر من نوعها في العالم من ناحية الاحتياطي المثبت(وتحتوي مناجم الكبريت في الشرقاط بالموصل على احتياطي يعتبر من الاحتياطات الضخمة ايضا في العالم،حيث تزيد الكمية التي يمكن استخراجها من باطن الارض عن 500 مليون طن)،ويوجد مصدر آخر للكبريت في العراق ناتج من معالجة الغاز المصاحب للنفط .
بدأت عمليات تعدين الكبريت في المشراق قرب الموصل عام 1972؛كانت الطاقة الانتاجية تقدر بحوالي 1.25 مليون طن بالسنة عام 1988.واستطاع العراق بمساعدة اليابان اواخر الثمانينات من زيادة اعمال كبريت المشراق من اجل زيادة صادرات الكبريت بنسبة 30% مما كان عليه المستوى في 1987 والبالغ 500000 طن بالسنة وزيادة التصدير من حامض الكبريتيك ب 10000 طن سنويا.كان العراق ينوي ايضا زيادة معدلات استخراج الكبريت من النفط من معدلات عام 1987 الى ما نسبته 90%.ويعتبر الكبريت احد مصادر المواد الاولية للصناعات الكيميائية في العالم،ويستعمل في العراق لانتاج حامض الكبريتيك والاسمدة الفوسفاتية والكبريت الزراعي.وتعاني وحدات ازالة الكبريت من زيت الغاز الاهمال الكبير اذ بقيت دون اصلاح في البصرة وبيجي،وهي غير موجودة اصلا في الدورة بالرغم من توفر الموارد المالية وكون هذه المشاريع مشخصة منذ زمن وان طرح زيت الغاز بوجود نسبة عالية من الكبريت فيه اضرار بالبيئة والمعدات.
اما الفوسفات فيأتي العراق في المرتبة الثانية في احتياطيات خاماته على مستوى العالم،وتوجد هذه الخامات في منطقة عكاشات في محافظة الرمادي،وهي ذات نوعية متوسطة من ناحية المحتوى من الفوسفور وتحتاج الى عمليات تركيز لاستعمالها صناعيا.وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في اسعار خام الفوسفات في السوق العالمية(تضاعف منذ النصف الاول من عام 2008 بنحو 4 اضعاف)لم يشهد هذا القطاع الاهتمام المطلوب،على الرغم من ضم العراق اكبر مجمع صناعي للفوسفات في المنطقة.ويعد مجمع الفوسفات في القائم من اكبر المشاريع الاستثمارية في العراق وتستخدم فيه احدث الطرق للانتاج،ويرتبط المجمع بطريق (القائم- الرمادي) فضلا عن سكة حديد (بغداد -القائم-عكاشات)،والتي تعد العمود الفقري الذي يربط المجمع بالمنجم (منجم عكاشات)،والذي يبعد عن المعمل 135 كم،فضلا عن ربط السكة بمدينة (الموصل-الشرقاط) لنقل احجار الكبريت الداخلة في صناعة الاسمدة الكيمياوية،اما الخط الآخر فيربط المعمل بمدينة بغداد.ان احتياطي الفوسفات الصخري والموجود غالبا في منطقة عكاشات قدرت عام 1987 ب 5.5 مليار طن – كافية لتأمين الحاجة المحلية لعدة قرون!
هذا الى جانب كميات هائلة من الرمال الزجاجية في منطقة الرطبة بالانبار،واحتياطي مثبت من الاطيان الصناعية،خاصة طين السيراميك!
بالنسبة لملح الطعام تواجد عام 2007 في العراق معملان لاستخراج الملح،بواقع معمل لكل من القطاعين العام والخاص!و28 معمل لتنقية وبلورة ملح الطعام يديرها القطاع الخاص وتبلغ طاقتها الانتاجية 24471 طن/السنة!وانتاج ملح الطعام في العراق هو لسد حاجة الاستهلاك المحلي وليس لاغراض التصدير!

شهد نشاط الصناعات الاستخراجية والتحويلية غير النفطية تراجعا في نسبة مساهمته في توليد الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية.وبلغت النسبة 1.7% عام 2008 بعد ان كانت 6% عام 1979.الا انه وفي الظروف القائمة اليوم يتوفر العديد من مقومات النجاح في مجال استثمار الثروة المعدنية ومن اهمها:
 توفر الخامات المعدنية والصخور الصناعية بانواع واستعمالات متعددة والتي لا يزال معظمها غير مستغل.
 توفر البيانات والمعلومات المطلوبة عن كميات ونوعيات هذه الخامات والصخور الصناعية.
 حاجة البلد المتنامية الى الخامات المتوفرة ووجود صناعات محلية عديدة تعتمد عليها كمدخلات لها.
 ازدياد الطلب العالمي على مادتي الكبريت والفوسفات لتصنيع الاسمدة الكيمياوية.
 وجود اسواق كبيرة،اقليمية ودولية،تستوعب الصادرات من هذه الخامات.
 توفر عناصر البنية التحتية الاساسية للانتاج،وفي مقدمتها الملاكات الجيولوجية المتخصصة اللازمة.
لا زالت الصناعة الاستخراجية تحتل حصة الاسد في الناتج المحلي الاجمالي اذ بلغت 81.7% عام 2005،وتشمل الصناعة الاستخراجية في بلادنا صناعة استخراج النفط والغاز والكبريت والفوسفات وغيرها من الخامات غير المعدنية!وبلغت القيمة المضافة للصناعة الاستخراجية عام 2005 16% من القيمة المضافة للصناعات الاستخراجية لمجموع الدول العربية.ان العراق يعتبر البلد الوحيد خارج الولايات المتحدة وروسيا الذي فيه جميع المواد الاولية لصناعة الاسمدة الكيمياوية اذ يحوي الخامـات الفوسفـاتية باحتياطي يعادل 3500 مليون طن بنوعية متوسطة،والكبريت الحر باحتياطي يتجاوز 150 مليون طن بالاضافة لما ينتج من الكبريت في الصناعة النفطية،وفيه الغاز الطبيعي والنفط كأكبر احتياطي في العالم،بالاضافة الى امتلاكه حصة في شركة البوتاس العربية في الاردن لانتاج البوتاس،وكان من المفروض ان يكون اكبر مصدر للاسمدة الكيمياوية في العالم اوائل التسعينات لولا سياسة صدام الرعناء.

• الصناعات التكريرية اساس الصناعات التحويلية

ازداد عدد العاملين في الصناعات التحويلية - المنشآت الصناعية التحويلية ومصافي النفط والمنتجات النفطية والصناعات الصغيرة والحرفية الفترة 1975 – 1989 وارتفعت قيمة الانتاج الاجمالي فيها،وتحسنت نسبيا مشاركة هذا القطاع في تكوين الدخل القومي.وخلال سنوات العقد السبعيني امكن نشر مجموعة من المنشآت الصناعية في العديد من المدن العراقية وخاصة في كل من بغداد والبصرة والموصل وبعض المدن الأخرى.ولعب قطاع الدولة دورا اساسيا في عملية التنمية الصناعية بسبب موارد النفط المالية،في حين جاءت مشاركة القطاع الخاص والقطاع المختلط بالدرجة الثانية والثالثة.
الزيادة في عدد العاملين في الصناعات التحويلية جاء على حساب القطاع الزراعي حيث كانت الهجرة الريفية واسعة جدا الى المدن خلال تلك السنوات،رغم انها لم تستطع ان تستوعب الكثير منهم.وقد اثر المنحدر الريفي للعاملين الجدد الذين لم يحصلوا على اي تأهيل صناعي ضروري بشكل سلبي على انتاجية العمل وعلى عمليات الصيانة والادامة في تلك المنشآت وعلى وقوع حوادث واصابات كثيرة اثناء العمل وعلى زيادة العطلات في المكائن وتوقفها عن الانتاج.وفرضت الدولة على المنشآت الحكومية تشغيل عدد كبير من العمال يفوق حاجتها بكثير مما ادى الى رفع تكلفة الانتاج وتدهور انتاجية العمل للفرد الواحد.
في هذه الفترة لوحظ الارتفاع الملموس في نسبة مشاركة الصناعة التحويلية في تكوين الناتج المحلي رغم التقلبات التي طرأت على تلك المشاركة،وتأثير الحرب العراقية- الايرانية بصورة مباشرة على تلك التقلبات بالنسبة للنفط الخام والصناعة التحويلية،وبروز تضخم مفرط تجلى في ارتفاع اسعار تلك الفترة وفي القفزات غير الاعتيادية في قيمة ونسبة مشاركة الانتاج الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي وفق الاسعار الجارية،في حين كانت نسب المشاركة وفق الاسعار الثابتة اكثر واقعية.لقد عطلت حربي الخليج الثانية القدرة الانتاجية في الصناعة التحويلية،واعادت العراق الى فترة ما قبل التصنيع.وبسبب سياسات النظام والحروب والحصار الاقتصادي تراجع حجم الانتاج الصناعي التحويلي عام 1990 بالقياس الى عام 1980.يذكر ان مساهمة قطاع الصناعة التحويلية عام 2012 انخفضت الى 1.7% من الناتج المحلي الاجمالي!

بداية خمسينيات القرن الماضي قامت الحكومة العراقية بالسيطرة على المصفاة الصغيرة في منطقة كركوك،وتعاقدت مع شركة امريكية لبناء مصفاة اخرى بالقرب من بغداد(مصفاة الدورة).كما قامت الحكومة العراقية عام 1961 بتجريد مجموعة شركة نفط العراق من جميع الامتيازات التي حصلت عليها في السابق بسبب عدم قيام الشركة بالاستثمار اللازم،وشمل ذلك السيطرة على حقل شمال الرُميلة في جنوب العراق الذي يعتبر من اهم مصادر النفط.وفي عام 1964 قامت الحكومة العراقية بتأسيس شركة وطنية باسم شركة النفط الوطنية العراقية (INOC) لادارة قطاع النفط العراقي وتطوير المناطق التي كانت تمتلكها شركة نفط العراق.بعدها قامت الحكومة العراقية بتأميم عمليات شركة نفط العراق، واسست شركة وطنية اخرى هي الشركة العراقية لعمليات النفط (ICOO).وقد انتهت الحكومة العراقية من تأميم كامل الصناعة النفطية في العراق بحلول عام 1975.ومع ارتفاع اسعار النفط منتصف السبعينيات،قام العراق بتوسيع البنية التحتية لصناعة النفط ليتضاعف انتاج المصافي،كما قام باصلاح هيكلية صناعة النفط العراقية في عام 1976،وتأسست وزارة النفط لتقوم بتخطيط وبناء قطاع النفط والاضطلاع بمسؤولية تكرير النفط ومعالجة الغاز،والتسويق الداخلي لمنتجات الغاز عبر عدة مؤسسات تابعة لها!
قبل حرب العراق مع ايران عام 1979،تصاعدت معدلات الانتاج النفطي العراقي الى حوالي 3.5 مليون برميل يوميا ومعدلات التصدير الى حوالي 3.2 مليون برميل يوميا.واستمرت تلك المعدلات لغاية نشوب الحرب في ايلول 1980 التي الحقت اضرارا فادحة بمعظم المنشآت النفطية العراقية الاخرى،بما في ذلك منشآت التصدير والانتاج والتكرير،وصناعة الغاز،ومنشآت النقل والخزن والتوزيع.ولم تصل معدلات الانتاج والتصدير اللاحقة الى معدلات عام 1979 حتى اليوم.ورغم ظروف الحرب مع ايران،لم تتوقف استثمارات العراق في الصناعة النفطية التي شملت صيانة مصافي التكرير وزيادة طاقتها الانتاجية.فقبل الحرب كانت الطاقة التكريرية للعراق تبلغ حوالي 320 الف برميل/اليوم،وكانت المصفاة القائمة في جنوب العراق في البصرة تنتج حوالي 140 الف برميل/اليوم،ومصفاة الدورة القائمة بالقرب من بغداد تنتج حوالي 80 الف برميل/اليوم.ومع بداية الحرب دُمِرت مصفاة البصرة عدة مرات وتوقفت عن التشغيل بداية عام 1988،وواصلت مصفاة الدورة التشغيل بجانب مصافي جديدة تم انشائها وشملت مصفاة بيجي بطاقة مقدارها 70 الف برميل/اليوم،ومصفاة شمال بيجي بطاقة مقدارها 150 الف برميل/اليوم.وارتفعت الطاقة الانتاجية للمصافي العراقية الى اكثر من 400 الف برميل/اليوم،وكان الاستهلاك المحلي في العراق يبلغ حوالي 300 الف برميل/اليوم،ومعظمه كان يذهب لدعم جهود الحرب.
ولم تكد صناعة النفط العراقية تتعافى حتى قامت القوات العراقية بغزو دولة الكويت،وبدأت حرب الخليج الثانية عام 1991 التي ادت الى الحاق اضرار بليغة تفوق تلك الناتجة عن الحرب مع ايران.وقد عانى العراقيون من نقص المشتقات النفطية التي كانوا يحصلون عليها وان كانت رديئة النوعية.ونتيجة للحصار الذي فرض على العراق من مجلس الامن الدولي،هبط الانتاج وتوقفت الصادرات العراقية كلية.ولم يكن بمقدور صناعة النـفط في العـراق الحصـول على التقنيـات الحديثة،حتى بعد مباشرة العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء اوائل عام 1997.

يشمل برنامج التطوير الراهن في الصناعة النفطية العراقية 12 مصفاة،هي عدد المصافي العراقية الكبيرة والصغيرة،ويتم ايقاف وحدة تقطير واحدة عن العمل كل شهر اثناء تنفيذ البرنامج للحفاظ على طاقة التكرير وتجنب نقص الامدادات.وتكرر المصافي العراقية نحو 475 الف برميل/اليوم،ويبلغ انتاج الكازولين نحو 12 مليون لتر/اليوم ونحو 10-12 مليون لتر/اليوم من زيت الغاز،ونحو 2500 طن يوميا من النفط المسال.ويخطط العراق لبناء مصفاتين جديدتين طاقة كل منهما 140 الف برميل/اليوم،احداهما في الموصل،والأخرى في المسيب.
بلغت القدرة التكريرية كانون الثاني 2005 حوالي 597500 برميل/اليوم من اجمالي الطاقة التصميمية للمصافي العراقية البالغة 700 الف برميل/اليوم،وتعمل الصناعات التكريرية او منشآت قطاع المصافي ومعالجة الغاز اليوم بما لا يزيد عن 65% من طاقتها!وعلى الرغم من التحسن الطفيف الحاصل عام 2008 فإن انتاج المنتجات الخفيفة(الغاز السائل والغازولين والمقطرات الوسطية)لم يتجاوز 225000 برميل يوميا وهو اقل بنسبة 25% من المستوى المتوسط في2001 و2002.وقد تراجع المستوى بسبب الانخفاض الكبير في الطلب على المنتجات بنسبة 18% منذ 2005 والوضع الاقتصادي المتردي والبطالة وعدد العراقيين الذين اجبروا على اللجوء الى البلدان المجاورة او النزوح في الداخل.وعلى الرغم من هبوط معدلات الاستيراد الا ان الطلب على المنتجات قد تدهور كثيراً ورافق ذلك تدني في انتاج المصافي.
كانت طاقة المصافي في العراق قبل الاحتلال اكثر من 700000 برميل/اليوم رغم ظروف الحصار،وكان يجري تصدير المشتقات النفطية في حين تبلغ الطاقة الحالية نحو 500000 برميل،وتعمل المصافي بنسبة 50 - 60% فقط،رغم انها لم تتعرض للقصف او التخريب باستثناء الانابيب الناقلة للنفط الخام احيانا.وهذا التراجع يعود لسوء الصيانة وانعدام اعمال التطوير او اضافة اجهزة بديلة،وفشل الاجهزة الامنية بحماية الانابيب رغم صرف مئات الملايين لمقاولين محليين وشركات اجنبية ذهبت مهب الريح،وفشلت في الحد من عمليات العصابات والمليشيات المنظمة بالربط على الانابيب والمستودعات وسرقة النفط او المشتقات خاصة في الجنوب ومنطقة بيجي.
منذ حزيران 2003 والعراق يستورد المشتقات النفطية بمبالغ بلغت حدود خمسة مليارات دولار سنويا تكفي لانشاء مصفاة بطاقة 300 الف برميل/اليوم،وقد فشلت الادارات المتعاقبة في القيام به(باستثناء عدد محدود من المصافي الصغيرة،رغم ان وثائق وتصاميم بعض من المصافي الكبيرة كان جاهزا منذ فترة قبل الاحتلال).وتحتاج جميع المنشآت النفطية (الاستخراج والتحويل) الى عمليات فورية للفحص والصيانة الصحيحة واستبدال الاجهزة التالفة اضافة الى تطوير واضافة منشآت جديدة،وهو ما يتطلب انجازه سنوات عدة سيستمر خلالها العراق يهدر الاموال من اجل الاستيراد،وربما تذهب الحصة الكبرى الى ايران بفضل مشروع سياسي بمد انبوبين للنفط عبر شط العرب.
ولا يزال العراق ورغم الاستيراد يعاني من ندرة في المشتقات،ورفعت الاسعار الرسمية اكثر من 20 ضعفا بناء على ضغط صندوق النقد الدولي بحجة اعفاء الديون وتحرير الاسواق مع استمرار ظاهرة السوق السوداء وبأضعاف الاسعار الرسمية وحتى في اقليم كردستان.

هنا وجب ملاحظة التالي:
1. انخفاض استيراد المنتجات النفطية بنحو 60% في 2008 مقارنة بعام 2005 بينما جرى تشييد صناعات تكريرية جديدة في العمارة وكركوك بطاقة 150000 برميل باليوم لكل منها.
2. يتم التغاضي عن العمل بسرعة وجدية لتطوير المصافي عمودياً للتخلص من زيت الوقود وزيادة المنتجات الخفيفة وتقليل الحاجة الى مزيد من النفط الخام.
3. لا يجر بناء وحدات التصفية الصغيرة في مواقع تحتاج الى طاقات خزن او الى ارتباط بشبكة انابيب مرنة.
4. ارضاء الادارات المحلية يطغى على التخطيط السليم لمشاريع الصناعات التكريرية حيث تشتد الحاجة الى مشاريع تكرير كبيرة!بدل المصافي الصغيرة بالمواصفات المتدنية التي تكون عادة عالة على صناعة التكرير حتى لو قامت بتلبية بعض الاحتياجات الآنية.
5. فائض زيت الوقود هو عائق امام اشتغال المصافي بطاقات عالية ولم يجر تحسين قدرة منظومة التصدير في الجنوب التي لا تستطيع استيعاب زيت الوقود المنتج في البصرة،ناهيك عن بقية المصافي.كما ان وحدة التكسير بالهيدروجين في بيجي للتخلص من نسبة كبيرة من زيت الوقود لا تعمل رغم اصلاحها ووضعها قيد العمل في 2001.
6. لا يمكن ضبط الجودة لقيام القطاع الخاص بالاستيراد في الأغلب بدلاً من ان يكون العراق من الدول المصدرة لزيوت الأساس.
7. ان مشروع قانون "الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام" لا يلزم الشركات بتقديم الضرائب ولا الريع ولا النهاية لعقودهم ولا أي شروط اساسية اخرى!ولم يلزم وزارة النفط بأن تضع نموذج للعقود بين هذه الشركات والحكومة تكون محكمة من الناحية القانونية بحيث تلزم الشركات بشروط التعاقد ولا يسمح لها بالتلاعب بحق العراق والعراقيين بأي حال.لم يوضح القانون مدى تمسك المستثمر بقوانين البلد اي احترام المستثمر الأجنبي للسيادة الوطنية.

كان العراق سباقا عام 1959 في انشاء صناعة متقدمة لزيوت التزييت بلغت طاقتها ما يقرب من نصف مليون طن/السنة وانتجت ما لا يقل عن 200000 طن عام 2002 بالرغم من الدمار الذي اصاب اجزاء منها عام 1991 والحاجة الماسة للمواد الكيميائية وقطع الغيار،بل وانتجت حتى عام 2004 حوالي 90000 طن قبل ان يبدأ التراجع الى 22000 طن فقط في 2008.
اضطرت صناعة الكهرباء لاستخدام الوقود السائل بما في ذلك النفط الخام الذي بلغ متوسط استخدامه في 2007 حوالي 70000 برميل/اليوم،وزيت الغاز اكثر من 8000 برميل/اليوم في توليد الكهرباء التي كانت ستستفيد كثيرا من الغاز الانظف والاسهل والاكثر اقتصادية لو كان متوفرا لها.



بغداد
31/3/2013



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثاني
- البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الاول
- قتلة كامل شياع وهادي المهدي وبقية الشهداء بلطجية القائد العا ...
- الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية والسقوط في شرك واحابيل ا ...
- مع سقوط الباشا نوري المالكي سيسقط اقطاعه السياسي والاجتماعي ...
- على رنة الاحذية طحين العملية السياسية اليوم ناعم
- الانتخابات النزيهة لا تجري بالنوايا الطيبة!
- تشكيلات ارهابية ام كلاب بوليسية تأديبية مدللة
- النشاط المطلبي لشركة نفط الجنوب سعة افق يقابله ضيق الافق الح ...
- ضياء الشكرجي .. تحية وسلاما!
- -انا القانون-وقطع صيوان الأذن بين الفعل المباشر وغير المباشر
- عزت اسطيفان والسباحة في لجة احلام الاسلام السياسي الحاكم!
- مسجد الزوية نموذج حي للاستهتار بالقيم الحضارية
- 14 رمضان الاسود- حقوق الانسان والاتباع اللصوص
- حكومة نوري المالكي والحكومة الاسرائيلية في المارثون الصهيوني ...
- تعليق الانتربول اعماله في العراق بسبب القضاء العراقي المسيس ...
- الاسلام السياسي الحاكم في عراق اليوم والبعث المقبور توأمان ل ...
- بطل ام ابطال مجاري
- صفعة للقطعات العسكرية الحكومية في كردستان
- الحكام في بغداد يغلقون راديو المحبة ويعبثون بمحتوياته!


المزيد.....




- “حتتوظف انهاردة” وظائف شاغرة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ل ...
- أردوغان في أربيل.. النفط وقضايا أخرى
- اضطرابات الطيران في إسرائيل تؤجّل التعافي وتؤثر على خطط -عيد ...
- أغذية الإماراتية توافق على توزيع أرباح نقدية.. بهذه القيمة
- النفط يصعد 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز لبيانات اقتصادية ...
- بنك UBS السويسري يحصل على موافقة لتأسيس فرع له في السعودية
- بعد 200 يوم من العدوان على غزة الإحتلال يتكبد خسائر اقتصادية ...
- الولايات المتحدة تعتزم مواصلة فرض العقوبات على مشاريع الطاقة ...
- تباين في أداء أسواق المنطقة.. وبورصة قطر باللون الأخضر
- نشاط الأعمال الأميركي عند أدنى مستوى في 4 أشهر خلال أبريل


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سلام ابراهيم عطوف كبة - البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثالث