|
البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 19:21
المحور:
الادب والفن
اقتربت منه فتاة جميلة ، عارية الذراعين والنصف العلوي من الصدر كأنه قطعة مرمر ، تلبس تنورة ضيقة ومختصرة ،كاشفة عن ساقين بلوريين ، لكن احمد لايحب الفريسة السهلة . دائما يقول في مثل هذه المواقف ، الصياد عليه أن يصطاد ما يشتهيه ، ليس هناك فريسة تشتهي صائدها . فتش بعينيه بين الحاضرات لم تعجبه أي واحدة ، الجميلات كلهن محجوزات ، جالسات مع عشاقهن في جلسات حميمية . لاحظ ان فتاتين جميلتين دخلتا للتو الى المرقص ، أشار اليهما فتقدمتا اليه . قبلتاه من وجنته وكأنه يعرفهما من قبل ، او هي التحية المعمول بها هنا . كانت رائحة عطر احداهن ألطف الى منخاره ، فعرض عليها الجلوس معه ، وقبلت بكل رضى ، عرض على الأخرى اختيار المشروب الذي تحبه ،واستفرد بصديقتها . أنغام المرقص لا تتوقف ، والرقص أيضا لا يتوقف ، والأضواء أيضا تتراقص على وقع الايقاع . هذا المكان وجد أصلا لمثل هذه الأجواء . بدأت ثرثرة احمد ، كانت الثرثرة شاملة ،حديث بالفم وحديث باليد ، هو يدرك أن لجميع حواسنا وحركاتنا تأثير على حالاتنا النفسية ، لذلك لم ينتظر طويلا وبدأ للتو في غزو جسدها المباح . يعرف ايضا أن طلب المشروب الأغلى كاف لرمي شباكه على أي مومس ، فهو علامة وفرة المال ، خاصة اذا كان الطلب مرفوقا بكمية وفيرة . فلسفته في الحياة اذا استطاع أن يشتري أي شيئ يريح نفسيته اشتراه دون تردد . العامل النفسي هو السلاح الأقوى في الانسان ، وكلما ضعف السلاح أو علاه الصدأ ،تحول الانسان الى جذع منخور من الداخل ، أي ريح ضعيفة قد تسقطه ككومة رمل . أحس بارتياح ياخله ، نسي كل أوجاعه ، ولم يعد يتذكر شيئا من ذكرياته الوسخة ، كان يحاول جاهدا أن لا يثقل في الشراب ، ولتفادي الوقوع في اغراء اللحظة الجميلة اكتفى بشرب الجعة وترك عشيقته تطلب ما تشاء . عرض عليها المبيت معه ، فاشترطت مبلغ ألفي درهم ، لم يمانع ، لا بد أن يقضي الليلة كما خطط لها ،كي يطفئ نار الماضي الرمادية . حين يشتعل رماد الذكريات يكون أقوى من نار الواقع . كانت أمواله كافية ليشتري بها وهما يحفظ توازنه النفسي للحظات . النفس هي الانسان ، وحين يوهم الانسان نفسه بشيئ يستطيع تصديق وهمه ، لا يعنيه ان يكون الوهم سرابا لا وجود له ،مادام يحقق به شيئا ترضاه نفسه ولو للحظات . مرت الليلة بسلام ، ونسي ذكرياته الوسخة ، قام في الصباح . التفت حوله ، لم يجد المومس بجانبه ، كان الأمر عاديا بالنسبة اليه فقد أدت مهمتها بامتياز وقبضت تعويضها بسخاء ، ولم يبق بينهما ما يربطهما من علاقة . تأمل ليلته وأعاد شريطها بدقة وبكل تفاصيلها ، وعندما لامست الذاكرة فراش الأبنوس قطع شريطها ، وقام من الفراش لأخذ حمام ساخن . انتبه الى سرعة انقضاء أيام الاجازة ، تذكر صديقه الصحفي سعيد الغافل . وجد في نفسه حاجة لرؤيته ، بحث في هاتفه عن رقمه ، ضغط على زر التواصل ، كان الهاتف يرن لكن ليس هناك من مجيب ، قال في نفسه ، ربما كان مشغولا . ******* تركتُ رنين الهاتف يرن للوهلة الأولى ، كي تزداد رغبته في مهاتفتي ،ويشتد حماسه للقائي . نبهتني سعاد الى رنين الهاتف ، لكنني اصطنعت أني مشغول بقراءة موضوع مهم ، كانت جريدة "ال باييس "الاسبانية أمامي ، غرست رأسي أكثر في حروفها دون أن اقرأ شيئا منها ، بل كان ذهني مركزا على سماع رنين ثاني ، وهذا ماحصل . بعد النوتة الثانية من الرنين ضغطت على زر الاستقبال : - ألو أهلا أخي أحمد كيف هي الأحوال ؟ -بخير أخي سعيد ، أريد أن أراك . -خير ان شاء الله . -كل الخير ، لكن الأمر مهم على ما أظن . -أين تريد أن نلتقي ؟. -أتمنى أن نلتقي في مكان ما وكأن الأمر حدث صدفة . هل فهمتني ؟ - طبعا طبعا ......
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن يحترموننا
-
التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
-
البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
-
مملكة المعنى الغامضة
-
حاولت مرارا أن أصيح
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
-
تأويل الأولين
-
للغياب رائحة الموت
-
القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
-
البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية
-
لعنة البترول
-
ساكسونيا المغرب **
-
النظام البرلماني بالمغرب
-
المغرب ومنهجية الأزمة
-
المقصلة لمن قال لا
-
نحو اعادة دور المثقف
-
وطن لا ككل الأوطان
-
ما الذي يجري في العالم ؟
-
قراءة في كذبة أبريل المغربية
-
انكسارات الظلال
المزيد.....
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي
...
-
الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب
...
-
خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو
...
-
سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|