أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - رحلة الصعود فوق الجبل














المزيد.....

رحلة الصعود فوق الجبل


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4083 - 2013 / 5 / 5 - 01:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بحثت عن تفسير لتمسكى بحياتى المزدوجة، ربما خمول عقلى، لم أعثر على طريقة أخرى للحياة، إحساسى الدائم بعيون تراقبنى، عين الله الساهرة لا تنام، وعين الشيطان أيضاً لا يغمض لها جفن، كان مستحيلاً أن أختلف عن الآخرين، ولكل الناس حياة علانية وأخرى فى الخفاء، ارتديت النقاب لألتقى سراً بالرجال، حتى سئمت التخفى بعد عدة سنوات، كرهت الفساد فى حياتى وفى البلد كله، كنت أحلم بالثورة، أو بالمنقذ البطل، يقود الشعب المصرى- وأنا منهم- إلى طريق جديد.

طاردتنى كلمة «عانس» حين بلغت الأربعين، رغم أنى سينارست، بدأت أبحث عن زوج، وجدت موظفاً محدود الدخل يكبرنى بعشرين عاماً يملك زوجتين وثلاثة أولاد، كدت أتزوجه يأساً وإحباطاً، لكنى عثرت على صيد سمين، رجل يملك زوجة واحدة وثمانية فدادين، يكبرنى بخمسين عاماً، يحلم بأن يكون كاتباً، أقنعته بأنه حب حياتى الأول والأخير وأنه فنان عظيم، وبدأت أكتب سيناريو فيلم عن حياته الفريدة، كان ذكائى يزيد مع تعدد تجاربى مع الرجال، أتقنت دور العاشقة، فلا أنظر ولو بطرف عينى إلى جيبه، منحنى ثقته مائة فى المائة.

كان مثالياً يؤمن بالمطلق، أو غباء الشيخوخة وتصلب الشرايين، أقنعته أن زوجته لم تمنحه الحب أو التقدير اللازم وتحجب عنه الأضواء، بعد عام ونصف نجحت فى إعادته لربيع المراهقة، أصبح كالخاتم بإصبعى، يرقص كالطفل وأنا أدق الطبلة، ويبتلع الفياجرا بالنبيذ، ثم سحبته من يده للمأذون، كتب لزوجته قسيمة الطلاق وكتب لنا قسيمة الزواج، سجلت فيها شرطين: أن يكتب باسمى أربعة فدادين وأمتلك العصمة فى يدى.

انتقلت إلى طبقة تأكل اللحم من بيت الكلاوى والكبدة المشوية الضانى، وأطل من الشرفة على النيل الهادئ، ضوء القمر يلامسنى فوق سريرى، زوجى يدللنى مثل المرحومة أمى، يحممنى بالماء الدافئ، يدعك ما بين النهدين والساقين بالليفة والصابون، يسعده تلبية ما أريد وإن لبن العصفور، أذهب إلى عملى داخل السيارة يقودها السائق كالعبد المطيع، كنت أركض وراء الميكروباصات والتوك توك وأتشمم الكباب المشوى من بعيد.

ثم سافرت لتصوير فيلم عن فتاة تتسلق الجبال، أول مرة أرى جبلا شاهقا تختفى قمته فى السحب، الفتاة ترتدى ملابس زاهية الألوان ليتم التقاطها بسهولة إن ضلت طريقها بين الثلوج، تصعد الصخور بشجاعة، تتبع خط السير المحدد بأوتاد من الألومنيوم، سبقها فى الصعود للقمة آخرون، بعضهم لم يبلغ منتصف الطريق وسقطوا وماتوا، بعضهم تجمدت أطرافهم واختفوا فى الثلوج.

كنت أشهدها من السفح وأتساءل: ما أهمية الوصول للقمة، حيث لا يوجد إلا الثلوج؟ امرأة ردت: المهم هو الإقدام والتحدى والانتصار على الخوف، منذ ثلاثين عاماً صعدت الجبل ونظرت من الارتفاع الشاهق إلى حياتى فرأيتها صغيرة تافهة،

كنت أعيش مع زوج لمجرد المال، استعدت ثقتى فى نفسى، قررت الانفصال عنه والاعتماد على ذاتى، هكذا حققت حلم طفولتى وأصبحت ما أردت أن أكون.

بعد العودة لمصر رأيت حياتى المزدوجة تافهة قبيحة، أعيش فى العلانية مع عجوز لمجرد المال وأعيش فى الخفاء مع عشيق من عمرى، قررت أن أصنع لنفسى حياة أفضل، أرسلت لزوجى بالبريد تنازلاً عن الفدادين الأربعة مع ورقة الطلاق، وبدأت أشق طريقى بنفسى لأصبح السينارست الأولى ثم تزوجت حبيب عمرى.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة تنتصر!
- الكلمة من أعماقك شعاع شمس
- الثورة ضد العادات والأعراف والتقاليد
- النساء والقهر الاجتماعى
- تهذيب الذكورة في مصر وأمريكا
- إنه الدم
- لنساء والشعب. بين المطلق والنسبي
- الشريعة والشرعية. وظاهرة العنف
- النسبى والمطلق وجدتى الريفية
- الثورة وحزب الإبداع
- بين التقاليد والعدالة والكرامة
- يزداد العنف بازدياد الضعف والخوف
- المرأة والعنف والطب النفسى
- إسلام مختلف فى تونس؟
- أيتها المعارضة تمردى ولا تستكينى
- ثورة الشباب وثورة النساء
- قناة فضائية للنساء فى تونس
- المسكوت عنه بطبقات الخوف
- إخراج الجن من أجساد البنات والأولاد
- عفة النساء والإبداع الغائب


المزيد.....




- إطلاق أول مسابقة لـ-ملكة جمال الذكاء الاصطناعي-
- الأمم المتحدة: أكثر من 10 آلاف امرأة قُتلت في غزة منذ بدء ال ...
- -الحب أعمانا-.. أغنية تقسم الموريتانيين بين حرية المرأة والع ...
- ليدا راشد.. ضحية العنف الطبي في لبنان
- دراسة: النساء استهلكن كميات أكبر من الكحول مقارنة بالرجال خل ...
- -المدرسة تلبي أوهام صبي يتظاهر بأنه فتاة-.. غضب بعد فوز عداء ...
- لبنان.. العثور على جثّة امرأة مقطّعة في المية ومية
- ما هي العوائق التي تواجه النساء في إجراء تصوير الثدي بالأشعة ...
- توصية بتشريع الإجهاض في ألمانيا.. بين الترحيب والمعارضة
- السعودية.. القبض على رجل وامرأة ظهرا بطريقة -تحمل إيحاءات جن ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - رحلة الصعود فوق الجبل