أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عودة عمرو














المزيد.....

عودة عمرو


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 17:49
المحور: كتابات ساخرة
    


وأخيراً قد عاد عمرو بن العاص على رأس قوة جبارة. هو الآن يحاصر البلاد، مصر، من البر والبحر والجو. هناك مئات الآلاف من قوات المشاة والصاعقة والمهندسين محمولة فوق صفيح آلاف الدبابات والمدرعات والمجنزرات والمصفحات وعربات المدفعية ومعدات وآليات الدفاع والهجوم البري والجوي، التي تأخذ أماكنها استعداداً للهجوم على حدود مصر الشرقية في سيناء؛ ومن جهة الشمال بمحاذاة الحدود البحرية، قد وصلت بالفعل السفن والغواصات النووية وحاملات الطائرات والبوارج الحربية الإسلامية تحت إمرة القائد العربي الهمام، وهي الآن تتجمع في مراسيها المناسبة قبالة المدن الساحلية الرئيسية في الإسكندرية ورشيد ودمياط وبورسعيد والعريش تأهباً لحين تلقي إشارة بدء الدك بالمدفعية والصواريخ الذكية العملاقة على متونها؛ وفي الجو، يستطيع حتى المصريون العاديون في جميع أنحاء القطر المصري رؤية وسماع أزيز الطائرات المقاتلة الإسلامية تحوم فوق رؤوسهم ليلاً ونهاراً في دوريات استطلاعية منتظمة بعد أن نجحت في أن تدمر بغتة ومن دون أي سابق إنذار جميع الطائرات والدفاعات الجوية المصرية سليمة على حالتها الفبريكة في المطارات وداخل المستودعات على الأرض.

في غرفة عمليات مجهزة ومكيفة الهواء وسط الصحراء، وكفرصة أخيرة لحقن الدماء وتجنيب وقوع الدمار والضحايا المدنيين الأبرياء من المسننين والنساء والأطفال، جلس القائد العظيم عمرو بن العاص يجري اتصالات ومكاتبات ومفاوضات شاقة ومضنية على مدار اليوم منقولة حية بالصوت والصورة عبر الأقمار الاصطناعية مع الزعامات والقيادات والشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية البارزة في بر مصر: "يا أهل مصر، قد جئتكم بكتاب من رسول الله. أسلموا، تسلموا."

من لحظة ذلك النداء، قد فقد كثير من المصريين جادة صوابهم ورشدهم، معتقدين أن كتاب رسول الله ما كان يمكن أبداً أن يصلهم لولا بأس الجيش العمروي؛ حبهم لدين الإسلام غلب حبهم لتراب بلدهم؛ ارتضوا لأنفسهم أن يخونوا تاريخ واستقلال الوطن ويكونوا طابوراً خامساً للغزاة، طالما قبضوا ثمن التضحية في اعتناق الإسلام وحديث العربية- كأن استقلال الوطن ودين الإسلام ضدان لا يجتمعان معاً. هويتهم المفضلة الآن أصبحت "مسلمين" بينما الهوية "مصريين" تكاد لا تساوي شيئاً لهم. قد تناسى مثل هؤلاء حقيقة أن مقر أكبر خلافة إسلامية على الإطلاق- تركيا- قد اعتنقت الإسلام عبر قتالها وغزوها للعرب والمسلمين أنفسهم في أوطانهم أنفسهم ولم تسمح لهم تحت أي ذريعة باحتلالها ولو ليوم واحد، علاوة على أنها- رغم إسلاميتها القيادية هذه- لم تتحدث العربية يوماً.

أيام الفتح العربي لمصر كانت مصر مستعمرة رومانية وقد وقعت الحرب الفعلية بين الجيشين العربي والروماني بينما كان المصريون- أبناء البلد الأصليين- حينذاك مغيبين عن الوعي السياسي والعسكري والثقافي والحضاري منذ مئات السنين ولم يكن لهم لا ناقة ولا جمل فيما حدث أو يحدث من حولهم. بناء عليه، لا يمكن الإدعاء بدرجة وجيهة من المصداقية أن يكون المصريون قد خانوا أو فرطوا في تراب وطنهم للغزاة العرب أو غيرهم في ذلك الحين، لأنهم ببساطة شديدة لم تكن لهم أي ولاية من أي نوع على الإطلاق لا على ذلك التراب ولا حتى على أرواحهم أنفسهم. إذا كان هناك من لوم بخيانة أو تفريط، من الأجدر أن يوجه إلى الحكام الرومان لا إلى محكومين منهكين ومغلوبين على أمرهم. رغم ذلك لا زال هذا اللوم حياً وموجعاً بشدة إلى اليوم وأصبح يوجه- عن استحقاق مؤكد- إلى قطاعات متسعة من المصريين بعدما رحل عنهم الرومان والعرب معاً وأصبحوا لأول مرة منذ آلاف السنين هم سادة وحكام أنفسهم. هل هو الحنين إلى عصور العبودية؟

هل، كما لا يزال يظن الكثيرون، ما كان الإسلام سيدخل مصر إلا محمولاً على حد سيف عمرو بن العاص؟ هل الدفاع عن استقلال تراب الوطن حتى في وجه عدوان مقدس مثل الذي قاده عمرو بن العاص بنفسه كان سيخرج مصر للأبد من دار الإسلام؟ هل المناورة الدموية بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، أو المعركة المهلكة بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، أخرجت أي من الفريقين من رباط الإسلام، أو من تحت قبضة الثقافة العربية والحضارة الإسلامية؟! أنا أتساءل إذا ما عاد عمرو جديد اليوم وعرض على مواطني العراق أن يريحهم من طائفية المالكي، وعلى السوريين أن ينقذهم من وحشية بشار، وعلى المصريين أن يزيح عنهم شر الإخوان، هل- رغم كل المظالم والمآسي- سيدافع المواطنون عن تراب الوطن؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الأديان
- السيسي بونابرت
- عبدة الشياطين
- في البحث عن صهيوني عربي
- أنا بكره إسرائيل وبحب الدولة الوطنية
- في حب إسرائيل
- إيران القنبلة النووية
- مصر تحت الاحتلال
- للزوجة نصف ثروة الرجل
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (4- تركيا)
- بين القانون والقرآن والسلطان
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (3- قطر)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (2- طائر النار)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية
- الدولة العربية في خطر
- أفاعي إسلامية تبكي الدولة!
- السياسة بين الطائفية والعلمانية
- بين العري والنقاب
- لصوص لكن إسلاميين
- اتركوا الرئاسة قبل أن تضيعوا كل شيء


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عودة عمرو