أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية















المزيد.....

جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 16:47
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تقول الوثيقة العالميّة لحقوق الإنسان في المادّة 30: «ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أيّة دولة أو جماعة أو أي فرد، أي حق في القيام بأي نشاط أو أي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحرّيات المنصوص عليها فيه».

وقد سمح المشرّع الدولي بإخضاع حرّية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده «للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضروريّة لحماية السلامة العامّة أو النظام العام أو الصحّة العامّة أو الآداب العامّة أو حقوق الآخرين وحرّياتهم الأساسيّة»، كما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة المادّة 18 الفقرة الثالثة.

وقد جاء تأكيد لهذا المبدأ في المادّة 14 فقرة 3 من معاهدة حقوق الطفل. فلا يحق للأهل أن يفرضوا عليهم تصرّفات تخل بصحّتهم لأسباب دينيّة.

ويقول إعلان جنيف الصادر عن الرابطة الطبّية العالميّة: «لن أسمح أن تؤثّر على واجبي تجاه المريض إعتبارت العمر أو المرض أو الإعاقة أو المعتقد أو الأصل العرقي أو الجنس أو الجنسيّة أو التحزّب السياسي أو المستوى الإجتماعي». وهذا يعني بأنه لا يحق للطبيب إجراء ختان إلاّ إذا كان هناك سبب طبّي، مستثنياً الأسباب الثقافيّة والدينيّة.

وعليه فإنه في حالة تصادم معتقدات الأهل أو الجماعة مع مصلحة الطفل، يجب أن تعطى الأوّليّة لمصلحة الطفل. فليس كل ما تنص عليه الأديان أو الثقافات يتّفق مع مفهومنا اليوم لحقوق الإنسان. والقواعد الدينيّة قد تبقى نصوصها على ما هي ولكن المجتمع يجمّد مفعولها، كما هو الأمر مع قاعدة العين بالعين والسن بالسن التي جاءت في التوراة والقرآن. ولا أحد اليوم في الأوساط اليهوديّة والمسيحيّة يقبل بهذه القاعدة التي تنتمي إلى العصور الماضية. كما أن كثيراً من المسلمين قد تركوها. وهناك الكثير من القواعد الدينيّة المماثلة التي عفا عليها الزمن.

والمشكلة الخطيرة في هذا الموضوع تكمن في رفض المشرّع الدولي والوطني والمنظّمات غير الحكوميّة تطبيق هذا المبدأ على ختان الذكور كما على ختان الإناث، دون تبرير لهذا التمييز بينهما.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن ختان الذكور هو دمغة دينيّة لا تزول، حتّى وإن أمكن التخفيف منها من خلال عمليّة إستعادة الغلفة. فالطفل المختون يتحمّل مدى الحياة خيار أهله الديني له. وإذا ما أراد الشخص مستقبلاً إعتناق مبادئ دينيّة غير ديانة والديه، فإنه يبقى رغم ذلك حاملاً علامة الدين القديم في جسده، تلك العلامة التي لم يخترها. فيكون الختان في الواقع هو تعدّي على حرّيته المستقبليّة في إختيار الديانة التي تتّفق مع ضميره. صحيح أن الطفل هو إبن عائلة يهوديّة أو مسلمة، ولكن له الحق لاحقاً في تقرير الدين الذي يريد إتّباعه. وبتر الطفل يلغي حقّه في إختيار ما إذا يريد لاحقاً إتّباع دين والديه.

وليس من العجب أن تمارس ختان الذكور الطائفة اليهوديّة والإسلاميّة. فما زالت هاتان الطائفتان تأخذان بمبدأ الحرّية الدينيّة بالمعنى القديم، أي بمبدأ حرّية الدخول دون حرّية الخروج. فتعتبر الردّة عن اليهوديّة والإسلام في أيّامنا من الجرائم التي يعاقب عليها إمّا بالموت أو بالحرمان من الحقوق الأساسيّة. وفرض الختان هو تعبير لهذا المفهوم. فهو علامة يراد منها إبقاء الشخص في الديانة. ونتيجة لهذه النظرة التسلّطيّة، تعتبر هاتان الطائفتان نقد الختان الديني تعدّياً على الحرّية الدينيّة للطائفة.

وهذا الموقف لا يختلف عن موقف أصحاب العبيد الذي كانوا يعتبرون حملة تحرير العبيد تعدّياً على ممتلكاتهم أو حتّى على معتقداتهم الدينيّة. ونضيف هنا أن منع ختان الإناث مع السماح بختان الذكور مع ما ينتج عن ذلك من مصادرة لحقّهم في تغيير دينهم هو في حقيقة الأمر مخالف لمبدأ عدم التمييز الجنسي في مجال الحرّية الدينيّة.

وقد يكون هناك إعتراض على من يرفض حق الأهل في ختان أطفالهم. فالمسيحيّون أيضاً يقومون بتعميد أطفالهم. وهم يعتبرون العمّاد علامة روحيّة لا تمحى. ولكن مثل هذا الإعتقاد لا يمنع الشخص المعمّد من أن يترك ديانته دون أن يرى أحد عليه مثل هذه العلامة الوهميّة. ونشير هنا إلى أن أعداداً متزايدة من المسيحيّين في الغرب يرفضون تعميد أطفالهم إحتراماً لما قد يختارونه مستقبلاً من ديانة. فيتركون لهم حق القرار في أن يتعمّدوا أو لا يتعمّدوا عندما يبلغون. وتجدر الإشارة هنا إلى أن القانون السويسري يسمح للشخص في الخروج من ديانته أو تغييرها بعدما يصبح عمره 16 سنة.

وبديهياً يختلف الختان بقطع عضو سليم، عن العمّاد بصب الماء على رأس الطفل. فالكل منّا يحمّم إبنه. إلاّ أن بعض الطوائف تتّبع أسلوباً خاصاً لإتمام العمّاد يمكن إعتباره إنتهاكاً لحق الفرد، مثله مثل الختان. فقد حضرت عمّاد طفل عائلة فلسطينيّة مسيحيّة أرثوذكسيّة في سويسرا. وقد عرّى الكاهن الطفل أمام الجميع وغطّسه ثلاث مرّات في جرن الماء. وكان الطفل يصرخ بأعلى صوته بينما تعالت الزغاريت من أمّه وأقاربه. وقد أخبرتني أمّه أن الطفل أصيب بقلق في نومه لأكثر من شهر. ولا شك في أن هذا الأسلوب مخالف لأبسط قواعد الرأفة. وقد نصاب بالجزع لو قام أحد بمثل هذا التصرّف مع قط أو كلب، فكيف يمكننا أن نقبل بمثل هذا التصرّف على طفل لا يعي ما يتم عليه؟ ونحن نحث رجال الدين المسيحيّين أن يؤخّروا العمّاد إلى ما بعد البلوغ أو على الأقل الكف عن مثل هذه الممارسات الضارّة بالصحّة النفسيّة للطفل. ونحن على كل حال لا نعترض على إقامة حفلة ختان رمزية للطفل اليهودي أو المسلم إذا لم يتم فيها بتر قضيبه. فهذا لا نرى فيه مخالفة لمبدأ الحرّية الدينيّة. وللطفل عندما يكبر الحرّية في أن يجرى عمليّة الختان على نفسه بنفسه، بالطريقة التي يريدها. ونحن لا نسمح للطبيب بإجراء مثل تلك العمليّة حتّى على البالغين لأن ذلك قطع عضو سليم مخالف لأخلاق الطبيب. ولنا عودة لهذه النقطة لاحقاً.

وأقرب شيء من الختان هو الوشم كعلامة دينيّة. فالأقباط مثلاً يقومون برسم علامة الصليب على ذراع أطفالهم. ولا شك في أن هذا مخالف لمبدأ الحرّية الدينيّة إذا ما أجري على قاصر. وسنرى لاحقاً بأن التوراة وبعض الأحاديث النبويّة تمنع الوشم. وإن كانت القوانين الوضعيّة حتّى الآن لم تتعرّض له، إلاّ أن صانعي الوشم يتورّعون من إجرائه على القاصرين دون موافقة أهلهم لأن في ذلك تعدّ على سلامة جسدهم قد يقود إلى ملاحقات قضائيّة. ونحن نرى ضرورة منع هذه العادة على قاصر لأنها تشويه، ولا نسمح به على بالغ إلاّ إذا قام به بنفسه.

وهناك من يقول بأن الأهل يفرضون التعليم المدرسي على أطفالهم. فلماذا لا يمكنهم أيضاً فرض الختان عليهم؟ ولكن هناك فرق بين فرض التعليم، الذي سيساعدهم في المستقبل حتّى يكونوا أعضاءاً مساهمين في المجتمع. وعدم فرض التعليم على الأطفال سوف يؤدّي إلى كارثة جماعيّة. بينما تأخير الختان ليس فيه مثل تلك المضرّة على المجتمع، لا بل إن المضرّة في ممارسته في صغره إذ يعرّض الطفل لمخاطر صحّية. صحيح أن بعض المجتمعات تنظر لغير المختون نظرة سيئّة وأن هذا هو السبب وراء خضوع الأهل لختان أولادهم وبناتهم. ولكن هنا يجب التدخّل لفضح وتغيير عادات المجتمع وليس لبتر الأفراد.

هذا وإن كان للختان علاقة بالجماعات الدينيّة والثقافيّة التي تعتبره عنصر إنتماء، وترى في رفضه تعدّي عليها، فإن الختان هو أيضاً تعدّي على حقوق يعترف بها المشرّع الدولي والوطني، وخاصّة الحق في سلامة الجسد والحياة، والحق في العرض، والحق في حرمة الميّت، كما سنرى في المقالات التالية.


--------------------------------------
كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة الختان 134: عقدة أُوديب... وعقدة سامي الذيب
- جريمة الختان 133: الختان والحقوق الدينيّة والثقافيّة الجماعي ...
- احمر يا بطيخ: خرافات الدين
- الله يعلن استقالته
- الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام
- هل سامي يتطاول على الله ويسب ابراهيم؟
- جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإن ...
- جماعة الإخوان الحمير
- لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
- جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
- جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
- جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
- علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
- جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
- جريمة الختان 127: منع ختان الذكور في العصور القديمة
- هل نمنع الكتب المقدسة؟
- جريمة الختان 126: علاج الآثار النفسيّة للختان
- دين تحت التجربة وبالمزاد العلني
- جريمة الختان 125: الأساليب الأخرى في توصيل المعلومات
- جريمة الختان 124: اسلوب الجد في توصيل المعلومات


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية