أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - لنا عبد الرحمن - فيروز التي تحترف الحزن والأنتظار















المزيد.....

فيروز التي تحترف الحزن والأنتظار


لنا عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 1172 - 2005 / 4 / 19 - 13:11
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


يتردد صوت فيروز" كانوا يا حبيبي....ثلج وصهيل وخيل .....مارق عباب الليل
وكانت أصواتن تاخدنا مشوار،صوب المدى والنار"

لطالما سألني أصدقاء غير لبنانيين" مين اللي كانوا" ومن تقصد فيروز ب" كانوا"،لم أفكر بالامر الا حين سئلت عنه، وأذكر انني في كل إجابة لي كنت ابتدع أحدا ما ليكونوا " هم " الذين تقصدهم فيروز،ولم احس ابدا أنني بذلك أزور التاريخ، او أنسب لفيروز والرحابنة شيئا لم بقصدوه، اذا لطالما ظلت فيروز بالنسبة للبنانيين إرث وطني لا خلاف عليه،فيروز التي ظل الجميع في زمن الحرب الأهلية، متفقين على ان يبدؤا صباحهم بها،لذا ظلت فيروز تلك القديسة التي تمسح أحزان الجميع،ويطرق بابها الجميع،لتفتح لهم وهي تغني" يا قلبي لا تتعب قلبك.....وتروح وترجع عبعلبك" اذ لطالما بهذه الإغنية ظلت بعلبك هي القبلة التي ترجع إليها قيروز،ويتوهج اللبنانيون نشوة لدى سماعهم صوتها حرا ينطلق مع المدى مؤكدا أنها " بتغيب وبترجع على بعلبك"

وفيروز التي إحترفت الحزن والأنتظار عشرين عاما، تنتظر الآتي ولا يأتي،عابرة من بوابة الدموع الى صقيع الشمس والبرد،ظنا منها أنها وحدها في زاوية الحنين ،لا تدرك أنها بشالها الأثيري،وسحرها الغامض،بارتجافاتها التي تترك ظلا منها على الأرض،تستوطن تلك الأرض،وقلوب سكانها الذين يرددون بفرح طفولي عابث " يا قمر مشغرة ،يا بدر وادي التيم،يا جبهة العالي،ومسورة بالغيم،قولوا انشالله القمر،يبقى مضوي القمر،لا يطال عزه حدا ولا يصيب وجه ضيم" وكأنها بهذا الدعاء الذي تردده هي لقمر مشغرة،يردده الجميع مرة أخرى لها.
يتمكن المسافر،الغريب،من رؤية وجه فيروز الحقيقي أكثر في عيون محبيها،يتمكن اللبناني البعيد عن البحر والجبل،الذي لا يصادفه صوت فيروز الا لماما في تلك البلدان التي يعيش فيها،من معرفة كيف يرى غير اللبنانين فيروز أكثر،وتغدو الصورة أكثر حزنا عندما تصبح فيروز طرفا فقط في معادلة " الجبل والبحر،وبيروت" فيروز العرافة المتشحة بالأبيض لطالما ظلت رمزا لحب غائب،وألفة يبحث عنها الجميع، بشموخها الذي لا ينكر " أنا فزعانة تقوم عنجد تنساني... يمكن حبك جد بس أنا فزعانة"،من هنا يبدو من العسير على غير اللبناني، او غير المنتمي لبلدان الشام أن يتلقى فيروز بدقة المتعايش اليومي مع أغنياتها، تبدو الصور المركبة في أغانييها أيام الرحابنة مشوبة بالغموض والأرباك للمتلقي الذي لم يعتاد سماعها،وتمر الصور متجاوزا للحكاية التي تحملها، يتلقى اللبناني الغريب،صدمة عدم الأدراك لصور جمالية،وحكايا حزينة تمر بأغاني فيروز ولا تستوقف أحدا،حينها يداهمه حزن فيروزي عتيق حين يتذكر انه في قهوة عالمفرق،في موقدة وفي نار،نبقى انا وحبيبي ،نفرشها بالاسرار.......ويا ورق الأصفر عم نكبر عم نكبر......تخلص الدني وما في غيرك يا وطني....وبتضلك طفل صغير

.في خجل مراهق تجلس فيروز في القهوة البحرية،قريبا من الشاطئ،لا تشرب القهوة، لان فنجانها مكسور،تكتفي بتأمل حبيبها المأخوذ بالموج، الحبيب الذي كتبت أسمه على الحور العتيق،وكتب أسمها على رمل الطريق،لا تهمس بشوقها له،وتكتفي بأن تشرب من عينيه،ناقلة بصرها بين الموج الأزرق،وعينيه اللاهيتين عن سؤالها" لو بعرف حبيبي بتفكر بمين" ترحل هي تاركة الحبيب وحيدا،تسير في شوارع بعيدة،يتبعها صدى عميق يكشف عن حزن أزلي يصدح "الله معك يا هوانا يا مفارقنا" وهي إذ تنأئ بجراح روحها الشقية تركض بعيدا فلا تلتفت للوراء ولا لصوت يهمس لها" بحبك حتى نجوم الليل نجمة ونجمة توقع" لا تثق بكلمات هذا العاشق الراحل دوما،لأنها تيقن ان الحب سيخلص كالاحلام،وان القلب عندما يتذكر الوعد سيسخر بوجع من النجوم التي إنطفئت آخذه معها بريق حب خبا.
وفيروز الدافئة التي تفاجئك برعشة برد عندما يهلل صوتها " رجعت الشتوية...ضل أفتكر فيي..رجعت الشتوية" تعرف سر الحكاية وأن الأحباء "تحت الشتي تركوا بعضن" وأنهم سيبقوا وحدن مثل زهرة البيلسان ،تلك المرأة التي انتظرت في مواسم العصافير، وتركت قلبها مشرعا على المدى لتردد" شايف البحر شو كبير ،كبر البحر بحبك" ستسمع صوتها كلما سرت على كورنيش بحر بيروت،وسيفاجئك أيضا شريط لها مع سائق تاكسي عجوز،هي المتغربة مع قصص الريح،مع الحزن،والزهر،والصيف والبحر،ستجبرك على الانتظار معها أيضا وهي تحكي لك قصة " شادي" الذي ذهب مع الثلج ،ولم يرجع،هذه المرأة التي دقت على الشباك ليطل الورد وتسأله عن الحلوة الغائبة،تعرف جيدا أنها وحدها ستبكي مع الورد،وأن ما من أحد سيشاركها حكاية حلوة الحلوين التي خطفها الموت،هي التي تذكر الورد بطول الحكاية التي رحلت صاحبتها تاركة عطر ما في هذا الكون.
فيروز التي تجعلنا في حالة تساؤل دائم عمن يقتل الآخر اولا " الوقت أم الحب"، لم تتعال أبدا عن ذاك الأنتظار الدائم الذي تمارسه، هي رهينة للزمن،للانتظار ، تقرع الأبواب ولا تجد أحدا،تمر بالشوارع بالمقاهي،وكلها يقين،أن الشوارع ربما لن تعرفها لانها كبرت وهي بعيدة عنها،تلك المرأة السبعينية الشابة،الطفلة،التي تهلل "بتمرجح بقلبك" وهي تسعى لتحليق أعلى لترى القمر عبر مرجوحتها... تلهو تحت المطر بصخب كرنفالي لا تخجل منه تعلن بلا مواربة " أديش كان فيي ناس ،عالمفرق تنطر ناس،ويحملوا شمسية،وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني"" هذا هو الأنتظار الدائم الذي يسحب فيروز اليه " لتهتف " نطرت مواعيد الأرض وما حدا نطرني" " وصار لي شي مية سنة مشلوحة بهالدكان،ضجرت مني الحيطان"،إنه عتاب موغل في غربته لأناس لن يأتوا ويكتفوا بأن يجعلوا منها إمرأة تنتظر مواعيد الأرض على"..عموقف دارينا" إنها تمارس هذا الأنتظار بلا غرور أنثوي مراوغ ومترفع، تؤلف العناوين لمن غابوا...وعناوين أخرى مجهولة، وتغني لانها لا تريد أكثر من البوح،البوح والقول أنها وحيدة بلا منتظر،هي التي تنتظر دائما،وكأن الإنتظار صار عندها لذة ممتعة، يشوبها غموض المجهول ،جماله ورونقه، تنتظر الاشياء والأيام،وليالي الشمال الحزينة، هي عصفورة الساحات المنذورة للغيم والطرقات تحكي قصة أبواب ابواب ،شي غرب ،شي صحاب،شي مسكر،شي ناطر،تايرجعوا الغياب،هذا الأنتظار الصوفي ،المباح به،والمتورد بخجل في سماء رمادية يتحول مع فيروز من انتظار مرهق في ماديته،الى كيان يضخب بالحنين والحب،الحب الدائم الذي أعطته فيروز للعالم،وظلت هي في عزلتها تنتظر.



#لنا_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشوة
- مارشملو
- أغنيات عروس البحر
- إخر ورقة
- أعتراف
- احلام تغسل الماء
- افتح قلبك لتكسب مليون مشاهد.....ماذا وراء الكواليس؟
- لنغرق بحر بيروت
- عنب أحمر للمساء-قصة قصيرة
- ياسمين هندي
- قصة قصيرة-عشق آباد
- قصة قصيرة-موت الحواس


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - لنا عبد الرحمن - فيروز التي تحترف الحزن والأنتظار