أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مملكة المعنى الغامضة














المزيد.....

مملكة المعنى الغامضة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4081 - 2013 / 5 / 3 - 20:12
المحور: الادب والفن
    


مملكة المعنى الغامضة
****************
وكنت أتساءل اذا كان هذا شعرا ، فما كتبه المتنبي والمعري وأدونيس ودرويش باطل ، وما كتبه نزار باطل ، شعر مسطح ، حتى انك تقرأ آخر قصيدة في الديوان كأنك لم تبرح مقاطع أول قصيدة فيه . أين باقي موضوعات القصيدة ؟ أين ابدالات الصياغة ؟ أين فنون المجاز ؟ أين ثروة الصور ؟ أين صراع الحياة في جميع دواوين هذا الشاعر أوذاك ، انه ما زال في أول قصيدة ولم يكتب الثانية بعد ، رغم أنك أنهيت قراءة اصداره الرابع . وكأنه عاش ربع قرن في نفس الهاجس ومع نفس التجربة ، وبنفس الرؤية ، وبذات العبارة .
لا مانع أن يطمح أحد ما من أن يصير شاعرا ، لكن التعبير شعرا ليس هو الشعر ، ولا يمنحك وسام الشاعرية . الشعر موقف من الوجود ، رؤية ورؤيا ، انحشار في الحياة ، وغرق فيها ، ابتلاء جميل ، برغم النبال والسهام ، المحارب عليه أن يدخل ساحة الوغى بكل عدته وعتاده ، حتى الحرب الحقيقية لن تنتصر فيها اذا كنت فارغ الخيال والمخيلة ، فكيف بحرب الصور والكنايات والمجازات ؟ ، بل كيف ستنتصر على المعنى القريب اذا لم تمتلك تقنيات وأدوات الانزياح البعيد ؟ .
لست أنا من يقول هذا ؛ بل هو الجرجاني والجاحظ ، وابن قتبية ، وتودوروف ، وبنفينست ، ولوركا ورامبو وبورخيص . انه جمهور النقاد والشعراء والمبدعين ، قديما وحديثا، وكبار الشعراء ، هنا وهناك وهنالك ، اسألوا محمود درويش ونزار ، والسياب ، ومحمد السرغيني ، والطبال ، وكبار من بصموا الشعرية الانسانية ، العابرون للثقافات الكونية .
واذا كان الشعر كما يزعم الشعراء هو ماهية الوجود ، وزبدته ، فهل يمكن تصور ، هذه الماهية خارج كل تفاعلات الحياة ؟ خارج كل التجارب التي يمر منها الانسان . كيف اذن يمكن أن نرفع من شأن الشعر اذا حصرناه في زاوية واحدة ، سنُفقده خصيصته وسمته الأساسية كونه ماهية الوجود ، وكما يوجد في الوجود ظلام يوجد نور ، وكما يوجد فساد يوجد صلاح ، وكما يوجد زهر ، يوجد زبل ، وليس الأمر هنا تعبير عن ثنائية مانوية عقدية ، بل هو بحث عن ماوراء هذا وذاك . واذا كان الكائن هو كل ما يمكن تصوره لكل شيئ يمكن التفكير فيه ،حسب التعبير الشهير لبرتراند راسل ، فان الشاعر يفكر فيما لايفكر فيه غيره ، ويتصور ما لايتصوره غيره ، وله من آلة ومادة الخيال ما ليس عند غيره ، وهذا ما يحث عليه باشلار . فهل بعد هذا الخصب والثراء يمكن أن نطلق صفة الشاعر على من دبج أوراقا بنفس الصياغة وبنفس الصورة وبنفس الموضوع ؟ .
حين جعل بودلير من الصورة القلب النابض للقصيدة وشريانها الأساس فهو لم يقل جديدا في حقيقة الشعر ، ولن يكون انتصارا للنقد العربي اذا أشرنا اليه باسهابه النقدي في هذه الحقيقة الجوهرية ، كما لا يمكن عرض كل من تحدث عن دور الصورة في الشعر قديما او حديثا هنا أو هناك أو هنالك ، فلولا الصورة ما ارتفعت أسهم الشعر ، وما انفتح أمام الكون فردوس الخيال .
ومن هنا كانت لغة الشعر لغة لا مثيل لها ولا تقارن بلغة فنون الكتابة الأخرى . أما الوصف والتعبير المباشر فقد يجده القارئ في أي كتاب آخر ، بل ان الرواية المعاصرة حاولت أن تمتح من لغة الشعر دفقتها الاستعارية ، وصورتها المركبة ، وقد أفلحت في بعض النماذج لكنها اخفقت في نماذج العديدين ، وهذا ما جعلها تؤوب الى لغتها المباشرة ,
وهذا ليس طعنا في قيمة الرواية وجماليتها اللغوية ، بقدر ما هو تنبيه الى سمة أساسية لا بد وأن تتأملها الكتابة الروائية التي تستعين بأداة من أدوات الشعر ، وهي الاستعارة المكثفة والبليغة ، كي تمنح نوعها بعض توابل الشعر دون أن تفقد خصوصيتها وجوهرها باعتبارها فنا مستقلا عن الشعر نظريا أحيانا وابستيميا أخرى
في احدى كتاباتي كنت قد اشرت الى أن منطقة المعنى ظلت أبدا عصية على الاختراق ، أبية على التدجين والاحتواء . لا يمكن أن نحتوي المطلق أو ندعي ذلك ، والمعنى مطلق بامتياز ويظل المعنى الكثيف والعالي حاضرا في الأشكال التعبيرية الأكثر رقيا ، ووحده ما يمنح للانسان شروط الرقي والسمو . ولعل هذا ما اشار اليه "رفائيل لولوش في دراسته القيمة عن خورخي لويس بورخيص حين نبه ، الى كون النقد الحقيقي لا ينبغي له أن ينكفئ عن مساءلة المعنى . وهو المنهج الذي فطن اليه التفكيكيون حين عمدوا الى الحفر عن طبقات النص في جهات متعددة وبأدوات نقدية عديدة .
لكن السؤال المحير بالنسبة الي هو ، لماذا بقي المعنى منطقة محرمة على المحو والتخريب رغم ما نشاهده من محاولات حثيثة لتدجينه واغتياله وتحويل مساراته المشرقة ؟ ألأنه يملك ما لاتملك الرسوم ؛ لغة كانت أو اشارات ؛ أو انه يعود الى ما يملكه المعنى من حرية ؟ ومن قدرة على المخاتلة والانفلات ، كأنه زئبق أو فكرة طائرة في فضائها الخاص ، ولا تمنح ذاتها ، الا لمن أخلص لها العشق والحب حسب الجرجاني وهايدجر ، وبادلها شرط الحرية التي تبنته منذ ولادتها المجهولة حسب بودلير وأدونيس ونزار قباني ومحمود درويش ؟ .
المعنى هو السماء المفتوحة على امتدادها اللانهائي ، انه سوبر نوفا اللغة ، التوسع الدائم ، والاحتواء الجميل .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاولت مرارا أن أصيح
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
- تأويل الأولين
- للغياب رائحة الموت
- القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
- البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية
- لعنة البترول
- ساكسونيا المغرب **
- النظام البرلماني بالمغرب
- المغرب ومنهجية الأزمة
- المقصلة لمن قال لا
- نحو اعادة دور المثقف
- وطن لا ككل الأوطان
- ما الذي يجري في العالم ؟
- قراءة في كذبة أبريل المغربية
- انكسارات الظلال
- الراعي والقطيع والهلاك الفظيع
- ابداعية الشعر والواقع المبدع -3-
- البحث عن الغائب الحاضر -3-رواية
- البحث عن الغائب الحاضر -2-رواية


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - مملكة المعنى الغامضة