أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - صناعة الأديان














المزيد.....

صناعة الأديان


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 21:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حتى لو أسلمت، افتراضاً، أن الدين قد أنزل هكذا نظرية مكتملة الأركان مطلقة من لدن إله خالق عليم في السماء، مع ذلك لا أستطيع أبداً أن أخفي حقيقة أن الإنسان هو الوحيد المتناول هذه النظرية الإلهية المطلقة والمتعامل بها والمستفيد منها، سواء فيما يخصه نفسه من أمور وأحوال متنوعة ومتغيره أو فيما يخص علاقته بالكون وبقية الكائنات الأخرى على الأرض. إذا كانت "النظرية" إلهية حقاً ومصنعة في السماء، لا يزال، في المقابل، "التطبيق" كله يجري على الأرض، بمشيئة وقدرة الإنسان. هكذا، في مفهوم الدين، إذا كان الله من جهته احتكر لنفسه صناعة "النظرية" المطلقة، يكون الإنسان في المقابل قد احتكر "التطبيق" بالمطلق أيضاً، إذ لا يجادل أحد في عدم وجود آلهة على الأرض لكي تتولى بنفسها التطبيق. هل بذلك يكون الإنسان شريكاً للآلهة في صناعة الأديان؟

في الواقع، تأثير الإنسان لا يقف عند حدود التدخل الكامل في التطبيق، لكن يمتد أيضاً إلى احتكار "قراءة" و"تفسير" و"تأويل" حتى النظرية الإلهية المطلقة ذاتها وتكييفها حسب ظروف وشروط ومتطلبات كل واقع مختلف. على مستوى النظرية، الصرح الديني كله مشيد بالأساس حول "كلمة" مقدسة، سواء بالوحي أو خلافه، مسجلة بالكتابة أو خلافه طالما كان الاعتقاد راسخاً في نسبتها ومرجعيتها في جميع الأحوال إلى الله وحده، دون شريك له. داخل هذا الصرح، تكون "الكلمة" الإلهية بمثابة النواة والبداية المعلومة، في عملية دائمة التغير وغير معلومة النهاية. حول الكتاب المقدس الواحد قد تكتب سنوياً آلاف التفاسير والمجلدات الشارحة.

هكذا تصبح حتى النظرية الإلهية المقدسة ذاتها- حتى مع التسليم بصحة افتراض أن نواتها معلومة ومنزلة حقاً من السماء على لسان الله- غير مطلقة وغير محتكرة لله وحده، ويصبح الإنسان شريكاً أصيلاً في التنظير، على مستوى التفسير والتأويل على الأقل، وفاعلاً ومتحكماً ومحتكراً بالمطلق للشق التطبيقي كله من أوله إلى آخره. بل في معظم الأحيان تكون "النظرية" الإلهية المطلقة ذاتها قاصرة عن بلوغ التطبيق المناسب من دون "تكييف" أولاً، على المستوى النظري، مع متغيرات الزمان والمكان المختلف. من ثم تكون الحاجة متجددة ولا تنقطع أبداً إلى "تفسير" و"تأويل" و"تكييف" النظرية الإلهية المطلقة، أو التنظير البشري النسبي للنظرية الإلهية المطلقة، أو استنباط النظريات النسبية الشارحة والمكملة للنظرية التي يفترض أن تكون "مطلقة"؛ أو، في قول آخر، "النظرية المطلقة" لا تستطيع أن تكون مطلقة، أي مكتفية بذاتها عن غيرها، لأن هي- شأن جميع النظريات الإنسانية النسبية الأخرى- في احتياج دائم إلى قراءة وشرح وفهم وتفسير وتأويل وتكميل من نظريات إنسانية نسبية. هكذا- على افتراض أن يكون القرآن من صنع الله، بينما الشريعة من صنع الإنسان- لا شريعة من دون قرآن، كما لا قرآن من دون شريعة.

إذا صح الافتراض أعلاه أن الإنسان يحتكر لنفسه بالكامل الشق التطبيقي للنظرية الدينية، بينما يتدخل فقط بالتفسير والتأويل والتكييف في بناء النظرية الإلهية ذاتها والمفترض أن تكون خالدة ومطلقة، هل بعد ذلك يمكن تصديق أن يكون دور الإنسان "سلبياً" في صناعة الأديان أو أن كلمة الله لا تزال "مطلقة"- مستغنية ومكتفية بذاتها عن كل ما عداها وصالحة لكل زمان ومكان من دون حاجة لأي مساعدة من الإنسان؟



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسي بونابرت
- عبدة الشياطين
- في البحث عن صهيوني عربي
- أنا بكره إسرائيل وبحب الدولة الوطنية
- في حب إسرائيل
- إيران القنبلة النووية
- مصر تحت الاحتلال
- للزوجة نصف ثروة الرجل
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (4- تركيا)
- بين القانون والقرآن والسلطان
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (3- قطر)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية (2- طائر النار)
- الإسلام السياسي في ميزان السياسة الدولية
- الدولة العربية في خطر
- أفاعي إسلامية تبكي الدولة!
- السياسة بين الطائفية والعلمانية
- بين العري والنقاب
- لصوص لكن إسلاميين
- اتركوا الرئاسة قبل أن تضيعوا كل شيء
- عودة الجيش المصري إلى الحكم


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - صناعة الأديان