أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صائب خليل - مسرحية يارة الصامتة














المزيد.....

مسرحية يارة الصامتة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1172 - 2005 / 4 / 19 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


(قال انسان لم اعد اذكر اسمه: اذا كانت الظروف هي التي تخلق الانسان, فلنخلق ظروفا انسانية.)

دفعتني المشاهد المرعبة التي ينقلها التلفزيون يوميا من العراق الى قلق عميق, واثارت عندي من جديد التساؤل القديم: ان كانت القسوة قد صارت جزءا لا يتجزء منا, وان كان العنف قد اخترق جلودنا لكثرة ما تشبع به محيطنا فوصل جيناتنا فاصبنا بمرض لا يرجى منه شفاء حتى ان رحلت اسباب العنف عنا.

ابدل ملابسي للخروج, وتدور في رأسي جمل من مقالة قرأتها توا للباحث حميد الهاشمي ومقولات للمربي العراقي الراحل علي الوردي عن تجذر العنف في الشخصية العراقية. أوكد لنفسي اني لم اجد فيها ما يقول اننا نرثه, لكن مع ذلك, فان احدا لم يطمئنني ايضا بتوكيد زوال هذا الوباء بزوال بيئته واننا لن نورثه لاطفالنا.

تقطع علي زوجتي افكاري وهي تستعجلني الحركة لاننا قد تأخرنا. كان هناك احتفال بسيط بمناسبة انتهاء دورة مسرحية للاطفال كانت ابنتنا يارة قد دخلتها قبل بضعة اسابيع في بناء قريب من بيتنا.

كنا قد تأخرنا فعلا.دخلنا الغرفة الصغيرة المظلمة ونحن نحاول ان لانثير اي صوت. وحين جلسنا اخيرا, انتبهت ان يارة كانت تجلس في اخر صف من كراسي يجلس عليها الاطفال الممثلون داخل المسرح, وهي تختلس النظر الى والديها بخليط من الاحراج والسعادة, فيما كان اطفال اخرون يؤدون بعض الحركات المسرحية الراقصة مع الموسيقى.

ما ان استقرينا على مقاعدنا وهدأ فينا احراج تأخرنا حتى كانت الفقرة الثانية قد بدأت.

قام الطفل الذي يجلس اولا في الصف وسار الى كرسي مضاء في وسط المسرح, وبدأ يقرأ جريدة بصمت, وقد وضع في فمه صافرة صغيرة. يصدر من الصافرة صوت يعلو تدريجيا لذبابة يبدوا انها تحوم حول قاريء الجريدة, الذي يتابعها بعينيه ثم يضربها بسرعة بجريدته, ويعود للقراءة بسلام.

قام الطفل التالي والتالي...وكل يبدأ بنفس الطريقة لينتهي بفكرة يبدوا انه قد ارتجلها لمسرحيته الصامتة (البانتوميم) تدور حول كيف يتخلص من الذبابة: واحد يسحقها بجريدته, والاخر يصفقها بيديه وثالث يسقطها ارضا ويبدا القفز عليها بحذائه.

وصل الدور الى يارتنا, فقامت تخفي ابتسامة خجولة, وجلست تقرأ الجريدة حتى جاءتها الذبابة نفسها ذات الارواح السبعة, التي قتل الاطفال ستة منها لحد الان.

نظرت يارة الى الاعلى حيث تزمجر الذبابة, وادارت رأسها يمينا وشمالا كأنها تبحث عن شيء. وفجأة قامت من كرسيها وخطت الى يسار المسرح بضعة خطوات, ثم التفتت واشارت الى الذبابة ان تتبعها.
يبدو ان الذبابة قد استجابت لها, فمشت يارة حتى نهاية المسرح, وفتحت شباكا خياليا في الظلام. اشارت الى الذبابة تشجعها على الاقتراب, ثم راحت تحاصرها بكفيها وتدفعها باتجاه الشباك المفتوح.
صوت الصافرة المتناقص يفهمنا ان الذبابة قد خرجت فعلا وذهبت في سبيلها ويارة تودعها باشارات يدها وابتسامة ودية على وجهها, ثم تعود لمتابعة قراءة جريدتها بسعادة.

انطلقت الاكف بالتصفيق في الغرفة المظلمة وقام الممثلون الاطفال ينحنون للجمهور الصغير, اما انا فكنت اطير فرحا وفخرا.
همست وانا احتضنها: " لحسن حظنا انه لم يستطع اختراق الجينات, لحسن الحظ انه لا يورث".
- ما معنى "يورث" يا بابا؟ وعن من تتحدث؟
- لاشيء يا حبيبتي...اردت فقط ان اقول ان مسرحيتك كانت رائعة.. وانها اسعدتني اكثر مما تتصورين.




#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بياع الخواتم وصحبه الكرام
- مهمات الحكومة القادمة: لكل معركة خيولها
- من يخجل مِن مَن؟ : دعوة لتجربة احترام طوعي للقانون
- هل كان السادات متخلفا عقليا؟
- ااشرف عبد الفتاح والسادات مرة اخرى, واصول الرد على كتابات ال ...
- بعض الناس يحس بالنقص
- التعامل الفعال مع ازمة الاردن
- الطلبة والعصابات والنكتة الايرانية: حول احداث جامعة البصرة
- تفجير الحلة مؤامرة اردنية عمرها اكثر من عام
- لبنان يكتشف دواء للسرطان
- ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم
- الاقناع المعكوس: حول قائمة الائتلاف والجلبي والقرارات العشوا ...
- اسئلة قبل نتائج الانتخابات
- نظرية الخونة الابطال لاسحق رابين واشرف عبد الفتاح
- ليس من السهل على ابو مازن ان يكون في شجاعة السادات
- رهان الديمقراطية الخطير
- سياسيون مصابون بنقص الحضارة المزمن: حول الشغب السياسي العراق ...
- من قررت ان تنتخب؟
- خطوط على وجوه المدن العظيمة: اثار الجيش الامريكي في بابل
- صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صائب خليل - مسرحية يارة الصامتة