|
ما يلزمهم مع الزائل
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 19:34
المحور:
الادب والفن
الجرحى في الظهيرة ...
أضعنا قرائن عظيمة في مصابنا ونحنُ نجهد من التحرّر عن أغطية البركان . المنجّمون الذين ظنناهم سيسعفوننا ، قصَّروا النهار وتجافوا فزعنا الذي أُريق على الطبيعة . لنا حظوظ فسيحة في نومنا بالصحراء الموائمة للملاحة ، لكنَّ من غطسوا في التماثيل المهدّمة التي عبدناها في الماضي ، تأخروا كثيراً وهم يقتفون آثار الأمل . وصل الى ديارنا شعب غامض من الجبابرة ومعهم أسوارهم وسجونهم . نشروا خيامهم إشارات فوق مخازننا وأحصوا موتانا في إبر الأساطير . أغلقوا قنوات الري وثقّبوا البسط التي نصدّ فيها ريح الافلاس ومنعونا تعطّشنا الى نبيذ الثأر . زنابق حقولنا الآن مريضة في غرامها بالعدو ، وغيوم الفجر بحاجة الى الرثاء . شُعل كثيرة في شفاهنا ماتت معطّرة في إرثنا المسلوب ، وما نترقّبه من إلهتنا عشتار البتولة ، ظلال أنصاب نوّسد عندها الجرحى في الظهيرة . طيش فراغ وتعفّنات تنظّمه قبائلنا في خصوماتها لبعضها البعض وتجهز على الأنفاس الأخيرة للسنبلة والنجمة والنبع ، ونوافذنا المتكسّرة مكشوفة لرواد الفضاء الذين يفجّرون الشمس في شراكتنا للأرض العليلة .
جوار الصاعقة ...
طقس محفوف بجسامة الخسارة ، نتقدَّم فيه بنكران يماثل الإبهام الذي نلجأ اليه في التعرّف الى موتنا . أشياء كثيرة ننفيها عن أيّامنا في الصقيع المتناوب والذي يغري الإثم الذي نرتاع منه في الدنو من الأفنان ، ولعثماتنا المزمورية بوصفها إشارة عيوب ، نؤهلها ونطلقها صوب الدروب المعكوسة للفردوس . من الفردي الى الكلّي نُشيِّد الأنصاب في النهار ونقدّم نذورنا بالتدريج الى آلهتنا التي تشك بإيمان آدم وحواء ، وفي انتظارنا لقنديل نيزك على صخور المحنة ، نعيش أحلامنا المتجرّدة من المرايا ونرسب في الامتحان مع المستسلمين . وسائط كثيرة نعرج فيها الى الأعلى من أجل تلمّس الفرو الأزرق للذين نضفي عليهم الشرعية في صلاتنا لهم ، لكن ما يتوالى علينا ونحنُ نترقَّب إثمار الشجرة ، أشرعة ممزقة وأجنحة يمام يهزّها السهر في هجير الآبار . تثبيت العدل عمل يومي للذين يتناوبون على تبرئة الأسرار من معاونتها للشيطان ، وكلّ ما نطمح اليه في تقدّمنا بالسنّ ، السكن الى جوار الصاعقة بالفة وترحاب .
إدامة الجرم ...
رعود عظيمة فوق صواري أنهارنا التي ترصّعها الشموع ، تبكي على الذين أشرق في وجوههم نور الله وغابوا . كلّ شيء بدا معوّقاً في نشداننا ضوء علامة أو نادرة في الزمن ، وما نعتلّ منه في حياتنا التي أُستعيرت منها النوافذ التي تحرسنا من البلايا ، لا يسندنا في نومنا على الصخور المطمئنة . الماضي الذي ركنّاه الى جانب الغروب في إيابنا من الصيد ، هبطت عليه خصلات كثيرة من الصقيع وأوثقته الأشباح طلباً لضوء الثواب ، والموتى الذين حصدوا فزعهم بين الأبنية المتراصَّة لعصمتهم عن ما يلزمهم مع الزائل ، أغوتهم عذوبة موتهم وانحدروا مع اللاشيء . كلّ طوق نطوِّق به قرابيننا الخربة ، يذعن للرياح وتصدح فيه الشهب التي لا تضيء العالم ، وبخلاف الشمس التي تُلمّع نصلها في نسيمنا الجنائزي ، نتوغل في الهاوية ونتكلّم بكنايات مع موتى العصور . أسلاف أشاروا علينا بإدامة الجرم ، ولم يحصّنوا إشارتهم الى أقصى الاسطورة .
الجمال فعالية حبّ عظيمة ...
صيَّادون في البرّية تُسيّرهم نياتهم الحسنة ، ينعزلون ضائعين بين العليق الجاف ويهبّ عليهم أريج الغفران . في تحرّرهم من اللحظة وهم يركعون لالتقاط ثمار ندمهم ، يتخلَّون عن الأشياء المأمورين بطاعتها والتي تُثقل كواهلهم . الحياة قصيرة ، والله الذي يفتقد الغرقى في خصوماتهم معه ، يضرب كلّ صيَّاد ببرق العشق ، والعشق رقية تجنَّب الانسان الدرب الموهوب للشرّ . حوَّلوا بنادقهم الى أشجار تنام فيها العصافير والأصائل . كبرت وتعدَّدت جمالاتهم ، والنعمة التي أسبغها الله عليهم ، جعلت الظلمة تتوارى عن نهارهم الخالي من الإشارة . فراديس كثيرة ضحَّوا عندها بكلّ ماضيهم وفكَّوا الأغلال عن القبور . الجمال فعالية حبّ عظيمة ، وجمال العالم من جمال الله ، والله من جمال المرأة .
2/ 5 / 2013
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الورم الجميل للحظة موتهم
-
بين السياج والبرّية
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
-
تماثل طقسي
-
قبل الطوفان وبعده
-
فتائل الهاوية
-
الاطاحة بالمراثي
-
في إنشاده لموته
-
ما يجاوز يأسنا
-
ما كُنّا نخفيه عن الموتى
-
مطالبهم في البرّية
-
المنحدرون من هاوية الحرب
-
دفن القتلى
-
الرسو في آبار اليوم
المزيد.....
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
-
“جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور
...
-
فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
-
بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema
...
-
NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|