أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سونيا ابراهيم - الشعور بالحب و الحياة














المزيد.....

الشعور بالحب و الحياة


سونيا ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4080 - 2013 / 5 / 2 - 06:35
المحور: سيرة ذاتية
    


-في لحظة واحدة-

لم أكن أشعر بالموت كثيراً مثلما تمنيتُ أن أذهب إلى النوم، و أنا أشعر بأن أحداً يحبني.. لم أكن أفهم هذه القسوة التي قتلتني بسبب صغر السن، و حتى كبرتُ و أصبحت غير مبالية.
الفتاة اللامبالية نضجتْ و ازدادت حدتها، و أصبحتْ تشعر كل مرة بأن الأمور تزداد غموضاً، وحتى أصبحت فاقدة السيطرة على غموضها، و مزاجيتها. كنتُ أنا غريبة الأطوار، وكنتُ أنا التي لا تهتم لأي عرض يتقدمون به إليها، و أنا التي ترفض الشعور بالشفقة تجاهها إلا جهلاً بما تمر، و مرتْ به! كنتُ كل هؤلاء أنا! آه.. لو يشعر أحدهم بنصف المزاجية، و الهروب من الواقع الذي كان يجعلني أمتلأ بالغضب كلما شعرت بأن أحداً فهم ما كنتُ قد رأيته في حياتي منذ الطفولة. البشاعة تكمن في وضع اللوم عليّ؛ لذلك شعرت بالضياع و التمزق.. لم أعرف يوماً معنى الحب و الاهتمام بي إلا كضحية مُستغلة، و صامتة إلى الأبد منذ الطفولة!

أكثر الأشخاص قُرباً هم من يتمنون موتك.. يعذبونك، يدعون عليك بالموت.. و لكنهم يطلبونك حياً و متيقظاً من جديد عندما يحلُ لهم استغلالك من جديد! الصمت، التمزق، الرغبة في التخلص من الغضب و من ثم الفشل .. مررت بكل هذا.. و الجميع كان متيقظاً.. و لكن أحداً لم يكترث.. من اكترثوا حاولوا.. و لكن لم يطل اهتمامهم .. و من علموا أصابوني بالصدمة؛ فقررت احترامهم و حافظت على المسافة عن بعد! لماذا أشعر بالاختناق، و بعدها بالذنب تجاه نفسي؟
أول صداقة جاءتني في مرحلة الاعدادية، شعرت بفقدان الأصدقاء عندما لم أمر مثلهم، بمرحلة النضج العاطفي.. معناه أني.. هل لصدمتي أن تعبر عني، و أنا أعيش بصدمات تملأ أطراف جسدي، عقلي.. احترامي لذاتي الذي انتهكوه أكثر من مائة مرة.. الطعنات غير مؤلمة، و لكن صداها في الداخل المعتم هو الأكثر إيلاماً.. و ماذا بعد! الألم الذي يُحيني هو قاتل، يُشعرني بالمرارة، و من ثم بالاختناق.. ذقتُ المرارة غصباً عني.. و كانت التوسلات من أجل حفظ كرامتي دافعاً لهم للاستمرار!

ما هو المهم بالنسبة لغيري مبنيٌ على شخصيتهم في الحياة، و معرفتهم بما مروا به بأنفسهم و تجاربهم بالحياة.. ما عرفته من الصبر أن مرارة الجراح لا تُسقى إلا لمن فيهم الأمل يكبر.. و بعد حين يتساءلون و يتساءلون: إن لم يتوقف ماذا نفعل؟ الألم كل مرة من نصيب هذه الجراح.. ما الداعي من أن نكون أقوياء؟ أهو خلق جديد لمتسع من الألم بأعماقنا؟ ما هو الجديد؟ الشعور بالحنق، و الاختناق بسبب الاستمرار في هذه الحياة؟ ما هو حتى الجديد إن مُتنا.. و نحن في كل مرة حاولنا أن ننجو فيها، ظننّا أن النجاة المستحيلة قريبة.. كنا –قبلها- غرقنا! ما الذي يمنعنا في ظل هذا الواقع الأليم -الذي تحملناه بمرارة و صبر شديدين- من أن نقول لدينا مشكلة في تواجدهم في الحياة؛ بل لدينا مشكلة أصلاً في عدم مساعدتهم على التخلص منا بأنفسهم؟ الشعور بالحنق يملأني.. أقلَ ما أصفُ بها نفسي هو أنني امرأة حانقة جداً على الحياة!

أعتقد أن تمزقي من أعماقي، و شعوري بأني غير مبالية جاء بسبب وعي بأن من بيدها أن توقف الكراهية بحياتي كانت هي نفسها والدتي، التي لم تكترث عندما فاخذني والدي، لم تتركه. كانت تصغِ إليه، و هو ينام في نفس السرير إلى جوارها، و هو يطلب مني أن اذهب لأغتسل بعد أن ينتهي من الشعور بنفسه بين فخذيّ.. كان يضع يده داخل سروالي.. و لما كنت أطلب منه أن يتوقف، كان يقول لي: أنتِ طلبتِ مني أن افعل لكِ هذا! أول مرة صرختْ والدتي، و هي ترقد معنا في نفس السرير.. كان يقول لها: المفاخذة ليست حرام مثل النكاح، لو طلبتِ مني هذا لكنتُ فعلته لك بالمثل! لما صرختْ.. علمتُ أنها لن تتركه؛ بل لامتني.. و سببتْ لي شعوراً قاتلاً بالذنب.. أنها لو ماتت لكان أفضل بالنسبة لي من بذائتها، و رغبتها بالخلاص مني بالموت لترتاح مني.. من هي.. من أنتم؟ وحوش؟ لهذا السبب لم و لن أذرف دمعة على وفاته.. يا للصدمة.. الوحيدة بين بناته لم تذرف و لا دمعة، و لم تشعر أسفاً إلا بسبب قدر الآلام التي تركها تعاني منها بصمتٍ منذ الطفولة.. من يعلم أيضاً ماذا يخبئ لنا القدر.. المزيد من الألم.. أم سيتبقى لبعضهم رؤية العدالة.. كنتُ أنا الضحية دوماً التي يجب عليها أن تتعلم معنى واحد لطول الانتظار! كنتُ أنا هي الضحية.. و إن مات هو.. و إن كانت ستموتُ هي.. فإن قدر كبير من الجراح سيظل حياً داخلي لا أنساه مهما حييت في هذه الدنيا.. لن أنسى ما ارتكبوه بحقي مهما حييت.. و إن كان هذا السبب الوحيد الذي يذكرني بمماتي منذ أن كنتُ طفلة صغيرة في حياتي..



#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب و الوباء
- غزة.. جحيم من نوع آخر للنساء، و الأطفال
- هل يحتاج الرجل العربي لإعادة تعليم؟
- الثواب و العقاب من منظور ديني
- مدينة يحكمها الشيطان
- قسوة الأم
- لماذا يخاف الرجل الفلسطيني من المرأة – 2-؟
- هل تكره بعض النساء الفلسطينيات أنفسهن؟
- عزيزي أيها الرجل الخائن
- لماذا يخاف الرجل الفلسطيني من المرأة؟
- المحكمة الشرعية و ازدراء المرأة في الإسلام
- الزواج و الاشباع Marriage Satisfaction
- علاقة الجنس و الإنجاب بالنضال الفلسطيني
- هل تزداد نسبة الراحة و الطمأنينة في واقع المجتمعات المتدينة ...
- في الوجه الآخر عملة جديدة
- مثل أي شئ يُفقِد الشهية.. هلوسات غزية ممكنة
- الحقيقة المُرة.. لا أَمَلُّ من المحاولة
- من الحقيقة المُرة ما يسمونها جرأة
- بين مازوشية السلطة الوطنية الفلسطينية و سادية حماس - لا أحد ...
- هل يحتاج الشباب العربي للدولة أم للجنس؟


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سونيا ابراهيم - الشعور بالحب و الحياة