أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - سمو الدين وسمو السياسة














المزيد.....

سمو الدين وسمو السياسة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 23:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النظرية: الدين والسياسة يسموان بذواتهما كممارسات قابلة للصحة والمرض ، فكلاهما سلوك يجتمعان في طبيعة واحدة عنوانها ..(الاعتقاد والعمل).. ويفترقان في إسقاطين عنوانهم..(المجتمع والدولة)..فالطبيعة سلوكية بنائية تكشف ماهية الاعتقاد والعمل وأهليتهم للتعايش والإصلاح...أما المجتمع والدولة فكلاهما تقدميين ويخضعان للمتغيرات الكونية -العلمية منها والنفسية- باستمرار.

الشرح: الدين هو علاقة تنظيمية بين العبد وربه يتفرع منها علاقته بنفسه وبالآخرين، لذلك فالدين يشمل علاقة العبد بربه وبنفسه وبالناس..وهي علاقة متكاملة وهي أساس الفكر والسلوك الإنساني بوجهٍ عام،أما السياسة فهي ممارسة سلوكية إدارية تنظيمية.. تخضع للدين من وجه شمولية وتكامل العلاقة بين العبد والغير..لذلك فأنا أؤمن بأن الدين والسياسة واحد وليسا اثنان..وما يشوب هذا الفصل من أوهام هو الخلط بين مفهومي..(السياسة والدولة)..فالأول سلوك أما الثاني فهو كيان..ولنا في ذلك وقفة عند التعرض لإسقاط المجتمع والدولة..

في تقديري أن الفصل بين الدين والسياسة ضروري حين الخلط بينهم، بحيث يجري إهمال إسقاطات المجتمع والدولة..فالعقول التي تنتبه لماهية هذه الإسقاطات تكشف ماهية الدين والسياسة على حقيقتهم، أما التي لا تنتبه –وهم الأغلبية-فهي تمارس السياسة من إطلاقية الدين، وبالتالي أصبح كل معارض مشكوك في دينه من وجه أنه يعارض تلك الإطلاقية وهذه الصورة الدينية السَمِحة التي يتصورها..وهذا التصور غير صحيح، لأن المعارض- في الغالب -هو يصنع رأيه من حقوقه التي يرى الآخر أنه سَلَبها أو انتقص منها...لذلك فالآخر يراه من سلوكه..أما هو فيرى الآخر من دينه وهُنا يجري إهمال السلوك والذي هو أصل الدين والسياسة معاً.

بمعنى أوضح أن الإنسان يخلط بين الملاحظة والتجربة.. أنا الآن بإمكاني أن ألاحظ أي إنسان بأنه.."قِرد"..ولكن هل هو قرد؟!..بالتجربة أستطيع استبيان ذلك إما بالخطاب أو باللمس أو بالمراقبة..ولكن لا تكفي العين للتجربة فقد تخدعك عينك وتظن عباءة القرد هي حيواناً حقيقياً...وهذا ما قصدته بأن الفصل ضروري حين يتجاهل المرء إسقاطات المجتمع والدولة، فيعمل على مُلاحظة الآخر والحُكم عليه من تلك الملاحظة وليس من التجربة، لأن التجربة لديه حينها تعني الشك في دينه، والعامة بالعموم وأغلب المثقفين لا يشكون، لذلك فالفصل بين الدين والسياسة لهؤلاء هو واجب للتعريف أولاً بأهمية الفصل بين السياسة والدولة..ثم بيان ماهية وطبيعة كل مفهوم على حِدا..وفي تقديري أن ضرب الأمثلة الحية من الواقع هو الطريق الأمثل لشرح هذه المفاهيم.

أما المجتمع فهو مجموع الناس التي تعيش في إطار دولة أو تنظيم أو منطقة ويحققون فيها مصالحهم وثقافتهم..أما الدولة فهي كيان إداري يُنظم حياة الناس ويعملون عن طريقه لتحقيق مصالحهم داخل إطار حدود جغرافية أو ثقافية معروفة..ومن هذه التعريفات نرى أن كلاهما كيان يعمل على تحقيق مصالح الإنسان وتنظيم شئون حياته...وأحياناً ما نرى مجتمع بدون دولة، أو دولة متعددة المجتمعات والثقافات، بل وحتى متعددة الحدود الجغرافية..وهذا ما دفع الإنسان للبحث عن مؤسسات إدارية تجمع هذه الحدود بداخلها بحيث يسهل السيطرة عليها..

هذه الكيانات مهما بلغ الخلاف حولها وحول تعريفاتها وفهمها هي كيانات غير نسبية، أي أنه لا يصلح أن تكون دولة هي دولة أخرى بل هي مُطلقة في ذاتها، لها قوانينها وحدودها الخاصة، وحين تتغير فتُصبح ذاتاً أخرى غير الأولى..ولا يجوز أن أرى مجتمعاً أو دولة بمعلومات مسبقة تنزع صفاتهما عنهم..مما يعني ذلك بأن تلك الكيانات هي كيانات ثابتة في ماهيتها وليست متغيرة، ولكنها تخضع للتغيير من حيثية عقل وسلوك الإنسان والذي هو عماد المجتمع، فيقوم الإنسان بتغيير طبيعة وشكل هذا المجتمع أو الدولة بسلوكه....ومن هذه الحيثية لابد فيها من الفصل بين الدين-كاعتقاد وسلوك-وبين هذه الدولة-ككيان إداري.

بمعنى أن سلوك الإنسان نسبي في ذاته من حيثية إدراكه وتبصّره للحقيقة، وبهذا يجوز أن يمنع حقوق غيره المتعددة، فهو لا يراها حقوق، ولكنه يراها لوازم لإدارة وتشكيل دولته، ومن هنا يفترق الدين عن الدولة، وأن الفصل واجب لئلا يمنع هذا حقوق الآخرين، وأن عمليات إدارة وتشكيل الدولة لا يجب أن تحدث بتجاوز الحقوق، بل بالفصل بين الاعتقاد الديني –ومنه السلوك-وبين الدولة ككيان جامع مانع للظُلم وراعي للمصالح ومُنظّم لشئون الجميع.

الخُلاصة: أن سمو الدين من سمو السياسة، لأن السياسة دين، والدين سياسة..ولكن بسلوك الإنسان ينزع نحو الطمع والسيطرة، ومن هذا السلوك لابد وأن يكون الاعتقاد الديني منفصل -كعقيدة وسلوك- عن أي عمليات إدارية أو تنظيمية داخل إطار الدولة..وأن لا تكون أي مؤسسات في الدولة لها الصفة الدينية لأن عملها هو بالأصل عمل بشري قابل للتطبيق الخطأ والذي قد يكون مبنياً أيضاً على الفهم الخطأ...وأن الفصل بين الدين والدولة هو واجب لحماية تعدد الثقافات التي تضمنها تعريف المجتمع والدولة، فالثقافة تتضمن الأفكار والأديان والمذاهب والأيدلوجيات جميعاً، ورعاية وتطوير هذه الثقافة يتطلب عدم تفضيل مبدأ على آخر أو فكرة على أخرى..بل يجب تضمين الجميع داخل إطار الدولة ورعاية مصالحهم.



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكذوبة خير القرون وتأثيرها على خريطة الأفكار(3)
- أكذوبة خير القرون وتأثيرها على خريطة الأفكار(2)
- صراع الإخوان مع القضاء المصري
- من يوميات حمار حكيم(3)
- من يوميات حمار حكيم(2)
- من يوميات حمار حكيم(1)
- أكذوبة خير القرون وتأثيرها على خريطة الأفكار
- كفوا عن التجارة بالدين
- نحن قومُ لا نخطئ
- باسم يوسف عبقري وليس إلهاً
- كان ياما كان..كان فيه ثورة في سوريا
- حقيقة صيام يوم عاشوراء في الإسلام؟
- حقيقة العين والحسد في الإسلام
- أزمة مصر في مستنقع الكهنوت
- محمد مرسي وفلسفة الاستعباط!
- التحرش الجنسي في مصر..بين الثقافة والحب
- ابحثوا عن الجاني الحقيقي..حماس بريئة..
- شهادة لله وللتاريخ...بصفتي إخواني سابق أقول:
- رأيي المتواضع في الأحكام الخاصة لشهداء استاد بور سعيد
- هل تعلمون السر وراء خلاف الأزهر مع الإسلاميين؟


المزيد.....




- أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
- خلل -كارثي- في بنك تجاري سمح للعملاء بسحب ملايين الدولارات ع ...
- الزعيم الكوري الشمالي يشرف على مناورات مدفعية بالتزامن مع زي ...
- الاحتلال يقتحم مناطق في نابلس والخليل وقلقيلية وبيت لحم
- مقتل 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
- بالصور: زعيم كوريا الشمالية يشرف على مناورات -سلاح الإبادة- ...
- ترامب يفشل في إيداع سند كفالة بـ464 مليون دولار في قضية تضخي ...
- سوريا: هجوم إسرائيلي جوي على نقاط عسكرية بريف دمشق
- الجيش الأميركي يعلن تدمير صواريخ ومسيرات تابعة للحوثيين
- مسلسل يثير غضب الشارع الكويتي.. وبيان رسمي من وزارة الإعلام ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - سمو الدين وسمو السياسة