أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوار حميم مع إمبراطورة مدهشة....!















المزيد.....

هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوار حميم مع إمبراطورة مدهشة....!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 22:53
المحور: الادب والفن
    


هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة

وقائع حوار حميم مع إمبراطورة مدهشة....!



أنى ذكر أمامك اسم"قصرالزّبَّاء"، لن تشك البتة في أنه أحد قصور ملكة تدمر"زنوبيا"، أو المحاربة التي تجيد رمي القوس، أو ابنة المشتري، كما يمكنك أن تترجم اسم ملكة مدينة تدمر، وهي كما ستعلم ليلى أو نايلة ابنة سالم بن عمرو بن الظرب بن حسان ابن أذينة بن السميدع أحد رؤساء عشائر الفرات الأوسط"272 م"، حتى وإن التبست هوية "صاحبة القصر" باسم بلقيس ملكة سبأ، أو أية زبّاء أخرى، لاسيما وأن كلمة الزّبَّاء قد تحيل إلى مفردة" الظباء" ج.ظبي، وهو احتمال قد لا تقتنع به، لاسيما وأن تحويل الظاء إلى الزّين لدى العربي أمر مستبعد، أو أنها وردت من كلمة الزّبى التي تشير معجمياً إلى أعلى درجات السيل، وقد قالت العرب" بلغ السيل الزّبى" كما قيل في تفسير الاسم هنا من قبل بعضهم،، حيث ترسم في مخيلتك صورة هذا المكان الإماراتي، قبل أن تتعرف على تفاصيله، عن قرب، مكتفياً بذلك الجسر بين عرين تلك اللَّبوة السورية- في مهادها الأول- وأحد ممراتها، أو عنوانات مرور خيل جندها الشجعان، في إطار دورتهم في مكانهم الأوسع، وهو ما تستكشفه بوصلة المؤرخ في إشاراتها الخاصة، وهي تقتفي أثر هؤلاء، كي يرسموا بذلك أثر خطا ملكتهم التي أطبقت صدى اسمها الآفاق، في الجهات جميعها.

تضع بين يدي سائق الجريدة الآسيوي خريطة رحلتك الإطلاعية، كي تمحو الحدود بين ثلاثية صورة الخيال، والمكان الأول، مهاد الزّباء، وأحد أمكنتها التي تثير من حولها بعض الأسئلة، أو الغموض، كي تصوغ قراءتك الذاتية، كمعاين، أو باحث عن نسخة الرائحة التي تلم بها، تقارنها ببقايا رائحة تمت إليها بنسب واقعي، أو افتراضي، وهو ما يشغلك منذ بضعة أيام، منذ أن تنطعت لرفع ما يلزم من غبار، كي تدلي بدلوك في المبحث الإشكالي، وقد تخطأ أو تصيب، شأن عدد ممن سبقوك إلى تناول هذا المكان، تقطع سيارة الجريدة المسافة مابين الشارقة ورأس الخيمة، كي تتوجه بعدها صوب قرية شمل، وهي تحضن سفح الجبل، شاهقاً، مرتفعاً عن سطح البحر، على نحو حاد، في أمتاره الثمانين، هنا: شمل، يقول السائق، وذاك القصر الذي ترومه.

توزع النظرة بين البيوتات في المنحدر، حيث نقطة عناق الجبل والسهل، وذروة الطود الصارم على بعد أقصر مسافة ممكنة، حيث الاستظلال بفيئه من قبل الشّمليين، حيث يلفت نظرك أن لا أثر للقصر المنيف الذي يليق بالملكة الافتراضية التي مرت من هنا، ذات انتصار وألق، كي يحدثك أحد أبناء المكان، وهو يقلص المسافة بين زمان اللحظة التي تنزلق من بين أصابعي، وزمان الحياة التي كان يحتضنها القصر، وكأن الحكاية التي يرويها على مسمعك قد حدثت قبل ساعات-فحسب- وأنه ليس بينكما حوالي ألفي عام، مرت الجغرافيا والتاريخ بتحولات هائلة، قبل أن يكونا على ما هم عليه الآن، في الكتب، والذاكرة، و الحياة. وحين تسأل محدثك عن الطريق إلى القصر، يطلق قهقته، قائلاً:

لابدّ ستتفاجأ، وأنت تصل إلى مقربة من قصر الزّبّاء، عندما تجد أن الأثر الذي بقي منه، يكاد لا يتعدى مجرد بقايا ملامح سريعة، و هو الكلام الذي قرأت عنه من قبل، وليبين لك، أن أقصى نقطة وصلتها السيارة-هي هنا-حيث التقيتم- لأن عليّ أن أصعد الجبل عبر درجات حجرية، تظهر لك عليها آثار سنوات قريبة، بل لا يتلكأ السائق الباكستاني في قراءة بعض المفردات المتروكة على إسمنت الدرج، قائلاً: إن هذه العبارات المدونة، كتبت بلغته الأم، ولعله أحدث أثر موثق، في سياق الأثر الذي تقف أمامه.

الدرجات المتعرجة، ليست سهلة السير، حتى وإن كان تعرجها يبدد حدة الارتفاع، بيد أنك تضطر إلى الوقوف مرات عديدة، في استراحات متفاوتة الطول، قرب أشجار السدر-المتعبة من حراستها اليومية- كما يخيل إليك، قبل أن تصل المكان، يفرُّ منك الماعز، وكأنه يسخر من مشيتك الوئيدة، تلتقط أنفاسك في كل استراحة، وتكاد عزيمتك تخور، مدركاً أن على سالك الجبل أن يكون معنياً برشاقته، ثم تقفز مخيلتك بعيداً صوب سكان القصر، لتفكر كيف أن أمر صعود الجبل كان لديهم بمثابة رحلة يومية جد بسيطة، وإن كان للاستقرار في أعلى الجبل دلالات كثيرة، لا تغيب عن بالك، وفي مطلعها هامش الأمان الذي يوفره ذلك العلو في وجه أي خطر داهم، لاسيما في زمان كزمان بناء القصر. توزع لهاثك- في أقصى درجاته- على درجات المكان، تصبح وجهاً لوجه مع المكان، غير مصدق أن هذا هو مكانك المنشود، ما يدفعك لأن تستطلع بعينيك بعيداً، لعلك تستطيع أن تعثر على قصر ضائع لن يكون هذه الأطلال التي تقف عليها، وقد اندرس أكثرها، فلم يبق إلا بقايا أحواض ومخازن مؤن وبئر ماء، وأسوار يقارب ارتفاعها المتر الواحد، تحاول أن ترتبها-كلها- ممعناً النظر في الحجارة المستطيلة، وما تقاربها من أشكال أخرى، كي تبعث الروح في المكان. وبعد أن تلتقط أنفاسك-من جديد- تحاول أن تسير بحذر تام، لتقرأ بقايا ملامح المكان، على نحو أوضح، تسترجع صورة مقاربة من صورة الأمس، كي تعيد هندسة القصر، مستعيناً بمخيلتك، في هذه المرة: هنا أم قاعات القصر، هنا مكان الجند الحراس، هنا خزان الماء، هنا ديوان الملكة، هنا مخدعها، ثم تحاول استحصال هوية المكان، أهو حصن، وثكنة عسكرية، ومركز مراقبة، أم هو مجرد نزل، أو محطة في طريق تجارية ؟، أم مجرد قصر؟، أم أنه يجمع بين القصر والحصن، كما أطلق سواك السؤال، من قبل، تستعين بما لديك من معلومات أولى عن العمارة الإسلامية، وقريناتها، والسابقات عليها، واللاحقات، كي تجد بعضاً من ملامح كل عمارة، وما القبو "المدبب ذو المقطع الرأسي" إلا مجرد ملمح إسلامي، تحتاج إلى معرفة زمان إنجازه، وهل كان ذلك في لحظة ترك هذه البصمة كلها، أم هو بصمة إضافية، تمت في وقت لاحق، وكل هذه الأسئلة، لا تعد سوى مكرِّرلها، بعد أن قالها آخرون، أموا المكان من قبل، ومعهم أقلامهم، وكراريسهم، بل وأزاميل حفرهم المعرفيِّ والآثاريِّ...!؟.

تمضي الكثير من الوقت، وأنت ترمي بصنارة أسئلتك على فضاء المكان، و هو المشرف على الخليج، والموصول به عبر أقنوم عسكري، تتبعه الدارس، من قبل، غير أنك لا تستطيع إلا أن تضفي بعض الإضافات الشحيحة، في دنيا المبحث عينه، مادامت هذه الشخصية محاطة بأساطيرها، وخرافاتها، وحكاياتها، وأسئلتها الهادئة، هذه الأسئلة التي لا يفتأ ابن المكان يحسمها: إنها زنوبيا بلاد الشام لا غير، وهي رواية لا يستهان بها، لاسيما في ما لو تسلحنا بمعرفة عوالم عصر هذه المرأة الفولاذية التي تركت أثرها في التاريخ، حتى وإن راحت سبياً في آخر المطاف، كي تتحول إلى رمز يثير فينا روح التشبث بأمكنتنا، أينما كنا، متوجسين من شهوات الآخرين التي لا تفتأ تروم ابتلاعنا، وهي بعض معادلة الصراع، في ظل سؤال ابتلاع خرائط الآخرين المفتوح، وحضاراتهم.، وهي أسئلة ترافقك، وأنت تفكر بالنزول، إلى الزنار البري المحيط بالجبل، حيث السيارة التي تنتظرك، واثقاً أن تعب النزول أقل وطأة وألماً، ما يجعلك تطلق سؤالك: متى تبث الروح في هذه العلامة الأثرية، ليعاد إليها بعض ألقها، ولئلا يكون الوصول إليها مجرد مغامرة مضنية لصحفي، كهل، مثلي، أو زائر مدفوع بحاجة الاستطلاع، وهو حق مشروع له...؟!.



-بثُّ الحياة، في الأثر المستمر، مهمة على كواهلنا جميعاً، في كل زمان ومكان...!.



* من مخطوط" أمكنة تجرُّني إليها..." استقراءات جمالية "

جريدة الخليج29-4-2013



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماردالإلكتروني في انتظارقانونه الكوني
- وديعة الأجيال الكبرى
- موعد مع صديقي الكاتب..!؟.
- أبي، والقلم، والبارودة، وعيد الصحافة
- الأصدعاء وسوريا التي تصلب كل يوم
- الكتاب سفيراً فوق العادة:
- فصل لم ينته من- كراسة الحكمة-
- ذاكرة -غوغل-
- دستورالكاتب
- المثقف الكردي الريادي ورهانه الأكبر..!
- الكاتبُ والهمُّ اليوميُّ..
- أولويات الكتابة
- خطاب القيم العليا
- قصيدة بلون الحياة
- التجربة والإبداع الأدبي
- النص المفتوح
- جمالية الفكرة
- بيبلوغرافيا الكاتب
- أسئلة أبي العلاء المعري الكبرى
- على عتبة العام الثالث للثورة السورية:ثلاثية المثقف/ الثورة/ ...


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - هكذا التقيت مواطنتي السورية في الغربة وقائع حوار حميم مع إمبراطورة مدهشة....!