أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - العراق: حالة اعاقة دائمة !















المزيد.....

العراق: حالة اعاقة دائمة !


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو تاريخ العراق الحديث ، كما لو كان تراكما ،لا نهائيا ، من المشاكل التي تركت دون حلول . مشاكل تنفتح على ، اخرى ، اكثر تعقيدا او تفضي الى عواقب اوخم . و مشاكل تحل بالهروب، منها الى الامام . بافتعال مشاكل اخرى ، والانغماس فيها او العكوف على حلّ وهمّي لها ، بغية اهدار الوقت واستنزاف الجهد ! يحّف بهذا ويواكبه ، انبثاق مستمر لمشاكل وتحديات ، اخرى جديدة . وفي خضّم ذلك ، وبسببه ، يبدو العراق ، بالرغم من كل امكاناته ، فقيرا وبائسا وملعونا بالاضطراب واللا استقرار ، بالنسبة لمعظم جيرانه ، سواء من البلدان والشعوب التي تعاني من شّحة بل وندرة الموارد ، او تلك التي كانت ، حتى الامس القريب قطعة ،خالصة، من بداوة غابرة . انه بلد ، بالاحرى، شعب ، يعاني من اعاقة دائمة !
ان التحديات الاولى ، التي واجهت الدولة العراقية الحديثة منذ انشاءها ، ما تزال كما هي ، دون تسّوية او حل ، بل ان بعضها تفاقم ليتخذ شكلا او تحديا خرافيا ، فالمدينه والحاضرة ، مثلا، والتي اعتمدت اساسا للتحديث والتمدن ، اندحرت ، في مواجهة الريف ، واصبحت لدينا مدن وحواضر تتّريف على وجه السرعة وتتغنى بالعودة الى البداوة . والعشيرة ، التي اريد لها ان تنصهر في اطار الهوية الوطنية ، ابتلعت وتمثلت هذه الهوية التي تتشبث ،الان ،بالبقاء ،متوسلة، العشيرة، !! التي تقف اليوم ، بعد قرن من الزمان ، تقريبا ، بنفس الندّية والضراوة التي واجهت بها الدولة الحديثة ، في بواكيرها . والمرارة التي تكلم بها "فيصل الاول " عن دولة ليس لها من القدرات العسكرية ما للعشائر ، التي تميل ، ابدا ، الى الفوضى والتمّرد على الدولة ، يعاد انتاجها الان ، في ظل ظرف مختلف تماما ، اذ كان الزمان ، يومذاك ، زمان صعود وتألق الدولة ، اما اليوم فهو زمن صعود وتألق ، الجماعة الثانوية الصغيرة ، او يراد له ان يكون كذلك ، وهي ارادة جبّارة لايمكن الاستهانة بها ، ابدا !
لماذا كانت مسألة ، التقدم والبناء من جهة ، والفشل والنكوص ، من الجهة الاخرى ،لدينا ، دورية ، بهذا الشكل ، بحيث لانكاد نسير خببا حتى نعود الى نقطة البداية ، وما نكاد نهّم بالتحليق حتى نسقط مهيضي الجناح ؟ لماذا كان العراق ، ومازال ، جحيما لمواطنيه ، وكنزا يسيل له اللعّاب للباحثين عن الكنوز من الاجانب ؟! لماذا اقترن ويقترن حب العراق ، بالنسبة للغالبية الساحقة من العراقيين ، بالدم والموت والسجن والمنفى وزنزانة الاعدام والتعذيب والشقاء والدموع ، ويكون ارض الفرص ، والكرم ، والسماحة ، والاريحية ،بالنسبة للغرباء ؟! لماذا اتّسم تاريخه الحديث ، ناهيك عن القديم والغابر ، بكل هذا الالغاء القسري والعنف الاهوج والهمجية المنفلته ، رغم انه من اكثر بلدان المنطقة او شعوبها التي تستند الى تاريخ حافل و حضارة عريقة ؟ ماض ، علّم الانسانية ، بالفعل ، الحرف والفن والقانون ؟ هل ان عراقيي الحاضر هم قوم اخرون لا صلة لهم بحضارة وادي الرافدين البائدة ، موجة بشرية اخرى ، حلّت بارض يباب كانت حضارتها قد افلت و اندرسّت منذ قرون ، وتتمسك بادعاءات لاتعنيها ومنجزات لاتعود اليها ؟
يذكر الفيلسوف الاسباني، خوسيه غاز يت ، في مقدمة كتابه المّهم " تمّرد الجماهير " ، قصة ، يقول انها شائعه ، من غير الحاح على مدى واقعيتها ، على حد تعبيره ، انما يعنيه من امرها ، ويعنينا ، اشارتها ذات الدلالة الواضحة ، يقول ، انه حينما احتفل بعيد ميلاد ، الشاعر الفرنسي العظيم فكتور هيغو ، اقيمت حفلة عظيمة في قصر الاليزيه ، حضرها ممثلو الامم ، كلهم ، مقدمين تهانيهم ، كان الشاعر الكبير يقف في قاعة الاستقبال الكبرى بجلال تمثال ، مستندا الى ركن مدفأة جدارية ، وكان ممثلو الامم، يتقدمون، امام اعين الجمهور ليقّدموا تهانيهم ، يسبقهم صوت جهوري لحاجب يعلن عنهم :
( السيد ممثل انكلترا ....) وكان فيكتور هيغو ، يقول بصوت درامي مرتعش وعيناه في الفراغ " انكلترا ، آه شكسبير !".
ثم يتابع الحاجب ( السيد ممثل اسبانيا ....) وفيكتور هوغو يقول " اسبانيا ، آه سرفانتس !" . ثم يتابع الحاجب ( السيد ممثل المانيا ....) فيقول فيكتور هيغو " ألمانيا ، آه غوته !" .....
ولكن ، لمّا جاء دور سّيد بسيط ، ربع القامة ، ضخم الجثة ، ومتعثر المشية ، صاح الحاجب ( السيد ممثل مابين النهرين !)....
تلجلج هيغو ، الذي ظلّ ، حتى تلك اللحظة ، رابط الجأش وواثقا بنفسه ، ودارّت عيناه ،في محجريهما ،قلقتان وكأنه يبحث، في الكون ، عن شيء مناسب ، ثم عاد اليه الاحساس، بالثقة، بعد ان وجده ، فرّد على تحّية السيد الضخم بلهجة مؤثرة : " مابين النهرين ! .....آه الانسانية !"
مالذي جعل ما بين نهرين ... الانسانية ،صورة من صور ، الفشل الانساني ؟!.... عند تفحص معظم الوقائع المؤثرة ، منذ عشرينات القرن العشرين حتى اليوم ، نكاد نلمس خيطا ناظما اوحد..، خطا اسودا مميزا يخترق الصورة منذ تلك البدايات ، حتى اليوم ، انه عدم النجاح في تحقيق توافق وطني حقيقي ، لحمة يغلّب فيها الجميع ، عراقيتهم بالاقرار المتبادل والمتساوي لكل منهم على اساس الحق والواجب ، والامثلة ، في الوقائع ،كثيرة .وتكمن في خلفيتها كل ما عشناه ونعيشه من ا زمات، ظاهرة وباطنة .
لقد تجاذب العراق ،واستقراره ، ولحمته ، مؤثران اساسيان ، يعود اليهما ونتج وينتج ، عنهما ، معظم ما شهده ويشهده من صراع ومآس ، هما : اولا التنافر الداخلي وعدم تسوية مشكلة الهوية الوطنية العراقية تسوية حاسمة ومقنعة وعادله تحقق التلاحم والاندماج الوطني ، وثانيا ، المؤثر الاقليمي الذي حاول ويحاول ، دائما ، صياغة الوضع الداخلي والتأثير فيه وفقا لما يراه ويحقق مصالحه ويجد في قوى الداخل استجابة وامتثال . ان حل تاثير هذين العاملين ،ايجابيا، ولصالح العراق ومستقبله يقوم على اساس ديمقراطية "محتوى "حقيقية تتصدى لمشكلاته واولوياته،الفعلية ، لا المتخيلة ، بنفس جاد ومثابرة مخلصة ، لا ديمقراطية "شكل" او وسائل ، كالتي نعيش ، تعّقد الوضع اكثر وتفاقم مشاكله وتنتج المزيد من التحديات الشائكة بدلا من تقديم الحلول .ان توزيع القوّ’ة وتعدد مراكز القرار ، مثلا ، والذي اريد له ان يكون صمام امان ، ضد تمركز وتركز السلطة وتكرر الديكتاتورية ، انتج ، في ظروفنا ، الضعف والانقسام والاعاقة ، والمزيد من التشظي لدى مراكز القوة الثانوية التي تجد بقائها وديمومتها وتوسعها ، في الاعاقة الدائمة للتوّحد والانسجام وبناء القّوة او الارادة الوطنية الجادة . ان ديمقراطية " الشكل " دون المضمون الفعلي هذه ، اصبحت مشكلة ، بدلا من ان تكون حلا او تصبح وسيلة للحل ، وبين ايدينا المثال الاخير ، لكل ما تقدم من قول : ارتفعت وتفاقمت مطالب الناس المشروعة في سبيل تلبية الحاجات الاساسية للحياة الحرة، الامنة، و الكريمة التي يعّقدها ويفرغها من محتواها وامكانية تلبيتها الفساد والجهل والبيروقراطية والاستغلال ، لكن الجهات المعنية بالاستجابة والحل ، رأت في هذا الامر اجندة سياسية ولجأت الى التسويف والالتفاف . وجدت اجندات ومصالح ، عديدة ، داخلية واقليمية ، بالفعل ، في هذه الحالة فرصتها للدخول على الخط ، والضغط باتجاه ماتريد ، فاصبح الوضع ، حقا يشتمل على ماهو جاد ومشروع وعراقي من جهة ومغرض ومبطن من جهة اخرى ، لكن الحالة تركت تتفاقم ، تحت سمع وبصر المعنيين بالاستجابة ، وعلى مدى اشهر ، وكأن التفاقم هو المطلوب والتعقيد هو المبتغى ، واصبحت التظاهرة اعتصاما ثم عصيانا، ثم انفجر الوضع الذي اصبح محل فعل يومي دؤوب وتصعيد مستمر لقوى العملية السياسية ذاتها ومصالحها المتناقضة وامسى الشعب والمطالب الشعبية ، مثلما كانت دائما ،وسيلة يمتطيها السياسيون واجنداتهم الى تحقيق مكاسب ذاتيه ومصالح حزبية ، ولم تجد السلطة في افقها من حل للاشكال ، الذي تركته يتفاقم ويتفاعل وياخذ ابعادا تكاد تخرج عن السيطرة ، الا القوّة ومحاولة اثبات الهيبة ، في وقت متاخر جدا ، نجم عنه ماكان لابد ان ينجم عن الوسيلة الخطأ في الوقت الخطأ مع الناس الخطأ ، وبدلا من تظاهر سلمي مشروع والاستجابة لمطالب شعبية عادلة ، نجد انفسنا، الان ، على ابواب اقتتال وشيك وافق احتراب ، مرعب !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لم يقله المالكي ....
- - صكبان - والعدل الآلهي .....
- ملامح طبقة ضارية !
- الوطنية العراقية : مخاض مرير....
- سر - الخرق الامني- !
- الله اكبر !
- تجمع شيوخ الليزر !
- نظرية المؤامرة!
- امراء الحرب وسياسة حافة الهاوية !
- نصف قرن على انقلاب 8 شباط 1963 .... من يجيب على الاسئلة؟
- الانتهازية ..... والعلاقة بين الفطري والمكتسب . (5)
- الانتهازية والسلطة في العراق ...رجال لكل العصور !
- رزكار عقراوي .. دعوة مخلصة ولكن!
- مع السيد عصام الخفاجي في -ثورات الربيع العربي وآفاقها- اكبر ...
- الانتهازية والسلطة في العراق ... من اجل فك الاقتران !(3)
- الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (2)
- الانتهازية والسلطة في العراق... من اجل فك الاقتران ! (1)
- الثورة الشعبية في سبعة ايام وبدون معلم !
- محلل ... سياسي !!
- ليلة زفاف - صمود مجيد - !


المزيد.....




- بآلاف الدولارات.. شاهد لصوصًا يقتحمون متجرًا ويسرقون دراجات ...
- الكشف عن صورة معدلة للملكة البريطانية الراحلة مع أحفادها.. م ...
- -أكسيوس-: أطراف مفاوضات هدنة غزة عرضوا بعض التنازلات
- عاصفة رعدية قوية تضرب محافظة المثنى في العراق (فيديو)
- هل للعلكة الخالية من السكر فوائد؟
- لحظات مرعبة.. تمساح يقبض بفكيه على خبير زواحف في جنوب إفريقي ...
- اشتيه: لا نقبل أي وجود أجنبي على أرض غزة
- ماسك يكشف عن مخدّر يتعاطاه لـ-تعزيز الصحة العقلية والتخلص من ...
- Lenovo تطلق حاسبا مميزا للمصممين ومحبي الألعاب الإلكترونية
- -غلوبال تايمز-: تهنئة شي لبوتين تؤكد ثقة الصين بروسيا ونهجها ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - العراق: حالة اعاقة دائمة !