أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجاهد عبدالمتعالي - السحق الطبقي في (تدين المحتسبين) و (أصالة الدرباوية).















المزيد.....

السحق الطبقي في (تدين المحتسبين) و (أصالة الدرباوية).


مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)


الحوار المتمدن-العدد: 4078 - 2013 / 4 / 30 - 00:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ظاهرة ما يسمى بـ(المحتسبين) هي نفس القراءة لعلم الاجتماع الاقتصادي لظاهرة (الدرباوية) فالشريحة الغالبة على هاتين الفئتين يجمعها الوحدة الطبقية المسحوقة المشتركة في كلا الفئتين، والسحق المقصود قد يكون أساسه اقتصادي، ولكنه في اللب يصب في مكب التهميش الاجتماعي، فكلا الفئتين ترتكز على فئة الشباب المهمشة، والتي تجد الاعتراف الضمني بها من خلال أحد طريقين: الأول في التجمع حول من يمنحها التسامي الاجتماعي بواسطة الاعتراف الشرعي من خلال بعض رجال الدين المغمورين ــ والذين هم يعانون أيضاً من رحلة البحث عن نفس مكاسب رجال الدين غير المغمورين/المشهورين وما استتبع الشهرة من ثراء مادي ــ وغالباً يكون شباب هذه المجموعة من الفئات الأسرية ذات الطابع الأبوي الصارم في أبويتها المسحوقة والتي تحاول التماسك اجتماعيا من خلال التزمت الديني للخروج بشوفينية خاصة تقاوم الآخر المزدهر ببعض المظاهر البرجوازية، فيصبح الآخر هو الأقل والأدنى والأحقر رغم الواقع المادي الذي يُكذِّب ذلك ولكن تحت مبرر (هي لهم... جنتهم في الدنيا وجنتنا في الآخرة).
يقوم مخيال الطبقة المسحوقة والمهمشة، بتحويل السحق الطبقي إلى امتياز ديني يمكنه من التخلي عن كثير من كماليات البرجوازية التي ترهق أسرته، ولا يستطيع مجاراة الآخرين فيها، أما الدرباوية فتحاول ضخ إمتيازها من خلال الشعور الزائف بالحرية وذلك عبر إيصال رسالة ضمنية للمجتمع مفادها: لا تعني لنا السيارة الجديدة وإرتداء الماركات العالمية أي شيء، عبر سلوكات دفاعية تتغيا طريق الأصالة بالمعنى الشعبي وليس التراثي، وبذلك تتخلص هذه الفئة من الشباب المهمش بكلا الطريقتين من إختناقات السحق الطبقي تحت مبررات التسامي الديني عبر فتاوى رجعية، أو التسامي الشعبي بالانسحاب الاجتماعي بحثاً عن الأصالة في كل ما هو قديم بالمعنى الشعبي، ولهذا فهي أصالة للأسف مشوهة.
يمكن إعادة ظاهرة المحتسبين إلى التدين المشوه، والمشجب المعتاد/ الفكر الصحوي في الثمانينات، أو يمكن إعادته أيضاً إلى نشوء الدولة مع فكر (إخوان من طاع الله) الذين حرَّموا على أنفسهم لبس العقال، ويعتبرون صاحب العقال أقل تديناً منهم (كرهبانية ابتدعوها)، ومن يريد تصفية الحسابات الحديثة فعليه بالمبرر الأول، ومن يريد تصفية الحسابات القديمة فعليه بالمبرر الثاني، لكن قطعاً كلا الفكرين كانا مدداً للرجعية حتى هذه اللحظة.
يمكن إعادة ظاهرة الدرباوية إلى بداية تشكل الأحياء الشعبية الفقيرة على أطراف المدن الكبرى، والتي يمتزج فيها البحث عن الأصالة المشوهة مع مفاهيم الرجولة و (الزقرتية) والتي يماثلها في بعض المدن العربية مفهوم (الأبضاي).
كلا الظاهرتين تتكئ على الشباب، وكلا الظاهرتين لهما ما يماثلهما تاريخياً، لكن الغائب والمسكوت عنه، لماذا تظهر هذه الإفرازات في هذا الوقت أكثر من غيره، لتتحول إلى ظاهرة محل نقاش، باختصار إنه الفرز الطبقي لرأسمالية هشة عانت تفتيتاً طاحناً وقاسياً لا يرحم للطبقة الوسطى خلال هذا العقد تقريباً، من خلال سقوط العملة المربوطة بالدولار المنهك، ومظاهر التضخم المالي الواضحة، إضافة إلى انهيار سوق الأسهم، والذي مثل في حقيقته نكبة وكارثة بكل المقاييس جرى امتصاصها من قبل الشعب وعلى أكتاف الشعب، وبعرق الشعب، وخصوصاً طبقته الضامنة، الطبقة الوسطى التي من نتائج تفتتها هذه المظاهر.
الخصومة ليست بين متدينين وغير متدينين، الخصومة بين مقتدرين مادياً وغير مقتدرين، فـ(المتديَّن الملتحي) الذي يقضي إجازته صيفاً مع أسرته في باريس هو أقرب (لغير المتدين حالق اللحية) الذي يلتقيه في شارع الشانزليزيه ويتبادلان الابتسامات الباردة، كلٌ في مقعده يشرب القهوة.
و(المتدين الملتحي) الذي يضرب زوجته ــ ضرباً غير مبرح!! ــ لأنها أصرت هي وبناتها على حضور زواج بنت أختها في الصيفية وأخذت الف وسبعمائة ريال في زينتهم، هو أقرب (لغير المتدين حالق اللحية) الذي استسلم لزوجته وبناتها في أخذ ما يشاءون من راتبه لحضور نفس الزواج، وتركوا له (حق راس الشيشة/المعسل) الذي يهدئ انفعالاته من هذه المصاريف المنهكة، وليتبادل مع رفيقه الملتحي الشكوى والتذمر.
ما لم أستطع تفسيره اقتصادياً أو تبريره اجتماعياً هو نفاق (المتدين الباريسي) عندما يكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنه (ضد عمل المرأة وضد قيادة المرأة للسيارة... وغيرها من منكرات تخرج المرأة عن حشمتها ودينها)، وأن (الشباب الملتزمين الغيورين سيشعلونها حرب شوارع لو حصل هذا) ليسأله صديقه (غير المتدين حالق اللحية) في نفس المقهى: (ما هم بعض قريباتك خريجات جامعات غربية، وبناتك كاهم يدوجون في شوارع باريس وأنت قاعد هنا... ليش هالتناقض) فيجيب بكل ثقة: ( يا خي نسيت خصوصيتنا... باريس تبقى باريس... وغيرها تراها عنز ولو طارت، ولا تنسى ربعنا إذا ردينا للديرة بيسألوني عن فرنسا وباقول لهم: كنت أحاول اكتشاف التغريب في معاقله، ولقد غزوناهم بمحاضراتنا ولقاءاتنا الدعوية ولله الحمد... ومن ذلك أنه أسلم على يدي إحدى الفرنسيات في أقل من خمس دقائق!! هههههههه) فيرد عليه صاحبه غير الملتحي: (أقلَّك... إشرب قهوتك بس).
لعل هذا الشيخ الثري جدا لا ينافق ولكنه يلعب على مكتسباته في ردم الفجوة الطبقية مع (المتدينين أصحاب اللحى والثياب القصيرة) المسحوقين اقتصادياً بالمشاركة الفكرية والوحدة الاجتماعية ـ كلاماً بالمحاضرات لا واقعاً معاشاً ـ ليسحرهم بالتماهي مع واقعهم البائس، فيعطوه حضوراً إعلامياً ويعطيهم شعوراً بالتوحد مع آلامهم وتذمرهم من خلال فتاواه الرجعية التي تكاد أن تكون ثورة ضد مظاهر البرجوازية تحت غطاء ديني.
نسينا الدرباوية الذين لا عزاء لهم، ولو كان عزاء كاذباً كما يفعل هذا الشيخ مع أتباعه... وبقي السؤال الذهبي: هل الإسلام السعودي له جذور اقتصادية تستدعي تحريم ما لا يحرمه الإسلام المصري والتركي. ولماذا يوصف محمد بن عبدالوهاب بالسلفية ويوصف جمال الدين الأفغاني والامام محمد عبده بالسلفية أيضاً... وما أثر العمق الحضاري وما يستتبعه من جذر اقتصادي في تنوع سلفية هؤلاء؟!، وهل السلف بعد فتوح الشام والعراق ومصر وثراءهم الاقتصادي أصبحوا أقل تديناً من قبل؟ لكثرة شراءهم الجواري المغنيات ووجود الشاعرات والملحنات؟!، وانتشار ما عرف بالطرب الحجازي والعراقي في التراث العربي!، وهل المد الديني على يد الخلفاء الراشدين إنتهاء بخلاف معاوية وعلي، أكثر من المد الحضاري على يد أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور؟ وصولاً لأسبانيا الأموية/الأندلس؟!، وشيخها ابن حزم صاحب مكتوبه في الحب (طوق الحمامة)، وصولاً لكتاب ابن قيم الجوزية في (روضة المحبين) وما ورد فيه من إيروسية دينية!!؟!! يضيق عنها المكان في زماننا الكاذب والمرائي في تقواه!!.



#مجاهد_عبدالمتعالي (هاشتاغ)       Mujahid_Abdulmotaaly#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تضيع بوصلة القبيلة
- سلمان العودة وخطابه المفتوح.. شاهد على المشكلة أم شريك؟!
- الجميلة ورجل الظلام
- قينان والإخوان هناك طريق آخر
- الخطاب الديني من جيفارا إلى راسبوتين
- الحرية والمخال الكاذب
- الشعوب بطبيعتها ليبرالية والإسلاميون عكس الطبيعة
- عقل الطفل يعري السياسة
- مجتمع يجتر الجيفة
- دمج المقدس بالحداثي في برامج رمضان
- المثقف... قصيدة أم نظم؟!
- ثوابت الأمة أم ثوابت الرعب؟!
- الشيعة من كلية الشريعة إلى نجران
- الشيخ الحصين وحرية التعبير... هل عليها قيود في السعودية
- الإيمان في حالة قلق
- الغذاميون الجدد... دونكيشوتات ما بعد -حكاية الحداثة-
- العقل وتبرير الجبناء
- الثورة بين إدارة الشعور وإرادة الشعوب
- عابرون في تزييف عابر
- الجزيرة العربية ليست إيران


المزيد.....




- بشرط واحد.. طريقة التسجيل في اعتكاف المسجد الحرام 2024-1445 ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- -تصريحات ترامب- عن اليهود تثير عاصفة من الجدل
- أصول المصارف الإسلامية بالإمارات تتجاوز 700 مليار درهم
- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجاهد عبدالمتعالي - السحق الطبقي في (تدين المحتسبين) و (أصالة الدرباوية).