أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الرّابعة (4): ألهمزة وكتابتها















المزيد.....

تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الرّابعة (4): ألهمزة وكتابتها


شوقي إبراهيم قسيس

الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 17:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ألهمزة وكتابتها

لقد شكّلتْ وتشكِّلُ كتابةُ الهمزةِ مشكلةً للمعلِّمِ وللطّالب. لذلك سأستعرضُها بشيءٍ من التفصيل. ألهدفُ هو إزالةُ الإشكاليّاتِ من كتابةِ الهمزةِ دونَ الاضطرارِ إلى تغييرٍ في قوانين اللّغة. والهمزةُ هي الحرفُ الصّوتىُّ الوحيدُ الّذي يُكتبُ صغيراً، لذلكَ نضعُه على أحدِ مقاعدَ ثلاثةٍ، وأحياناً نكتبُه لوحدِه دونَ مقعدٍ. تفصيلاً، تأتي الهمزةُ في النّصِّ على أربعةِ أشكالٍ:

1. على الألف كمقعدٍ لها: [أَكَلَ، إقبالٌ، أُستاذٌ، سَأَلَ، نَبَأ]. تُكتبُ في أوائلِ الكلماتِ دائماً على الألف.
2. على الواو كمقعدٍ لها: [فُؤاد، سُؤال، رُؤوس، بُؤْس].
3. على ياءٍ غيرِ منقوطةٍ كمقعدٍ لها: [يَئِسَ، سُئِلَ، طوارِئ]
4. بدونِ مقعدٍ: [جاءَتْ، تساءَلَ، جُزْءٌ، شَيْءٌ، سَماءٌ]

لعلّ أكثرَ الأخطاءِ الإملائيّةِ شيوعاً هو كتابةُ الهمزةِ، لدرجةٍ أصبحَ الإشكالُ في كتابتِها كابوساً إملائيّاً يُثقِلُ كاهلَ المعلِّمِ والمتعلِّمِ ويُرعبُهما. لذلكَ سأُبَيِّنَ هنا أنّ كتابةَ الهمزةِ هو أمرٌ سهلٌ إذا انتبهنا إلى المنطقِ الموجودِ في كتابتِها. فإذا تمعّنّا في الطُّرُقِ الأربعةِ لكتابةِ الهمزةِ، وسألْنا: لماذا نحتاجُ إلى هذه الأشكالِ الأربعة؟ تجيبُنا اللّغةُ إجابةً منطقيةً في قانونَيْن سهلَيْن بموجبِهما يمكِنُ كتابةُ الهمزةِ دونَ خطأٍ في مُعظمِ الكلماتِ المهموزةِ، إن لم يكنْ في جميعِها، والقانونان هما:

ألقانون الأول: مقعدُ الهمزةِ يجبُ أنْ يناسبَ الحركةَ (المَدة القصيرة أو الطّويلة) التي على الهمزة، أو التّي على الحرفِ الصَّوتيِّ الّذي قبلَ الهمزة: مقعدُ الألفِ يناسبُ الفتحةَ: [سَأَلَ، يَأْكُلُ]. مقعدُ الواوِ يناسبُ الضّمّةَ: [بُؤْسٌ، رُؤوسٌ]. مقعدُ الياءِ يناسبُ الكسرةَ: [مِئْذنةٌ، سُئِلَ، قارِئٌ]

ألقانون الثّاني: إذا اختلفتِ حركةُ الهمزةِ عن حركةِ الحرفِ الصّوتيِّ الّذي قبلَها، فالكسرةُ أقوى مِنَ الضّمّةِ، والضّمّةُ أقوى مِنَ الفتحةِ، أيّ أنّ التّرتيبَ التنازليَّ لقوةِ الحركاتِ الثّلاث هو: كسرة < ضمّة < فتحة. أمثلةٌ:

[سُئِلَ]: انتصرتْ كسرةُ الهمزةِ على ضمّةِ السّينِ فوُضعتْ الهمزةُ فوقَ ياء
[مُؤَذِّنٌ]: انتصرتْ ضمّةُ الميمِ على فتحةِ الهمزةِ فوُضعتِ الهمزةُ فوقَ واو
[سُؤال]: انتصرت ضمّة السّين على الفتحة الطويلة (الألف) التّابعة للهمزة فوُضعت الهمزةُ على واو
[يَئِسَ]: انتصرتْ كسرةُ الهمزةِ على فتحةِ الياءِ فوُضعتِ الهمزةُ فوقَ ياء
[إسْأَلْ]: فتحة على الهمزة مقابل لا حركة (سكون) على السّين، فلا منافسة للفتحة.

همزة بدون مقعد: إذا وقعتْ همزةٌ مفتوحةٌ بعدَ ألِفٍ غيرِ صوتيةٍ وجبَ، حسبَ القانونِ الأوّلِ، كتابةُ الهمزةِ على ألِفٍ (تَساأَل)، لكنّ هذا يعارضُ قانونَ عدمِ كتابةِ أَلِفَيِن متتاليتين في كلمةٍ واحدةٍ؛ لذا تُكتبُ الهمزةُ في هذه الحالةِ بدونِ مقعدٍ: [جاءَت، تَساءَلَ]. ولنفسِ السّببِ تُكتبُ الهمزةُ المتطرِّفةُ بدونِ مقعدٍ إذا سبقَتْها ألِفٌ غيرُ صوتيةٍ: [ألسّماء، ألماء، ألشِّتاء]. وكذلكَ إذا كانتْ متطرّفةً وسبقَها حرفٌ صوتيٌّ ساكنٌ: [جُزْء، عِبْء، شَيْء]، وذلك لأنّه لا توجدُ حركةٌ مجاورةٌ حتى نُلائمَ مقعداً لها، أمّا حركةُ الهمزة فقد تكون ضمة أو فتحة أو كسرة، ولا نكتبُ الكلمةَ ذاتَها على ثلاثةِ أشكال. ولنقارن كلمات مثل [شَيْءٌ] و [عِبْء]، حيث يوجد قبل الهمزة صوتيٌّ ساكن، بكلمات مثل [بَريئ، مَجيئ، مُسيئ]، حيث الصوتيُّ الّذي قبل الهمزة (الراء والجيم والسين) مصحوب بمدة يائيّة طويلة، وفي هذه الحالة تنتصر المدة اليائية على أي حركة قد تكون على الهمزة المتطرِّفة، فنكتب الهمزة دائماً على ياء [بَريئٌ، بريئاً، بَريئٍ].

وعليه، نرى ممّا تقدّم أنّ الالتزامُ بقانونَيْن بسيطَيْن يضمنُ لنا كتابةَ الهمزةِ أينما كانتْ دونَ خطأ. والقانونان هما:
ملاءمةُ المقعدِ لحركةِ الهمزة أو الحرف الذي قبلها. إن اختلفت الحركتان يكون التّرتيبُ التنازليُّ لقوةِ الحركةِ هو: كسرة < ضمّة < فتحة.

أرغبُ هنا أن أُشيرَ إلى اثنين مِنَ الجهودِ القيّمةِ الّتي بُذلتْ وتُبذلُ لتسهيلِ كتابةِ الهمزة:
ألأوّلُ الاقتراحاتُ والدّراساتُ المتعددة الّتي كتبها د. إلياس عطا لله بهذا الخصوص في عدّةِ مواضعَ منها صحيفة "فصل المقال" الصادرة في الناصرة. وفي بعضِها ما يؤيِّدُ الاقتراحاتِ المذكورةَ هنا، لذا لن أتطرّقَ إليها. لكنّي أرغبُ أنْ أشيرَ إلى أنّ د. عطا الله اقترحَ في مواضعَ مختلفةٍ أنّه كي نُسهِّلَ على الدّارس لا بأسَ من التّغاضي عن أو التّساهلِ مع كتاباتٍ للهمزةِ في كلماتٍ معيّنةٍ اعتُبرت في السابق أخطاءً إملائيّة. وأوافقُ على ذلك.
والثاني ما اقترحَه د. فهد أبو خضرة في مقاله القيِّم الذي نشره في فصليّة "مدارات"(1) . سأستغلُّ عدّةَ نقاطٍ طرَحَها وأثارَها د. أبو خضرة، وبحق، لأُبَيّنَ أنّ استعمالَ القانونَيْن المشارِ إليهِما أعلاه يكفي للتَّغَلُّبِ على كلِّ إشكالات كتابةِ الهمزة. لننظرْ إلى بعضِ الأمثلةِ العينيةِ من مقالِه:
في صفحة 19 – 20 يقولُ:
تُكتب الهمزة المفتوحة بعد ياء المَد على ياء (نحو بريئة)، فهل نكتب على ياء أيضاً بعد ياء ساكنة (نحو هيئة / هيأة)؟". هناك جدلٌ مستمر، وهناك صورتان نتيجة لذلك، وهناك حيرة ...
وفي صفحة 20 يقول:
يظهر جدل مشابه بالنسبة لواو المد (مروءة)، والواو الساكنة (ألسموءل / ألسموأل).
وأقولُ: ألله لا يْحَيِّر أحداً! سنطبِّقُ أحدَ القانونين على الأمثلةِ الأربعةِ التّي ذكرَها د. أبو خضرة، لإيقاف ذلك "الجدل المستمر" وللتّخلّصِ من "الصورتَين" ومن تلكَ "الحيرة":
بريئة: في المنافسةِ على المقعدِ تنتصرُ كسرةُ الراءِ الطويلةُ (الياء) على فتحةِ الهمزة. إذَن: بريئة.
هيْأَة: لا منافسةٌ هنالك: فتحةُ الهمزةِ مقابلَ لا حركة أو سكون. إذَن: هَيْأَة وليس هَيْئة.
مروؤَة: تنتصرُ ضمةُ الراءِ الطويلةُ (الواو) على فتحةِ الهمزةِ. إذَن: مُروؤة وليس مروءة .
ألسموْأَل: لا منافسةٌ هنالك: فتحةُ الهمزةِ مقابلَ لا حركة أو سكون. إذَن: ألسمَوْأَل وليس السمَوْءل
وبأسلوبٍ مشابهٍ يُحسَم الجدلُ الّذي "لم يُحسَمْ بعدُ" حولَ رسمِ الهمزةِ المتوسِّطةِ عندَ التّطرّفِ العارضِ (نموذج جـ، ص 20 ). ففي المثالِ المذكورِ (يَنْأى - لم يَنْأَ) لمْ يحدثْ ما يوجبُ تغييرَ رسمِ الهمزةِ في الفعلِ المجزومِ عنه في الفعلِ المرفوعِ؛ ففي الحالتين لا مُنافسَ لفتحةِ الهمزةِ الطويلةِ في (ينأى) أو القصيرة في (ينأَ). لذلك تُكتبُ الهمزةُ في الحالتين على ألِف. لاحظْ أنّنا كتبنا في (يَنأى) ألفين متتاليتين، لكنّ الأولى قائمةٌ والثانية يائية.
أَوَدُّ أنْ أُذكِّرَ أنّ الأمرَ هنا يختلفُ عنه في حالةِ الهمزةِ المتطرفةِ بعد صوتيٍّ ساكنٍ في الأسماء المعربة (جزْء، عبْء) الّتي ذُكرت أعلاه، حيثُ حركةُ الهمزةِ فيها قد تكونُ ضمةً، وقد تكون فتحةً أو كسرةً، وذلك حسبَ موقعِها في الجملةِ. وهذا يخلق حالةً نضطرُّ فيها أنْ نكتبَ أيَّ كلمةٍ فيها همزةٌ متطرِّفةٌ بعد صوتيٍّ ساكنٍ على ثلاثة أشكالٍ [جزْؤٌ، جزْأً، جزْئٍ]، وهذا مرفوض. لذا لم يبقَ ألاّ أن نكتبَها منفردة. والأمر نفسه ينطبق على هذه الكلمات حين تتصل بضمائر الجرّ، فعلينا أن نكتب همزتها منفردة بغض النظر عن حركة الهمزة [عِبْءُكَ، عِبْءَكَ، عِبْءِكَ]، وذلك لتجنّب كتابة الكلمة ذاتها على ثلاثة أشكال [عِبْؤُكَ، عِبْأَكَ، عِبْئِكَ]. تجدر الإشارة إلى أنّ المتّبَع في كتابة هذه الكلمات في حالة تنوين الفتحة هو أن نكتبَ الهمزة على ياء [شَيْئاً، عِبْئاً]. وأقترح أن نجيز أيضاً كتابتَها منفردة وبدون ألف [عِبْءً، شَيْءً]. أمّا في الفعلِ المضارعِ المهموزِ العينِ والمعتلِّ الألِفي (يَنْأى، يَنْأَ) فحركةُ الهمزة لا تتغيَّرُ حسبَ وظيفةِ الكلمة في الجملة، وتُكتبُ الكلمتان كما هما في كلّ التراكيب. لذا لا أرى سبباً لكتابةِ الفعلِ المجزوم (يِنْءَ).
كذلك يجبُ أنْ يُحسمَ الجدلُ المُثارُ حولَ الهمزةِ المكسورةِ أو المضمومةِ في أوّلِ الكلمةِ عندَ التّوسّطِ العارضِ بعدَ همزةِ الاستفهام (نموذج د، ص 20)، فالهمزةُ موجودةٌ في أوّلِ الكلمةِ، قبلَ وبعدَ دخولِ همزةِ الإستفهامِ (والتي تشكِّلُ كلمةً أخرى) على الكلمةِ. ومعروفٌ أنّ الهمزةَ في أوّلِ الكلمةِ تُكتَبُ دائماً على ألِف. لذا نكتب الهمزة المكسورة (أَإنسانٌ أنتَ؟) والمضمومة (أَأُخاصِمُكَ) دائماً على الألِف. أمّا في الكلمات التي تبدأُ بهمزتين في نفسِ الكلمةِ وحركتاهما مختلفتان - وهي كلماتٌ قليلةٌ جدّاً - فعلينا أن نُطبِّقَ قانونَ الهمزةِ الثاني كما في (أَئِمّة).
ويجب حسم الجدلُ المشابهُ حولَ الهمزةِ المتوسطةِ حينَ تليها ألِف (نموذج هـ، ص 20)، وذلك لأنّنا نستبدلُ (همزة + ألِف غير صوتية) بالمَدّةِ كما هو متَّبعٌ دائماً عندما تكونُ الهمزةُ والألِفُ اللاصوتيةُ في كلمةٍ واحدةٍ [مبدَآن، مرفآن، ملجآن، ألقرآن، آن، آمال]. لكنْ عندما تكونُ الهمزةُ والألِفُ غيرُ الصوتيةِ في كلمتين مختلفتين اتَّصلتا مع بعضِهما (مثل: يبدأ + ضمير ألِف الإثنين)، فأعتقدُ أنّ المهمَّ هو أنْ نصلَ إلى قرارٍ ونعمِّمُه ونفرضُه على الجميع. وقد نختارُ أن نُجيزَ الحالتين (يبدآن ويبدءان) أو نلتزمَ بمبدأ (ء + ا = آ)، ونجيزَ (يبدآن) فقط. وأعتقدُ أن النقاط التي أثارها د. أبو خضرة في "كراهة توالي الأمثال" (ص 13 – 15) جميعُها نقاط مهمّة، وعلينا أن نجدَ آليّةَ تنفيذِها.

لنطبّق الآن قانونَي الهمزة على مضارعِ فعلين مهموزَين من وزنَي [فَعَلَ / يَفْعَلُ]، مثل [يَقْرَأُ، يَبْدَأُ] و [أَفْعَلَ / يُفْعِلُ]، مثل [يُقْرِئُ، يُنبِئُ]. ففي حالةِ الفعلِ الثلاثيِّ يقولُ لنا قانونُ المنافسة أنْ نكتبَ الهمزةَ على واو في حالةِ الرّفعِ (يَقْرَؤُ)، وعلى ألِف في حالتَيْ النّصب (لن يَقرَأَ) والجزم (لم يَقْرَأْ). لكنّنا نكتبُ الهمزةَ دائماً على ألِف حتى لا نكتبَ نفسَ الكلمةِ على صورتين مختلفتين. أمّا في الفعل الرباعي (يُقرِئُ) فنكتبُ الهمزةَ دائماً على ياء بسببِ الكسرةِ الّتي على الرّاء، كما في قولك [أبي يُقْرِئُكَ السَّلامَ].
أمّا في الكلماتِ المهموزةِ الّتي نخالفُ في كتابتِها قانونَ كتابةِ الهمزةِ المذكورَ أعلاه، وذلكَ منعاً لتوالي الأمثال الواوي واليائي - وقد أشار د. أبو خضرة إلى بعضِها في مقالِه المذكور -، فأُصرُّ على إهمالِ كراهةِ توالي الأمثال اليائي والواوي، ونكتبُ [رُؤوس، مَسْؤولية]. ولنا أن نُجيزَ [بَريء، مَجيء] و [بَريئ ، مَجيئ]، أو نلتزمَ فقط بالأولى. ونجدُ عدداً من الكلمات غيرِ المهموزةِ الّتي تخالفُ كراهة توالي الأمثال الواوي واليائي (ذَوو، يَيْأَسُ). وبذلك يبقى الالتزامُ بعدمِ توالي الأمثالِ في حالةِ الألِف فقط كقانونٍ مميِّزٍ للغة الضّاد. أمّا كلمات مثل [مَقْروء] فالحركة على الهمزة قد تكون فتحة أو ضمّة أو كسرة، لذا نكتبُ الهمزة دائماً بدون مقعد [مَقروءٌ، مَقْروءً، مَقْروءٍ].
كذلكَ في حالةِ الفعلِ الثّلاثيِّ المهموزِ الآخِرِ عندَ اتّصالِه بواو الجماعة، أقترحُ إمّا أنْ نلتزمَ بقانونِ الهمزةِ ونكتبَ (قَرَأوا، يَقْرَأون)، ناظرين إليه على أنّه مكونٌ من كلمتين (الفعل والضمير)، أو أنْ نلتزمَ فقط بقانون الهمزة الثاني ونكتب [قَرَؤوا يَقْرَؤون]. وأقترحُ ألاّ نلتفتَ إلى كراهة توالي الأمثال، فلا نُجيز كتابتَه [قَرَءوا يَقْرَءون].

لقد ذكرَ د. أبو خضرة (ص 17 – 20) عدّةَ آراء واقتراحات أَوْرَدَها "عبد العليم إبراهيم" في كتابِه "ألإملاء والترقيم في الكتابة العربية"، وذكرَ (ص 18) ما أوردَه "الشرتوني" عن جوازِ كتابةِ الهمزةِ بعدَ همزةِ الاستفهام بطرقٍ مختلفة. أقترح أن نؤيد رأي د. أبي خضرة (ص 18) ونمتنع عن التمسّكِ بكلِّ ما ورد من اقتراحاتٍ وآراءٍ على مرّ العصور. ومِنَ الأجدى أن نسألَ اللّغةَ نفسَها عن رأيِها قبلَ أن نصرفَ الجهودَ في استحضارِ آراءِ كلِّ من يُدلي بدلوِهِ. فلغتُنا لن تخونَنا، لأنّ فيها منطقاً وعلينا أن نجدَه. أمّا إذا دخلْنا في دوّامةِ الآراءِ هذه فلن نَخرُجَ منها، ونستمرّ في الدَّوَران في نفس الدّائرة مثل (بغل الحنّانة)، لكنْ دونَ أن نُخرجَ حفنةَ ماء.

لقد اقترحَ د. أبو خضرة اقتراحين لحلّ "المشكلة"، وهما: اختيارُ صورةٍ واحدةٍ من الصُّوَرِ الأربعِ، أو إيجادُ حرفٍ جديدٍ متّفَقٍ عليه (ص 21)، أمّا أنا فأُصِرُّ: لسنا بحاجةٍ إلى ذلك لأنّه حقّاً لا توجدُ مشكلةٌ.

أخيراً، أرغبُ أنْ أطرحَ أمراً مغايراً لما لمستُه من توجهاتٍ وما رأيتُه من قناعاتٍ عندَ الكثيرين فيما يخصُّ اللّغةَ العربيةَ وقوانينَها الكثيرة. أعتقدُ أنّه بدلَ أنْ نصرفَ الجهودَ المضنيةَ على كيف نُغيِّرُ هذه القوانين أو نُلغيها، ألأجدى بنا أن ننظرَ بجديّةٍ إلى البرنامج الدّراسيِّ للّغةِ العربيّةِ، وإلى الطّرقِ والأساليبِ المتَّبعةِ في تدريسِها، لأنّه، باعتقادي، هنا تكمنُ المشكلة. ويشكِّلُ موقفي هذا موضوعاً رئيسيّاً لعدد من الفصول القادمة. أكتفي هنا بما يلي:
لقد أنعمَ علينا أجدادُنا بلغةٍ ليست جميلةً فحسب، بل دقيقةً وواضحةَ القوانين. وهي، إلى ذلك، ملتزمةٌ حتّى النُّخاع بالمبدأ الّذي خلق الأبجدياتِ الصّوتيّةِ. في تعاملِكَ مع اللّغةِ العربية أنت تتعاملُ مع نظامٍ متكاملٍ وواضحِ المعالم، لا مع فوضى عارمةٍ كما في العديدِ من اللّغات الأخرى. وهو نظامٌ هندسيٌّ دقيقٌ ولا يخلو من منطقٍ كتابيٍّ ولفظيٍّ ونحويّ. ثمّ إنّها لغتُنا، فعلينا أن نُتقنَها كما هي.
أعترفُ بوجودِ إشكاليّاتٍ في اللّغة العربيّةِ غيرِ موجودةٍ في أيِّ لغةٍ أخرى، وأهمَّها أمران: ألأوّلُ هو الفروقُ الموجودةُ بين العاميّةِ أو اللّهجاتِ المحليّةِ وبين الفصحى. والأمرُ الثّاني هو تغيُّرُ لفظِ أواخرِ الكلماتِ المعربةِ حسبَ موقعِها من الجملة، أو الإعراب، وسيكونُ البحثُ في الأمرين موضوعاً لعدد من الفصول القادمة.

ألخصُّ وأقول: إذا اتَّبعتَ قانونَي كتابة الهمزة المذكورَين، وامتنعت عن كتابة ألِفَين متتاليتَين في نفس الكلمة، وعن كتابة الكلمة نفسها على أكثر من شكل، وانتبهت إلى أنّ (ء + ا = آ)، عندها تكتبُ أيَّ كلمة مهموزة كتابةً صحيحة دونَ أيّةِ مشكِلة.

وإلى اللقاء في حلقة قادمة، وهي عن "تشكيل كامل موحَّد وعصريّ".
---------------
1. "من أشكال الكتابة الإملائية في اللغة العربية"، د. فهد أبو خضرة، ص. 11 – 22. دورية "مدارات"، إصدار معهد الدراسات للتعددية الثقافية، ألناشر: دار الهدى للطباعة والنشر، حيفا، ط. 1، 2005.



#شوقي_إبراهيم_قسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثالثة (3)
- تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الثانية (2): في ال ...
- تعلَّموا العربيّة وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)
- تعلّموا العربية وعلِّموها للنّاس - ألحلقة الأولى (1)


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شوقي إبراهيم قسيس - تعلَّموا العربية وعلِّموها للناس - ألحلقة الرّابعة (4): ألهمزة وكتابتها