|
بين السياج والبرّية
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 10:55
المحور:
الادب والفن
علامة الحرب ...
بحثوا بعد معركتهم التي خسروها عن السهم الذي أُصيب به الملك . توسّلهم للمنتصر وهو يطعم النسور في المفازة ، ينفي امكانية ثأرهم للشرف والعلم الوطني ، وفي محاولتهم العثور على السهم ودفنه في صفاء الظهيرة ، طقس ملائم للإبحار مع الجريح الذي يئن في احتقاره لبنفسجة ورطته . نجوم طائرة تتمادى في حنوّها على العفن الذي يلفّ الجثة ، وهم في غرقهم بالشقاء ، يكسّرون الأقفال الصدئة للسجن الذي أعدّوه لعدوهم المُتيّقظ دائماً ، وما يعجزهم في تنكّبهم الدرب المليء بالرياء والحنق ، تشابههم مع الانعام في تخلّيها عن السلطة . دوافع حمقاء لا تتحسّب لما يحتاط منه الغَير . المنجّمون لهم رفعة وجاذبية يعرفها السرّ ، يتريثون في عبورهم النهر ويمنعون ثمارهم النضوج في أيّام الفتنة . كلّ النواتج الأخيرة في موافقتها لدوّامة الغضب ، نؤذي في عسلها ذواتنا المبتلية ، بالعجز ، وخصامنا المُعَمّر مع الذين يتحرّقون للدنو من اقطاعاتنا الفقيرة ، لا يجرّدنا منه خمولهم وصبّهم اللوم علينا . علامة الحرب وردة طفلة يلفّها الشعب بفراء القبيلة ، ويفلح الأعداء الأسقام في تداعي الأبنية . الافلات من آثار العَظم في موسم جني الثمار ، تعويذة نحملها ونحن نطارد الغزلان بين الأثداء الكبيرة للغابة .
نومنا الذي تشوبه الجروح ...
تضاد دائم يماهونه بما يؤْثِر شرّه على الطبيعة ، علاجات كثيرة وصفناها لهم ، تلقّوها بتلقائية ولم تفدهم في التخلّص من حسدهم . ضميرهم الذي يتهدّده تعب العندليب في بناء كوخه ، يوّرطهم بسلب الميت تميمته واسمه المرصّع بالفقدان . سهل أن نقيم لمن تجمعنا معهم قرابة ، حفلة شواء ونشبعهم بغضنا ، لكن ما يحرّك التشاحن وينسجه في الأفياء القليلة لحياتنا ، يقلع عن الخيّر ويحوّل انتباهنا الى التعاطف مع نبل الهدف . تقتضينا همّتنا في الارتقاء ونحنُ نتلمّس القداسة ، أن نعبر بتؤدة نفاية الدين والفن والعادات في المجتمع . الثابت في موازنته لحياته مع الأشياء التي يصلّي لها الشيوخ ، يتأخر طويلاً في استكماله لقبور الذين سبقونا الى ثمار الفطر . نزن عمل كلّ يوم بمصادفة النحلة للوردة ، وللغنى دهاليز يتعذّر الخروج منها . الجلوس في العلاء ولمس الجراثيم ، عبقرية متطرفة لا نطيق الامتحان فيها . إخلالات متعدّدة في الوجود ، نردّها الى انحراف الطبيعة عنّا في نومنا الذي تشوبه الجروح .
العالم السفلي ...
رونق عذب لأفياء الشواطىء ، نخرج فيه الى صيد السمك . نحيب شجي في الجهة الأخرى ، والناس يعطّلون أيّامهم ويتغدَّون في الغابات . الصيف الأصهب يتلطَّف أحياناً في تحميته للعشب ، ومواشينا تجلس وتنتظر على المصاطب هزيلة وتغلط في الإملاء . كاهن معبدنا ميّال الى الوشاية بالغيم ويتجنّب في منزله الوحدة ، يتحدّث مع الآلهة ولا يشملنا بالسماحة . كلمات غامضة يدلي بها في الهواء ونحن نعرف فزعه من تعفّن جثثنا حين نذهب الى العالم السفلي . وعود طوباوية يهرف بها كلّ يوم ، وفي طاعتنا لعبوديتنا له والى الآلهة ، نقلّد مواشينا في نومها الذي لا يفضي الى وفاة ما . أفعال جارية علينا ونتماهى في سخطنا ضدّها مع آدميتنا التي تشكو الإخصاب .
رغبتنا في الغرق ...
ورثنا شعائر خائرة مِن ديانة الأكواخ التقدمية ، وفي تلحيمنا لها ، نقضي على حلم الانسانية بالانعتاق من السجن الذي بلا خبز أو وردة . موروث رمزي يخفي عنّا نصيبنا من العدالة ، وفي اعادتنا النبش في هوّة الطقوس ، تتوّزعنا الرغبة المتوّترة بين السياج والبرّية . لعنة متجاذبة نلزم أنفسنا في تبرّمنا منها بالرياء والحنين الى محاربة الآخرين . عقد هدنة مع ما نكدح لخلاصنا من تسلّطه وانكاره للأشياء التي نتنبأ بها ، يضفي هالة كبيرة على الهمج والبروقراطيين . الجماعات والأفراد ينتخبون عيشهم ومتاعهم في مجاورتهم للنسيم ، والتضامن مع الغرباء لا ينسينا رغبتنا في الغرق .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلّ حرب لها شائعة معروفة
-
سهرنا في الريح مع الملُقّنين
-
اطراء العفّة
-
قسمتنا من الإرث
-
في تنفيذنا مشيئة الموتى
-
ما يتعاقب في أحلامنا
-
قصر حياته مع الأغلبية
-
تماثل طقسي
-
قبل الطوفان وبعده
-
فتائل الهاوية
-
الاطاحة بالمراثي
-
في إنشاده لموته
-
ما يجاوز يأسنا
-
ما كُنّا نخفيه عن الموتى
-
مطالبهم في البرّية
-
المنحدرون من هاوية الحرب
-
دفن القتلى
-
الرسو في آبار اليوم
-
ما يتجلَّى في المفازات
-
شُعل الديمومة
المزيد.....
-
هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف
...
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|