أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كلكامش نبيل - الفيدراليّة، حل أم مشكلة جديدة؟















المزيد.....

الفيدراليّة، حل أم مشكلة جديدة؟


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 00:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لطالما حاولت الإبتعاد عن الكلام في السياسة وما يرافقه من مشاكل، وربّما تجنّبا لتصنيفات خاطئة من قبل الكثيرين حول إنتماءات من يكتب في هذا المجال، إلاّ أنّ الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا والمنطقة ككل، وما قد يرافق ذلك من تغيّرات، تبدو وللأسف ذات نتائج سلبيّة إن لم تكن مدمّرة على كافّة الأصعدة السياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، بل قد تتعدّى نتائجها حدود ذلك لتهدّد كيان أوطاننا ومستقبل أجيالنا القادمة، لذلك إرتأيت أنّ الصمت في مثل هذه الظروف جريمة لا تغتفر كما يقول دانتي بأنّ أكثر الأماكن سخونة في الجحيم محجوزة لأولئك الذين يلتزمون بحيادهم في أوقات الأزمات الأخلاقيّة العظيمة، ورغم أنّني سأحاول إلتزام الحياد ولكنّني أعجز عن البقاء صامتا.

لا يخفى على أحد أنّ الأزمة الطائفيّة تصاعدت وبوتيرة سريعة منذ الحرب على العراق وإنتقلت العدوى لتصيب دولا أخرى كسوريا وتهدّد لبنان الذي إكتوى بنارها طوال عقود خلت، بالإضافة إلى محاولات لتأجيجها بين الفترة والأخرى في مصر والتي تعاني من وضع غير مستقر منذ السبعينيّات أيضا. لكنّ المشكلة الكبرى تتمثّل في وعي العقل الجمعي للمجتمع بأنّ مثل هذه المشاكل خلقت من أجل تقسيم وإضعاف هذه الدول وغالبا ما تتّهم الجماهير أجندات خارجيّة بالوقوف وراءها، ومع ذلك نرى بأنّ الأغلبيّة وعلى مستوى الأفراد تنجر بسهولة وراء مثل تلك المحاولات متأثّرة بعواطفها الدينيّة التي يستغلّها فيهم رجال الدين ممّن يعتاشون على دماء ضحايا تلك الأزمات ويكسبون من تأجيج نيرانها السلطة والمال ويحظون بمواقع قياديّة ما كانوا ليحلموا بها في أوقات السلم الأهلي.

الغريب في ما يحصل في منطقتنا أنّه حدث بعد قيام دول يفترض أنّها كانت علمانيّة ومدنيّة، كما يفترض أنّها عزّزت الشعور بالمواطنة ولكنّنا يجب ألاّ ننسى بأنّ هذه الدول نفسها لم تكن مدنيّة حقّا وأنّها حقّقت بعض الخطوات في سبيل التقدّم بعد التحرّر من الإحتلال العثماني ولكنّها سرعان ما إنغمست في الفساد وأتون صراعات داخليّة على السلطة تارة،وخارجيّة مع بعضها البعض أو مع دول إقليمية وعالميّة تارة أخرى. كل هذه الأمور أدّت إلى تفشّي الفقر والجهل في أوساط المجتمع من جديد ولهذا نشأت أجيال أميّة في العراق من جديد، بعد أن كان قد أعلن في سبعينيّات القرن الماضي عن القضاء على الأميّة، كما أدّى تردّي واقع التعليم والبحث العلمي بسبب الحروب والحصار إلى تخريج أعداد كبيرة من الجامعات من دون أن يحصلوا على تعليم حقيقي يمكّنهم من إنجاز شيء فعلي ولهذا تزخر منطقتنا بعدد هائل من الخريجين الأميّين الغير القادرين على الإبتكار. ساهمت عوامل الفقر والجهل المستتر مع تقييد العمل السياسي ونشاطات المجتمع المدني بسبب محاولة الأحزاب الحاكمة الهيمنة على الساحة السياسيّة بشكل تام، أدّى ذلك كلّه إلى تنامي دور الدين وصعود التديّن، المفرّغ من محتواه، فأصبح تعبيرا عن الكبت السياسي، فإستغلّ رجال الدين دور العبادة ليأثّروا على الناس فكريّا، بصفتها الأماكن الوحيدة التي يتوفّر فيها جو يشبه التجمّع، بسبب محاربة كل الأنشطة الأخرى وأي شكل من أشكال التجمّع والتنظيم السياسي أو الإجتماعي. هكذا تصاعد دور الدين في ظل جو من اليأس والإحباط، إذ يسهل خداع الناس بوعود ميتافيزيقيّة لا يمكن إثباتها كما لا يمكن الجزم بإنتفاء وجودها، ولهذا يفضّل الإنسان - الذي لم يجد له ما يسعده أو يمنحه الأمل في ظل الظروف القاهرة التي تحيط به – أن ينقاد لمثل هذه الآمال ولهذا نرى تصاعد المد الديني منذ التسعينات في دول المنطقة بسبب الفقر واليأس وأيضا إستغلال السلطة تلك الوسيلة لتخدير الناس عن المطالبة بحقوقهم، فكما يقول نابليون بونابرت بأنّ الدين هو ما يمنع الفقير من قتل الغني وقد أكّد ذلك الفيلسوف الروماني سنيكا الأصغر، قبله بقرون، عندما قال بأن عامّة الناس تعتبر الدين حق، ويعتبره الحكماء باطلا، ويعتبره الحكّام مفيدا." وهكذا إستفادت السلطات المتعاقبة في إستخدام مشاعر الناس الدينيّة كأفيون تارة ليقبلوا بظلمهم متوعدين إيّاهم بعاقبة أفضل وحياة أخرى يعوّضون فيها عمّا عانوه في حياتهم هذه. ويلهبون مشاعرهم أحيانا أخرى بإستخدامه، عندما يشنّون حروبا دينيّة بشعة يوهمون فيها الجماهير بأنّهم مستهدفون وأنّ وجودهم مهدّد بسبب إستهداف الأعداء لدينهم. وقد يكون التحريك هذا داخليّا تارة لتحقيق مكاسب سياسيّة، وخارجيّا تارة لكسب تأيّيد الشعب وبذلك ذاب شعور المواطنة وتلاشى عبر الزمن، بالإضافة إلى تأكيد حكومات المنطقة على العشائريّة والمناطقيّة وإسقاط هيبة القانون بمنح هذه الإنتماءات الحق في محاسبة المسيئين بشكل أفقد الدولة هيبتها وهمّش مؤسّساتها القضائيّة فضلا عن تسييس تلك المؤسّسات بشكل أفقدها المصداقيّة، علما أنّ أجدادنا ومنذ القدم أدركوا أهميّة القضاء ولهذا وضع الملك البابلي حمورابي نسخا من مسلّته الشهيرة في كل مدن الإمبراطوريّة الرئيسيّة، ليتمكّن الجمهور من قراءة نصوصها وتجنّب الوقوع في الجرائم التي يحاسب عليها القانون، بالإضافة إلى إيجاد وسيلة لتوحيد السلطة القضائيّة عبر أرجاء الإمبراطوريّة. لكنّ ذلك يفرض علينا أن نناقش دور الدين في تدعيم القضاء والسلطة، لنتذكّر بأنّ الثيوقراطيّة كانت على الدوام موجودة ومنذ أن قامت المدن البشريّة الأولى نرى الملك-الكاهن وإرتباط السلطة السياسيّة بمواقف الكهنة، وكذلك إدّعاءات كل المتمرّدين ومغتصبي العروش في بلاد الرافدين القديمة والصين أيضا بأنّ الملك السابق قد قصّر في واجباته تجاه الآلهة فعوقب بأن خلع عن العرش ليجيء بملك آخر يراعي حقوق الآلهة، هذا بالإضافة إلى إحاطة الملوكالأقوياء من مؤسّسي الإمبراطوريّات الجديدة بهالة من القداسة حتّى فيما يخص قصص ولادتهم ليبهروا الناس ويوهمونهم بأنّهم يحصلون على دعم إلهي يساند حكمهم، وهذاحال قصّة ولادة سرجون الأكدي وقصّة موسى التي تشبهها كثيرا وكذلك قصص ولادة إمبراطور التشو في الصين ومؤسسي مدينة روما، رومولوس ورموس، إذ أحيطت كل هذه القصص بهالات أسطوريّة تميّزهم عن غيرهم من بني البشر لتمنحهم الحق في السلطة.

واليوم، وللأسف الشديد، نرى تصاعدا في المد الديني من جديد، رغم أنّ العالم كلّه أدرك دور التحزبّات الدينيّة والقوميّة المدمّر على الصعيدين المحلّي والعالمي، وبعد أن أدرك الناس عبر قرون من الدماء والتصارع الذي لا طائل من وراءه بأنّ النظم العلمانيّة المبنيّة على أساس المواطنة والكفاءة هي التي يمكنها بناء دول حديثةمتطوّرة. ما وصلت إليه أوربا اليوم من تطوّر وإحترام لحقوق الإنسان، مبني على تجارب مريرة متمثّلة بحروب دينيّة شرسة في القرون الوسطى رافقها سقوط مئات الآلاف من الضحايا بسبب إختلاف الطائفة ومطاردة السحرة وغيرها وهروب مئات الآلاف أيضا نحو العالم الجديد هربا من الإضطهاد الديني، حتّى أدرك فلاسفة عصر التنوير بضرورة إبعاد الدين عن الحياة العامّة، ولم يكن الأمر سهلا في البداية طبعا، حتّى ترسّخت مباديء الثورة الفرنسيّة وتخلّصت أوربا من تبعات تلك الحقبة التي أغرقتها في حروب لا طائل منها. لكنّ تصاعد الأفكار القوميّة أيضا أفرزت أحلاما خطيرة داعبت خيال المتطرّفين من الأحزاب القوميّة فكان من نتيجتها صعود النازيّة والفاشيّة وديكتاتوريّة فرانكو في إسبانيا، لتغرق أوربا من جديد في حروب راح ضحيّتها ملايين من البشر. ولمّا كان الهدف من دراستنا للتاريخ أخذ العبرة من دون الحاجة إلى تجربةذلك، فعلينا أن ننظر لهذه الأمثلة بإمعان، ومحاولة التخلّص من تبعات العبوديّة الدينيّة والقوميّة ونلتفت للإنتماء الحقيقي الأوحد والأسمى ألا وهو الإنسان، وأن نعمل لخير الإنسان ورفاهيّته في العالم بأسره وفي نطاق حدود وطننا، ونتعامل مع بعضنا البعض على أساس المواطنة المبنيّة على إحترام حقوق الجميع بما يحقّق العدالة والمساواة. في ظل هذه الأجواء، ستجد المؤسّسة الدينيّة مروّضة وضعيفة بشكل يجعلها تعمل لصالح المجتمع أيضا وتنطبع بمباديء الإنسانيّة، لا أن تفرض نظرتها الأحاديّة الجانب على حياة الشعب بأسره.

أحيانا يساورني شعور بأنّ عمر الإسلام اليوم ألف وربعمائة عام وأنّه يمر اليوم بما قد مرّت به المسيحيّة في تلك المرحلة من عمرها وأنّه في طور نضج وأنّ شعوب المنطقة في طريقها للوصول إلى ما وصلت إليه أوربا اليوم ولكن بخوض نفس التجارب الأليمة، قبل أن يدرك الناس بأنّ الحكم الديني لا يقدّم الخير أبدا، وأنّ النظام المدني هو الأصلح والأنفع للإنسانيّة ككل. ولكن لماذا علينا أن نجرّب كل تلك المآسي قبل أن ندرك ذلك، ولماذا نعود إلى الوراء بعد أن جرّبنا أنظمة أكثر صلاحيّة للوطن وإن كانت السبب فيما نحن فيه اليوم بسبب إخفاقها عن أهدافها لأنّها كانت عنصريّة هي الأخرى وإن تسربلت بثياب الحضارة، ربّما لأنّها لم تنبثق من الشعب نفسه بل فرضتها قوى الإستعمار في القرن الماضي، أي أنّها لم تكن تجربة ذاتيّة لشعوبنا التي تناست بسرعة الجهل والفقر الذي كان يحاصر دولنا أبان الحكم العثماني، عندما كنّا مجرّد مقاطعات مهملة لا تكاد تذكر ولم تخلّف لنا تلك الحقبة التي دامت قرابة الأربعة قرون أيّ شيء حتّى على صعيد المنشآت العمرانيّة. ورغم ذلك تجد بعض الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي ممّن تمجّد تلك الحقبة وكأنّها حنين إلى العبوديّة بشكل يذكّرني بمقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير"من الصعوبة أن تحرّر السذّج من الأغلال التي يبجّلونها"، فمن الصعوبة أن يفسّر الأمر بشكل آخر ونحن نتذكّر دولنا التي كانت كالخرائب أبان ذلك الحكم ومدننا الخالية من مدراس وواقع المرأة المتردّي في سجون الحريم التي تعامل المرأة كجسد مملوك فقط ليس إلاّ.

أيّا تكن الأسباب فإنّ النتيجة واحدة، وهي تصاعد المد الديني والإرهاب والتطرّف الذي أصبح موضة جديدة في هذه المنطقة يصدّر على أكتاف اليائسين والجهلة، الأمر الذي عرقل مسيرة البناء، بل وأدّى إلى هدم كل منجزاتنا السابقة المتأخّرة أصلا عن ركب الحضارة العالميّة، وقد أدّت كل هذه المشاكل المفتعلة والناتجة عن تزمّت كل طرف برأيه وإبتعاد الجميع عن لغة العقل والمنطق إلى إغراق دولنا في برك وبحيرات من دماء لانهاية لها ولا طائل من وراءها، وجرّ الشعب إلى قتال بعضه البعض، متناسين سنوات العيش المشترك في الأحياء السكنيّة والعمل والدراسة وحتّى الأسر المختلطة التي يدل وجودها بحد ذاته على أنّ الإنسان واحد وكل ما عدا ذلك من إنتماءات مجرد إلصاقات بشعة بجوهره النقي. كل هذه الأمور مجتمعة أدّت إلى تصاعد المطالبات بأنّ العيش المشترك أصبح مستحيلا، وهذا أمر خاطيء بكل وضوح، فكل الدول العظمى قديما وحديثا تكون كذلك كلّما إتسعت وتنوعت أعراقها وشعوبها، وليس التنوّع عائقا أمام الإستقرارإذا ما توفّرت العدالة والمساواة وإحترام الجميع على أسس المواطنة، وليست الولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا الفدراليّة وسويسرا وغيرها من أنظمة قويّة إقتصاديّا ومرفّهة - على الرغم من كونها دول متعدّدة الأعراق - إلاّ دليلا على أن التنوّع هو مصدر قوّة وثراء وليس ضعفا أبدا. وتاريخنا أيضا يشهد بأنّ إمبراطوريّاتنا كانت أكثر قوة عندما وحّدها ملوك مثل سرجون الأكدي وحمورابي وسرجون الثاني وملوك الإمبراطوريّة الآشوريّة الحديثة، فيما كانت البلاد تغرق في أتون صراعات داخليّة أبان حكم السلالات المستقلّة، لأنّ قوة الدولة بالضرورة تزداد كلما زاد عدد سكّانها وإزدادت مساحة أرضها بشكل يضمن لها التنوّع المناخي والجغرافي وتعدّد أشكال الإنتاج الزراعي ومصادر الثروات المعدنيّة.

الآن يروّج البعض بأنّ الحل يكمن في تكوين أقاليم فيدراليّة، ولكنّي أرى في ذلك تصدير لأفكار تتجاوز عقليّة المجتمع التي لم تنضج بعد، تماما كما هو الحال عندما صدّرت الديمقراطيّة جاهزة بعد سنوات من القمع والإستبداد بشكل أفرغها من كل محتوى حقيقي لها، لأنّ الديمقراطيّة ممارسة تنشأ عليها الأجيال وتستحصل من خلال تجربة ذاتيّة ولا يمكن لنقل تجربة من دون عناء أن تنجح خصوصا إذا ما طبّقت في مجتمعات تعاني من الجهل وإنعدام الثقة المتبادلة، متناسين بأنّ خلق كيانات جديدة على أسس طائفيّة لن يكون حلاّ أبدا وسيكون بوّابة لصراعات جديدة قد تستمر طوال عقود بسبب تولّد مناطق متنازع عليها، كما أنّها ستزيد العزلة والبعد بين أبناء الشعب وتخلق غيتوهات هي الأكثر خصوبة لترعرع أفكار التعصّب والإنغلاق، فالكل يدرك أنّ الأحياء المختلطة والنشوء في ظل بيئة منفتحة يجعل الإنسان أكثر قدرة على التفاعل وفهم الآخر وسيرى كذب الإدّعاءات التي قد تروّج لها السلطات الدينيّة في محاولة منها لتنفير أتباعها من أتباع الطوائف الأخرى، بينما لا تتاح مثل هذه الفرصة لإكتشاف الحقيقة بالنسبة لمن يعيش في غيتوهات مغلقة عرقيّا أو طائفيّا. الكل يدرك بأنّ حوار الأديان كذبة وخصوصا بين رجال الدين لأنّهم في الواقع يعتاشون على تعميق الخلافات ولايمكنهم أن يعترفوا ببعضهم البعض لأنّ ذلك يهدّد مصالحهم بينما لن يجد أتباع كل الأديان مشكلة في أن يتعايشوا معا في ظل غياب دور رجال الدين أولئك، وإذا ما أصريّنا – متأثرين بعواطفنا الموروثة - على تجاهل السبب الرئيسي لمشاكلنا فلن نجد لها حلاّ أبدا. ولا ننسى أيضا بأنّ الدول في الغالب تتّجه نحو التوحّد لا التجزئة وأنّ العدل أساس يحفظ هذه الوحدة، فكل الدول الفدراليّة اليوم كانت دولا عدّة وقرّرت الإتّحاد ولم تكن كيانا واحدا وإتجهت نحو الفدراليّة، ولا ننسى بأنّ أوربا تناست كل مشاكلها السابقة وإتجهت للوحدة ونكران الذات فقامت بإلغاء الحدود والعملات المحلّية متناسية كل الفوارق العرقيّة والدينيّة واللغويّة، لأنّ الوحدة هي ما يجعلنا أقوى بكل تأكيد.

في النهاية يجب أن نركّز على ما يجمعنا وهو أكبر بكثير ممّا يفرّقنا وأكثر عمقا، فما يفرّقنا أمور تافهة عفى عليها الدهر وشرب ولا سبيل لإعادة الزمن وتغيير مجرى التاريخ ولكنّنا وبكل تأكيد قادرين على أن نغيّر المستقبل، لنركّز على قيم الإنسانيّة والعيش المشترك، لنبدأ حوارا مبنيّا على تفهّم ألم الآخر وعندها سنجد أرضيّة مشتركة للحوار وإيجاد الحلول، علينا أن لا نتّجه بحماقة نحو ما يبدو في الواقع حلاّ ولكنّه يحمل في طيّاته بذور مشاكل جديدة قد تستغرق منّا عقودا أخرى من مسيرة تقدّمنا وسعادتنا ودماء أبناءنا، يجب أن نتعاطف مع بعضنا البعض ونعترف بما حصل ويحصل من ظلم لكل فئات الشعب وأن تتوقّف كل فئة عن تمجيد من قام ويقوم بظلم الآخر، عندما توحّدنا مشاعر الألم والتضامن، لن تقدر أيّة قوة على إختراقنا وإضعفنا وعندها فقط سيكون حلم الأمّة العراقيّة قد تبلور وبدأ يخطو خطواته الأولى ليرى النور واقعا يحمل لنا الكثير ليعيد أمجاد ماضينا التليد، يوم كانت بلاد سومر وبابل وآشور القوّة الأكبر تأثيرا في المنطقة ثقافيّا وإقتصاديّا وحتّى عسكريا وهو الأمر الذي لا نريد تكراره لأنّ الحرب خراب محض. لندرس التاريخ ونعرف بأنّ شعوبا حديثة النشأة تطلق على نفسها إسم أمّة فيما يستنكر البعض علينا ذلك رغم أنّ لغتنا الأكديّة كانت يوما ما اللغة الدبلوماسيّة في العالم القديم ورسائل تل العمارنة في مصر تثبت ذلك بالإضافة إلى ديانة ما بين النهرين التي أثّرت في دول الجوار وحتّى أوربا وتسرّبت عناصر كثيرة من نصوصها إلى الأديان الحديثة اليوم والتي تحاول إضعاف وطننا وسلبأحلام أطفالنا. لنقرأ فقط لنفهم بأنّنا نستحقّ الأفضل، فبالتعليم والمعرفة والثقافة وحدها سنتمكّن من بناء مستقبل زاهر وسندرك قيم التسامح والتعايش وإحترام حقوق الإنسان والدفاع عن حق الجميع ما دام ذلك وفق القانون ويتم بالطرق السلميّة وسنبني مجتمع المواطنة من جديد في وطن واحد وقوي.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كلكامش نبيل - الفيدراليّة، حل أم مشكلة جديدة؟