أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حيان السمان - من مقام الثورة إلى أحوال النفط : دير الزور شاهدة وشهيدة















المزيد.....

من مقام الثورة إلى أحوال النفط : دير الزور شاهدة وشهيدة


محمد حيان السمان

الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 21:29
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في نيسان 2012 أصدرت تنسيقية الثورة في دير الزور بياناً هو أشبه بتوسل موجّه إلى المسلحين الذين كانوا آنذاك يتخللون المظاهرات السلمية بحجة حمايتها من بطش النظام. المعنى المركزي للبيان يتمحور حول ضرورة ابتعاد المسلحين عن المظاهرات " نناشدكم أن لا تظهروا بهيئتكم المسلحة داخل المظاهرات السلمية ". ويسوق البيان حججَه في هذا التوجه الوطني الشجاع, وهي حجج نابعة من الحرص على استمرار الثورة بزخم متصاعد من الاحتجاج السلميّ, وحماية المدنيين بالسلمية وليس بالسلاح الذي , كما يوضح البيان, أجج العنف, وقدّم ذرائع قوية لقتلة النظام كي يستكملوا عملهم الذي يبرعون به, مما أثار مخاوف وشكوك الكثير من النشطاء والمتظاهرين السلميين, فابتعدوا عن المجال العام.
وينهي البيان مبررات هذه المناشدة بتفنيد الادعاء القائل بأن وجود عناصر الجيش الحر ضمن التظاهر يحمي المتظاهرين. على العكس – يقول البيان- " إن وجود أي مظاهر للتسلح ضمن المظاهرات السلمية قد يقود إلى استفزاز كبير لعصابات الأمن, وهم حمقى جبناء تنتج عنهم ردات أفعال جرّبناها قبل أودت بحياة كثير من شبابنا الذين كان من الممكن أن يكونوا بيننا اليوم ".
لم يلقَ هذا البيان آذاناً مصغية من قبل الفاعلين الميدانيين, والمحرضين على العسكرة والعنف. وذهبت هذه الصيحة الجريئة والعقلانية أدراجَ رياح قاسية لئيمة, حوّلت – دير الزور- تدريجياً إلى أكوام ركام وبقايا أنين مكتوم. – دير الزور – اليوم, وبعد سنة كاملة من ذلك البيان, مدينة شهيدة بكل معنى الكلمة, وقعت بين حديّ ( كماشة) عنف عار واقتتال مجنون وبدون أفق واضح يخدم الثورة وأهدافها الحقيقية. على – المؤرخين – يوماً أن يوضّحوا معالم التراجيديا القاسية التي عاشتها دير الزور بين حدي ( الكماشة) اللئيمة هذه. إنّ – تدبيج الكلمات الإنشائية والخطابات العاطفية – حول قاتل وحيد, وعدوّ في جهة واحدة واضح الملامح والأهداف؛ لا يكفي لتوضيح حقيقة ما حدث في دير الزور, وفي العديد من المدن السورية الشهيدة.
لغة البيان حذرة...مهذبة...لا توجّه أية اتهام للمسلحين ( الجيش الحر), و لا تُشكك بنواياهم أو نزاهتهم. كانت الصورة العامة للمقاتلين آنذاك ما تزال طافحة بمعاني البطولة والشجاعة والتضحية...الخ. كانوا – في المخيال العام والضمير الجمعيّ لأناس مهددين ومرعوبين وعزّل أمام بطش النظام- بمثابة مخلّصين وحُماة لا يبتغون أكثر من حماية شعبهم والوقوف بوجه الشبيحة القتلة والجيش الذي خان أمانة الوطن والشعب.
سوف تمضي سنة كاملة منذ صدور ذلك البيان الشجاع, كي ينتقل انتقاد المكون العسكري في الثورة السورية ( الجيش الحر), من مستوى الرجاء والمطالبة الخجولة والاحترام الكامل والثقة الخالصة, إلى مستوى الإدانة الكاملة والاتهام المباشر بحزمة من التهم السياسية والأخلاقية والسلوكية المشينة, والتي لم يكن أحدٌ على الإطلاق يتوقع صدورها من أولئك الذين كانوا محطّ الرجاء والثقة والأمل. ليس هذا فحسب بل إن الاتهام صادر هذه المرة من داخل المكون العسكري للثورة نفسه, ومن عنصر قيادي فيه, وليس مجرد انتقاد من هيئة سلمية في الثورة. أي أنه لا مجال للقول هنا بأن جماعة السلمية ( جماعة غاندي : كما يعبر بصفاقة وغباء بعض القبضايات ) هم الذين ينتقدون العسكرتارية في الثورة.
فمنذ أيام تناقلت وسائل الإعلام ومواقع التواصل بياناً للنقيب ( يوسف عكلة) يعلن فيه عن استقالته من قيادة – لواء الفاروق – في دير الزور, بسبب ما اعتبره " انحراف الثورة عن مسارها وتحوّلها لثروة وجمع المال ". و يسوق النقيب المستقيل عدداً من الوقائع والتهم الموجهة إلى الكتائب المسلحة, فيقول:
" إن بعض قادة كتائب الفاروق بالمشاركة مع ألوية أخرى يقومون ببيع مستودعات معمل السكر, من أدوات وقطع غيار, انتهاءً بالمكنات من دون علمنا أو موافقتنا على ذلك ".
ويوجه النقيب – عكلة- اتهاماً مباشراً إلى المجلس العسكري الثوري نفسه ويقول إنه " لا يقوم بتقديم أي دعم حتى ولو بطلقة واحدة, مع العلم أن كل ما يأتي من دعم يذهب لأشخاص معينين يدينون بالولاء الأعمى لقادة هذه المجالس ". ويشير النقيب في البيان إلى " تكتّل و تحزب وموالاة " داخل المكون العسكريّ, " لجهات خارجية تفرض التبعية أو التصفية " !؟ . ويختتم النقيب بيانه بكلام خطير ومحزن عندما يشير إلى " عدم جديّة أي جهة من الجهات المسؤولة عن الجيش الحر أو الداعمين له في القتال ضد النظام في مدينة دير الزور, إنما كان الهم الوحيد وما يزال هو عقد الصفقات المالية مع النظام. و مما سبق أعلن استقالتي من اللواء و من جميع الأعمال الثورية " .

* * *
تأتي استقالة النقيب يوسف عكلة و بيانه المدوي هذا على خلفية أخبار تتواتر منذ فترة عن خلافات وصلت حد التقاتل الدموي بين الجيش الحر وجبهة النصرة في منطقة دير الزور, وعن معركة دامية سقط فيها حوالي 37 قتيلاً, بين النصرة وقبائل سورية في المنطقة نفسها . وموضوع الاحتراب في الحالتين هو : النفط السوريّ, ومحاولة الاستيلاء على الآبار الموجودة في منطقة دير الزور, والتي تحتوي على معظم الاحتياطي الوطني من النفط السوريّ . ولعل وجود النفط الخفيف في الآبار القريبة من دير الزور ( حقل التيم و عمر), قد شكل عاملاً إضافياً في احتدام الصراع, حيث يمكن الاستفادة تجارياً من النفط الخفيف ببيعه مباشرة لجهات خارجية, وهو ما يحدث حالياً بحسب اتهامات وجهها إلى الجيش الحر مقاتل من جبهة النصرة يدعى ( أبو البراء), عندما قال لصحيفة – الغارديان – أن " عناصر من الجيش السوريّ الحر, وقوات النظام تبيع النفط الخام من حقول دير الزور إلى تركيا ". وقد تشكل اتهامات النقيب المستقيل لقيادات الجيش الحر, قرينة هامة تثبت صحة اتهامات النصرة للجيش الحر هنا. ولنا – في نهاية الأمر – أن نتخيل مآلات الثورة التي انطلقت قبل أكثر من عامين بهدف الحصول على الحرية والدولة الديمقراطية المدنية والقضاء على الفساد والقمع واحتكار السلطة...الخ, على ضوء هذه الصورة المشينة التي تطالعنا من دير الزور وما حولها.
إن الخلافات بين الجيش الحر ( كتيبة الفاروق تحديداً ) وبين جبهة النصرة مستمرة منذ أشهر, ولكنها تتخذ في دير الزور طابعاً خاصاً من حيث أنها تتحول إلى حرب شرسة – داخل الثورة – من أجل أهداف خارج منظور الثورة, بل تدمر المنظور برمته, وتجعل منه مجرد ذكرى تتلاشى وسط حرب جديدة يستفيد منها النظام إلى أبعد مدى, وتشارك فيها قوى من داخل الثورة, بما في ذلك القبائل السورية. وهذا بمجمله يعكس انحداراً أخلاقياً وفوضى تنظيمية مخيفة. كما أن هذه الاشتباكات تتضمن مؤشراً خطيراً على اتساع الهوة بين المقاتلين السوريين في الثورة السورية, والمقاتلين الجهاديين الأجانب الذين يتبعون – فكرياً على الأقل – تنظيم القاعدة. وكل ذلك ينذر بمآل خطير للثورة والدولة والمجتمع في سوريا. ويبدو يوماً بعد يوم, أن هذا المآل المدمّر كان مبيّتاً ومقصوداً من قبل أولئك الذين دعوا إلى عسكرة الثورة وتسليحها, تحت ذريعة الدفاع عن النفس أمام توحش النظام وأجهزته الفاشية.
* * *

إن مواقع التواصل الاجتماعي – فيسبوك تحديداً- تعكس في جانب منها هذه الأوضاع, وتحمل في تعليقات و مشاركات عديدة لأبناء المنطقة مؤشرات بالغة الأهمية عن المزاج العام هناك والموقف الشعبي مما يحدث. ويُستدل من هذه التعليقات والمشاركات, أن المشاركين بالتقاتل على (الغنائم النفطية) ينتسبون إلى معظم الكتائب المقاتلة, في جبهة النصرة وأخواتها, أو في الجيش الحر. فضلاً عن العصابات التي تعمل لصالح النظام هناك بشكل مباشر أو غير مباشر, وتسعى إلى مزيد من تأجيج الوضع الأمني و تعقيد الحالة الاجتماعية والمعيشية للسكان.
لقد أطلق المزاج الشعبي في دير الزور على هؤلاء المشاركين في التنازع من أجل النفط, تسمية دالة تمزج التهكم بالأسى : كتائب النفط ..!! . و نستطيع من خلال مطالعة كتابات وتعليقات مواطنين من المنطقة, في مواقع التواصل على الانترنت, فهْمَ الكثير من الإشكاليات والوقائع التي حدثت, من بينها على سبيل المثال:
1- تأخر الحسم العسكري في دير الزور لصالح ( الثوار), حيث يرجع البعض السبب إلى التقاتل على النفط بين الكتائب. وهنا نماذج من كتابات مواطني المنطقة تكتسب أهمية كبيرة لأنها تأتي من أناس قريبين من الميدان الذي يشهد هذه الأحداث, وتعبّر بجرأة ودقة عن المزاج العام هناك: :
* " يوجد في دير الزور بعض الكتائب التي تريد أن يبقى الوضع لا معلق ولا مطلق والسبب أن الملايين التي يحصلون عليها من نهب النفط تعمي عيونهم ".
* تفاءلنا كثيراً بتحرير ريف دير الزور, ونحن نرى الكتائب تتوعد النظام وهي متجهة لتحرير المدينة. لكن للأسف بعضهم جاء للمدينة والبعض الآخر ضلّ الطريق ووجد نفسه أمام حقول النفط في الصحراء, فكانت غنيمة جيدة أهم من المطار الذي يقصف الأبرياء يومياً .
كان همّ هذه الكتائب هو السيطرة على آبار النفط وتهريبه لتركيا بالاتفاق مع بعض التجار الذين أصبحوا من أصحاب الملايين, والحجة هي الحاجة لشراء أسلحة..! وكأنّ الأسلحة المخزنة عند بعض الكتائب لا تكفي للتحرير؟؟؟ .
حاولت أن اجد تفسيراً لوجود بعض الكتائب من دير الزور وهي تقاتل للسيطرة على حقول النفط بالشدّادي والحسكة, وتترك مطار دير الزور يقصف الناسَ يوميا, فلم أجد تفسيراً غير السيطرة على النفط وفتح خطوط إمداد لبيعه بتركيا. وهذا ليس غلط إذا كان الهدف دعم الثوار ولكن يوجد أمور أهم منه " .
2- قضية محاولة اغتيال العقيد رياض الأسعد خلال زيارته للمنطقة, حيث تضع بعض الكتابات هذه المحاولة في سياق الصراع داخل الجيش الحر والكتائب من أجل السيطرة على آبار النفط :
* " لقد جاءت الثورة السورية لتكشف حقيقة نظام بشار المجرم وجاء تفجير سيارة رياض الأسعد ليكشف حقارة وخسة وخيانة كتائب النفط ,التي اغتالت البورداني وقيصر قبل ذلك ".
* " وصلت رسالة الأشخاص الذين حاولوا اغتيال الأسعد والرسالة هي (( دير الزور ونفطها ملك لنا, نحن كتائب النفط وأنتم يا جيش حر أو معارضة خارجية خليكم بعيدين عنا وكل من يقترب منا سنقتله )) . ربنا ينتقم من كتائب السرقة والنفط وكل من باع دماء الشهداء ".
و في إشارة تسخر بمرارة من الوضع الذي استحال فيه القتال من أجل النفط مقدماً على القتال من أجل إسقاط النظام وتحقيق أهداف الثورة, يقول بوست على صفحة ( مقهى دير الزور ) :
" تعلن إحدى كتائب النفط في دير الزور (وما أكثرهم) عن حاجتها إلى قناص يجيد القنص من مسافات بعيدة لضرب أي شخص يحاول الاقتراب من منطقة نفوذ الكتيبة, وذلك بسبب انشغال كل أفراد الكتيبة بجمع الغنائم . ملاحظة : يجب أن يجيد التصوير " !! .

* * *
يضيء هذا السياق بشكل ممتاز, الأبعادَ الحقيقية لقرار حكومات الاتحاد الأوروبي – مؤخراً- رفع الحظر – جزئياً – عن تصدير النفط السوري, في الأماكن التي تسيطر عليها المعارضة. إن القرار يبرر ذلك بالرغبة في " مساعدة المعارضة التي تسيطر على جزء من الحقول النفطية, من أجل تطوير المناطق التي تسيطر عليها بصورة جيدة ". و قد كثفت لغة القرار من الإشارة إلى الأهداف الإنسانية التي تقف وراء هذه الخطوة, وكأن وزراء الاتحاد الأوروبي يردّون عن أنفسهم تهمة متوقعة تكشف الأهداف الحقيقية لقرارهم هذا. يقول القرار إن الخطوة تهدف إلى " مواجهة المخاوف الإنسانية, واستعادة الحياة الطبيعية, ودعم الخدمات الأساسية, وإعادة البناء واستعادة النشاط الاقتصاديّ الطبيعيّ " ؟!!.
سوف أسمح لنفسي بقراءة قرار الاتحاد الأوروبي وأبعاده الحقيقية, على ضوء احتدام الصراع الدموي في صفوف المعارضة المسلحة من أجل السيطرة على النفط – كما أوضحت سابقاً -. فقرار الاتحاد الأوروبي يزيد الصراع شراسة وأطرافه استماتة من أجل السيطرة على حقول النفط, وبخاصة تلك القريبة من دير الزور, والتي يمتاز نفطها بسهولة تصديره. من شأن القرار أن يعمّق الخلافات بين الجيش الحر والسكان المحليين من جهة, وبين الكتائب الجهادية من جهة أخرى. وقد ألمح وزير الخارجية الألماني – فيسترفيله- إلى ما أسماه ( المعارضة المعتدلة ) كطرف موثوق به من قبل الاتحاد الأوروبي, ومساعدته مقصودة بهذا القرار.
وينبغي ملاحظة أن القرار ترافق مع إثارة جديدة وساطعة لموضوع تزويد المعارضة بالسلاح, حيث أبدت أطراف أوروبية رغبة كبيرة بتوريد السلاح إلى المعارضة ( بريطانيا وفرنسا). وبينما كرّر وزير الخارجية الألماني معارضة بلاده لتوريد أسلحة إلى سوريا لاحتمال وصول تلك الأسلحة إلى أيدي إرهابيين, فإنه استدرك قائلاً : " لكن إذا كان لشركاء أوروبيين آخرين تقدير آخر فإننا نحترم هذا و لا نستطيع عرقلته " !!. وأكمل مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي – طلب عدم الكشف عن اسمه- هذه المناورة المكشوفة بالقول :
" إن رفع الحظر عن النفط أول خطوة عملية, و إلى حد ما تجريبية, ويمكن أن تؤدي إلى تخفيف أنواع أخرى من الحظر.." !!؟ .
تلوح في الأفق السوري نذر اقتتال شرس بين أطراف من المكون العسكريّ للثورة, وبخاصة بين الجيش الحر و بين الكتائب الجهادية, وعلى رأسها ( جبهة النصرة). وقد شهدت منطقة دير الزور خلال الأسابيع الماضية وقائع محدودة تشير إلى ذلك, أمكن تطويقها من دون حلّ أسبابها ودوافعها بشكل جذريّ. وأعتقد أن قرار الاتحاد الأوروبي يساهم في تغذية دوافع وإمكانيات نشوب هذا الاقتتال في المستقبل على نطاق أكثر اتساعاً وشراسة, وخاصة عندما يصبح النفط وسيلة للحصول على السلاح – بشكل رسمي و مشروع دولياً - من أجل تحقيق المزيد من السيطرة على الأرض والمجتمع و...الثروة التي استبدلها المقاتلون بالثورة على حد تعبير النقيب المستقيل – يوسف عكلة- .
لقد شكل النفط السوري في ظل النظام وسيطرته على الدولة والمجتمع, عامل قهر لأصحابه الحقيقيين, حيث لم يكن أحد يجرؤ طوال أربعين عاماً على السؤال : أين عائدات النفط...و ما حجمها...و من الذي يستفيد منها..؟!. واليوم...وقد خرج النفط من عهدة النظام إلى عهدة المقاتلين ( الثوار) يعود من جديد عاملَ نقمة وإضرار بمصالح الشعب ومستقبله عوضاً عن أن يكون رافعة تنمية وازدهار وكرامة للمواطن السوري.
يتيح قرار الاتحاد الأوروبي الأخير, مبادلة النفط بالسلاح الذي لم يجلب للسوريين, طوال أكثر من سنتين, إلا الدمار والدم. ولم يحقق للثورة إلا ابتعادها المستمر عن أهدافها الحقيقية التي خرج السوريون من أجلها ذات يوم إلى شوارع المدن وساحاتها هاتفين بالحرية والكرامة والتغيير. طوال الفترة الماضية كان مهربو النفط ينقلون النفط السوري من الحقول التي سيطرت عليها المعارضة, إلى تركيا ومن بعدها إلى حيتان السوق العالمية السوداء. قرار الأوروبيين الأخير سيضبط المسألة من جهة المستفيدين من تصدير النفط, وبالمقابل سيفتح الأبواب على مصاريعها أمام مزيد من الصراع الدموي والخسائر البشرية والدمار المادي والمعنوي في داخل سوريا.

* * *
كان الشيخ الرحالة والصوفي الرباني ( عبد الغني النابلسي 1641- 1730م ) قد فسّر دلالة رؤيا النفط في المنام, فأحال الدلالة – في كتابه المعروف: تعطير الأنام في تفسير الأحلام- إلى معنى بالغ السوء, وينذر بأشنع المآلات لصاحب الرؤيا.
يقول الشيخ : " نفط : هو في المنام امرأة زانية لا خير فيها. وقيل إنه مال حرام.! و من رأى أنه أكل النفط فإنه يصيبه مال من قبل السلطان. و إن رأى أنه صُبّ عليه فإنه تصيبه نائبة من سلطان ".
ويختتم الشيخ العارف تعبير رؤيا النفط بالنوم قائلاً بصيغة إجمال نهائي للمعنى : " والنفط شرور وأنكاد و حروب ..." !! .
وغير بعيد من هذا الاستشراف النابه لسمة عصرنا الطاغية, قول زعيم عشائري من دير الزور, ظهر في تسجيل مصور على يوتيوب وهو يحذر السكان المحليين من التورّط في الصراع على النفط, ويقول: النفط هو مشكلة المشاكل, و مصيبة المصائب...!! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث وكاتب من سوريا .



#محمد_حيان_السمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عامان على الثورة السورية: العنقاءُ تختنق برمادها
- العنف والمثقفون في سوريا: بين أوهام التلفيق البهيجة وحقائق ا ...
- سياسيّو المعارضة السورية... ومثقّفُوها : شعبويّة سياسية وبؤس ...
- الأيّامُ السّود...و الجهادُ المحمود : ملابسات وآفاق انتشار ا ...
- مِنْ ( بابا عمرو ) إلى ( معرّة النّعمان ): شركاء في تدمير سو ...
- معركة الفرقان في حلب : تحرير المدينة أم تدمير سوريا؟!
- تداعيات في الطريق من حماه إلى داريا
- معركة حلب الرهيبة : كشف المستور ( قراءة أولية في - وثيقة عهد ...
- عن السلْميّة والعَسْكرةِ في الثورة السورية
- العَسْكرُ في الشّام - ملامح من خطة حكّام دمشق لعَسْكرة الثور ...
- حقيقة الفيديوهات المسرّبة في الثورة السورية : مَخْرَجَةُ الر ...
- الثورة السورية : من حسني الزعيم إلى رياض الأسعد


المزيد.....




- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد حيان السمان - من مقام الثورة إلى أحوال النفط : دير الزور شاهدة وشهيدة