أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - الطفل والعلاقات الغير شرعية















المزيد.....

الطفل والعلاقات الغير شرعية


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 19:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المهم ليس القانون، إنما الإنسان
¤ بيير داكو

بحسب أغلب قوانين المجتمعات العربية إلّم نقل جميعها، يعتبر الطفل الناتج عن علاقة غير الشرعية طفلا غير شرعي. لكنه يتحول لطفل شرعي ! ما إن يلتحقا أبواه بمؤسسة الزواج المباركة من قبل السلطة (القوانين). ونعلم أن الفرق الوحيد بين العلاقة الشرعية والغير شرعية هي الطقوس المجتمعية التي تسبق قيام العلاقة الجنسية بل حتى لدى حدوث العلاقة الأخيرة دون طقوس مصاحبة، تتدخل السلطة لتَدارُك الأمر وفرض تلك الطقوس حتى ولو جاءت بعد حدوث الجنس.

وهنا الطفل الذي ينتج عن علاقة جنسية غير مسبقة بطقوس مجتمعية، يعتبر طفلا غريبا ومرفوضا باعتباره ليس إبنا للسلطة. يمكن أنرى هذه النقطة لدى عودتنا للمجتمع اليهودي القديم باعتبار اليهودية الدين المُلهم للأديان اللاحقة والتي ستندمج كتشاريع وقوانين إلاهية تنظم حركة المجتمع الإنساني.
في اليهودية يعتبر الطفل الغير شرعي هو الطفل الناتج عن علاقة إحدى طرفيها غير يهودي(الأصل)، "فالأم اليهودية غير المتزوجة تنجب أطفالاً شرعيين إذا كان والد الطفل يهودياً بالمولد وغير متزوج وليس محرماً عليها الزواج منه شرعاً. وفي هذه الحالة، سواء تزوج الرجل المرأة أو لم يتزوجها، فإن هذا لا يغيِّر مكانة الطفل"(1)، أي أنه يعتبر طفلا شرعيا. فبحسب شوفينية المجتمع اليهودي فالطفل شرعي طالما أنه ينتمي بأصوله لمجتمع الرب المختار، أي انه ابن السلطة.
وبالانتقال للأديان اللاحقة والتي ستكسر هذه الرؤية الدونية للمجتمعات الأخرى بانفتاحها عليها كدعوة للانضمام، إلا أنها ستضع شروطا لاحتضان الأطفال (القادمين) تحت لوائها وذلك بخضوع الأفراد المنتمين إليها لتشريعاتها. ومنه فإن أي طفل ينجب من المنتمين دون طقس تشريعي مبارك من الدين(السلطة)، يعتبر طفلا خارج التشريع(الانتماء) ومنه يسمى طفلا غير شرعي.

مع تطور الاحداث التاريخية والتحديث الذي ستعرفه المجتمعات العربية رغما عن أنفها، تم تزويج القوانين الدينية بالقوانين المدنية المنبثقة من أفكار الثورة الفرنسية لإنجاب قانون مديني نص نص. ولازال هذا الأخير يعرف تعديلا لمواده طبقا لمواثيق دولية مصادق عليها من طرف منظمة الأمم المتحدة، هذا التعديل الذي لا يطرأ إلا بعد صراعات كوميدية وتراجيدية بين مؤيدين ورافضين بحجة انها مجرد طرق لتنفيد أجندات غربية أو ماسونية، وأن الأمر كله يدخل في إطار نظرية المؤامرة وأبطال الديجيتال وهزيم الرعد والنمر المقنع ! وما سواها من أفكار المُسطّحين والمُسنطَحين ثقافيا.

فحتى لو تم التّعديل على مستوى السلطة التشريعية فإنه يظل مُغيّبا على مستوى السلطة التنفيذية، كأن الأمر لايعدو أكثر من شكليات سياسية. والغريب حينما تجد ممثلين للقانون يتشبّتون بفكرة أن ممارسة الجنس خارج دائرة القانون تعتبر جريمة ! فماذا نسمي بعدها القتل والاغتصاب : صواعق !! . دون أن ننسى أن منهم من يعتبر زبونا مفضلا لبعض أوكار الدعارة والحانات، إلا أنه يُنوَّم مغناطيسيا لدى عودته لردهات المحكمة وسماعه المتكرر ل : "طبقا للأحكام.. طبقا للأحكام.. طبقا للأحكام"، فلتباركنا الآلهة !! .
وكذلك البقية وأسطوانتها المتكررة بأن مثل هذه التعديلات ستساهم في انحلال المجتمع وانتشار الجنس وما إلى ذلك، كأن هذه الأمور لا تحدث ؟ بل أن كثير من الدول تعتبر وجهة سياحية بسبب الجنس والمخدرات وليس بسبب المآثر والمتاحف(هذا إن وُجدت) أو الخدمات الراقية. فمتى ستعي هاته الأقوام أن الجنس من منظور ابستيمولوجي ليس سوى وظيفة تناسلية تقوم بها الكائنات الحية لاستمرار تكاثرها ؟ ، أي أنه أمر طبيعي لا يعرف شرعا ولا فرعا. والأكثر وما يثير السخرية هو اعتباره فسادا !!! نحن لا نتكلم عن تفاحة أو إجاصة حتى تفسد، إنما نتكلم عن إنسان والإنسان يكون في أوج تألقه لدى الممارسة الجنسية وليس جثة متحللة، فالفساد كمصطلح إشارة لتحلل المادة أو تعفنها. نحن نتكلم عن أفكار(قوانين) والأفكار تتغير ولا تتعفن.
لكن المشكل هو هذا الصغير(ة) الذي ينتج عن تلك "الجريمة" والذي يعتبر طفلا غير شرعيا أو ابن حرام. بل انه من الحرام ادخال الطفل الذي لاذنب له في هذه المأساة المضحكة وتسميته بالقاب مهينة تدل على رفضه من المجتمع، مايدفع بأمه لإلقائه في الشارع أو في دار رعاية(تحتاج هي لمن يرعاها)، فكيف ستحتفظ بطفل يرفضه المجتمع ؟ زيادة على أن أهلها لو علموا به سيصابون بالصرع ! وسيجد صعوبات لدى التحاقه بمؤسسة التعليم، دون ذكر أنه سيظل مجهول النسب كأن من ولدته أرنبة أو قطة. تسعة شهور تغديه من جسمها وفي الأخير يُنسب لنذل لم يقدم له سوى بعض الحروف الكروموزومية، ليصير بذلك ابنا للسلطة البطريكية، ابنا شرعيا باسم القانون. هذا القانون الذي لايحمي المغفلين(كقاعدة) ! فمن يحمي ؟ الأذكياء ؟! علما بأن الأذكياء ليسوا بحاجة لحماية، وإلا فما نفع ذكائهم ؟! .

قد تفكر المعنية بإجهاض الطفل والتخلص من هذا السيناريو منذ البداية، إلا أن عباقرة الدين والسياسية والاجتماع والطب يصيحون "لا للإجهاض"، لماذا ؟ لأنه قتل للحياة. والمغالطة العجيبة هنا أنه يحق للطفل كجنين الحياة ولا يحق له اختيار أن يُنتسب لأمه. يُجيب عن هذه التراهة الكوميدي جورج كارلين بذكاء ساخر :
"حسنا، لو افترضنا بأن الجنين انسانا : فلماذا لايتم تسجيله بالإحصاء الرسمي للسكان ؟ اذا كان الجنين انسانا : فلماذا لا تقام له جنازة اذا مات ؟ لماذا يقول بعد الناس : أنه لدينا طفلين وآخر قادم في الطريق بدل لدينا ثلاث أطفال ؟ . يقول الناس بأن الحياة تبدأ مع الحمل، وأنا أقول أن الحياة بدأت منذ بلايين السنين ولاتزال تستمر"(2). فالطفل هنا مازال جنينا متشكل داخل أمه أي أنه جزء منها، وهي من يحق لها القرار بشأنه، أما بالنسبة للتدخل الفقهي : فإذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد للشيخ والمفتي أن يصمتا، بل فَل يفكوا صراعهم الفقهي(القَبَلي) أولاً.

إن الطفل يظل طفلا لايعرف واقعا غير نفسه ولادينا(إلاه) غير أمه، فإن عدنا لطفولة الحضارة سنجد المجتمعات تعبد أُماًّ كإلاه. أما بالنسبة للحمقى الذين يفسرون سبب الأوضاع المزرية والإجرام بانتشار ابناء الحرام أو الابناء الغير شرعيين كأن هذا الأخير يحمل ڤيروسا مُسمِّما، يلزمهم أن يدرسوا أعمال "دافنشي" الابن الغير شرعي الذي قدم في العلم والفن وللإنسانية بصفة عامة، مالم تقدمه هذه الشعوب بأبناءها الشرعيين.
فمن العيب أن يتم التفريق بين الأطفال بسبب طقوس مجتمعية تتضمن وثائق بالكاد تُفهَم وشهود الخ، أمور تعود للجنس الممارس أمام القبيلة كطقس ديني للزواج أو في المعبد لتقديم بكارة العروس كقربان.

يقول علي ابن ابي طالب : إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي، وكذلك فإنه : ليس على الطفل أن يقول كان أبي إنما يكفي أن يقول ها أنا ذا. أما عن تفلسف المصابين بمتلازمة ستوكهولم وهي اضطراب نفسي يدفع صاحبه للتعاطف والتعلق بجلاده والدفاع عن القهر الذي يسببه له (كقابلية مازوخية). فإن اعتراضهم ب : نحن ضد هذا.. ونحن لا نوافق.. ، فمن أنتم ؟ فتلك ال"نحن" لا تمثل الجميع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش :

1 : طفل غير شرعي (مامزير) - موقع عبد الوهاب المسيري.
2 : يمكن مشاهدة المقطع مترجم على الموقع : http://www.youtube.com/watch?v=931aF-j1L9I



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشريح الكراهية
- الحسد اللاشعوري
- التطرف كمرض نفسي
- التعري.. احتجاج أم دعوة جنسية ؟
- كشف حيلة المستغل
- الجنون الجماعي الحديث
- الحيض بين الطب والدين
- لما النساء تكره العاهرات ؟
- سيكولوجية الحب : الذل كشرط
- عقدة لوقيوس والنرجسية
- عقدة لوقيوس أو اللوقيوسية
- تحليل نفسي للصوص المقالات والنصوص
- سيكولوجية الخيانة : تحليل لدور الضحية
- سيكولوجية تدمير المرأة
- الكوتش أو المُخدر اللغوي العصبي
- سر العين الثالثة
- سيكولوجية البيدوفيلي أو المتحرش جنسيا بالأطفال
- الباراسيكولوجي أو الهلوسة باسم العلم
- سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال
- المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمودة إسماعيلي - الطفل والعلاقات الغير شرعية