أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جورج حداد - مسؤولية الغرب الاستعماري عن المجازر التركية ضد الارمن















المزيد.....

مسؤولية الغرب الاستعماري عن المجازر التركية ضد الارمن


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 08:34
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


مضى اكثر من قرن على المجازر البشعة التي ارتكبتها الاستبدادية التركية ضد الشعب الارمني المظلوم، والتي بدأها السلطان عبدالحميد بواسطة القوات العشائرية الكردية المسماة "فرسان الحميدية" في اواخر القرن التاسع عشر واستكملها "التقدميون" و"الاصلاحيون" الاتاتوركيون في الربع الاول من القرن العشرين.
وتقول جميع المصادر التاريخية الصادقة ان المجازر التركية قد شملت ايضا جميع المسيحيين الشرقيين العرب (اللبنانيين (المجاعة) والسريان والاشوريين) وغير العرب: البلغار، واليونانيين، الذين انتفضوا في نهاية الحرب العالمية الاولى لاسترجاع بيوتهم واراضيهم التاريخية ولا سيما القسطنطينية العظيمة التي كانت في القرون الوسطى، الى جانب الاندلس، اكبر منارتين حضاريتين في العالم. ولكن الاوروبيين الغربيين والاميركيين دعموا وسلحوا الاتاتوركيين لذبح الانتفاضة اليونانية ولانشاء دولة تركية جديدة قوية مغرّبة، فوق جماجم مسيحيي الشرق.
وحتى اليوم لا تزال الدول الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الامبريالية الاميركية، تمتنع عن التحقيق في المجازر التركية والاعتراف بالحقوق التاريخية لشعوب الشرق، ولا سيما المسيحيين الشرقيين، الذين نالوا الامرين على ايدي الهمجية التركية العثمانية والاتاتوركية.
وهناك سبب جوهري لا بد من المناداة به على رؤوس الاشهاد، وهو ان هذا الامتناع الغربي عن كشف المظالم التاريخية التي حلت بالمسيحيين الشرقيين، ليس منشأه فقط مسايرة الحكومات التركية الموالية للغرب، بل اكثر وافظع من ذلك بكثير وهو انه اذا كان فتح العثمانيين للقسطنطينية قد تم بتمويل وتأييد اليهودية العالمية وبتواطؤ اوروبا الغربية، فإن المذابح التي ارتكبت ضد المسيحيين الشرقيين قد ارتكبت بإيعاز مباشر، ودعم سياسي وتمويل وتسليح من قبل الدول الاستعمارية الغربية لعملائها الماسونيين من العثمانيين و"الاتراك الفتيان" (السلطان عبدالحميد وطلعت باشا وانور باشا وجمال باشا ومصطفى كمال باشا وكل هذه العصابة من المجرمين الساديين وقتلة الشعوب، كانوا ماسونيين).
ونحن، من هذا المنبر الصادق، نطالب الرأي العام الدولي المنصف، ونطالب خصوصا الدولة الروسية، التي سبق لها ان فضحت اتفاقية "سايكس ـ بيكو" الاستعمارية اللصوصية، ان يجري العمل لفتح ملفات المخابرات والدبلوماسية السرية، للدولة الروسية ولجميع الدول الغربية، ولتمزيق الستار عن الاتصالات بين الدول الاستعمارية الغربية وبين الحكام العثمانيين وقادة عصابات جمعية "الاتحاد والترقي" وجمعية "تركيا الفتاة" والاوامر التي تلقوها بإبادة المسيحيين الشرقيين، مقابل موافقة الغرب الاستعماري على اقامة دولة تركية قوية ذات جيش حديث، مؤهلة لدعم انشاء اسرائيل، ولسحق العرب "عند الضرورة"، ولمحاربة روسيا.
ولمن يتساءل: لماذا يكره الغرب الاستعماري المسيحيين الشرقيين ويعمل، مباشرة او بواسطة "اصدقائه" وعملائه "الاسلاميين!" المزيفين، لابادتهم وتشريدهم واستيعابهم في البلدان الغربية كحطام بشر مكسوري الجناح، نقول:
ـ1ـ ان مقولات التبرير "الحضاري" لاستعمار البلدان الشرقية: كالعمل لانقاذ مهد وقبر المسيح، والتنصير، والتمدين، والتحديث، و"اللبررة" و"الدقرطة"؛ ـ كل هذه المقولات تسقط كلها عند اقدام افقر طفل رضيع مسيحي شرقي.
ـ2ـ من ايام "روما" الى ايام باراك اوباما، فإن الغرب الاستعماري، بكل جبروته وعنجهيته، يعاني من "مركب نقص" وحسد وحقد دفين، حيال المسيحيين الشرقيين. فحينما كان العالم الغربي كله يغرق في غياهب الجهل والوحشية، كانت الاراضي الشرقية المقدسة، من مصر الى اعمدة هرقل (مضيق جبل طارق) ومن جبال فلسطين ولبنان الى جبال البلقان واليونان، ومن النيل الى الفولغا، تشع بنور المسيحية الساطع، وكانت تعلم العالم الابجدية وارقام الحساب وأبجديات العلوم الوضعية والانسانية والجمالية والحقوقية والزراعة والحرف وعلم الفلك وفن إخضاع الصحاري الرملية والسهوب الثلجية والبحار.
ـ3ـ حينما كانت "روما"، المدرسة ـ الام للغرب الاستعماري، حقوقيا وسياسيا و"انسانيا"، تبذل قصارى جهدها لسحق وتدمير واستعباد الشعوب الاخرى (كما دمرت قرطاجة واستعبدت اهاليها)، ولمعاملة الشعوب المغلوبة كحيوانات ناطقة، وتحويلها الى قطعان من العبيد، كانت الشعوب المسيحية الشرقية تتبنى المسيحية وتؤله "ابن الانسان"، وتناضل ضد روما لتحرير العبيد، ولرفع الظلم القومي والاجتماعي عن بني البشر، وتدعو الى الاخوّة الانسانية.
فحينما يعمل الغرب الاستعماري اليوم على طمس الجرائم التاريخية ضد الشعوب والجماهير المسيحية الشرقية، وعلى تشجيع تكرار هذه المجازر، فإنما هو يعمل، اولا، للدفاع عن نفسه بوصفه المخطط الاول والمرتكب الاول لتلك الجرائم، وثانيا، هو يؤكد عزمه على مواصلة ارتكاب مثل هذه الجرائم ضد المسيحيين الشرقيين في المستقبل ايضا.
إن الشعب الارمني كان بمثابة الضحية الاولى لسلسلة المجازر التي لطخت وجه القرن العشرين، والتي ارتكبتها الفاشية التركية الصاعدة، بتفويض من قوى الاستعمار والظلامية العالمية، ضد مسيحيي الشرق.
وبالرغم من فظاعة هذه المأساة الانسانية، وهزيمة تركيا في الحرب العالمية الاولى، وانتصار معسكر "الدمقراطية" على معسكر "الفاشية" في الحرب العالمية الثانية، وانتصار ما كان يسمى "العالم الحر" على ما كان يسمى "الستار الحديدي" في "الحرب الباردة، فلا يزال الشعب الارمني الى اليوم ضحية للمساومات الدولية، التي تقف حائلا دون اعتبار قضيته قضية قومية عادلة، تستوجب البحث في موضوع استعادة اراضيه، والعودة اليها، والاعتذار التاريخي ودفع التعويضات له من قبل العنصريين الاتراك وورثتهم، ومن قبل اسيادهم الغربيين، وليس فقط "الاعتراف بالخطأ" و"الاعتذار السياسي"، وهو حتى ما لا تزال تركيا ترفضه بدعم من الدول الغربية.
وفي وقت يتم فيه التسابق لتجيير التضحيات التي قدمها اليهود البسطاء والشرفاء والتقدميين والشيوعيين، في ما يسمى "الهولوكوست"، على ايدي النازية الالمانية، لصالح النازية الاخرى، اليهودية، المتمثلة في الصهيونية، فقد اسدلت الدول الغربية ستارا كثيفا على المجازر الارمنية، ومنعت الشعب الارمني في الشتات من طرح قضيته القومية والنضال لاجل استعادة اراضيه التاريخية.
وإن تغاضي الدول الاستعمارية الغربية ـ بعد كل هذا الزمن ـ عن القضية الارمنية، انما يدل على ان تلك المجازر لم تكن "فورة طيش" آنية لجماعة "تركيا الفتاة"، والاتاتوركية، وأن الدول الاستعمارية الغربية كانت ولا تزال شريكة في الجريمة الكبرى التي ارتكبت بحق الشعب الارمني الأبي، وتجد مصلحتها في استمرار طمس هذه الجريمة، واسقاطها "بمرور الزمن" من جدول القضايا القومية الحية التي تتطلب الحل.
ان الدول الاستعمارية الغربية، ومنذ الحروب الصليبية، وخاصة منذ الحقبة النابوليونية، كانت تطمح لاستعمار الشرق. ولتحقيق هذه الغاية، كانت ترى ان الشعب الارمني، المسيحي، وغيره من الشعوب المسيحية الشرقية، تشكل "عقبة موضوعية" امام مشاريع الاستعمار "المسيحي!" الغربي للشرق. وازاحة هذه العقبة، على ايدي العثمانيين والاتاتوركيين وغيرهم من "المسلمين!" المزيفين كان يحقق هدفا رئيسيا للدول الاستعمارية الغربية، اولا، في انه يقطع الطريق على التعاطف بين الشعوب الاوروبية المسيحية وبين الشعوب والجماهير المسيحية الشرقية، فيما لو تم الاستعمار المباشر للاخيرة من قبل الدول الغربية الاستعمارية، وثانيا، في ان الدول الغربية الاستعمارية كانت ولا تزال تشجع وتدعم الاضطهاد "الاسلامي!" للمسيحيين الشرقيين، كي تستغله كحجة واقعية من اجل تبرير استعمار الشرق بحجة حماية المسيحيين.
ان الشعب الارمني الأبي لا يزال حتى اليوم ضحية للمساومات الدولية المخجلة مع تركيا العنصرية. فمن جهة، اصبحت المسألة الارمنية مع تركيا تطرح، حتى من قبل "القوميين" الارمن انفسهم، كقضية "انسانية من الماضي" تتطلب فقط مجرد الاعتراف بالمجازر والاعتذار عنها، وليس كقضية قومية تتطلب اساسا، فوق كل ذلك، النضال من اجل التحرير والعودة.
وإن "القوميين" والوطنيين التقدميين الارمن جميعا، اليمينيين واليساريين، التقوا موضوعيا، من خلال نزاعاتهم السياسية ـ الحزبية والايديولوجية، عند نقطة رئيسية هي: ايقاف النضال الملموس ضد الاستعمار التركي، والمهادنة الفعلية لمغتصبي ارمينيا، وجزاري الشعب الارمني، وهي المهادنة المستمرة منذ حوالى تسعين سنة، وتحويل ذكرى المجازر الى مجرد ذكرى للبكاء على الاطلال والصلاة عن روح الاموات.
وربما لا نجانب الواقع اذا قلنا ان جميع "القوميين" والوطنيين التقدميين الارمن، ومعهم جميع مسيحيي الشرق، هم الآن امام ازمة ضمير تاريخية. الا انها أزمة ضمير لا يحلها البكاء واقامة التذكارات عن ارواح الموتى، بل الكفاح المرير بكل اشكاله السلمية وغير السلمية ضد المستعمرين الشوفينيين الاتراك، وسادتهم الاستعماريين الغربيين، من اجل استعادة الارض والحقوق القومية المغتصبة للشعب الارمني المظلوم.
فهل آن الاوان لازالة العوائق الايديولوجية والسياسية ـ الحزبية امام القضية القومية ـ الانسانية الارمنية؟! وهل آن الاوان لكسر مؤامرة الصمت العالمية، الاميركية ـ الاوروبية ـ الصهيونية، عن القضية العادلة لهذا الشعب الحضاري العريق؟!



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتل المالية العالمية المتصارعة في الغرب تصطدم برأسمالية ال ...
- الضرورة التاريخية لوجود حركة نقابية تعاونية جديدة في لبنان
- روسيا هي العدو التاريخي الاول لليهودية اليوضاسية
- بطريرك كل المسيحيين وكل العرب
- -المسيحية العربية- حجر الاساس للوجود الحضاري للامة العربية
- المسيحية قبل وبعد ميلاد السيد المسيح
- -الفوضى البناءة- ردة اميركية رجعية على هزيمة اسرائيل في حرب ...
- الحرب -الاسلامية!- الاميركية ضد سورية والنفط والغاز في شرقي ...
- معركة سوريا... مشروع افغانستان معكوسة، او الفخ الروسي للعصاب ...
- من التعددية الحضارية الى الآحادية القطبية الرومانية
- الاهمية التاريخية للحروب البونيقية
- بدايات الصراع القومي مع الامبريالية الغربية (تدمير قرطاجة، س ...
- الجذور التاريخية للصراع القومي في العالم القديم
- مأساة غزة وظاهرة الحرب الاستعمارية والابادة الجماعية
- الصراع الوجودي المستمر مع الصهيونية
- من رسالة الى الاتحاد البلغاري للمناضلين ضد الفاشية
- مجزرة اطفال بيت لحم
- جلادو المسيح والمسيحية الشرقية
- التبعية لاميركا تأخذ اوروبا الى القاع
- اميركا تبيع الاوهام القاتلة لحلفائها وروسيا تستنفر قدراتها ا ...


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جورج حداد - مسؤولية الغرب الاستعماري عن المجازر التركية ضد الارمن