أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الحكومة مازالت تفضل -ديمقراطية الزلاط والهراوة الأمنية-















المزيد.....

الحكومة مازالت تفضل -ديمقراطية الزلاط والهراوة الأمنية-


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4072 - 2013 / 4 / 24 - 02:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا ديمقراطية بدون ثقافة الاحتجاج
لكن الحكومة مازالت تفضل "ديمقراطية الزلاط والهراوة الأمنية"


بعيدا عن المصطلحات الغليظة والمفاهيم المعقدة والكلمات الرنانة ، ها هي قصة بسيطة تُصَوِّرُ مشهدا من مشاهد الواقع العاري للكثير من المغاربة.
إنها قصة امرأة وقفت أمام محل جزارة مشدوهة تحدق في لحوم "البقري" و"الغنمي" المعروضة.. ولما سألها الجزار عما تريد، كان جوابها اختزالا لواقع حال الكثير من المغاربة، إذ قالت :" آولدي أنا ماكليت اللحم منذ شهور، تنشوف فيه غير معلق عندك"، فقال لها الجزار مبتسما "واش بغيتي ندير ليك يا ميمتي؟"، فقالت "واش يمكن تعطني 4 دراهم ديال الكفتة؟"، فرد عليها "أش غادي دير ليك 4 دراهم ديال الكفتة وكيفاش غادي نعبرها ليك يا ميمتي؟"، تنهدت المرأة وأردفت "بغيت غير نديرها في الكاميلا ونشمها راه شحال هادي ما شميت اللحم طايب..."، فلّم الجزار حوالي 150 غراما من الكفتة ومدها للمرأة رافضا أخذ 4 دراهم، وقال لها "والله يا ميمتي لو كانت الحركة دايرة شي شوية حتى نعطيك أكثر من هذا، لكن الغالب الله".
إنها قصة تختزل، ببساطة ، واقع حال الكثير من المغاربة. ففي زمن الارتفاع الصاورخي للأسعار وتدني الأجور وتنامي البطالة ببلادنا السعيدة، وفي وقت ارتفعت فيه ومازالت أصوات من جديد للتنديد بالغلاء الذي أتى على آخر هامش من القوة الشرائية لأغلب المواطنين، وظهر فيه الوجه الحقيقي للسياسة المعتمدة التي قضت على فئات واسعة من الطبقة الوسطى التي لا أمان ولا استقرار بدونها. وأبرز معالم هذه السياسة – التي ستؤدي بنا إلى ما لا يحمد عقباه - منع الوقفات المعطلين الاحتجاجية بـ "الزلاط" الأمني وهراوات وزارة امحند العنصر، إنها ديمقراطية "الزرواطة" التي تغتال ثقافة الاحتجاج، والتي لا ديمقراطية دونها، أراد من أراد وكره من كره.
هذا في وقت شمل التذمر والسخط، والتعامل مع ثقافة الاحتجاج أضحى من المؤشرات الدالة على التفعيل الحقيقي لمسلسل الانتقال الديمقراطي، إذ أنه عبر التعامل معها تتجلى أهمية صيرورة الانتقال من مؤسسات الدولة إلى دولة المؤسسات، ومن قانون وحق الدولة إلى دولة الحق والقانون، ومن الاستفراد بصناعة القرار إلى تفعيل آليات المشاركة وإمكانيات أخذ مطالب الشعب بعين الاعتبار، ومن الحيف الاجتماعي الممنهج إلى العدالة الاجتماعية؛ وفي هذا الصدد شكل التعاطي مع "انتفاضات المعطلين" امتحانا عسيرا للحكومة كشف رسوبها بامتياز.
هل الاحتجاج أضحى جريمة في عرف القائمين على أمورنا؟ وهل ليس من حق فئة واسعة من المغاربة المتضررين أن يكون الاحتجاج من "شيمهم" رغم أن "الشوكة وصلت للعظم"؟ وهل طريق النضال الحقوقي والمطالبة بالحقوق في الشارع العام، لا زال طويلا ومريرا ومحفوفا بالمحن لكون الدولة لم تتشبع بعد بثقافة حقوق الإنسان وضرورة وجود ثقافة الاحتجاج؟ وهل هذه من الإشارات الفاضحة لكون القائمين على الأمور لم يختاروا بعد الديمقراطية كنهج رغم شراكتهم في الأرضية المواطنة لنشر ثقافة حقوق الإنسان ورغم التبجح بذلك؟ وما الهدف وراء تفريق العاطلين المحتجين بالهراوة؟ هل هو إخفاء هذه الحقيقة؟ ألم يع القائمون على الأمور أن تفعيل الهراوات الأمنية في وجه المعطلين بطريقة وحشية يسيء بالمغرب وقد يؤجج الغضب في وقت سقط فيه جدار الخوف، فماذا يقع إن تركنا العاطلون يحتجون بطريقة حضارية؟
لقد سبق وأن تم التنبيه إلى أن مغاربة اليوم ليسوا هم مغاربة الأمس، وأن استمرار تدني الأوضاع المعيشية هي قضية تدعو للقلق حقا، وتناسل الاحتجات تؤكد ذلك.
فمن الطبيعي والمنطقي أن يعبر الساخطون عن مواقفهم، وإن كان شكل هذا التعبير واضح المعالم، سواء على مستوى المشاركة السياسية أو من خلال تصاعد موجات الاحتجاجات الاجتماعية، وكان من المفروض أن يولي القائمون على الأمور الأهمية البالغة لهذا، وذلك اعتبارا لتداعياته الكامنة، خصوصا وأن الجميع يدرك أن البلاد تعيش ظرفية خاصة وصعبة جدا، إذ مازال المغاربة ينتظرون – وقد طال انتظارهم بجميع المقاييس - بداية إرساء أسس ديمقراطية شاملة وبلورة سياسات وإجراءات من شأنها تمكين استدراك النواقص المتراكمة في مختلف المجالات ـ السياسية، الاجتماعية والاقتصادية ـ التي جعلت المغرب يعيش وضعا هشا بصفة "مستدامة".
فكيف والحالة هذه، قبول استمرار القائمين على الأمور في وهمهم القاضي بأن مختلف الإجراءات القمعية والاستفزازية هي السبيل لوضع حد للسخط المتنامي في صفوف السواد الأعظم من المعطلين الذين قضوا زهرة عمرهم وجزء من رجولتهم في العطالة .
ألم يدركوا بعد أن دواعي السخط والتذمر "مستدامة" الوجود ولا يمكن بأي حال من الأحوال، التصدي لها بالقمع والتنكيل والإفراط في استعمال القوة والهراولة؟


إن وتيرة تفعيل الهراوة الأمنية ضد المعطلين تذكرنا بفتوحات فرق "الكوم" الذين كانوا يرابطون في شاحناتهم ليل نهار، وعلى امتداد شهور، أمام الثانويات وجامعة محمد الخامس والمعاهد العليا في منتصف السبعينيات في انتظار صدور أمر الانقضاض على التلاميذ والطلبة ككلاب هائجة لنهش لحومهم ضربا وركلا ورفسا، وكانوا يعلنون نشوتهم في القيام بهذه المهمة إرضاء للقائمين على الأمور، وكانت الخطوة برضا هؤلاء بمقدار ما يسقطون من ضحايا وما يقدمون قرابين للشرطة القضائية، ممن مسكوا بهم حسب ميزاجهم، كان مشهد تدخل فرقة القوات المساعدة شبيها بمشاهد تألق فرق "الكوم" فيما مضى...

إن القائمين على أمورنا لا زالوا يتوهمون إلى حد الآن أن مختلف الإجراءات الاستفزازية هي السبيل لوضع حد للسخط المتنامي للمعطلين ، علما أن دواعي سخطهم مستدامة ولا يمكن التصدي له بالقمع والتنكيل أو تفعيل "الزلاط" في الفضاءات العمومية، سيظل السخط يتزايد ما دام جزء متنامي من المغاربة يجدون صعوبات في الولوج للخدمات الأساسية، مسكن لائق وصحة.. وهذه أمور لا يمكن حلها والتصدي لها بـ "الزلاط" في مغرب يقال إنه يسعى لإحداث القطعية مع الفترات السوداء من تاريخه الحديث.. فكيف لا تتسع دوائر السخط والتنديد، وسيرورة التفقير تمس جزءا من المغاربة..

في ظل هذه الأوضاع، فإن منع الاحتجاج والتنديد بأساليب سلمية وحضارية، كوسيلة من وسائل ممارسة حق التعبير، بتفعيل "الزلاط" و في غياب رغبة التصدي لأسبابه، لن يجر إلا المزيد من التذمر، وأن الانعكاسات ستكون أدهى وأمر، لأن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس.

فما دام هناك تكريس للنهب وتهريب الأموال والرساميل واحتكار الثروات، فلا سبيل أمام القائمين على الأمور إلا التفكير في بلورة خطوط حمراء جديدة تتماشى مع الظروف لتبرير القمع وتفعيل "الزلاط"، فقد كان الإرهاب وجاءت "تهمة التضامن" وسيتلوها فبركة خطوط حمراء جديدة، ما دام الاحتفاظ بالسلطة عندنا لا يحصل إلا بالإغراء أو الحيلة أو المكر أو الإكراه أو قطع الرأس.

يأتي كل هذا في وقت ينتظر فيه المغاربة عرض حصيلة الحكومة لتبين لهم ماذا أنجزت لصالحهم وما ينتظرونه منها، وليس التصريح بأرقام ومعادلات ومؤشرات لا يفهم مدلولها وخباياها، إلا سي إدريس جطو وسي فتح الله ولعلو، وإنما ينتظر أن تحدد لهم الحكومة، بوسائل الإيضاح وعلى أرض الواقع الملموس، ماذا حققت لهم؟ علما أن المغاربة قاموا بتقسيم هذه الحصيلة على خلفية ما لمسوه وعاينوه، وتقييمهم يفيد أن المشاكل والمعضلات التي يتخبطون فيها لم تزد إلا تعميقا واستفحالا والأوضاع المعيشية زادت ترديا وقوتهم الشرائية حطمت الأرقام القياسية في الانحدار والتعرية.

بالنسبة للمواطن العادي لا يمكن تصور حصيلة إيجابية دون أن تنعكس هذه الصبغة الإيجابية على ما يعاينه بالملموس على أرض الواقع المعيش، فماذا تحسّن أو تغير على أرض هذا الواقع هذه السنة؟ هذا ما ينتظر المغاربة من سي إدريس جطو أن يبينه بشفافية وبكل شجاعة أدبية بدون لف ولا دوران، علما أنه مهما كثرت الأرقام والنسب المئوية والمقارنات مع السنوات الفارطة لن تفيد نفعا إن لم يقم الوزير الأول بتبيين للمواطن ماذا تحقق على أرض الواقع.

لأنه على أرض هذا الواقع اليومي المعيش عاين المواطن على امتداد هذه السنة، ارتفاعا مستمرا في أسعار المنتوجات والخدمات وتدهورا مستمرا في الخدمات العمومية في مجالات حيوية مثل التطبيب والتعليم والسكن اللائق، وتصاعدت وتيرة تدخل "زلاط" وليدات الجنرال العنيكري" والهراوات الحكومية بالفضاءات العمومية.. هذا ما عاينه المواطن على امتداد سنة 2007، وعلى هذه المعاينة يقيم حصيلة الحكومة، لكن ورغم كل هذا، لا محالة أن سي إدريس جطو سيقدم حصيلة إيجابية، لأنه يرى ما لا يعاينه 90 في المائة من المغاربة باعتبار أن المؤشرات والأرقام والنسب المئوية التي سيدلي بها لا تهم في الواقع إلا "المغرب ـ الجزيرة" مغرب 10 في المائة، وليس المغرب ـ المحيط، مغرب 90 في المائة من المغاربة، والحالة هاته فإن الوزير الأول سيكون صادقا ونزيها باعتبار أن حصيلة الحكومة هذه السنة إيجابية بامتياز.

برافو للحكومة، التي في مقدورها أن تدلي بحصيلة إيجابية رغم أن الشوكة اخترقت عظم مغاربة "المغرب المحيط" ( وليس مغاربة "المغرب الجزيرة")، وآخر الكلام برافو الحكومة التي لا تتعامل مع المعطلين إلا بالهراوة والزلاط..



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المغرب مهدد بالسكتة القلبية من جديد؟ وهل سيادته المالية ف ...
- كفى من سياسة الضحك على الذقون لقد انكشفت الأمور وسقطت كل الأ ...
- هل سيحكم الجزائر مغربي لمدة شهر ونصف؟
- مغاربة يخدمون إسرائيل
- متى سنعتمد ثقافة التقييم بالمغرب؟
- التنظيمات السرية بالمغرب
- الصناديق السوداء بالمغرب المرئية وغير المرئية
- متى سيتم التخلي عن الريع -الأسود الظالم-؟
- هكذا يتم تنفيذ عقوبة الإعدام في المغرب شهود عيان راقبوا وقو ...
- ذكرى انتفاضة 23 مارس 1965؟
- تهريب الأموال إلى الخارج طعنة من الخلف لمشروع التغيير والمسا ...
- لازال الشذوذ الجنسي متفشي بالسجون المغربية
- التحرش الجنسي بالمغرب واقع حال مسكوت عنه
- اللهم قد بلغت المغرب: مازال الوضع يدعو إلى القلق
- المغرب :وضعية سوق الشغل خلال سنة 2012
- المغرب ليس عن منأى مما يجري في مالي
- جهنم المخدرات كيف تسللت -الغبرة البيضاء- إلى المؤسسات التعلي ...
- اللهم قد بلغت حذار أن ينتج -الزلاط- الأمني -بوعزيزي- مغربي
- الحسابات البنكية المثخنة بالمغرب
- الصحة العمومية في قاعة الإنعاش مآسي المغاربة مع المرض


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - الحكومة مازالت تفضل -ديمقراطية الزلاط والهراوة الأمنية-